فاطمة الزهراء .. سيدة نساء أهل الجنة
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
الحديث عن أهل البيت النبوي ممتع وشائق، فنساؤه هن صفوة الصفوة وفي سيرة كل واحدة منهن ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين من عظيم الصفات وحميد المكرمات، فالحديث يحمل بين طياته نفحات هؤلاء الكريمات اللائى عطرن التاريخ بطيب سيرتهن
البضعة النبوية والجهة المصطفوية أم أبيها بنت سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، إنها "فاطمة الزهراء" جوهرة فريدة اختصت بمكارم حسان لم ترق إليها إمراة قط، ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي، انقطع نسل رسول الله إلا منها؛ فأولاده الذكور ماتوا وهم صغارًا، وحينما ولدت رقية "عبد الله بن عثمان" توفي صغيرًا، وزينب ولدت "علي" الذي مات صبيًّا، وولدت "أمامة بنت أبي العاص"، أما أم كلثوم فلم تلد.
أصغر بنات رسول الله من زوجته خديجة بنت خُويلد إذ كانت زينب الأولى، ثم الثانية رقية، ثم الثالثة أم كلثوم، ثم الرابعة فاطمة الزهراء وكانت أحبُهن إليه، وأكثرهن اهتمامًا به، ورعاية له، وأشبه الناس به سمتًا وهديًا ودَلّاً برسول الله، كما أخبرتنا بذلك عائشة رضي الله عنها في حديثها "ما رأَيْتُ أحدًا كان أشبهَ سمتًا وهَدْيًا ودَلًّا، والهدى والدال، برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من فاطمةَ كرَّمَ اللهُ وجَهْهَا؛ كانت إذا دخَلَتْ عليه قام إليها، فأخَذَ بيدِها وقبَّلَها وأَجْلَسَها في مجلسِه، وكان إذا دخَلَ عليها قامت إليه، فأَخَذَتْ بيدِه فقَبَّلَتْه وأَجَلَسَتْه في مجلسِها" فمن شدة عطفها وحنانها لقبها المصطفي وناداها بـ "أمِّ أبيها" فقد كان يحبها حبًا جمًا فيكره ما تكرهُه ويحب ما تحبه ابنته وكان "صلى الله عليه وسلم" إذا رجع من سفر أو غزو، فيدخل المدينة ويصلي ركعتين بالمسجد، ثم يذهب إلى بيت ابنته فاطمة مباشرة، مما دل على شدة حبه ومودته لها، وإكرامه إياها، وقد روى الإمام البخاري في صحيحه أن النبي قال "فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فمَن أغْضَبَها أغْضَبَنِي".
زواجها من علي بن أبي طالبتزوجت في السنة الثانية من الهجرة من الصحابي الجليل علي بن أبي طالب بعد غزوة بدر ، وكان عمرها حين ذاك خمسة عشر سنة ونصف، وزوجها إحدى وعشرين سنة ونصف تقريبًا، كان صداقها درعه الحطمية التي قُدرت حينها بأربعة دراهم كما ورد في الأحاديث، ولم يتزوج عليٌّ عليها حتى ماتت، وأنجبت منه أربعة أولاد وهم: الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.
الدعاء عند سقوط المطر الزهراء أم الحسنينلقبت بالعديد من الألقاب منها القرشية الهاشمية نسبة إلي نسبها وأم الحسنين لأنها أم الحسن والحسين، والزهراء لأن هناك أقوال بأنها كانت بيضاء اللون مشربة بحمرة زهرية، وهناك من يقول أن النبي محمد هو من سماها بالزهراء لأنها كانت تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وذلك لزهدها وورعها واجتهادها في العبادة، والبتول لانقطاعها عن نساء زمانها دينا وفضلاً ورغبة في الآخرة، المرضية لأن الله سيرضيها بمنحها حق الشفاعة، المحدثة لأن الملائكة كانت تحدثها، الحانية لأنها كانت تحن حنان الأم على أبيها النبي وزوجها وأولادها، والأيتام والمساكين، الصديقة لأنها لم تكذب قط فقد عُرف عنها صدق اللهجة وشدَّة الحياء، كما إنها كانت خير نساء العالَمين كما ورد في حديث أنس بن مالك أن النبي قال "حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ"، وسيدة نساء أهل الجنة ففي حديث حذيفة بن اليمان أنّ النبيّ "صلّى الله عليه وسلّم" قال "إنَّ هذا مَلَكٌ لم ينزِلْ الأرضَ قطُّ قبلَ اللَّيلةِ، استأذَنَ ربَّه أن يُسلِّمَ عليَّ ويُبشِّرَني بأنَّ فاطمةَ سيِّدَةُ نساءِ أهلِ الجنَّةِ، وأنَّ الحسنَ والحُسَينَ سَيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّةِ".
