ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يناقش فضل استغلال مواسم الخير
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر الشريف ، بالتزامن مع ليلة النصف من شعبان ، أولى حلقات موسمه الثاني عشر من برامجه الموجهة للمرأة، والذي يأتي تحت عنوان: " مواسم الخير"، وحاضر فيها كل من: د. إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة ، مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات، ود. دينا سامي حسن، مدرس التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، وأدار الحوار د.
وقالت د. إلهام شاهين، إن عام المسلمين يبدأ من شهر رمضان، ويُختتم في شهر شعبان، فترفع فيه الأعمال لجميع البشر، فينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من مبتلى فأعافيه؟ هل من كذا ؟ هل من كذا ؟، حتى يطلع الفجر "، مضيفة: فعلينا أن نثق بأن الدعاء في هذه الليلة مستجاب، وخاصة الدعاء بصرف الابتلاء، والابتلاء ليس في الجسد فقط، بل يكون أيضاً في النفس، وهو أشد بكثير من ابتلاء الجسد.
وتابعت: فهناك المبتلى بنفسه والمبتلى بالحقد والحسد والغيرة والذنب وسوء الظن، ولذا فإن الرسولﷺ ينبهنا إلى أن الله - سبحانه وتعالى- يطّلع في هذه الليلة لعباده فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين يقول الله تعالى : " وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ " ، ثم يدَع أهل الحقد بحقدهم حتى يتركوا حقدهم، لذلك فالرسول ﷺ ينبهنا إلى أن الله - تعالى - يغفر لكل من توجه إليه بطلب المغفرة، إلا المشرك والمشاحن وقاطع الرحم والعاق لوالديه وشارب الخمر ، فقد قال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا " والمشاحن هو : الذي يملأ قلبه حقداً على الآخرين ويكيدون لهم .
وتابعت: وإذا نظرنا إلى المشاحن وقاطع الرحم والعاق لوالديه، وشارب الخمر وسبب عدم المغفرة لهم فإن الحقوق التي في رقبتهم فهي حقوق عباد، وهو مؤذي للمجتمع بأسره، فإن تاب المشرك والمشاحن وقاطع الرحم والعاق لوالديه وشارب الخمر وصلح عمله، واستغفر غفر الله له .
من جهتها بينت د. دينا سامي حسن، أن المسلمين يحرصون في مشارق الأرض ومغاربها على اغتنام الأوقات الفاضلة التي ورد في شأنها أحاديث وآثار تبين أفضليتها كما قال رسول الله ﷺ ( لله في أيام دهركم لنفخات ألا فتعرضوا لها )، وأن وهذه الليلة تسمى ليلة الغفران وليلة الإجابة وليلة محو الذنوب؛ فقد روى الطبراني عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ : " يطّلع الله على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر الله لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن وفي رواية أو قاتل نفس" ، وروى الترمذي في النوادر بسند حسن من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: " هذه ليلة النصف من شعبان يغفر الله للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد على حقدهم ".
وأضافت: ومن أهم الأعمال المستحبة في تلك الليلة صومها، كما يستحب إحياؤها بالدعاء والذكر والاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، ومن أهم ما ينبغي التركيز عليه هو فراغ القلب من الضغينة والشحناء والأحقاد والأحساد فهذه الليلة فرصة للتصالح مع النفس والغير حتى ينال العبد مغفرة الله تعالى، فلا يقع في دائرة المحرومين من هذا الفضل، فهي من الليالي التي يفتح فيها الخير، وأخرج الخطيب في رواية مالك عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي ﷺ يقول: "يفتح الله الخير في أربع ليال : ليلة الأضحى والفطر وليلة نصف شعبان ينسخ فيها الآجال والأرزاق وفي ليلة عرفة".
وتابعت: ومما يضفي على هذه الليلة قداسة أن في نهارها، حول الله تعالى قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى البيت الحرام فهي ليلة الرضا لرسول الله ﷺ والجبر لخاطره، وما كان يدور في نفسه من أمنية لأمته أن يتجه ناحية قبلة جده إبراهيم عليه السلام { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ }، فلنا نصيب وحظ من تلك الليلة المباركة في صلاتنا، فلا تصح صلاة أحد ما لم يستقبل البيت الحرام، فكان تغيير القبلة استجابة لرغبة رسول الله ﷺ، لما أكثر اليهود اللغط وعايروه بسبب اتجاهه لقبلتهم، فبينما كان الرسول ﷺ يصلي في مسجد بني سلمة لصلاة الظهر مستقبلاً الأقصى نزل قوله تعالى : "{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ } ، وكان رسول الله ﷺ قد صلى الركعتين الأوليين من الظهر فاتجه في الركعتين الأخريين إلى المسجد الحرام ولذلك سمي هذا المسجد بمسجد القبلتين يزوره من زار مدينة رسول الله ﷺ.
من جانبها، أكدت د. حياة العيسوي، أن الأمة الإسلامية هي خير أمة أخرجت للناس يقول الله عز وجل : ""كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ " ، والأمة الإسلامية وسطية لا تجعل الفرد يطغى على الجماعة باستبداده ولا تُلغَى فيها شخصية الفرد في الجماعة يقول الله عز وجل : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا " ، فالله سبحانه وتعالى يريد من المؤمنين أن يعيشوا الحياة بقِيم السماء ، وهذه هي وسطية الإسلام، كما علينا أن نتبع أمر الله سبحانه، فإذا ما وجهنا لبيت المقدس فهو صراط مستقيم نتبعه، وإذا ما وجهنا إلى الكعبة فهو صراط مستقيم نتبعه ، يقول تعالى: " يَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ " ، والصراط هو الطريق المستقيم الذي لا التواء فيه وهو أقرب المسافات إلى الهدف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رسول الله ﷺ هذه اللیلة الله تعالى
إقرأ أيضاً:
الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
أوضحت دار الإفتاء المصرية، برئاسة الدكتور نظير عياد مفتي الديار، سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، موضحاً أنها أعطرَ سيرة عرفَتْها البشريةُ في تعاليم التسامح والنُّبْل والعفو؛ فقد منحه الله سبحانه وتعالى مِن كمالات القِيَم ومحاسن الشِّيَم ما لم يمنحه غيره من العالمين قبله ولا بعده، وجعله مثالًا للكمال البشري؛ في التعايش، والتسامح، والرحمة، واللين، واللطف، والعطف.
سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلمقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» رواه الحاكم في "المستدرك".
ولم يكن خطابُه صلى الله عليه وآله وسلم موجهًا للمسلمين فقط، وإنَّما شَمِل كلَّ النَّاس في المدينة مسلمين وغير مسلمين، أهل الكتاب وغيرهم؛ بدليل أن راوي هذا الحديث هو سيدنا عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وكان وقتَها كبيرَ أحبارِ اليهود وعالمَهم الأول.
وعلى السماحة والتعايش واحترام الآخر تأسَّس المجتمعُ الإسلامي الأول؛ حيثُ أمر الشرع بإظهار البر والرحمة والعدل والإحسان في التعامل مع أهل الكتاب المخالفين في العقيدة؛ فقال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، فعاش اليهود في كنف الإسلام، يحترم المسلمون عاداتهم وأعرافهم.
واحترمت الشريعة الإسلامية الكتب السماوية السابقة، رغم ما نَعَتْه على أتباعها من تحريف الكلم عن مواضعه، وتكذيبهم للنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فبعد غزوة خيبر كان في أثناء الغنائم صحائف متعدِّدة من التوراة، فجاءت يهود تطلبها، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بدفعها إليهم، كما ذكره الإمام الدياربكري في "تاريخ الخميس في أحوال أنْفَسِ نَفِيس صلى الله عليه وآله وسلم" (2/ 55، ط. دار صادر)، والشيخ نور الدين الحلبي في السيرة الحلبية "إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون" (3/ 62، ط. دار الكتب العلمية).
وأضافت الإفتاء قائلة: وهذه غاية ما تكون الإنسانية في احترام الشعور الديني للمخالف رغم عداوة يهود خيبر ونقضهم للعهود وخيانتهم للدولة؛ حيث كانوا قد حزبوا الأحزاب، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، واتصلوا بالمنافقين وغطفان وأعراب البادية، ووصلت بهم الخيانة العظمى إلى محاولتهم الآثمة لاغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وتابعت: وبلغ من تسامح النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نهى المسلمين عن سب الأموات من المشركين بعد وفاتهم إكرامًا لأولادهم وجبرًا لخواطرهم؛ فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: "لَمَّا كان يوم فتح مكة هرب عكرمة بن أبي جهل وكانت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأةً عاقلةً أسلمت، ثم سألَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمانَ لزوجها فأمرها بردِّه، فخرجت في طلبه وقالت له: جئتُك مِن عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس، وقد استأمنتُ لك فأمَّنَك، فرجع معها، فلما دنا من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: «يَأْتِيَكُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا، فَلَا تَسُبُّوا أَبَاهُ؛ فَإِنَّ سَبَّ الْمَيِّتِ يُؤْذِي الْحَيَّ وَلَا يَبْلُغُ الْمَيِّتَ» فلما بلغ باب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استبشر ووثب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائمًا على رجليه فرحًا بقدومه" أخرجه الواقدي في "المغازي"، ومن طريقه الحاكم في "المستدرك".