ترتبط دولة قطر والجمهورية الفرنسية الصديقة بعلاقات إستراتيجية وطيدة تزداد نموا وتطورا باستمرار، وتتميز بالتجانس التام، والتقارب في المواقف، والتنسيق المتواصل، بفضل الإرادة السياسية لقيادتي الدولتين والزيارات المتبادلة بينهما على مختلف المستويات، وحرصهما المشترك على دعم العلاقات الثنائية وتعزيزها في شتى المجالات بما يعود بالنفع على البلدين وشعبيهما الصديقين.


وتماشيا مع التطلعات والطموحات والمصالح المشتركة لدولة قطر والجمهورية الفرنسية، وانطلاقا من الرغبة الصادقة لدى قيادتي البلدين الصديقين في نقل علاقاتهما الثنائية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، تأتي زيارة "الدولة" التي يقوم بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى باريس غدا /الثلاثاء/، حيث ينتظر أن يبحث سموه خلال الزيارة مع فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية الصديقة، سبل دعم وتعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، والعمل على دفعها نحو آفاق أرحب، وفتح مجالات جديدة أمام نموها وازدهارها لما فيه خير ومصلحة البلدين والشعبين الصديقين، وبما يخدم الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، إضافة إلى مناقشة آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية وعدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وتشكل زيارة سمو الأمير المفدى للعاصمة الفرنسية محطة جديدة في مسيرة العلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين، من شأنها إعطاء دعم قوي وزخم جديد لهذه العلاقات، خصوصا أن البلدين يتشاركان الرؤى والمواقف حيال العديد من الملفات الإقليمية والدولية. كما تكتسب الزيارة أهمية كبيرة نظرا لأنها تأتي في ظل العديد من التطورات الساخنة في مناطق متعددة من العالم، والتي تتطلب التنسيق والتشاور على أعلى المستويات بين البلدين الصديقين.
وتدعم الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين والتشاور الدائم تجاه العلاقات الثنائية والقضايا الدولية، تلك العلاقات وتكسبها متانة أكثر وتجعلها أكثر تجذرا بما يعود بالنفع على شعبي البلدين الصديقين.
وفي إطار هذه الزيارات قام سمو الأمير المفدى في فبراير من العام الماضي، بزيارة عمل إلى باريس. وعقد سموه خلال الزيارة لقاء ثنائيا مع فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه جرى خلاله استعراض علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين والسبل الكفيلة بتنميتها وتطويرها في شتى المجالات، إضافة إلى مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها جهود الإغاثة الدولية في سوريا وتركيا للاستجابة لتداعيات كارثة الزلزال المدمر الذي وقع هناك، إضافة إلى آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
كما قام فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون بزيارة عمل للدوحة في ديسمبر الماضي.
وتجسيدا للإرادة السياسية لقادة البلدين للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتطويرها إلى مستوى يخدم مصالح الشعبين الصديقين، عقدت في الديوان الأميري، في يونيو الماضي، جلسة الحوار الإستراتيجي الثاني بين دولة قطر والجمهورية الفرنسية، برئاسة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وسعادة السيدة كاثرين كولونا وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية في الجمهورية الفرنسية. وجرى، خلال الجلسة، استعراض العلاقات الإستراتيجية بين البلدين الصديقين، ومخرجات مجموعات العمل التابعة للحوار الإستراتيجي، وآخر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، لا سيما القضية الفلسطينية، والسودان، وليبيا، وسوريا، وأفغانستان، والقرن الإفريقي، والأزمة الروسية الأوكرانية.
وأثنى الطرفان، خلال الجلسة، على التقدم المهم الذي أحرز في تعزيز شراكتهما منذ انعقاد الحوار الإستراتيجي الأول في الدوحة في مارس من العام 2022، وأكدا تصميمهما والتزامهما بتعزيز التعاون وتطوير الإمكانات الكاملة لعلاقتهما في جميع المجالات، لا سيما مخرجات الحوار بينهما، كما رحب الجانبان، بالتوقيع على خطاب النوايا للتعاون والشراكة في مجال التنمية الدولية بين البلدين، تحت مظلة الحوار الإستراتيجي بتاريخ 26 مايو 2022 خلال زيارة سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية، إلى العاصمة الفرنسية باريس، وترؤسها مجموعة عمل التنمية التابعة للحوار.