بُشرت بوفاتها
عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم دخلت "فاطمة الزهراء" عليه فأكرمها، ورحب بها، وأجلسها إلى جانبه في أخر لحظاته، أسرَّ لها حديثاً فبكت، ثمّ أسرَّ لها مرةً أخرى فضحكت؛ حيث أنّه أخبرها في الأولى أنه ميت، وفي الثانية أنّها أول أهله لحاقاً به، وذلك كما روى الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إنّها قالت: (أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَرْحَبًا بابْنَتي ثُمَّ أجْلَسَهَا عن يَمِينِهِ، أوْ عن شِمَالِهِ، ثُمَّ أسَرَّ إلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أسَرَّ إلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلتُ: ما رَأَيْتُ كَاليَومِ فَرَحًا أقْرَبَ مِن حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قالَ: فَقالَتْ: ما كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى قُبِضَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلْتُهَا. فَقالَتْ: أسَرَّ إلَيَّ: إنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أُرَاهُ إلَّا حَضَرَ أجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتي لَحَاقًا بي. فَبَكَيْتُ، فَقالَ: أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ، أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لذلكَ"، وقد روت السيدة فاطمة الزهراء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر حديثًا، ظلت السيدة "فاطمة" حزينة تعاني من ألم فقدان أبيها سيد الخلق وتوفت لثلاث ليالٍ خلون من شهر رمضان، وهي ابنة تسع وعشرين سنة أو نحوها، أوصت زوجها أن يدفنها ليلاً، وصلى عليها أبناءها الحسن والحسين زوجها علي بن أبي طالب بعد أن غسّلها هو وأسماء بنت عميس رضي الله عنها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البيت النبوي الكريمات صلى الله علیه وسلم ى الله علیه وسل فاطمة الزهراء ا کانت
إقرأ أيضاً:
وصايا النبي: كلمات الرسول قبل وفاته بثلاثة أيام
في الحديث الشريف الذي رواه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: "سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ ﷺ، قَبْلَ مَوْتِهِ بثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يقولُ: «لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»" [أخرجه مسلم].
وصية النبي ﷺ هذه تحمل رسالة عظيمة للمسلمين؛ فهي تدعونا إلى الإيمان برحمة الله، والثقة في وعده بالمغفرة والرضوان لعباده المؤمنين.
حسن الظن بالله هو أن يوقن العبد بأن الله أرحم به من نفسه، وأنه سبحانه قادر على تحقيق الخير له في الدنيا والآخرة. حسن الظن لا يعني التواكل أو الإهمال في العمل، بل هو يقين بأن الله لن يضيع أجر الساعين إليه، ولن يترك عبده الصالح وحده في مواجهة صعاب الحياة.
أهمية حسن الظن باللهطمأنينة القلب: حسن الظن بالله يبعث في النفس راحة وهدوءًا، ويزيل عنها هموم الدنيا.دافع للعمل الصالح: من يظن خيرًا بالله يسعى دائمًا إلى القرب منه بالطاعات والأعمال الصالحة.مواجهة الابتلاءات: حسن الظن يعين المسلم على الصبر عند المصائب واليقين بأن كل أمر يقدره الله هو خير.كيف نحسن الظن بالله؟التوكل على الله: الاعتماد عليه في كل أمور الحياة مع الأخذ بالأسباب.الاستغفار والدعاء: الإكثار من طلب المغفرة والدعاء بإخلاص، مصحوبًا باليقين بالإجابة.تذكر أسماء الله وصفاته: مثل رحمته الواسعة، وعدله، وحكمته في تدبير الأمور.قراءة القرآن وتدبره: آيات القرآن مليئة بالوعد بالرحمة والمغفرة، مما يعزز حسن الظن بالله.حسن الظن عند الموتالنبي ﷺ خصص الحديث عن حسن الظن بالله عند الموت، لأن الإنسان في لحظاته الأخيرة يكون في حاجة إلى الطمأنينة والثقة برحمة الله.
فهو وقت توديع الدنيا واستقبال الآخرة، ولا يمكن أن يكون القلب مطمئنًا إلا باليقين بأن الله غفور رحيم، يقبل توبة عباده ويبدل سيئاتهم حسنات.
دعاء حسن الظن باللهاللهم ارزقنا حسن الظن بك، واملأ قلوبنا يقينًا برحمتك وفضلك، واجعلنا من المتوكلين عليك في كل أمورنا.
حسن الظن بالله عبادة قلبية عظيمة، يجب على المسلم أن يحرص عليها طوال حياته، وأن يجعلها أساس علاقته بربه، خاصة في الأوقات الصعبة وعند الاقتراب من لقاء الله. فليكن هذا الحديث الشريف نورًا نهتدي به في حياتنا حتى نلقى الله بقلب مليء بالطمأنينة وحسن الظن.