أبوظبي.. مدينة تجمع عبق التاريخ وبريق الحاضر وتتطلع لمستقبل أكثر حداثة
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
أبوظبي - وام
يأتي دائماً ذكر مدينة أبوظبي «عاصمة دولة الإمارات» باعتبارها واحدة من أهم المدن التي يلتقي فيها عبق التاريخ وعطره، وصبا الحداثة وبريقها المتلألئ على شاطئ الخليج، ما هيأها لتكون شاهداً على ازدهار دولة الإمارات في عهدها الحديث.
وتعد أبوظبي، المدنية الساحرة والعاصمة الخليجية الوحيدة التي يتعانق البحر أمامها مع مئات الجزر، فيبوح كل منها بأسراره وحكاياته عن تاريخ الإمارات الموغل في القدم، والذي تميّز اليوم بالتطور والرقي الاستثنائي، ليشكل ذلك العناق الأزلي أحد أهم معالمها الجمالية، فهو الذي أعطى المدينة على مر التاريخ هيبة ومنعة، لكنه جعلها أيضاً مدينة منفتحة تهوي إليها الأفئدة من أصقاع الدنيا.
وفي أبوظبي لا تهدأ حركة التطور والتنمية، فهي تواكب متطلبات العصر وأدواته، لكنها في الوقت ذاته تحرص على أن لا يمس ذلك بطابع المدينة القديم وجمالياته وعبق تاريخه وزخمه، فقد باتت اليوم مدينة غناء آخذة في الاتساع وواحدة من أجمل المدن العصرية تطورا في العالم، بعد أن كانت قبل سنوات معدودة ميناء صيد تقليدي، لتعكس حكاية صحراء تحولت إلى مجموعة واحات من الأبنية ذات الطراز الحديث والراقي وناطحات سحاب شامخة نحو السماء وفنادق لا تضاهى في فخامتها ومراكز تجارية تحتل مراتب متقدمة في العالم نظراً لتطورها واتساعها، ومطارا دوليا يستقبل ملايين الزوار، وفللا وقصورا ومبان سكنية وغيرها الكثير.
ويمكن لزائر المدينة أن يلمس طموحاً وإرادة استثنائية من خلال تلك الجزر المتناثرة على الساحل، والتي تحولت إلى مساحة من الجمال الرباني وكأن المدينة قد نحتت في البحر أو أعيد بناؤها طبقاً للوحة رسمتها أنامل فنان موهوب وأعاد نحات ماهر محاكاته لتبدو «درة الخليج» كما نراها اليوم.
ورغم أن تاريخ أبوظبي هو تاريخ جزيرة وميناء موغل في القدم، إلا أن المدينة تقدم اليوم أسلوب حياة يتميز بالعراقة والحداثة في الوقت ذاته، فعراقتها كشفت عنها الحفريات الأثرية في جزيرة «مروح»؛ حيث اكتشف خبراء الآثار في «دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي» خلال عمليات التنقيب في شهري فبراير ومارس 2019 أدلة مهمة تؤكد الممارسات المعمارية والفنية المتقدمة لسكان أبوظبي الأوائل وذلك في فترات تاريخية مبكرة جداً ترجع إلى العصر الحجري، بالإضافة إلى الكشف عن مزيد من المعلومات عن أقدم قرية معروفة استوطنها الإنسان في إمارة أبوظبي قبل حوالي 8000 عام.
وتلك الجزيرة التي سكنتها قبيلة بني ياس، ظلت مجرد قرية لصيد الأسماك واللؤلؤ حتى اكتشاف النفط، حيث بدأت مرحلة تاريخية جديدة وملحمة بطولية مذهلة مع البناء والتطور قادها بحنكة وحكمة وإصرار وعزيمة لا تلين، المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي تفهم المعنى الحقيقي لهبات الخالق وسط صحراء قاسية وقدر له أن يؤسس الواحة الغناء ويبني المدينة الحديثة.
ومنذ تولي الشيخ زايد، رحمه الله، مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي قبل ما يقرب من خمسة عقود، ثم رئاسته الاتحاد، تبنت المدينة الانفتاح والاقتصاد الحر بترحاب كبير وحققت نموا متسارعا مع تضاعف متوسط دخل الفرد خلال تلك الفترة، فيما ترجمت رؤاه وتوجهاته من خلال حزم من المشاريع التنموية المستدامة والشاملة في كل القطاعات الاقتصادية والثقافية، فظهر هذا التمازج المذهل لمدينة وصفت بأنها «درة الخليج» ليقدم نموذجا يحتذى لما تتميز به من مكانة على الصعيد التاريخي والموقع الجغرافي والحداثة الحضارية في شكلها ومحتواها.
ولا يبدو التقدم الحاصل في الإمارات جليا للعيان، أكثر مما يتبدى في عاصمتها أبوظبي، حتى أن نموذجها الراقي أصبح المفضل في منطقة الخليج والشرق الأوسط ويمكنه أن يصبح القوة المحركة للمنطقة بأكملها؛ إذ تتفق التقارير على أن المدينة نجحت في زيادة جاذبيتها كوجهة متميزة للاستثمار، فيما واجهت الأسواق الناشئة الأخرى حول العالم تحديات جمة في استقطاب الاستثمارات.
