اتحاد عربي أعلن عنه رسميا يوم 22 فبراير/شباط 1958 بين جمهوريتي مصر وسوريا برئاسة جمال عبد الناصر بعد تنازل الرئيس شكري القوتلي عن الرئاسة، انتهى يوم 28 سبتمبر/أيلول 1961 بعد انقلاب عسكري في سوريا بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي.

ما قبل الوحدة بين سوريا ومصر

شهدت سوريا انقلابا عسكريا عام 1954 ضد حكم أديب الشيشكلي -الذي كان قائد الانقلاب العسكري السابق- مما أدى إلى تراجع قوة الجيش في البلاد، فقد حشدت كل من تركيا والعراق قواتهما على الحدود مع سوريا في أغسطس/آب 1957، وذلك تحت ذريعة ازدياد نفوذ الاتحاد السوفياتي في سوريا.

وردا على ذلك أرسل الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر بعض الوحدات العسكرية إلى سوريا، مما أدى لاحقا إلى تراجع التعزيزات التركية على الحدود مع سوريا تجنبا لاندلاع حرب إقليمية.

زار وفد برلماني مصري برئاسة أنور السادات في نوفمبر/تشرين الثاني 1957 مجلس النواب السوري الذي كان يرأسه أكرم الحوراني، وذلك بعد دعوة تلقاها المصريون من السوريين، وفي ختام الجلسة المشتركة بمبنى البرلمان السوري أصدر الطرفان بيانا دعا إلى قيام اتحاد فدرالي بين سوريا ومصر.

أما على صعيد القيادة العسكرية في سوريا والمتمثلة بالمجلس العسكري فكان رأيها أن الحل يجب أن يكون عبر وحدة كاملة بين البلدين، وليس فقط بتشكيل اتحاد فدرالي، وعقب ذلك توجه 14 ضابطا سوريا بقيادة عفيف البرازي إلى القاهرة يوم 11 يناير/كانون الثاني 1958 على متن طائرة عسكرية انطلقت من مطار المزة العسكري بدمشق.

التقى الضباط السوريون بالقائد العسكري المصري عبد الحكيم عامر وأبلغوه بقرارهم عن وجوب حدوث وحدة بين سوريا ومصر، والتقوا كذلك بعبد الناصر في 15 يناير/كانون الثاني، وذلك دون علم الرئيس السوري شكري القوتلي أو رئيس مجلس النواب السوري أو حتى وزير الدفاع خالد العظم.

القوتلي (يسار) أثناء زيارته إلى القاهرة ليبحث مع عبد الناصر تشكيل الجمهورية العربية المتحدة (غيتي-أرشيف) الوحدة بين سوريا ومصر

بعدما علم الرئيس السوري ووزير الدفاع بزيارة الضباط السوريين في اليوم التالي عن طريق مدير المخابرات العامة عبد الحميد السراج الذي كان مؤيدا لخطوتهم أرسل الرئيس شكري القوتلي وزير الخارجية صلاح الدين البيطار برفقة السفير المصري في دمشق محمود رياض، ليلحق بالضباط السوريين في مصر ويتابع مقترحهم بخصوص الوحدة بين البلدين.

وضع جمال عبد الناصر شروطا للموافقة على الوحدة المقترحة من قبل الضباط السوريين، والتي شملت حل جميع الأحزاب في سوريا وانسحاب الجيش من الحياة السياسية وإعطاء عبد الناصر الصلاحيات المطلقة في الحكم.

كما أصر على أن تكون الوحدة اندماجية كاملة، وبناء على موافقة الضباط السوريين على الشروط وإجبار السياسيين على قبولها.

سافر الرئيس السوري شكري القوتلي إلى القاهرة يوم 31 يناير/كانون الثاني 1958 والتقى عبد الناصر في اليوم التالي وعقدا اجتماعا لعرض المبادئ الدستورية لنظام الدولة الجديدة.

الدعوة لاستفتاء

ألقى الرئيسان عقب الاجتماع بيانا نص على أن الدولة الجديدة سيكون لها علم واحد ومجلس تشريعي واحد ونظام الحكم فيها سيكون رئاسيا، على أن يُجرى استفتاء شعبي في البلدين من أجل الإقرار بفكرة الوحدة من عدمها.

أجري استفتاء شعبي في البلدين، وبلغت نسبة الموافقة على الوحدة بحسب الإعلام المصري والسوري حينها 99.98% من مجمل أصوات المشاركين في الاستفتاء، وأعلن عن الوحدة بين البلدين بتاريخ 22 فبراير/شباط 1958 تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، وتم الاتفاق على القاهرة عاصمة لها، واتخذت علما يحوي الألوان التالية أفقيا بالترتيب: أحمر، أبيض، أسود وتتوسط اللون الأبيض نجمتان خماسيتان خضراوان.

