صفقة “رأس الحكمة” مع الإمارات… هل تضع الاقتصاد المصري على طريق التعافي وتحل أزمة الدولار؟
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
سادت حالة من التفاؤل بعد إعلان رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، توقيع أكبر صفقة بين مصر والإمارات، في مشروع “رأس الحكمة” تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات تدخل إلى البنك المركزي، خلال الأيام المقبلة.
هل تضع الصفقة مصر على طريق التعافي الاقتصادي وإنهاء أزمة الدولار والتضخم وارتفاع الأسعار في المدى القصير، وما مردود الصفقة المستقبلي على الوضع بشكل عام؟
بداية، يقول الباحث المصري المتخصص في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب: “في اعتقادي أن صفقة “رأس الحكمة” ستضع الاقتصاد المصري على طريق التعافي”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “ليس معنى وضع الاقتصاد على طريق التعافي أن تنهي الأزمات الحادة فيما يتعلق بالدولار فورا، لأن ذلك يحتاج إلى إجراءات واضحة وسريعة من الحكومة المصرية، ومنها استغلال أو توجيه هذه الأموال إلى دعم استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية وتأخر السلع الأخرى كالسيارات والسلع الترفيهية، فضلا عن دعم الصناعة الوطنية ورفع الصادرات”.
وتابع الديب: “هذه الصفقة تمثل خطوة مهمة للغاية وتستهدف رفع معدلات الاستثمارات والسياحة، وبالتالي توفير عملة صعبة للاقتصاد المصري ما يقلل الضغط على الدولار وينعش الجنيه ويزيد الدخل القومي وتوفير فرص عمل، وعند انتعاش الجنيه مقابل الدولار سينعكس ذلك بالسلب على أسعار الذهب وبالتالي تبدأ بالانخفاض، وقد ارتفعت سندات مصر الدولارية قبيل الإعلان عن استثمارات جديدة وبعدها”.
وأردف الباحث المصري، بالقول: “حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، من المتوقع استثمار 150 مليار دولار من الجانب الإماراتي في مشروع تطوير المدينة، وسيستهدف جذب 8 ملايين سائح إضافي. بإسقاط الوديعة الإماراتية تنخفض ديون مصر 11 مليار دولار، فهذه وديعة بالبنك المركزي المصري (ضمن ديون الإمارات على مصر) سيتم تحويلها إلى استثمارات لصالح مشروع رأس الحكمة، وبالتالي لن تطالب بها مستقبلا”.
ومضى الديب، قائلا: “بنهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بلغت ديون مصر الخارجية 164.5 مليار دولار، من بينها نحو 48.5 مليار لصالح الدول العربية تشمل ودائع طويلة وقصيرة الأجل، وتعد الإمارات أكبر دائن عربي، وتتضمن اتفاقية تطوير مدينة رأس الحكمة تنازل الإمارات عن وديعة بقيمة 11 مليار دولار في البنك المركزي المصري، على أن يتم تحويلها إلى الجنيه واستخدامها في تمويل المشروع”.
وأوضح الباحث المصري أن “صفقة رأس الحكمة بين مصر والإمارات، سينتج عنها عدة نتائج إيجابية على مستوى الاقتصاد المصري، منها استقرار سوق الصرف وانخفاض سعر الدولار وتحجيم السوق الموازي للدولار، وعودة تحويلات المصريين في الخارج إلى القطاع المصرفي والمعدل الطبيعي من جديد، وانخفاض معدل التضخم وأسعار الفائدة”.
من جانبها، قالت الخبيرة الاقتصادية المصرية، حنان رمسيس: “قد تضع صفقة رأس الحكمة مصر على طريق التعافي الاقتصادي وتنهي الأزمة الحادة فيما يتعلق بالدولار إذا تم الكشف عن مواعيد دخول الدولار إلى احتياطي البنك المركزي، والإفصاح عن كافة بنود هذه الصفقة، طبعا في حالة من عدم اليقين من عند الجمهور، الذي يرى أن الحكومة كان لديها في السابق فائض من المتحصلات الدولارية ولم يتم الاستخدام الأمثل له لتحقيق الأهداف، بل استخدمت الأموال الساخنة في تمويل المشاريع طويلة الأجل، الأمر الذي أثر بالسلب على الاقتصاد بشكل عام ومهد لظهور أزمة الدولار وظهور السوق السوداء وما ترتب عليها من تداعيات”.