وهذا التطور الذي عاشته وتعايشه العاصمة أبوظبي تغير من كونه خيارا ليصبح ضرورة، له فوائد كثيرة اجتماعية واقتصادية وأمنية، وخصوصا وأن النقلة النوعية التي حدثت في الإمارة تمت عبر مراحل ومسيرة طويلة من العمل الدؤوب والتخطيط الواعي، إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن؛ حيث يلتقي التاريخ والتطور والمستقبل.
وفي عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، واصلت المدينة طموحها الذي لا يخبو نحو القمة، وتبنت كل ما هو جديد ومبتكر في المجالات المختلفة، وهي تشهد اليوم نشاطا ملحوظا في جميع مظاهر الحياة الاجتماعية والتجارية والصناعية والعمرانية والثقافية، ما أهلها لتتبوأ منزلة رفيعة ضمن مدن العالم؛ إذ أصبحت قلب العالم الحاضر ومدينة الأحلام لكثير من سكان المعمورة والأكثر أمانا في الشرق الأوسط وأفضل مدنه للعيش وإحدى أغنى مدن العالم.
وفي كل مرة تزور فيها أبوظبي، لابد أن تشهد ملامح مميزة وجديدة تضاف إلى روعة هذه المدينة الفريدة المتجددة دوما، فهي مدينة عصرية نموذجية تنمو وتزدهر وفقا لخطط مدروسة ومعايير متفردة بالرغم من أنها ضاربة في عمق التاريخ، وتبوح بحضارة عريقة تضاف إلى سحر الطبيعة وبريق الحداثة ونمط الحياة المتوقد الذي يصل الليل بالنهار دون أن يتسلل الملل إلى قلبك أو عينيك، ففي كل لحظة هناك جديد تراه وتحياه وتستمتع به.
وبفضل القيادة الرشيدة أضحت أبوظبي اليوم، من أشهر العواصم التي تتبع سياسة الانفتاح على العالم نهجا وممارسة، مع حفاظها على هويتها الأصيلة، وهو ما مكنها من بِناء علاقات دبلوماسية خارجية متميزة متينة ومتوازنة عززت صدارة الإمارات دوليا على أكثر من صعيد وجعلتها مركزا عالميا جاذبا بامتياز.
ويمكن أن تتجلى فكرة نحت المدينة في البحر بتأمل جزرها، والتي تحتضن بعضا من أكبر المشاريع العملاقة في المنطقة والعالم مثل مضمار «فورمولا وان جراند بري» في جزيرة ياس وهو أكبر مدينة ترفيهية على مستوى الشرق الأوسط، ومشروع يجسد الإبداع والشغف والتميز على أرض الواقع.
ويعد مشروع الجزيرة الثقافية في «جزيرة السعديات» الذي تبلغ تكلفته 27 مليار دولار ويحتضن بين جنباته متحف اللوفر ومتحف جوجنهايم ومتحف الشيخ زايد، مشروعا رائدا يضمن رفاهية المواطنين والمقيمين والزوار، ويلبي تطلعاتهم نحو الاستمتاع بالثقافة في بيئة نابضة بالحياة.
ومن المشاريع التي تدعم تحقيق رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 مشروع شاطئ الراحة نظرا لدوره المنتظر في تطوير قطاعي السياحة والإسكان ومشروع السوق المركزي الذي يعد القلب النابض للعاصمة أبوظبي.
ولا توجد مدينة في العالم مثل أبوظبي شهدت إنجاز مثل تلك المشاريع التطويرية العملاقة في قطاعي السياحة والثقافة خلال فترة زمنية قصيرة، ناهيك عن الخطط المستقبلية الجبارة لتطوير الجزر الأخرى بما يضمن أن تكون أبوظبي مدينة تتلألأ على شاطئ الخليج العربي.
يقول السائح ألكسندر إيفانوف، القادم من موسكو إلى أبوظبي في أول زيارة عمل له: «طوال الرحلة كان الشوق يحدوني إلى المدينة الجميلة التي كانت قصصها تملأ السمع، وبعد أن بدأت الطائرة الهبوط ليلا على مدرج مطار أبوظبي الدولي، رأيت من بعيد مدينة تزينها ناطحات السحاب والجزر المنتشرة حولها، وأشجار النخيل ومصافي البترول، ورأيت أنوارها المشعة وكأنها بريق يومض في ذاكرة الأيام والتاريخ».
ويضيف: «نزلت من الطائرة واتجهنا إلى فندق جميرا في أبراج الاتحاد، كانت المدينة بقعة ساطعة من الضوء وكأنها تعاني من تخمة الصباح وهي في ليل ربيعي يحركه بهدوء، نسيم البحر القادم من الجزر والخلجان، ليرطب أجواء مدينة احتوت جنسيات متعددة وألسنة مختلفة وثقافات متباينة وأعراق متجانسة جمعها حب العمل وهاجس التطور والرقي».
