أشار الخبير والمحلل الروسي ألكسندر نازاروف إلى أن الصدام العسكري بين الصين والولايات المتحدة أمر لا مفر منه، وأن الدوافع الاقتصادية هي المحرك الرئيسي لحدوث المواجهة.

وقال الخبير الروسي، إن "الصين على مر السنوات الماضية أسست قطاعا صناعيا تتجاوز قدراته السوق الصينية، ولكي تحول الصين دون انهيار صناعتها عليها الاستمرار في التوسع وإيجاد أسواق جديدة لبضائعها، وكل هذا يدفع الصين إلى الاصطدام مع الولايات المتحدة، أي أن البلدين لديهما أسباب كافية للاصطدام، فليس لديهما مكان كاف تحت الشمس".

إقرأ المزيد "ذا هيل" ترسم مسارا للاقتصاد الصيني مخالفا لتوقعات المؤسسات الدولية

وأضاف قائلا: إن "الصين تسعى لأن تكون المواجهة في المجال الاقتصادي فقط، حيث تمتلك مقومات الانتصار، بينما تتفوق الولايات المتحدة في المجال العسكري، لذلك لا أعتقد أن الصين ستبدأ صراعا حول تايوان، في حين تسعى الولايات المتحدة إلى شن الحرب أولا، وكما هو الحال دائما، بالوكالة: تايوان، واليابان، وكوريا الجنوبية، والفلبين. وإذا أصبح ترامب رئيسا مجددا وتمكنت أمريكا من تجنب الحرب الأهلية، فإنني أتوقع فرض حزمة واسعة من العقوبات الغربية ضد الصين، وربما استفزاز صراع حول تايوان".

كذلك لفت الخبير نازاروف إلى تحد يواجه القطاع الصناعي الصيني متمثل في ارتفاع أجور العمالة الصينية، الأمر الذي يقلل من جاذبية والقدرة التنافسية للسلع الصينية مقارنة بمنتجات صنعت لدى دول آسيوية أخرى.

Bloomberg

وقال نازاروف إن "أجور العمال الصينيين آخذة في الارتفاع، الأمر الذي يجعل السلع الصينية أقل قدرة على المنافسة مقارنة بسلع جيرانها الآسيويين، لكن تكاليف العمالة ليست المعيار الوحيد للقدرة التنافسية، فمن المؤشرات الهامة الأخرى تكلفة الاقتراض، ومعدل الضريبة، وحجم السوق، والسياسات الحكومية المواتية، وتوافر الموارد الطبيعية وغيرها".

وتابع قائلا: "الصين استنفدت نموذج التنمية الذي ساد خلال السنوات الماضية، حيث كان العمال الصينيون يحصلون على 1/10 من الأجور الأمريكية، ولكي تظل المنتجات الصينية قادرة على المنافسة على الحكومة الصينية خفض أرباحها الخاصة (الضرائب والأجور)، أو تقليص أرباح المستثمرين الأجانب (وهو ما يحدث بالفعل)، أو الانتقال إلى الاستحواذ على أسواق جديدة". 

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف ازمة الاقتصاد بكين ركود اقتصادي مؤشرات اقتصادية واشنطن

إقرأ أيضاً:

حين يتصادم المشروع الوطني مع الاستعماري

لا يُجدي اللفّ والدّوران حول طبيعة وآفاق الحرب التدميرية الجارية منذ تسعة أشهر، وهي مفتوحة على الزمن. بينما يستمرّ الخطاب الفلسطيني العام يتحدث عن هدف تحقيق الدولة على الأراضي المحتلة العام 1967، في مجاراة غير حقيقية ولا هي واقعية للموقف الدولي الجامع الذي يتحدث عن «حل الدولتين»، لا تترك دولة الاحتلال فرصة للتأكيد على رفضها المطلق لهذا الحل.
كل الطيف الإسرائيلي الرسمي و»المعارض»، مُجمِع على رفض «حل الدولتين»، ويتأكد هذا الإجماع عبر ممارسات وسياسات وإجراءات عملية لا يخطئ أهدافها وأبعادها إلّا من يركض خلف الأوهام، أو أنّه يتعمّد التضليل.

الصراع دخل مرحلة حاسمة، لا رجعة عنها، ليس بسبب قرار وفعل فلسطيني، ولا إقليمي أو دولي، وإنّما بفعل قرار وفعل إسرائيلي يتجلّى على الأرض بسياسات لا يمكن فهمها خارج سياق الخيار الوحيد الذي تعمل على تنفيذه السياسة الاحتلالية الإسرائيلية. منطقياً، تجد إسرائيل نفسها ومستقبلها ووجودها في خيار واحد، وهو التطهير العرقي، ولو اقتضى ذلك شنّ حرب إبادة جماعية كما يحصل في قطاع غزة، الذي يشكل «بروفة»، إن نجحت فستتحوّل نحو الضفة الغربية والقدس.
ترفض إسرائيل، ولا يمكنها أن تقبل بـ»حل الدولتين»، لأنها تعتقد أن دولة فلسطين ستكون إرهابية، ولأن وجودها سيقوّض وجود دولة الاحتلال. وترفض إسرائيل خيار الدولة الديمقراطية، التي يتساوى فيها المواطنون، لأنها لا يمكن أن تكون ديمقراطية، وعنصرية في الوقت ذاته طالما أنها تصرّ على يهودية الدولة. هذا الخيار مرفوض جذرياً من قبل إسرائيل، لأنّ الفلسطينيين سيتفوّقون ديموغرافيا على اليهود في فلسطين التاريخية حيث تتساوى الأعداد بنحو 7 ملايين و300 ألف حتى الآن حسب مصادر موثوقة. أما إذا سعت إسرائيل للإخلال بهذا التوازن الديموغرافي من خلال تهجير سكان القطاع، وهو أمر قد فشلت في تحقيقه حتى الآن فإنّها ستكون دولة عنصرية بكلّ المعايير.
لم يبقَ أمام إسرائيل سوى خيار واحد، وهو خيار حرب الإبادة الجماعية والتدميرية الذي تمارسه في القطاع وتحضّر لممارسته في الضفة.

هذا يعني أن ثمة تصادماً، بين المشروع الوطني الفلسطيني والمشروع الاستعماري الكولونيالي الإسرائيلي، ولا مجال للجسر بين المشروعين عبر المفاوضات أو المشاريع السياسية.

المجتمع الدولي يدرك أبعاد الحرب العدوانية الجارية، ويدرك أبعاد وأهداف السياسة الإسرائيلية، لكنه يمتنع عن الاعتراف بهذه الحقيقة ويحاول تأجيل هذا الصدام.

هكذا تكون دولة الاحتلال قد أدخلت نفسها في ورطة تاريخية جديدة، فهي قد فشلت في تحقيق أبسط وأي من أهدافها، فلا تهجير، ولا قضاء على حركة حماس، ولا إفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
لقد قدمت الولايات المتحدة والدول الغربية الشريكة لإسرائيل، ولا تزال تقدم كل الدعم المادي والعسكري والاستخباري والدبلوماسي والاقتصادي، ووظفت كل قدراتها لمنع توسع الحرب الدموية، لكن كل ذلك لم يسعف إسرائيل أو يساعدها على تحقيق أهدافها في القطاع.

بعد تسعة أشهر، تستجدي إسرائيل الولايات المتحدة، لمواصلة تقديم الدعم العسكري، كما لو أنّها دولة ضعيفة ومحدودة القدرات، ليس لتحقيق أهدافها من العدوان على غزة، بعد أن وقعت في حرب استنزاف تركت بصماتها بوضوح على الجيش والمجتمع الإسرائيلي.

واضح أن نتنياهو بحاجة إلى الأسلحة والذخائر الأميركية، من أجل توسيع دائرة العدوان، حتى لو أدى إلى حرب إقليمية، وحتى لو تورطت الولايات المتحدة في مثل هذا العدوان.

الولايات المتحدة تدرك المخاطر الكبيرة التي تنتظر الدولة العبرية إذا انزلقت الأوضاع إلى حرب واسعة في الشمال، وما ينطوي عليه ذلك من احتمالات دخول أطراف إقليمية أخرى على الخط، خصوصاً إيران.

ولذلك فإنها تسعى بكل السبل، لإقناع حلفائها الإسرائيليين بضرورة التوقف عن التصعيد في الشمال، واعتماد الحل الدبلوماسي لوقف إطلاق نار مؤقّت في غزّة، والإفراج عن الأسرى، لضمان وقف إطلاق النار على الحدود مع جنوب لبنان. في ضوء هذه الرؤية الأميركية، فإن مفاوضات الصفقة، لا تمنع إسرائيل من مواصلة حربها العدوانية لتحقيق أهدافها في غزة، والإدارة الأميركية لا تنكر قناعتها بهذه الرؤية.

بينما يربط «حزب الله» اللبناني بشكل صادق، وقف إطلاق النار في المستوطنات المتاخمة لجنوب لبنان بوقفه التام في قطاع غزة، فإن إسرائيل تكذب في أنها لا ترغب في تصعيد الحرب العدوانية على لبنان.

الولايات المتحدة تسعى لحماية إسرائيل من التبعات الكارثية التي ستتعرض لها الدولة العبرية، ولكنها لا تعمل ما يجب عمله، من أجل وقف جنون الحكومة الإسرائيلية.

إسرائيل من أجل مواصلة الحرب، تطلب المزيد من السلاح والذخائر من قبل الولايات المتحدة، وتقوم بتجنيد المزيد ممن هم في سن الخدمة بما في ذلك من «الحريديم»، بعد أن اتخذت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً بهذا الخصوص، وتحضر لتشكيل فرقة جديدة يتجاوز تعدادها الأربعين ألفاً. لا يمكن أن تكون هذه التحضيرات لمعاودة شن حرب واسعة على قطاع غزة، التي تقول مصادر جيش الاحتلال إن قواته أكملت المهمة، وإنها على وشك الانتهاء من رفح.

إذا كانت هذه هي الحقيقة، وهي أن إسرائيل تخوض حرباً دموية وتدميرية في سياق جذري، لشطب المشروع الوطني الفلسطيني من أساسه، وحسم الصراع على أرض فلسطين التاريخية، فإن الأداء العربي بالإجمال قاصر عن إدراك هذه الحقيقة، وقاصر عن التعامل معها وفق مقتضيات المصلحة القومية العربية.

ليس هذا وحسب، بل إن استمرار الانقسام الفلسطيني وفشل المحاولة الأخيرة التي بادرت إليها الصين لجمع الفرقاء الفلسطينيين، يشير إلى عوار كبير وخطير في الوضع الفلسطيني الذي لا يرقى إلى الحد الأدنى من متطلبات الوطنية الفلسطينية، ومن الالتزام الحقيقي بالمشروع الوطني الذي لم يعد الكلام فقط، قادراً على تبرئة ذمة المتمسكين بهذا المشروع.

الأمر الطبيعي في هذه الحالة، أن يتجنّد كل الفلسطينيين في كل مكان وبكل الوسائل المتاحة، وأن يضعوا جانباً خلافاتهم وحساباتهم الفئوية دفاعاً عن الشعب والقضية، فليس في هذا العالم من يحمي الفلسطينيين وقضيتهم سوى الفلسطينيين أنفسهم.

(الأيام الفلسطينية)

مقالات مشابهة

  • كالكاليست: هل يمكن لإسرائيل الاستغناء عن الأسلحة الأميركية؟
  • الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تلتهم الشرق الأوسط
  • الصين تحث الولايات المتحدة على العمل وفقا لـ”اللاءات الخمس”
  • الصين تحث الولايات المتحدة على العمل وفقا لـ"اللاءات الخمس"
  • سنغافورة تسعى لاستقطاب شركات الذكاء الاصطناعي من الصين
  • الصين تفتح أبوابها لدراسة عينات القمر..
  • لماذا تقوم الصين بتخزين الموارد الرئيسية وهل هو تكرار سيناريو ألمانيا النازية؟
  • الولايات المتحدة تشتري من الصين كمية قياسية من التبغ والسجائر في مايو
  • الصين تحث الولايات المتحدة على تعزيز الاستقرار في العلاقات الثنائية
  • حين يتصادم المشروع الوطني مع الاستعماري