وأضافت في حديثها لـ”سبوتنيك”، أن “الانطباعات الأولى في السوق السوداء بعد توقيع الصفقة المصرية -الإماراتية، أن هناك بوادر لانخفاض سعر الصرف للدولار مقابل الجنيه وإن كانت التعاملات شبه متوقفة. المؤشرات تشير إلى أن هناك انخفاضات لكن لا تعاملات بسبب الملاحقة القضائية بعد منح الضبطية القضائية لرجال الجيش”.
وأكدت رمسيس أن “مردود تلك الصفقة سوف يظهر عندما تدخل المتحصلات، التي جرى الحديث عنها الاحتياطيات في البنك المركزي المصري وبدأ البنك في الإعلان عن زيادة الاحتياطيات من النقد الأجنبي بصورة دورية، ويشير إلى مصدر تلك الزيادات سواء كانت بسبب صفقة رأس الحكمة مع الإمارات أو من غيرها من الصفقات خلال الفترة القادمة”.
ونقلت الخبيرة الاقتصادية الكثير من التساؤلات، التي قد تطرح في الشارع المصري حول صفقة “رأس الحكمة” من بينها، المقابل وراء تلك الصفقة ولماذا الآن بالرغم أن هذه الأشياء كانت متواجدة أمام الجميع من المستثمرين العرب وغيرهم؟
تابعت رمسيس، بالقول: “طوال الفترة السابقة لم يتم الاهتمام بها، بل إن غالبية المستثمرين كانوا رافضين أي استثمار في مصر إلا بعد تحرير سعر الصرف مقابل الدولار أو عمل تعويم، حتى يتم التعامل بالقيمة الحقيقية أو الفعلية للجنيه، الذي هو يبقى الجنيه بقيمته كما يتوقعه يعني الذي هو القيمة الفعلية، وقد يتساءل البعض أن تقديم مثل تلك الصفقات الكبرى في الوقت الراهن قد يضع العديد من علامات الاستفهام من قبل المتعاملين”.
وعبرت رمسيس عن أنه “يمكن أن تكون هناك حالة من التفاؤل ولكنه تفاؤل حذر، فلا أستطيع القول إن الدولار سوف يستقر سعره في الأجل القصير أو سوف تنتهي السوق الموازية، إلا عندما تكون لدى البنوك قدرة على تلبية الطلبات على الدولار بحسب الاحتياج وفي أي وقت وبالسعر الرسمي المعلن، علاوة على توفير احتياجات المستوردين والمصدرين من الدولار حتى يستكملوا عمليات الاستيراد والتصدير، لكي يعود الإنتاج في الشركات الكيماوية وشركات الأدوية مرة أخرى. إذا تحقق ما سبق يمكننا القول إننا اجتزنا الأزمة وبدأنا في حصد ثمار البنية التحتية لمصر والتي تم بناؤها وصرفت عليها المليارات”.
وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى أن “بعض الآراء تقول إنه عندما يبدأ سعر الدولار ينخفض نوعا ما في السوق الموازي يمكن أن تحرك مصر الجنيه مقابل الدولار ما بين 35- 45 جنيه للدولار الواحد، ونعود للقول إن التعويم بدون وجود أي مصدر دولاري مضمون يدر عائدا ويغطي الطلب، فإن التعويم يدمر الاقتصاد ويدخله في أزمة اقتصادية لا يستطيع الخروج منها، لذا يجب أن نتوخى الحذر، لا نجري هذا التحريك إلا بعد التأكد من مدى كفاية المتحصلات الدولارية بل وأن يكون هناك فائض”.
وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد أعلن أول أمس الجمعة، أن “صفقة مشروع بناء مدينة رأس الحكمة، بين الإمارات ومصر، هي الأضخم في مجال الاستثمار”.
وقال مدبولي، عقب توقيع الصفقة بين الجانبين: “هذه الصفقة الاستثمارية الضخمة هي الأكبر في مجال الاستثمار”.
وتابع مدبولي، قائلا: “مدينة رأس الحكمة ستوفر ملايين فرص العمل للشباب المصري وستحصل مصر، وفقًا لها، على 35 مليار دولار خلال شهرين، هي إجمالي قيمة الاستثمار الكبرى في رأس الحكمة”.
