عقد الجامع الأزهر الشريف ، بالتزامن مع ليلة النصف من شعبان ، أولى حلقات موسمه الثاني عشر من برامجه الموجهة للمرأة، والذي يأتي تحت عنوان: " مواسم الخير"، وحاضر فيها كل من: د. إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة ، مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات، ود. دينا سامي حسن، مدرس التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، وأدار الحوار د.

حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.

وقالت د. إلهام شاهين، إن عام المسلمين يبدأ من شهر رمضان، ويُختتم في شهر شعبان، فترفع فيه الأعمال لجميع البشر، فينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من مبتلى فأعافيه؟  هل من كذا ؟ هل من كذا ؟، حتى يطلع الفجر "، مضيفة: فعلينا أن نثق بأن الدعاء في هذه الليلة مستجاب،  وخاصة الدعاء بصرف الابتلاء، والابتلاء ليس في الجسد فقط، بل يكون أيضاً في النفس، وهو أشد بكثير من ابتلاء الجسد.

وتابعت: فهناك المبتلى بنفسه والمبتلى بالحقد والحسد والغيرة والذنب وسوء الظن، ولذا فإن الرسولﷺ ينبهنا إلى أن الله - سبحانه وتعالى-  يطّلع في هذه الليلة لعباده فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين يقول الله تعالى : " وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ " ، ثم يدَع أهل الحقد بحقدهم حتى يتركوا حقدهم، لذلك فالرسول ﷺ ينبهنا إلى أن الله - تعالى - يغفر لكل من توجه إليه بطلب المغفرة، إلا المشرك والمشاحن وقاطع الرحم والعاق لوالديه وشارب الخمر ، فقد قال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا " والمشاحن هو : الذي يملأ قلبه حقداً على الآخرين ويكيدون لهم .

وتابعت: وإذا نظرنا إلى المشاحن وقاطع الرحم والعاق لوالديه، وشارب الخمر وسبب عدم المغفرة لهم فإن الحقوق التي في رقبتهم فهي حقوق عباد، وهو مؤذي للمجتمع بأسره، فإن تاب المشرك والمشاحن وقاطع الرحم والعاق لوالديه وشارب الخمر وصلح عمله، واستغفر غفر الله له .

من جهتها بينت د. دينا سامي حسن، أن المسلمين يحرصون في مشارق الأرض ومغاربها على اغتنام الأوقات الفاضلة التي ورد في شأنها أحاديث وآثار تبين أفضليتها كما قال رسول الله  ﷺ ( لله في أيام دهركم لنفخات ألا فتعرضوا لها )، وأن وهذه الليلة تسمى ليلة الغفران وليلة الإجابة وليلة محو الذنوب؛ فقد روى الطبراني عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ : " يطّلع الله على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر الله لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن وفي رواية أو قاتل نفس" ، وروى الترمذي في النوادر بسند حسن من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: " هذه ليلة النصف من شعبان يغفر الله للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد على حقدهم ".

وأضافت: ومن أهم الأعمال المستحبة في تلك الليلة صومها، كما يستحب إحياؤها بالدعاء والذكر والاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، ومن أهم ما ينبغي التركيز عليه هو فراغ القلب من الضغينة والشحناء والأحقاد والأحساد فهذه الليلة فرصة للتصالح مع النفس والغير حتى ينال العبد مغفرة الله تعالى، فلا يقع في دائرة المحرومين من هذا الفضل، فهي من الليالي التي يفتح فيها الخير، وأخرج الخطيب في رواية مالك عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي ﷺ يقول: "يفتح الله الخير في أربع ليال : ليلة الأضحى والفطر وليلة نصف شعبان ينسخ فيها الآجال والأرزاق وفي ليلة عرفة".

وتابعت: ومما يضفي على هذه الليلة قداسة أن في نهارها، حول الله تعالى قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى البيت الحرام فهي ليلة الرضا لرسول الله ﷺ والجبر لخاطره، وما كان يدور في نفسه من أمنية لأمته أن يتجه ناحية قبلة جده إبراهيم عليه السلام { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ }، فلنا نصيب وحظ من تلك الليلة المباركة في صلاتنا، فلا تصح صلاة أحد ما لم يستقبل البيت الحرام، فكان تغيير القبلة استجابة لرغبة رسول الله ﷺ، لما أكثر اليهود اللغط وعايروه بسبب اتجاهه لقبلتهم، فبينما كان الرسول ﷺ يصلي في مسجد بني سلمة لصلاة الظهر مستقبلاً الأقصى نزل قوله تعالى : "{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ } ، وكان رسول الله ﷺ  قد صلى الركعتين الأوليين من الظهر فاتجه في الركعتين الأخريين إلى المسجد الحرام ولذلك سمي هذا المسجد بمسجد القبلتين يزوره من زار مدينة رسول الله ﷺ.

