الجمهورية العربية المتحدة.. اتحاد فرضه ضباط وأنهاه انقلاب عسكري
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
اتحاد عربي أعلن عنه رسميا يوم 22 فبراير/شباط 1958 بين جمهوريتي مصر وسوريا برئاسة جمال عبد الناصر بعد تنازل الرئيس شكري القوتلي عن الرئاسة، انتهى يوم 28 سبتمبر/أيلول 1961 بعد انقلاب عسكري في سوريا بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي.
ما قبل الوحدة بين سوريا ومصرشهدت سوريا انقلابا عسكريا عام 1954 ضد حكم أديب الشيشكلي -الذي كان قائد الانقلاب العسكري السابق- مما أدى إلى تراجع قوة الجيش في البلاد، فقد حشدت كل من تركيا والعراق قواتهما على الحدود مع سوريا في أغسطس/آب 1957، وذلك تحت ذريعة ازدياد نفوذ الاتحاد السوفياتي في سوريا.
وردا على ذلك أرسل الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر بعض الوحدات العسكرية إلى سوريا، مما أدى لاحقا إلى تراجع التعزيزات التركية على الحدود مع سوريا تجنبا لاندلاع حرب إقليمية.
زار وفد برلماني مصري برئاسة أنور السادات في نوفمبر/تشرين الثاني 1957 مجلس النواب السوري الذي كان يرأسه أكرم الحوراني، وذلك بعد دعوة تلقاها المصريون من السوريين، وفي ختام الجلسة المشتركة بمبنى البرلمان السوري أصدر الطرفان بيانا دعا إلى قيام اتحاد فدرالي بين سوريا ومصر.
أما على صعيد القيادة العسكرية في سوريا والمتمثلة بالمجلس العسكري فكان رأيها أن الحل يجب أن يكون عبر وحدة كاملة بين البلدين، وليس فقط بتشكيل اتحاد فدرالي، وعقب ذلك توجه 14 ضابطا سوريا بقيادة عفيف البرازي إلى القاهرة يوم 11 يناير/كانون الثاني 1958 على متن طائرة عسكرية انطلقت من مطار المزة العسكري بدمشق.
التقى الضباط السوريون بالقائد العسكري المصري عبد الحكيم عامر وأبلغوه بقرارهم عن وجوب حدوث وحدة بين سوريا ومصر، والتقوا كذلك بعبد الناصر في 15 يناير/كانون الثاني، وذلك دون علم الرئيس السوري شكري القوتلي أو رئيس مجلس النواب السوري أو حتى وزير الدفاع خالد العظم.
القوتلي (يسار) أثناء زيارته إلى القاهرة ليبحث مع عبد الناصر تشكيل الجمهورية العربية المتحدة (غيتي-أرشيف) الوحدة بين سوريا ومصربعدما علم الرئيس السوري ووزير الدفاع بزيارة الضباط السوريين في اليوم التالي عن طريق مدير المخابرات العامة عبد الحميد السراج الذي كان مؤيدا لخطوتهم أرسل الرئيس شكري القوتلي وزير الخارجية صلاح الدين البيطار برفقة السفير المصري في دمشق محمود رياض، ليلحق بالضباط السوريين في مصر ويتابع مقترحهم بخصوص الوحدة بين البلدين.
وضع جمال عبد الناصر شروطا للموافقة على الوحدة المقترحة من قبل الضباط السوريين، والتي شملت حل جميع الأحزاب في سوريا وانسحاب الجيش من الحياة السياسية وإعطاء عبد الناصر الصلاحيات المطلقة في الحكم.
كما أصر على أن تكون الوحدة اندماجية كاملة، وبناء على موافقة الضباط السوريين على الشروط وإجبار السياسيين على قبولها.
سافر الرئيس السوري شكري القوتلي إلى القاهرة يوم 31 يناير/كانون الثاني 1958 والتقى عبد الناصر في اليوم التالي وعقدا اجتماعا لعرض المبادئ الدستورية لنظام الدولة الجديدة.
الدعوة لاستفتاءألقى الرئيسان عقب الاجتماع بيانا نص على أن الدولة الجديدة سيكون لها علم واحد ومجلس تشريعي واحد ونظام الحكم فيها سيكون رئاسيا، على أن يُجرى استفتاء شعبي في البلدين من أجل الإقرار بفكرة الوحدة من عدمها.