ويعتبر المشروع شراكة بين مصر والإمارات العربية المتحدة، إذ يمثل الجانب المصري فيه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وسيتضمن المشروع تأسيس شركة “رأس الحكمة” وستكون الشركة القابضة للمشروع وسيتضمن المشروع فنادق ومشروعات ترفيهية ومنطقة نشاط مالي وأعمال وإنشاء مطار دولي جنوبي المدينة.
ويتضمن المشروع استثمارا أجنبيا مباشرا بقيمة 35 مليار دولار يدخل الدولة خلال شهرين، منه الدفعة الأولى بـ15 مليار دولار، والثانية بـ20 مليار دولار، وسيكون للدولة المصرية 35% من أرباح المشروع.
وقد مثل الجانب المصري في التوقيع، وزير الإسكان والمرافق والمجمعات العمرانية، عاصم الجزار، كما مثل الجانب الإماراتي، وزير الاستثمار، محمد السويدي.
ويوم الخميس الماضي، أعلن مجلس الوزراء المصري، عن “أكبر صفقة استثمار مباشر، من خلال شراكة استثمارية مع كيانات كبرى، وذلك في ضوء جهود الدولة في الوقت الحالي لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي”، بحسب قول المجلس.
وأبرمت مصر اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، مطلع العام الماضي، تحصل بموجبه على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، لتمويل العجز في الموازنة العامة، وهو القرض الرابع الذي تحصل عليه مصر من صندوق النقد الدولي، منذ نهاية عام 2016، حيث حصلت على 3 قروض سابقة بإجمالي 20 مليار دولار.
وكان الدين الخارجي لمصر، قد اتخذ منحنى تصاعديا، منذ العام 2013، ليبلغ أعلى مستوياته في مطلع عام 2022، قبل أن يتراجع في الربعين الثاني والثالث من العام ذاته.
ويعاني الاقتصاد المصري من أزمة تمويل ممتدة، حيث يبلغ العجز في تمويل الموازنة العامة نحو 15 مليار دولار، على مدار السنوات الخمس المقبلة، كما يشكل عجز الميزان التجاري مع الخارج أزمة ضاغطة على العملة المحلية، والتي فقدت نحو نصف قيمتها في الفترة من مارس/ آذار 2022 وحتى يناير/ كانون الثاني 2023، وهو ما أدى لموجات تضخمية متتالية بلغت ذروتها، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لتصل إلى 24.9 في المئة، وفقًا لبيانات البنك المركزي، ما أدى بدوره لرفع سعر الفائدة، وهو ما يفاقم أزمة الدين العام مجددا.
وفي وقت سابق، قال بيان صادر عن المكتب الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، تلقت “سبوتنيك” نسخة منه، إن “مدبولي، عقد اجتماعًا لمتابعة موقف توفير التمويل المطلوب من النقد الأجنبي للسلع الاستراتيجية والأدوية، بحضور عدد من الوزراء المعنيين”.
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن “الاجتماع تناول موقف توفير السلع الاستراتيجية بالأسواق، وكذا توفير التمويل المطلوب من النقد الأجنبي لتلك السلع وبخاصة القمح، الزيت، الألبان البودرة”.
وذكر المتحدث الرسمي أن “محافظ البنك المركزي أكد خلال الاجتماع وجود أجندة أولويات حاليًا يتم العمل في إطارها، يأتي على رأسها توفير التمويل من النقد الأجنبي للسلع الاستراتيجية والأدوية، وبالفعل يتم التنسيق مع الوزارات والجهات المعنية بهذا الشأن”.
وفي الإطار ذاته، أوضح المستشار محمد الحمصاني، أن “الاجتماع استعرض بعض التقارير التي ترصد إجمالي ما يوجد في الجمارك من السلع الغذائية والأدوية والأعلاف، حيث تمت الإشارة إلى أن إجمالي الموجود حاليًا منها بقيمة نحو 1.3 مليار دولار”.
كما تمت الإشارة إلى أن الأسواق استجابت للأخبار الإيجابية الأخيرة، وحدث بالفعل انخفاض في أسعار كل من الذرة وفول الصويا، وهناك متابعة مستمرة لحركة الأسواق في هذه الفترة.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن “الاجتماع ناقش أيضًا الأسعار المتوقعة لتوريد أردب القمح هذا العام، حيث من المتوقع زيادة أسعار التوريد دعمًا للفلاح، في ضوء توجيهات القيادة السياسية، في ظل ارتفاع نسب التضخم، وسيتم عرض الأسعار النهائية قريبًا على مجلس الوزراء”.