ويردف: «في طريقنا دخلنا عمق المدينة وقلبها النابض وسط الأضواء الساحرة التي تتسع العين دهشة لرونقها، وكلما توغلنا أكثر وجدنا أنفسنا في كل خطوة تستنشق عبق التاريخ المعطر بروائح البخور، وتستمتع تحت ظلال الابراج الشاهقة بصبا الحداثة؛ حيث الجسور المعلقة، في هذه المدينة الساحرة بمظهرها الأنيق ومبانيها البعيدة عن العشوائية والازدحام السكاني والاختناق المروري.
ويعد القطاع العقاري في المدينة، أحد اهم القطاعات الحيوية، فهو يشهد قفزات متوالية وتحولا نوعيا عبر الصروح المعمارية المتألقة والتصاميم المبتكرة والإبداعات المتميزة، ما جعلها تتجاوز بوابة الرقي المعماري من أوسع الأبواب وتنافس بقوة في هذا المجال، وهو ما يقول عنه المهندس علي ناصر محمد: «تظل العمارة هي الدليل الأبرز على التطور والرقي في المكان، ولأن مدينة أبوظبي في توجه مستمر نحو مستقبل أفضل جذبت إليها أفضل المصممين والمهندسين لإطلاق إبداعاتهم، ولتكون أيقونة للتألق والإبداع والتميز».
ويضيف: «تفتخر هذه المدينة الجميلة بمشاهد الهندسة المعمارية الرائعة والمتنوعة، وسط الحدائق الممتدة، فضلا عن الساحات الجميلة مجسدة التطور في أوضح صوره من ناطحات السحاب فائقة الارتفاع ومشاريع التطوير بالغة الحداثة، إلا إن المباني القديمة والهامة من الناحية التاريخية موجودة بالفعل».
ويؤكد أن قصر الحصن لا يزال يقف شامخا وسط المدينة، يستظل بالأبراج الزجاجية الفخمة رغم مرور أكثر من 250 عاما على بنائه، فيما امتد التطور إلى الجانب الاقتصادي والتوجه نحو جلب المزيد من الاستثمارات، فكان بناء المدن الترفيهية والتجارية والعديد من المولات والأبراج والفنادق الراقية أولوية قصوى، خاصة وأان المدينة تمتلك العديد من المزايا الإيجابية والتي تساعد على تشجيع تدفق الاستثمارات إليها.
وفي هذا السياق أشاد المحلل الاقتصادي عبدالقادر شعث، بقوة الأداء الاقتصادي في أبوظبي، مؤكدا أنها نجحت باقتدار في المحافظة على هيمنتها وترسيخ مكانتها كبيئة آمنة ومتجددة للاستثمارات الأجنبية، واستطاعت أن تتجاوز التحديات وتحولها إلى فرص رابحة، حتى باتت نموذجا للرقي في المنطقة وتجربة ملهمة لكل دول العالم.
ما بين السحر والجمال والماضي والحاضر تحقق في إمارة أبوظبي عمل جبار، في وقت قياسي، بفضل رؤية ومثابرة المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولا زالت المسيرة مستمرة تدعمها رؤية مستقبلية لحكومة تدرك الحاجة لبناء مستقبل يكون أفضل من الماضي وأكثر رقيا من الحاضر، تماشيا مع تطلعات المواطن والمقيم والزائر، لأن الإنسان يتطلع دوما وأبدا إلى مستقبل أفضل.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات أبوظبي الإمارات الشیخ زاید
إقرأ أيضاً:
بالفيديو.. أستاذ استثمار: مدينة الروبيكي أكبر تجمع صناعي للجلود في الشرق الأوسط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور محمد باغة، أستاذ التمويل والاستثمار، إن ملف صناعة الجلود مهم للغاية وهذه الحرفة موجودة في مصر منذ زمن، لكن كانت تُمارس بطريقة عشوائية وغير مخططة في منطقة مجرى العيون، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية اتجهت في الفترة الأخيرة إلى إقامة مجمع صناعي ضخم جدًا في مدينة الروبيكي ببدر، وهذه المدينة الصناعية المهمة متخصصة في واحدة من أهم المنتجات المطلوبة في العالم.
وأضاف «باغة»، خلال مداخلة عبر شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن مصر تتميز بريادة دولية وسمعة متميزة جدًا في صناعة الدباغة والجلود، مشيرًا إلى أن إنشاء مدينة الروبيكي للجلود جاء بعد العمل بطريقة وفكر مختلف، وهذا أدى إلى إنشاء مدينة كاملة متكاملة في صناعة الدباغة والجلود.
وتابع: «مدينة الروبيكي بها كل منشآت ومعدات دباغة الجلود، والمنتج هناك يخرج كامل الصنع ولا يحتاج إلى الذهاب إلى أي أماكن أخرى من أجل إتمام عملية التصنيع»، مؤكدًا على أن الروبيكي أكبر تجمع صناعي متخصص في صناعة الجلود بالشرق الأوسط.