أجري استفتاء شعبي في البلدين، وبلغت نسبة الموافقة على الوحدة بحسب الإعلام المصري والسوري حينها 99.98% من مجمل أصوات المشاركين في الاستفتاء، وأعلن عن الوحدة بين البلدين بتاريخ 22 فبراير/شباط 1958 تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، وتم الاتفاق على القاهرة عاصمة لها، واتخذت علما يحوي الألوان التالية أفقيا بالترتيب: أحمر، أبيض، أسود وتتوسط اللون الأبيض نجمتان خماسيتان خضراوان.
توجه رئيس الجمهورية المتحدة جمال عبد الناصر إلى دمشق بعد الإعلان عنها، ومكث فيها أسبوعين لتشكيل حكومة القُطر السوري، وضمت كلا من أكرم حوراني نائبا للرئيس، وخليل كلاس، وصلاح بيطار، ورياض المالكي، وعبد الحميد السراج، وأمين النفوري، ومصطفى حمدون، إضافة إلى عدد من البعثيين.
وخلال الزيارة أعلن عبد الناصر عن دستور مؤقت تضمّن صلاحياته المطلقة المتمثلة بقيادته للقوات المسلحة وتعيين الوزراء وإعفاءهم من مناصبهم وتعيين نوابه، كما نص على أن الجمهورية المتحدة تتكون من إقليمين هما مصر وسوريا، ولكل منهما مجلس تنفيذي يعين بقرار من رئيس الجمهورية.
قرارات واستقالاتبعد إعلان دستور الوحدة أصدر عبد الناصر قرارات تنظيمية عدة للعمل المدني والمؤسسات التعليمية في الجمهورية المتحدة، كما سُرّح عدد كبير من الضباط السوريين من الجيش، إضافة إلى قرارات التأميم التي استهدفت البنوك والمعامل والشركات في سوريا، إذ نقلت من الملكية الخاصة إلى ملكية الدولة.
وقد أدت هذه الإجراءات إلى تراجع الوضع الاقتصادي في الإقليم الشمالي (سوريا)، كما أن قرارات الإصلاح الزراعي أثرت على المصدر الأول للدخل في سوريا، وهو العمل في الزراعة، إذ لم يعد الفلاحون قادرين على تأمين وسائل الري والبذور والسماد.
جاءت تلك القوانين بالتزامن مع حملات اعتقال بدأت يوم 3 يناير/كانون الثاني 1959 طالت المنتمين إلى الأحزاب الشيوعية في سوريا، واعتقل نحو 300 شخص، وهرب رئيس الحزب الشيوعي خالد بكداش إلى العراق، فيما اعتقل القيادي الشيوعي فرج الله الحلو ومات تحت التعذيب لاحقا.
يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 1959 أعلن الوزراء البعثيون في حكومة الجمهورية العربية المتحدة استقالتهم نتيجة سياسات عبد الناصر في سوريا، إذ اعتبر أكرم حوراني وعبد الغني قنوت ومصطفى حمدون أن وجودهم في المجلس التنفيذي لم يكن إلا شكليا، لأنه لم تحدد صلاحيات المجلس واختصاصاته بشكل واضح.
استمرت الأوضاع السياسية والعسكرية في سوريا في التوتر عقب تعيين المشير المصري عبد الحكيم عامر حاكما مطلقا على سوريا، مما أدى لاحقا في ديسمبر/كانون الأول 1961 إلى ظهور خلاف حاد بين عبد الحكيم عامر وعبد الحميد السراج أفضى إلى استقالة السراج على الرغم من محاولات جمال عبد الناصر ثنيه عن قراره.
ناظم القدسي الرئيس السوري بعد انفصال سوريا عن مصر (مواقع التواصل الاجتماعي) نهاية الوحدة بانقلاب عسكريصباح يوم 28 سبتمبر/أيلول 1961 بثت إذاعة دمشق بيانا باسم "القيادة العربية العليا للقوات المسلحة" أعلنت فيه عن انقلاب ضد الجمهورية العربية المتحدة، واعتبرت ذلك محاولة للإصلاح "قبل أن تنفجر الأمور"، وقالت إنها لم تجد "إلا القوة سبيلا لكي تعاد للشعب حريته وللجيش كرامته".
تبع الانقلاب بيان من نواب سوريين سابقين وبعض قيادات الأحزاب والتجار يطالبون فيه بإجراء انتخابات عاجلة وعدم إصدار تشريعات حتى يتشكل المجلس النيابي، ودعوا إلى "إقامة حكم دستوري ديمقراطي يحقق الاشتراكية الصحيحة والوحدة العربية الشاملة".