وفي ختام الاجتماع، وجّه رئيس مجلس الوزراء بحصر مختلف السلع الموجودة في الجمارك، بهدف العمل خلال الفترة المقبلة على سرعة الإفراج عنها، من خلال إعداد خطة إفراج تدريجي، مع الأخذ في الاعتبار أن تكون الأولوية القصوى للسلع الغذائية والأدوية والأعلاف.
كما وجّه مدبولي بسرعة عقد اجتماع بين وزراء التموين والمالية والزراعة، للتوافق على سعر توريد أردب القمح، وعرضه على مجلس الوزراء قريبًا.
وكالة سوبتنيك
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: على طریق التعافی من النقد الأجنبی الاقتصاد المصری الوزراء المصری البنک المرکزی مجلس الوزراء ملیار دولار رأس الحکمة الوزراء ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
أزمة المركز والهامش … الجهاز القضائي
أزمة المركز والهامش ... الجهاز القضائيولاية الجزيرة لا بواكي له
بقلم: مصعب مصطفي الجزولي - المحامي
تغرد رئاسة السلطة القضائية وإداراتها المختلفة في واد ومصلحة العمل وإعادة ترتيب دولابه وتحديدا بولاية الجزيرة المنكوبة في واد آخر تماماً, ولا يبشر ذلك الأمر بالإصلاح المنشود والإستعادة السريعة لسير العمل بالمنظومة القضائية والتي يقع عليها الدور الأكبر في رد الحقوق لأهلها وإرساء دعائم العدل وحسم الفوضى التي كانت نتاج عام كامل من وجود مليشيا متمردة لا علاقة لها بالتمدين والمدنية في ولاية كان يعيش أهلها وضعا يجعلهم أقرب الناس للمدنية والإلتزام بسيادة حكم القانون .
بُعَيدَ إجتياح مليشيا الدعم السريع المتمردة لولاية الجزيرة وقيامها بشنيع الفعال في حق مواطن الولاية البسيط, لم تسلم مؤسسات الدولة من الخراب الممنهج الذي قام به أفراد المليشيا ومن عاونهم فكان أن أصاب الضرر كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية, وكان لزاما على التنفيذيين وأصحاب القرار أن يضعوا الخطط ويصدروا القرارات الموائمة لإعادة تأهيل وبناء مؤسسات الدولة لينعم المواطن الكريم بكل الحقوق التي كفلتها له الوثيقة الدستورية والتشريعات السارية.
إن من بين المؤسسات المهمة التي ألحق المتمردون بها ضررا كبيراً ومؤثراً الجهاز القضائي ولاية الجزيرة فقد لحق الضرر رئاسة الجهاز القضائي بمدينة ود مدني وجميع محاكمه المنتشرة في أصقاع الولاية المعطاءة فيما عدا مجمع محاكم المناقل ومحكمة 24 القرشي, وتضررت كذلك المساكن المخصصة للقضاة ومنسوبي الإدارة فكان واجبا على رئيس القضاء وإداراته المختلفة تهيئة كل السبل لإعادة تأهيل الجهاز بأفضل صورة ممكنة لأهميتة في عملية إستتباب الأمن بالولاية وقيامه بواجبه المقدس في رد الحقوق لأهلها وإنصاف المظلومين ومحاكمة الضالعين في نشر الفوضى بين الناس, إلا أن الأمر منهم مضى على خلاف ذلك وفيما يبدو أن الجهاز القضائي ولاية الجزيرة لا بواكي له فبدلا من أن تمنحه رئاسة السلطة القضائية ميزانية معتبرة لإعادة تأهيله بإعتباره من أكبر الأجهزة القضائية بالسودان أخذت منه (( وربما بقصد )) ما يمكن أن يعينه في ذلك من موارد مملوكة له فقد أصدر سعادة السيد رئيس القضاء قراراً مستعجلاً بأيلولة ريع جميع المواقع الإستثمارية بالأجهزة القضائية ومن ضمنها مواقع الجهاز القضائي ولاية الجزيرة أصدر قرارا بأيلولة ريعها وتبعيتها لإدارة الخدمات