توجه رئيس الجمهورية المتحدة جمال عبد الناصر إلى دمشق بعد الإعلان عنها، ومكث فيها أسبوعين لتشكيل حكومة القُطر السوري، وضمت كلا من أكرم حوراني نائبا للرئيس، وخليل كلاس، وصلاح بيطار، ورياض المالكي، وعبد الحميد السراج، وأمين النفوري، ومصطفى حمدون، إضافة إلى عدد من البعثيين.

وخلال الزيارة أعلن عبد الناصر عن دستور مؤقت تضمّن صلاحياته المطلقة المتمثلة بقيادته للقوات المسلحة وتعيين الوزراء وإعفاءهم من مناصبهم وتعيين نوابه، كما نص على أن الجمهورية المتحدة تتكون من إقليمين هما مصر وسوريا، ولكل منهما مجلس تنفيذي يعين بقرار من رئيس الجمهورية.

قرارات واستقالات

بعد إعلان دستور الوحدة أصدر عبد الناصر قرارات تنظيمية عدة للعمل المدني والمؤسسات التعليمية في الجمهورية المتحدة، كما سُرّح عدد كبير من الضباط السوريين من الجيش، إضافة إلى قرارات التأميم التي استهدفت البنوك والمعامل والشركات في سوريا، إذ نقلت من الملكية الخاصة إلى ملكية الدولة.

وقد أدت هذه الإجراءات إلى تراجع الوضع الاقتصادي في الإقليم الشمالي (سوريا)، كما أن قرارات الإصلاح الزراعي أثرت على المصدر الأول للدخل في سوريا، وهو العمل في الزراعة، إذ لم يعد الفلاحون قادرين على تأمين وسائل الري والبذور والسماد.

جاءت تلك القوانين بالتزامن مع حملات اعتقال بدأت يوم 3 يناير/كانون الثاني 1959 طالت المنتمين إلى الأحزاب الشيوعية في سوريا، واعتقل نحو 300 شخص، وهرب رئيس الحزب الشيوعي خالد بكداش إلى العراق، فيما اعتقل القيادي الشيوعي فرج الله الحلو ومات تحت التعذيب لاحقا.

يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 1959 أعلن الوزراء البعثيون في حكومة الجمهورية العربية المتحدة استقالتهم نتيجة سياسات عبد الناصر في سوريا، إذ اعتبر أكرم حوراني وعبد الغني قنوت ومصطفى حمدون أن وجودهم في المجلس التنفيذي لم يكن إلا شكليا، لأنه لم تحدد صلاحيات المجلس واختصاصاته بشكل واضح.

استمرت الأوضاع السياسية والعسكرية في سوريا في التوتر عقب تعيين المشير المصري عبد الحكيم عامر حاكما مطلقا على سوريا، مما أدى لاحقا في ديسمبر/كانون الأول 1961 إلى ظهور خلاف حاد بين عبد الحكيم عامر وعبد الحميد السراج أفضى إلى استقالة السراج على الرغم من محاولات جمال عبد الناصر ثنيه عن قراره.

ناظم القدسي الرئيس السوري بعد انفصال سوريا عن مصر (مواقع التواصل الاجتماعي) نهاية الوحدة بانقلاب عسكري

صباح يوم 28 سبتمبر/أيلول 1961 بثت إذاعة دمشق بيانا باسم "القيادة العربية العليا للقوات المسلحة" أعلنت فيه عن انقلاب ضد الجمهورية العربية المتحدة، واعتبرت ذلك محاولة للإصلاح "قبل أن تنفجر الأمور"، وقالت إنها لم تجد "إلا القوة سبيلا لكي تعاد للشعب حريته وللجيش كرامته".

تبع الانقلاب بيان من نواب سوريين سابقين وبعض قيادات الأحزاب والتجار يطالبون فيه بإجراء انتخابات عاجلة وعدم إصدار تشريعات حتى يتشكل المجلس النيابي، ودعوا إلى "إقامة حكم دستوري ديمقراطي يحقق الاشتراكية الصحيحة والوحدة العربية الشاملة".

وكان أبرز الموقعين على البيان صلاح البيطار وأكرم الحوراني وخالد العظم، وتشكلت حكومة مؤقتة برئاسة مأمون الكزبري، واستقال عند تحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي عقدت في ديسمبر/كانون الأول 1961، وفاز فيها ناظم القدسي بمنصب رئاسة الدولة ومعروف الدواليبي برئاسة الوزراء ومأمون الكزبري رئيسا لمجلس النواب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجمهوریة العربیة المتحدة ینایر کانون الثانی جمال عبد الناصر الرئیس السوری الوحدة بین فی سوریا على أن

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: الضربات الأميركية تتوسع والحوثيون يعتمدون على المنصات المتحركة

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي إن الموجة الثانية من الضربات الأميركية ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين) شهدت توسعا في استهداف مواقع داخل اليمن مقارنة بالموجة الأولى.

وأضاف خلال فقرة التحليل العسكري أن هذا يشير إلى أن بنك المعلومات لدى الولايات المتحدة يتوسع في تحديد الأهداف وتوجيه الضربات.

وكانت قناة المسيرة ووكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التابعتان للحوثيين أفادتا، بوقوع غارتين جويتين في وقت مبكر اليوم، في منطقة الحديدة الساحلية، غداة غارات مماثلة استهدفت العاصمة صنعاء ومناطق أخرى بالبلاد.

وأشارت القناة إلى وقوع "عدوان أميركي بغارتين استهدفتا محلجا للقطن في مديرية زبيد" في الحديدة والتي سبق أن تعرضت لضربات إسرائيلية العام الماضي.

كما أشارت إلى 4 غارات على مبنى المجمع الحكومي في مديرية الحزم بمنطقة الجوف.

وأوضح الفلاحي أن الضربات الأميركية الحالية تختلف عن تلك التي نفذتها إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن سابقا.

ولفت إلى أن الهجمات بدأت تأخذ طابعا مستمرا في عملية استهداف المواقع الحوثية، مما قد يشير إلى تصعيد متواصل، خاصة في ظل تصريحات الحوثيين بأنهم سيوقفون هجماتهم على السفن البحرية إذا أوقفت الولايات المتحدة غاراتها على اليمن، لكنهم قد يستمرون في استهداف إسرائيل.

إعلان

الحوثيون يعتمدون أسلوب المناورة

وفيما يتعلق بإعلان الحوثيين استهداف حاملة الطائرات "هاري ترومان" في البحر الأحمر، أكد الخبير العسكري أن حاملات الطائرات الأميركية تعمل ضمن منظومة دفاعية متكاملة، حيث تحيط بها العديد من السفن الحربية والطرادات والفرقاطات والغواصات وسفن الدعم اللوجستي.

ونبه إلى أن الولايات المتحدة تأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل عند تكليف حاملة طائرات بمهمة ما، منها طبيعة المهمة وطبيعة المنطقة والتهديدات المحتملة، مشيرا إلى أن هذه السفن مجهزة بمنظومات صواريخ متكاملة قادرة على التصدي لأي هجمات خارجية، وهذا ما يفسر عدم تأثر القوات الأميركية بالهجمات الحوثية حتى الآن.

وأشار الخبير العسكري إلى أن الحوثيين يمتلكون ترسانة صاروخية وطائرات مسيرة ذات إمكانيات كبيرة، بما فيها صواريخ "صماد 1، 2، 3، 4" وصواريخ "وعيد" التي يصل مداها إلى نحو 2500 كيلومتر، إلا أن أنظمة الدفاع الأميركية تمنع وصول هذه الصواريخ والطائرات المسيرة إلى أهدافها.

وفي سياق حديثه عن قدرة الحوثيين، على الاستمرار رغم التهديدات الأميركية، أوضح الفلاحي أن الحوثيين يعتمدون على منصات متحركة ويستخدمون أسلوب المناورة والانتقال من مكان إلى آخر لتنفيذ هجماتهم، مشيرا إلى أن المناطق المستهدفة قريبة من البحر ويمكن أن تكون قواعد دعم لوجستي لانطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: ترامب خلق معضلة في اليمن لأنه بدأ هجوما قويا دون هدف محدد
  • جنوب السودان يقصف مسلحين في شمال شرق البلاد
  • قاذفة B-52 الأمريكية تنطلق نحو اليمن وسط تصعيد عسكري حاسم.. ماذا يجري؟
  • صحيفة تركية تكشف عزم أنقرة تعيين مستشار عسكري للجيش السوري
  • خبير عسكري: الضربات الأميركية تتوسع والحوثيون يعتمدون على المنصات المتحركة
  • الأهلي يكسب الوحدة:سيئون يتصدر بطولة الجمهورية لأندية الدرجة الأولى لشباب السلة
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • خبير عسكري: ما يقوم به ترامب في اليمن يتجاوز الحوثيين إلى المنطقة كلها
  • سيئون والبرق يكسبان الوحدة والشعب في بطولة الجمهورية لشباب السلة
  • رئيس الجمهورية يبحث مع وزير الخارجية السوري التطورات الجارية في المنطقة