من جانبها، أكدت د. حياة العيسوي، أن الأمة الإسلامية هي خير أمة أخرجت للناس يقول الله عز وجل : ""كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ " ، والأمة الإسلامية وسطية لا تجعل الفرد يطغى على الجماعة باستبداده ولا تُلغَى فيها شخصية الفرد في الجماعة يقول الله عز وجل : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا " ، فالله سبحانه وتعالى يريد من المؤمنين أن يعيشوا الحياة بقِيم السماء ، وهذه هي وسطية الإسلام، كما علينا أن نتبع أمر الله سبحانه، فإذا ما وجهنا لبيت المقدس فهو صراط مستقيم نتبعه، وإذا ما وجهنا إلى الكعبة فهو صراط مستقيم نتبعه ، يقول تعالى: " يَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ " ، والصراط هو الطريق المستقيم الذي لا التواء فيه وهو أقرب المسافات إلى الهدف.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: رسول الله ﷺ هذه اللیلة الله تعالى

إقرأ أيضاً:

ماذا كان يفعل الرسول يوم الجمعة ؟

ماذا كان يفعل الرسول يوم الجمعة ؟، يتساءل كثير من المسلمين ماذا كان يفعل الرسول يوم الجمعة؟، وكيف يمكن لنا تحصيل أعلى الدرجات في هذا اليوم المبارك؟، وهل هناك علامات محددة لساعة الاستجابة؟.

ماذا كان يفعل الرسول يوم الجمعة؟

ومن السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجمالاً ما يلي:

1- قراءة سورة الكهف في ليلته أو في نهاره.. قال (صلى الله عليه وسلّم): «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».

كما حثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قراءة الآيات العشر الأواخر من سورة الكهف، وقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال».

2- قراءة سورة الدخان، ويس في الليل، من فعل ذلك غفر الله له ذنبه.

3- قراءة سورة المنافقين أو الجمعة، أو الأعلى، أو الغاشية، أو ما تيسر منها أثناء الصلاة.

4- الاغتسال وتقليم الأظافر، والتطيب، ولبس أفضل الثياب.

5- الإكثار من الدعاء، سواء من الأدعية المأثورة في القرآن أو السنة.

6- التبكير في الخروج للصلاة في المسجد.

7- قراءة سورتي السجدة والإنسان..اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلّم-، ويرجع ذلك لأن هاتين السورتين تحدثتا عمّا كان، وما يكون من المبدأ والمعاد، وحشر الخلائق، وبعثهم من القبور، وليس كما يعتقد البعض أن ذلك لأجل السجدة، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ {الم . تَنْزِيلُ} [السَّجْدَةَ]، و{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان]».

8- التبكير إلى الصلاة.. تهاون كثيرٌ من المسلمين في التبكير إلى الصلاة لدرجة أنّ بعضهم لا ينهض من فراشه، أو يغادر داره إلاّ بعد صعود الخطيب على المنبر، وبعضهم قبل بدء الخطيب خطبته بدقائق، وقد ورد في الحث على هذه النقطة عدة أحاديث منها: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكةٌ يكتبون الأوّل فالأوّل، فإذا جلس الإمام طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر، ومثل المُهَجِّر (أي المبكّر) كمثل الذي يُهدي بدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشا، ثم دجاجة، ثم بيضة".

كما يستحب صلاة المسلم ركعتين تحية المسجد، حتّى وإن بدأت الخطبة: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- «كان يَخْطُبُ يوما في أصحابه فدَخَلَ رَجُلٌ فجلس فرآه النبي فقطع الخطبة فسأله أَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».

الإصغاء للخطيب والتدبّر فيما يقول: فعن أبي هريرة، فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلَّى ما قدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام»؛ رواه مسلم (857)، وعن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت»؛ رواه مسلم (934).

9- تحري ساعة الإجابة.. من سنن صلاة الجمعة تحري ساعة الإجابة، حيث فيه ساعة إجابة كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمسُ يومُ الجمعةِ، فيه خُلِق آدمُ، وفيه أُدخل الجنَّةَ، وفيه أُخرج منها، ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا في يومِ الجمعة».

10- الصلاة على النبي .. الإكثار من الصلاة على النبي من سنن يوم الجمعة بما ورد أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلاَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا، أوَ شَافِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

مقالات مشابهة

  • ماذا كان يفعل الرسول يوم الجمعة ؟
  • ملتقى «الشارقة - باكستان» يناقش فرص الاستثمار بالتكنولوجيا الخضراء
  • «ملتقى الأعمال الشارقة - باكستان» يناقش فرص الاستثمار في التصنيع والتكنولوجيا الخضراء
  • انطلاق الملتقى الأول للتفسير القرآني بالجامع الأزهر الأحد
  • أمة النحل بين الإعجاز البلاغي والعلمي.. الملتقى الأول للتفسير القرآني بالجامع الأزهر الأحد
  • انطلاق الملتقى الأول للتفسير القرآني بالجامع الأزهر.. الأحد المقبل
  • جمعة: "رسول الله ربّانا على القوة والمبادئ السامية"
  • ملتقى لـ «جائزة الشارقة للتميز» يناقش أهمية الابتكار في الإعلام
  • في ملتقاه الأسبوعي.. الجامع الأزهر يشدد على ضرورة عصمة دماء الأبرياء بالعالم
  • علي جمعة: ما ترك لنا رسول الله طريقا يؤدي الى النار إلا وحذرنا منه