وكان أبرز الموقعين على البيان صلاح البيطار وأكرم الحوراني وخالد العظم، وتشكلت حكومة مؤقتة برئاسة مأمون الكزبري، واستقال عند تحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي عقدت في ديسمبر/كانون الأول 1961، وفاز فيها ناظم القدسي بمنصب رئاسة الدولة ومعروف الدواليبي برئاسة الوزراء ومأمون الكزبري رئيسا لمجلس النواب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجمهوریة العربیة المتحدة ینایر کانون الثانی جمال عبد الناصر الرئیس السوری الوحدة بین فی سوریا على أن
إقرأ أيضاً:
أمين الوحدة الاقتصادية العربية: مصر داعم رئيسي للعمل العربي المشترك
في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالمنطقة العربية، برزت مصر كداعم رئيسي لمنظومة العمل العربي المشترك، أكد السفير محمدى أحمد النى، الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، أن مصر لم تتوانَ عن تقديم الدعم لكافة الدول العربية. جاء ذلك خلال الدورة الوزارية 118 لمجلس الوحدة الاقتصادية، التي عُقدت في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، حيث سلط الضوء على النهضة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
العراق يكشف موعد عودة الجنود السوريين "الفارّين"لفت السفير محمدى النى إلى أن السوق العربية المشتركة تعتبر أداة فعالة لتعزيز الأمن الغذائي، مشيراً إلى ضرورة تذليل العقبات أمام التجارة العربية البينية. وأكد أن النظام الاقتصادي العالمي الجديد يتطلب تكتلات اقتصادية وإقليمية، مما يجعل تعزيز التعاون بين الدول العربية أمراً ضرورياً لتحقيق التنمية المستدامة.
أعرب السفير محمدى النى عن تقديره للرئيس السيسي على الإنجازات الملموسة في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن مصر قدمت نموذجاً حياً في مواجهة التحديات. حيث أشار إلى أن مصر، عبر تاريخها، كانت دائماً سبّاقة في تقديم الدعم لأشقائها العرب، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي.
التعاون مع الدول العربية
أكد السفير محمدى النى أن الأمانة العامة لمجلس الوحدة الاقتصادية تسعى لتعزيز التعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بما ينعكس إيجاباً على السوق العربية المشتركة. وأوضح أن هذه الجهود تهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول العربية في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها الأمة، وخاصة فيما يخص الوضع في فلسطين، حيث تتواصل الإبادة الجماعية في غزة.
في سياق متصل، أكد ممثل جمهورية القمر المتحدة، أحمد صالح معين، دعم بلاده للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأشار إلى أهمية التضامن العربي في مواجهة التحديات المشتركة، مشدداً على أن القضايا العربية يجب أن تكون في مقدمة الأولويات.
كما أشار ممثل الجامعة العربية، د. سرور الجرمان، إلى الأحداث السياسية والأزمات الاقتصادية التي تواجه المنطقة العربية، داعياً إلى تكثيف الجهود لتطوير العمل العربي المشترك. وشدد على ضرورة مواجهة التحديات التي تعيق تحقيق المكتسبات التنموية.
التكامل الاقتصادي
شدد السفير محمدى النى على أهمية اتخاذ قرارات وتوصيات تسهم في تحقيق تطلعات الشعوب العربية وتحقق التوازن بين إيجاد المزيد من الفرص التي تخدم الاقتصاد العربي. وأكد على ضرورة تعزيز التضامن العربي وتطوير آليات العمل العربي المشترك.
أعلن الأمين العام عن إعداد خطة تنفيذية لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، تتضمن دراسات اقتصادية معمقة تهدف إلى تحسين مستويات الإنتاجية والتنافسية، ودعم السياسات الاقتصادية في الدول العربية. وأشار إلى أن هذه الخطة تأتي تنفيذاً لنص المادة 14/2 من اتفاقية الوحدة الاقتصادية، وتلبية لرؤية طموحة لتعزيز التعاون العربي المشترك في كافة القطاعات الاقتصادية.
أكد السفير محمدى النى على أهمية الاتحادات العربية النوعية كجزء أساسي من التنمية الاقتصادية في الدول العربية، مشدداً على ضرورة تعزيز دورها لتحقيق الأهداف المشتركة.
في ختام الدورة، أكد أحمد صالح معين، الوزير المفوض لجمهورية القمر المتحدة، على دعم بلاده للقضايا العربية، مشيراً إلى أهمية التعاون والتضامن بين الدول العربية لمواجهة التحديات المشتركة. وشدد على ضرورة تكاتف الجهود لتحقيق الأهداف المرجوة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة.