"نيوم المصرية في البحر المتوسط".. ملامح أكبر صفقة في تاريخ مصر مع الإمارات
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
تحدث خبراء اقتصاد من مصر لـRT عن أهمية صفقة "رأس الحكمة" الأكبر في تاريخ مصر، والتي أبرمتها الحكومة المصرية مع الإمارات.
إقرأ المزيدوأكد دكتور كريم العمدة الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد الدولي، أن صفقة رأس الحكمة بمثابة "أنبوبة أكسجين" للاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن الاقتصاد في مصر كان على حافة أن يتحول لـ "اقتصاد كارثي"، مشيرا إلى أن مصر دولة قوية ونجحت في إعادة الأمور لمسارها الصحيح.
وشدد العمدة في تصريحات خاصة لـ RT، على أن مشروع "رأس الحكمة" سيشبه مشروع نيوم الذي تنفذه المملكة العربية السعودية على البحر الأحمر فهو "نيوم البحر المتوسط"، وسيمثل نقطة تحول كبيرة للاقتصاد المصري.
وأوضح أن المشهد الاقتصادي المصري قبل صفقة "رأس الحكمة" كان غير واضح المعالم، وكان الأداء سيئا، مشيرا إلى أن تلك الصفقة بمثابة "صفقة إنقاذ" للاقتصاد المصري.
وقال إن تلك الأزمة الاقتصادية ليست الأولى في تاريخ مصر، مشيرا إلى أن ذلك حدث أكثر من مرة، وكانت المرة الأولى بين عامي 1990 و1991، حيث كانت مصر تعاني من "أزمة ديون" وبدأت في التأخر بسداد الأقساط، مشيرا إلى أن مشاركة مصر في حرب الخليج ساهم في حصول مصر دعم من المجتمع الدولي، وشطب نصف ديونها، والتي بلغ وقتها 35 مليار دولار، ثم تعثرت مصر مرة ثانية بين عامي 2000 و 2001 بسبب الفساد وسوء الإدارة ، ودخلت مصر في أزمة اقتصادية ظهرت خلال عام 2003 ترتب عليها انخفاض قيمة الجنيه المصري، كما تعرض الاقتصاد المصري أيضا لأزمة اقتصادية في عام 2013 ، وحصلت مصر على دعم من دول الخليج وصل إلى 25 مليار دولار.
وأكد على أهمية البناء على تلك المرحلة لتكون خطوة نحو المزيد من التقدم، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب بذل الجهد من الحكومة لاستغلال الموارد التي تتمتع بها الدولة المصرية.
وأضاف العمدة أن هذه الصفقة ستدعم الموقف المصري أمام صندوق النقد الدولي، وستحصل على الدعم المالي المطلوب وبالتالي العودة من جديد لسوق السندات الدولية ، فضلا عن استثمارات جديدة مع الاتحاد الأوروبي تصل إلى 10 مليارات يورو، وهناك مشروعات مع المملكة العربية السعودية ومن بينها محطة طاقة شمسية في سوهاج بصعيد مصر.
وأكد أن مصر بحاجة ماسة لتغيير الحكومة، خاصة المجموعة الاقتصادية ، من أجل إدارة موارد مصر الاقتصادية بشكل أفضل، وعدم تكرار الأزمة الاقتصادية بعد 4 سنوات مرة أخرى.
وأشار إلى أن مشروع رأس الحكمة أعاد ثقة المواطنين المصريين في القطاع المصرفي بشكل جزئي، مشيرا إلى أن الدولة المصرية أعطت درسا قاسيا للمضاربين بالسوق السوداء.
وأوضح أن السعودية تستهدف أيضا تنفيذ مشروع رأس جميلة على البحر الأحمر، مشيرا إلى أهمية تلك الصفقة أيضا على الاقتصاد المصري وتوفير العملة الصعبة للبلاد.
من جانبه، شدد رامي فايز الخبير السياحي وعضو غرفة المنشات الفندقية بالبحر الأحمر، الدولة المصرية تستهدف تعزيز التنمية المستدامة طوال العام في منطقة الساحل الشمالي، وهو ما تم ترجمته على أرض الواقع بالعديد من المشروعات التنموية والاستثمارية، من مستشفيات وفنادق وجامعات ومدارس.
وأوضح في تصريحات لـRT، أن الهدف الاستراتيجي للدولة يتمثل في زيادة عدد السائحين في منطقة الساحل الشمالي، خاصة مع دخول الاستثمارات الاجنبية، وعلى رأسها الاستثمارات الإماراتية.
وأشار إلى أنه فور بدأ تنفيذ مشروع رأس الحكمة سيكون هناك خطة تسويق للمنطقة بشكل كبير، مضيفا أن الجميع يأمل في أن تترجم الأرقام إلى حقائق على أرض الواقع وزيادة حجم السائحين إلى مصر، سواء القادمين على مطار العلمين الجديدة أو أي مطار قريب وهو ما ينعكس إيجابيا على قطاع السياحة.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار مصر أخبار مصر اليوم القاهرة غوغل Google مشیرا إلى أن رأس الحکمة
إقرأ أيضاً:
تاريخ عريق وواقع متأزم.. هل تستطيع إيران الانبعاث من تحت الرماد؟
يمتد تاريخ إيران إلى نحو 10 آلاف عام، تعاقبت خلالها العديد من الحضارات القديمة، وكانت دائما جسرا للتواصل بين الشرق والغرب عبر طريق الحرير التاريخي في العصور القديمة بفضل موقعها الإستراتيجي في الشرق الأوسط ومنطقة أوراسيا.
واليوم تحتل إيران المرتبة العاشرة عالميا من حيث التنوع العرقي، وتحتوي على نحو 50 لغة و8 قوميات رسمية، وبعد الثورة الإيرانية عام 1979 أصبحت إيران جمهورية دينية قائمة على نظام ولاية الفقيه.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عرب أفريقيا على رأس القارة.. هل آن أوان التلاقي؟list 2 of 2مشروع “إستير” واعتقال خليل.. هل بدأ عصر “مأسسة الترامبية”؟end of listوحول إيران المعاصرة والقضايا السياسية والاقتصادية متعددة الأبعاد فيها، نشر مركز الجزيرة للأبحاث ورقة تحليلية بعنوان "مستقبل المجتمع الإيراني: إشكاليات وقضايا" ناقش فيها الباحث إدريس بيرصاحب آفاق البلاد المحتملة في العقدين المقبلين وسط تراجع الوضع الاقتصادي والعقوبات الأميركية والتنافس الإقليمي المحتدم.
ميزات جغرافية وباطن زاخرتحتل إيران المرتبة الـ22 من حيث الناتج الإجمالي المحلي وتعادله مع القوة الشرائية، والمرتبة الـ50 من حيث الناتج الإجمالي المحلي المطلق وفق إحصاءات البنك الدولي، رغم تمتعها بقدرات وموارد طبيعية خاصة.
فباطن الأراضي الإيرانية يحتوي على احتياطي نفط وغاز يجعلها في المراتب الأولى بين الدول المنتجة للطاقة، فلديها نحو 160 مليار برميل من النفط وأكثر من 30 تريليون متر مكعب من الغاز، وهو ما قد يجعلها في المرتبة الرابعة والثانية من حيث احتياطيات النفط والغاز على التوالي.
إعلانووفق تقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن إيران تحتل المرتبة السابعة في إنتاج 22 منتجا زراعيا مهما، والمرتبة الـ20 في إنتاج 29 منتجا زراعيا آخر.
وقارب عدد سكان إيران نحو 80 مليونا وفق آخر إحصاء رسمي عام 2016، ويقدرون اليوم بأكثر من 86 مليونا، رغم أن بيانات البنك الدولي تشير إلى تجاوز عدد سكان إيران الـ90 مليون نسمة.
وبالرغم من هذه الإمكانات الواسعة، فإن الحديث عن واقع إيران اليوم سهل وصعب في الآن ذاته، لأن المؤشرات الكمية والنوعية تقدم صورة منقوصة لا تعبر عن السياقات الأوسع، ولأنه لا يمكن الجزم بحالة تلك المؤشرات في المستقبل.
ومن أجل إجراء استشراف أدق لحالة المجتمع الإيراني، يجب أن يكون لدينا تصور دقيق حول القوى الفاعلة فيه والمؤثرة عليه، وهو ما يمكن القيام به عبر المستويين العالمي والوطني.
وتتضمن الاتجاهات العالمية التي قد تلعب دورا في تشكيل مستقبل إيران 3 عوامل أساسية، العولمة وثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وثورة التكنولوجيا الحيوية والنانو.