الإتحادية والتي لا علاقة لها بالمحاكم وتأهيلها وإنما هي إدارة الهدف منها توفير الخدمات للقضاة وتهيئة العيش الكريم لهم, على الرغم من أنها لم تقدم لهم طوال فترة الحرب ما يبرر وجودها بالوضع الذي هي عليه الأن, ولم يجد القضاة منها وهم في أشد الحاجة لذلك سوى سلة غذائية واحدة ولم تكن من مال الخدمات إذ كان جلها مما تكرمت به بعض الدول العربية للسودانيين من إغاثة, إن رئيس القضاء بإصداره لذلك القرار يساوي بين ولاية دمرتها الحرب تماماً وتأثرت جميع محاكمها ومساكن القضاة بها بولايات أخرى لم تطأها أيدي الخائنين, إن القطع الإستثمارية التابعة للجهاز القضائي ولاية الجزيرة تساهم في إستقلالية الجهاز بموارده حتى ينأى عن مد يده للدولة ممثلة في حكومة الولاية فلا تمتن عليه بما تقدمه وأن المواقع تلك قام الجهاز بالإستثمار فيها من موارده بأفضل صورة ممكنة وذلك حتى تعينه على تسيير دولابه وكان ذلك وقت السلم وقبل الدمار الذي خلفته الحرب, فأن يأتي رئيس القضاء وبطلب من رئيس إدارة الخدمات بإصدار ذلك القرار بغير تشاور مع رئيس الجهاز القضائي ولاية الجزيرة وبغير مراعاة لوضع الجهاز وتأثرة بالحرب وإحتياجاته الضرورية لإعادة بناء نفسه بنفسه في ظل رفع الرئاسة يدها عنه فيما عدا شيئاً يسيراً منحته له محيلة أمر إحتياجته الآنية والضرورية إلى ما قد تقرره محكمة جنايات ودمدني من غرامات في حق المدانين, لعمري أن ذلك من غرائب الأمور ويقود ذلك الأمر القضاة للنظر فيما قد يملكه المدان من مال في سبيل الحصول على أكبر قدر من الغرامات حتى يتم إعادة تأهيل المحاكم بالجهاز القضائي وذلك الأمر لا يجد القبول من إنسان الولاية ولا القضاة المنتسبين للولاية إذ أنه يؤثر بصورة كبيرة على قواعد تفريد العقاب .
إننا لا يمكن لنا إلا أن نصف قرار رئيس القضاء بمنح موارد الجهاز الإستثمارية لإدارة الخدمات الإتحادية سوى أنه قرار لا يتوافق مع مصلحة الجهاز بل ويضر به كثيرا كما وأنه لا يتوافق مع مصلحة ولاية الجزيرة وسكانها بإعتبار أن إستفادة سكان الجزيرة تأتي من إستفادة مؤسساته العدلية بإمكانياتها المتاحة والمخصصة لها من قبل الولاية في ماضيات الأيام والنهوض سريعا وإعادة تقديم تلك الفائدة مرة أخرى لمواطن الجزيرة بتقديم خدمات عدلية متميزة وذلك بنشر العدل في أرجاء الولاية قاطبةً, فالمواطن البسيط متشوق للمطالبة بحقوقه المعتدى عليها من قبل أفراد الدعم السريع والمتعاوينين معهم وممن سولت له نفسه الإنسياق وراء موجة الفوضى التي ضربت أطناب الولاية وكل من قام بالإعتداء على حقوق الغير نهبا وسلباً وسرقةً وإختلاساً وتعدياً ولا يتم ذلك إلا بالتأهيل العاجل لمحاكم الولاية المختلفة لتمكينها من فتح أبوابها لكل طالب حق.
خاتمة الأمر نناشد رئيس القضاء إن لم يكن له ما يستطيع أن يقدمه لولاية الجزيرة من مال لإعادة تأهيل محاكمها نناشده بأن يترك للجهاز القضائي ولاية الجزيرة منشآته الإستثمارية والأراضي المخصصة له حتى يتمكن القائمون على أمره من الإستفادة من تلك الموارد وإعادة تأهيل محاكمه وتوفير ما يعين القضاة العاملين بالجهاز وكوادرهم المساعدة على الإستقرار حتى يتمكنوا من أداء واجبهم بأفضل صورة ممكنة.
ألا هل بلغت اللهم فأشهد
ولنا عودة
melgzoli@yahoo.com