وترتبط دولة قطر مع فرنسا بعدد من الاتفاقات المتنوعة التي تشمل الميادين الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والعلمية، والأكاديمية، والتقنية، فضلا عن الاتفاقات العسكرية، كما تتسم العلاقات الاقتصادية بين البلدين بالقوة والتميز على المستويين التجاري والمالي، وتزور وفود تجارية واقتصادية فرنسية الدوحة بشكل منتظم للقاء نظرائها من القطاعين الحكومي والخاص بدولة قطر، وتستعرض آفاق التعاون التجاري والاقتصادي والصناعي، والفرص المتاحة للاستثمار المشترك.
وتعد دولة قطر شريكا استراتيجيا للجمهورية الفرنسية منذ فترة طويلة، وتعتبر الاستثمارات القطرية في فرنسا والاستثمارات الفرنسية في قطر أساسا للشراكة الاقتصادية وروافد مهمة لاقتصادي البلدين.
وتتبوأ فرنسا مركزا متقدما في قائمة الشركاء التجاريين لدولة قطر، وتتركز الاستثمارات القطرية في فرنسا في قطاعات العقارات والتجزئة والنقل والتمويل والرياضة والسلع الترفيهية، وتقدر قيمتها بنحو 30 مليار دولار، منها الاستثمارات الخاصة التي تصل إلى 10 مليارات دولار.
ومن جانب آخر، توظف فرنسا الكثير من الاستثمارات في دولة قطر في مجال الغاز والنفط، فضلا عن الاستثمارات في مجال البنية التحتية والتبادل في مجالات الاقتصاد والتجارة والطيران، بالإضافة إلى المجالين العسكري والأمني.
وقد أكد سعادة الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني رئيس مجلس إدارة غرفة قطر على عمق العلاقات التجارية المتميزة التي تجمع بين البلدين، لافتا إلى أن حجم التبادل التجاري بينهما تضاعف مرتين ونصف المرة خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ قيمته نحو 16.5 مليار ريال قطري في العام 2022 مقابل نحو 4.9 مليار ريال في العام 2017. وجاء ذلك خلال مشاركة رئيس مجلس إدارة غرفة قطر في منتدى رؤية الخليج، الذي عقد في باريس في يونيو الماضي.
وشاركت غرفة قطر في مارس الماضي في القمة الاقتصادية العربية الفرنسية، التي عقدت في العاصمة الفرنسية، تحت شعار "شراكة يجب توثيقها في عالم يمر بأزمات"، والتي تناولت مواضيع مختلفة تركزت على البيئة والمياه، والصناعة، والغذاء، والدواء، ومشاريع العمران الحديثة.
ويبلغ عدد الشركات الفرنسية العاملة في قطر 418 شركة، من بينها 120 بملكية فرنسية بنسبة 100 بالمئة، و290 بالشراكة مع الجانب القطري، و8 شركات مرخصة من قبل مركز قطر للمال، وثلاثة مكاتب تمثيل لجمهورية فرنسا. وهناك أيضا مشاريع طويلة الأمد بين /قطر للطاقة/ و/توتال الفرنسية/، فضلا عن مشاريع أخرى عديدة مثل تحلية المياه، كما وقعت /قطر للطاقة/ و/توتال إنرجيز/ اتفاقية شراكة لتوسعة حقل الشمال الشرقي، أكبر مشروع منفرد في تاريخ صناعة الغاز الطبيعي المسال، وجاءت هذه الخطوة في ختام عملية تنافسية بدأت عام 2019 لاختيار شركاء /قطر للطاقة/ الدوليين في مشروع التوسعة، والذي سيرفع طاقة إنتاج دولة قطر من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنويا إلى 110 ملايين طن سنويا.
ويمثل التعاون في مجالي الأمن والدفاع ركيزة من ركائز العلاقة الثنائية التي تجمع بين دولة قطر والجمهورية الفرنسية، حيث اقتنت قطر العديد من طائرات /رافال/ فرنسية الصنع، مما يعزز العلاقة القطرية - الفرنسية الوثيقة، كما تنظم بانتظام تدريبات ومناورات عسكرية مشتركة بين الجانبين.
وعلاوة على ما سبق، يرتبط البلدان بعلاقات وطيدة على صعيدي التربية والتعليم، حيث فتحت بعض المعاهد والمدارس الفرنسية الكبرى فروعا لها في دولة قطر، التي تضم زهاء 200 ألف ناطق بالفرنسية، وقد أصبحت عضوا شريكا بالمنظمة الدولية للفرنكوفونية منذ أكتوبر 2012، كما ترسل قطر العديد من أبنائها للدراسة بالجامعات الفرنسية، وقد احتفلت جامعة الدراسات العليا للإدارة في باريس عام 2020 بمرور عشرة أعوام على افتتاحها بالدوحة، وتخريج أكثر من 720 طالبا منذ عام 2010.
يذكر أن فرنسا هي إحدى الدول الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوروبي، وهي الأكبر مساحة بين دول الاتحاد، وثاني قوة اقتصادية، وثاني أكبر سوق بالقارة الأوروبية مع 65 مليون نسمة، وهي الوجهة السياحية الأولى في العالم مع ما يزيد على ثمانين مليون سائح سنويا، وتحتل المرتبة السابعة على قائمة الاقتصادات العالمية، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان وألمانيا والهند والمملكة المتحدة، وفق إحصاءات صندوق النقد الدولي، وذلك بفضل الناتج المحلي الإجمالي الذي وصل إلى 2762 مليار يورو عام 2019

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر وفرنسا

إقرأ أيضاً:

وزير الاستثمار يبحث مع السفير الإيطالي سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين

قال المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، إنه استعرض مع السفير الإيطالي بالقاهرة ميكيلي كواروني، المؤشرات الإيجابية لإطلاق خط النقل البحري الرورو" والذي يربط بين ميناء دمياط وميناء تريستا الإيطالي، ويستهدف تيسير حركة التبادل التجاري بين مصر وإيطاليا بصفة خاصة ومع دول قارة أوروبا بصفة عامة، مشيراً إلى أن خط الرورو يدعم منظومة نقل الحاصلات الزراعية المصرية إلى الأسواق الإيطالية، ويسهم في تقليل الوقت والتكلفة.

وتناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين في مختلف المجالات، وعلى كافة الأصعدة.

وأضاف الخطيب أن وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية تقوم بالترويج لخط النقل البحري "الرورو" بين دوائر الأعمال المصرية والأوروبية من خلال المكاتب التجارية المصرية بالدول الأوروبية، وكذا من خلال الهيئة العامة للاستثمار.

ولفت الوزير، إلى أن اللقاء استعرض إمكانيات التعاون بين البلدين في مجال "رقمنة الإجراءات الجمركية" لا سيما وأن إيطاليا تمتلك خبرات وتكنولوجيات كبيرة في هذا الصدد، مشيراً إلى أن اللقاء بحث مكانيات عقد برامج تدريبية مشتركة في هذا المجال، وكذا إمكانيات إيفاد وفد يضم ممثلين عن كافة الجهات المصرية المعنية بالإفراج الجمركي إلى إيطاليا للاطلاع على التجربة الإيطالية المتميزة في هذا المجال.

وأشار الخطيب إلى أن الدولة تعمل على إجراء المزيد من الإصلاحات الإجرائية بهدف لتقليل زمن الإفراج الجمركي إلى يومين فقط العام المقبل، وبما يسهم في التيسير على مجتمع الأعمال وتسهيل حركة التجارة الخارجية وتحسين مركز مصر بالمؤشرات التجارية الدولية.

ونوه الوزير إلى أن اللقاء استعرض إمكانيات تنمية علاقات التعاون الاستثماري المشترك بين البلدين في مجالات صناعة الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية في مصر لتلبية احتياجات السوق المصري والتصدير لمختلف الأسواق العالمية بالاستفادة من شبكة اتفاقيات التجارة الحرة والتفضيلية المبرمة بين مصر وعدد كبير من الدول والتكتلات الاقتصادية الرئيسية في العالم، لا سيما أسواق دول قارتي أفريقيا وأوروبا.

من جانبه أكد ميكيلي كواروني سفير إيطاليا بالقاهرة، حرص بلاده على تعزيز أواصر التعاون المشترك مع مصر في عدد كبير من المجالات محل الاهتمام المشترك، مشيراً إلى اهتمام عدد كبير من الشركات الإيطالية بالاستثمار والتوسع في السوق المصري في مجالات صناعة المركبات وإعادة التدوير وإنتاج الوقود.

وأشار كواروني إلى أن الفترة الحالية تشهد قيام الجانبين بالتحضير لزيارة المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية لإيطاليا خلال الربع الأول من العام المقبل، والتي تستهدف تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، لافتا إلى أن الزيارة ستتضمن عقد منتدى أعمال مصري إيطالي مشترك لاستعراض فرص ومقومات الاستثمار بين البلدين وإمكانيات إنشاء المزيد من المشروعات الاستثمارية المشتركة لتلبية احتياجات أسواق البلدين والتصدير للأسواق الخارجية، وذلك بمشاركة عدد كبير من الشركات العاملة في المجالات محل الاهتمام المشترك.

حضر اللقاء السيد حسام هيبة رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والوزير المفوض التجاري يحيى الواثق بالله رئيس التمثيل التجاري.

اقرأ أيضاًوزير الاستثمار: نستهدف تعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية

وزير الاستثمار: تعديل ضريبة المساهمة التكافلية لتحتسب على الأرباح بدلا من الإيرادات

وزير الاستثمار يستعرض مع سفيرة النرويج بالقاهرة سبل تنمية العلاقات الاقتصادية المشتركة

مقالات مشابهة

  • وزير الاستثمار يبحث مع السفير الإيطالي سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين
  • المعارضة الفرنسية تنتقد التشكيل الحكومي الجديد
  • الإليزيه يعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة «فرانسوا بايرو»
  • بعد أشهر من الأزمات والضغوط..إعلان الحكومة الفرنسية الجديدة
  • تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بعد أيام من الترقب
  • المنتدى الاقتصادي العماني الكويتي يناقش علاقات التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين
  • المكاري استقبل سفير تركيا وبحثا في تقوية العلاقات بين البلدين
  • عُمان والعراق.. علاقات أخوية مُتجذِّرة
  • رئيس الدولة ورئيس بيلاروسيا يبحثان علاقات البلدين
  • محمد بن زايد ورئيس بيلاروسيا يبحثان علاقات البلدين