ولا شك أن الظاهرة الأولى قد غيّرت أجزاء واسعة من العالم، بما في ذلك إيران، وقد فرضت نفسها في 3 أبعاد:
البعد الاجتماعي الثقافي: تجلى ذلك في توحيد المظاهر الثقافية من الملابس والموسيقى والطعام وصولا إلى اللغة والعادات والتقاليد وحتى القيم السياسية المتعلقة بحقوق الأقليات والنساء وحق التعبير وحرية الرأي وغيرها، وهو ما نتج عنه ظهور الأسر الفردية وانخفاض الزواج الرسمي وفقدان أو تراجع المرجعية الدينية وتعزيز الفردية المفرطة وغير ذلك من نتائج العولمة الثقافية. البعد الاقتصادي التجاري: بعد انهيار النظام الاشتراكي وضعف الرؤى المركزية في المجالات الاقتصادية، أصبح اقتصاد السوق قائما في جزء كبير من أنحاء العالم، مما خلق شبكة اقتصادية متشعبة تلعب فيها الشركات العابرة للحدود دورا قويا ويؤثر فيها الاقتصاد على شكل الحكومات وقراراتها وأيضا على شكل العلاقات الاجتماعية فيها ونمط الحياة اليومية والرغبة في زيادة الاستهلاك. البعد السياسي القانوني: أدى ظهور المنظمات غير الحكومية وإلزامية مطابقة القيم والمعايير العالمية في المجالين القانوني والسياسي إلى تقليل فاعلية الدولة داخل مجال حدودها، مما أدى إلى زيادة الوعي السياسي وتغير نظرة الفرد والمجتمع للحكومة، وأصبح المواطنون أكثر مطالبة بحقوقهم وواجباتهم وبالمبادئ الديمقراطية والمسائل البيئية. إعلانويمكن القول إن هذه الظواهر الرئيسية الثلاث لم تغير حياة الفرد فحسب، بل غيّرت الحياة الاجتماعية للبشر، بما في ذلك نمط حياة سكان الدول والأنظمة الاقتصادية والتفاعلات السياسية، وهو ما سنتبين أثره على إيران بشكل مفصل في الفقرات التالية.
يقوم اقتصاد إيران على 3 قطاعات؛ الحكومي والعام والخاص، ويمكن القول إن جميع هذه القطاعات تعاني من قلة العائدات وتراجع النشاط، بشكل يجسد ما قاله الخبير الاقتصادي فرشاد مؤمني "نحن نشهد كل يوم عملية انحطاط اقتصادي وبيع للمستقبل في البلاد، وسيبقى 75% من سكان إيران بحاجة إلى الدعم للبقاء على قيد الحياة".
ويعتقد البعض أن تراجع الأداء الاقتصادي يعود سببه إلى العداء الخارجي فحسب إلا أنه يجب الاعتراف بأن الجزء الأكبر من المشاكل الاقتصادية يتعلق بالنظام غير المنتج والدبلوماسية غير الفعالة.
ولا شك في أن العامل الخارجي قد لعب دورا مهما في تراجع أرقام الاقتصاد، فبسبب اعتماده على النفط وبسبب العقوبات الأميركية، وجد الاقتصاد الإيراني نفسه محاصرا وسط أرقام متدنية ومؤشر تضخم مرتفع ونسب بطالة مرتفعة.
وتشير الإحصاءات الاقتصادية من عام 2010 إلى يومنا هذا إلى تراجع مستمر في الاقتصاد الإيراني، وبالكاد يمكن العثور على ما يظهر العكس، وهو ما ينبئ ببيئة اقتصادية غير مستقرة وغياب آفاق مستمر للاستثمار واستمرار خروج رؤوس الأموال من البلاد وغير ذلك من العوامل التي تجعل العقد المقبل واحدا من أقسى الأزمنة على الاقتصاد الإيراني.
في العقود القليلة الماضية حدثت تغيرات ثقافية واجتماعية واسعة في إيران، غيّرت وجه البلاد عما كانت عليه في السابق، وهو ما اختصره عالم الاجتماع آلان تورين بالقول "إن أول ما يلفت انتباهك في هذا البلد هو أنك لست على هامش الحداثة أنت بالضبط في صميمها".
وإذا أردنا أن نعرض صورة عن المجتمع الإيراني من منظور اجتماعي، يمكن رصد معدلات التحضر، والتصنيع، والوصول إلى وسائل الإعلام، والسفر الداخلي والخارجي، وأيضا خريطة الحركات الاجتماعية في البلاد لنجد أنها تصب في نهاية المطاف في الاستنتاج الذي وصل إليه الباحث محمد بناهي حول تراجع الأمل في صفوف المجتمع الإيراني.
إعلانويمكن تعزيز ذلك الاستنتاج بمقارنة حالة التقدم الاجتماعي لإيران مع المتوسط العالمي، فالفجوة تبلغ نحو 40% في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير، وحوالي 25% في مجال الحرية وحق الاختيار، وليس أبلغ من وصول مؤشر التقدم الاجتماعي في إيران إلى الأرقام السالبة في 2023.
ويمكن القول إجمالا إن المجتمع الإيراني قد شهد تغيرا عميقا في القيم والمعايير يتناقض مع البنية الثقافية والاجتماعية للمجتمع التقليدي الإيراني، وهو يركز على إيران القديمة ويتجاهل الفترة الإسلامية في تاريخ البلاد، وذلك إلى جانب ضعف مكانة الأسرة والانقسام بين الأجيال الذي قد ينتج عنه تشوه الهوية وتجزؤ المجتمع وانتشار الإحباط والتشاؤم.
جسم سياسي مشلول
يعتقد عالم الاقتصاد الأميركي جون رومر بأن السياسة وليس الاقتصاد هي أهم مجهول في القرن المقبل، لذا فإن التنبؤ بالأوضاع السياسية للدول يعد أمرا صعبا وفي بعض الأحيان مستحيلا.
وتشير التوقعات إلى أن الديمقراطية ستشهد وضعا متناقضا ومعقدا تعيش معه "الدول الحرة" تراجعا في مستويات الديمقراطية، وتختبر الدول الأخرى الديمقراطية بشكل أكبر، لكن السؤال هو كيف سيكون وضع إيران بين هذا وذاك؟
عانت إيران على مر تاريخها من الاستبداد، دولة ومجتمعا، فقد كان كلاهما مستقلا عن الآخر، وذاق من بأس الآخر مرارا، وذلك ما يفسر تشكل حركات اجتماعية وثورات متعددة على مر تاريخ البلاد، مثل الثورة الدستورية والثورة الإسلامية.
وبعد الثورة الإيرانية بدأت القوى السياسية النشطة في الاصطفاف شيئا فشيئا حتى أصبح هناك نحو 74 حزبا مقسمة إلى فئتين سياسيتين واسعتين تحت عنوان الأصوليين والإصلاحيين.
وسواء كان الأصوليون في الحكم أم الإصلاحيون فإن نتائج استطلاعات الرأي تشير إلى تقييم سلبي لجودة الحكم في البلاد، سواء في مكافحة الفساد أو المساءلة أمام المواطنين أو السماح بممارسة الحق في التعبير أو الشفافية أو غير ذلك.
ويمكن القول إجمالا إن الحكم في إيران لم يتمتع في العقدين الماضيين بالثبات والاستقرار اللازمين، وسط تراجع مستمر في جودة الحكم يرافقه ازدياد الاستياء بين المواطنين.
ويصعب مع الوضع الحالي في البلاد التنبؤ بآفاق العقد أو العقدين المقبلين، فقد وقعت إيران في حفرة عميقة من تراجع قابلية العيش والعقوبات ومشاكل الحكم والتراجع الاقتصادي والتنافس الإقليمي والإقصاء العالمي، ما قد يجعل الخروج منها ليس بالأمر الهين، وقد يأخذ عقدين أو ربما ثلاثة.
إعلان هل من أمل؟على الرغم من أن بعض التوقعات بشأن المستقبل تذهب نحو عالم أكثر إشراقا وأكثر مساواة، فإن الاقتصادي الأميركي من أصول تركية دارون عجم أوغلو يعتبر ظروف الشرق الأوسط مختلفة، ومن الصعب بمكان أن تتجه دوله نحو الانفتاح في المستقبل، وهو ما ينطبق على إيران باعتبارها جزءا من المنطقة.
فعلى الرغم من أن إيران تزخر بالعديد من المزايا التي تؤهلها لتكون في مصاف الدول العشر الأولى، فإن السياسات الخاطئة وسوء الإدارة وهيمنة النظرة الأيديولوجية على الاقتصاد وغيرها من العوامل، أدت لعدم استفادة الدولة من مزاياها، وهو ما يبدو أنه يلقي بظلاله على المستقبل، في حال لم تتحرك الإدارات الحالية والمستقبلية نحو الخروج من الدائرة المفرغة.
[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة عبر هذا الرابط]