هل الكثافة السكانية في مسقط سبب لتقليص توزيع الأراضي؟
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
أثير- جميلة العبرية
نص المرسوم السلطاني رقم (125/2008) على “منح الأرض متى توفرت وأينما توفرت في كل محافظة حسب المخططات السكنية وفق أولوية الطلب”، وتعد هذه المادة بمثابة آلية كانت يُطبّق بها توزيع الأراضي.
وفي عام 2023م استهدفت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني توزيع 23 ألف أرض سكنية في جميع المحافظات للمستحقين، والعمل على العديد من الخيارات الإسكانية للمواطنين، إلا أن هناك أسبابًا قد تحدّ من توزيع الأراضي في محافظة مسقط؛ فما توجه الوزارة في هذا الأمر، وكيف عولج؟
المهندس يعقوب بن عامر الحارثي مدير مشروع المخطط الهيكلي لمسقط الكبرى في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني قال لـ “أثير” بأن عدد السكان في مسقط الكبرى يبلغ مليونًا و400 ألف نسمة، وسيرتفع إلى مليونين و700 ألف نسمة بحلول عام 2040م، وهذه الزيادة سيكون لها تأثير كبير في تغيير الكثافة السكانية.
وأضاف: واءمنا هذا الأمر بصورة كبيرة، ودرسنا أين المناطق التي ستكون فيها كثافة سكانية عالية، وأيضًا مدى الاحتياجات من البنى الأساسية الأخرى والنقل العام، والهدف من ذلك أن تكون الخدمات الأساسية موجودة على بعد 10-15 دقيقة أو أقل مشيًا إلى هذه المناطق.
وذكر: واحدة من السياسات لرفع الكثافة السكانية هي إيجاد الحدود الحضرية؛ فمساحة مسقط الكبرى تبلغ 1375 كم تقريبًا، والحدود الحضرية أقل بكثير من هذه المساحة، والفكرة بأن توجّه التنمية أولًا داخل الحدود الحضرية، وستكون الكثافة السكانية متباينة في مسقط الكبرى، حيث ستحتوي المحطات السبع في المخطط الهيكلي على عدد لا يقل عن 30-40 ألف نسمة، وستعزز هذه الكثافة السكانية العالية توزيعها داخل المناطق الحضرية، وهو ما يتماشى مع محطات النقل العام وبالأخص مسار المترو.
وفيما يتعلق بتقليص توزيع الأراضي في مسقط أجاب الحارثي: صدر مرسوم سلطاني يُحدد آلية توزيع الأراضي، وفي مسقط الكبرى هناك قرابة 19% من الأراضي التي وزعت في السنوات العشر الماضية لم يتم تعميرها، والأسباب مختلفة، لكن يوجد استنزاف حقيقي للمساحات، وفكرة توفير الوحدات السكنية في المناطق التي توجد فيها البنى الأساسية والخدمات العامة والطرق والنقل العام هو الأهم.
وأوضح أيضا: عند عدم وجود خيار توزيع الأراضي هناك بديل وهو وجود الوحدات السكنية التي تهدف إلى تحقيق تنمية عمرانية مستدامة، وستحقق الهدف الأكثر للوصول إلى هذه التنمية المستدامة.
يذكر أن الخطة التنفيذية لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني لعام 2024م تستهدف توزيع 16000 قطعة أرض وفقًا للاحتياجات من الأراضي السكنية في ضوء ما حددته الإستراتيجية الوطنية العمرانية من الوحدات السكنية لكل محافظة.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الکثافة السکانیة توزیع الأراضی فی مسقط
إقرأ أيضاً:
من العوجة إلى ميسان رحلة تحول الحكم الكبرى
بقلم : فراس الغضبان الحمداني ..
على مدى قرون من الزمن رزح الجنوب العراقي تحت حكم السطوة السياسية المحكومة بالجذور الأولى لقيام الدولة العربية الإسلامية في بغداد وما تبعها من أنظمة حكم مختلفة كانت سبباً في تكريس مفهوم السلطة الغالبة والمهيمنة على القرار السياسي والإقتصادي وتفاعلات السطوة على الثقافة والنسيج الإجتماعي الذي تصنعه أياد بتوجهات معينة ثابتة مستقرة غير قابلة للتحول والإنهيار لتلك الإعتبارات التي رسخها الوجود العثماني في العراق على مدى قرون من الزمن والذي كرس هو الآخر سلطة متفردة واحدة غالبة غير قابلة للتصدع مدعومة من هيمنة عثمانية في غالب الدول العربية حتى شمال افريقيا والمناطق الداخلية البعيدة نسبياً عن البحر المتوسط ومدن الساحل المتوسطي الذي يطبعه وجود ديني وطائفي متجذر وممتزج بالوجود التركي الذي كان يقاوم في البداية وفقاً لقاعدة الصراع القومي بين العرب والأتراك الذين مارسوا سياسة التتريك في المناهج العلمية والثقافية العامة وحتى إشتراطات الدين والمذهب من خلال تكريس الفكر الصوفي المتماهي مع الدولة وغير الراغب في المواجهة لأنه يعتمد الروحانية الخالصة البعيدة عن المنافسة والتي تقترب وتبتعد وفقاً لمزاج خاص مع المذاهب الدينية في الجسد الإسلامي ما سمح بتهدئة الأوضاع بين جماعات فكرية والسلطة العثمانية مع أن الوازع القومي كان يتصاعد في الجغرافيا التركية حتى إنهيار الخلافة العثمانية وصعود التيار الأتاتوركي الذي دفع بالدين خارج مساحة التاثير ودعم الثقافة التركية القومية الممتزجة مع العلمانية الحديثة المتأثرة بأوربا وتداعيات التحولات الكبرى فيها منذ الثورة الفرنسية التي غيرت وجه العالم .
ومع إنهيار الوجود التركي ودخول القوات البريطانية من جنوب العراق في العام 1916 وترسخه عام 1917 بإحتلال بغداد وقيام المملكة الهاشمية التي كرست هيمنة دينية خالصة لم تسمح لجغرافيا الجنوب العراقي من النهوض لكن بمرور الوقت وتجذر الثقافة الدينية والإنفتاح الثقافي وظهور الإعلام بشكله الجديد وتأسيس برلمان ونظام حكم ملكي ووزارات راعية لشؤون الدولة .
كانت هيمنة بغداد على الجنوب تتآكل ببطء رهيب يشبه التحولات المناخية أو ذوبان الجليد في القطبين وإرتفاع درجة حرارة الكوكب رويداً رويداً وهنا كان صعود الجنوب من خلال زيادة السكان ونزوحهم نحو المركز ومدن الفرات الأوسط وقيام ثقافة متجذرة من خلال نشوء الحوزات الدينية وظهور فئات إجتماعية تشتغل في التجارة والسياسة والثقافة وكان الثقل السكاني في بغداد يتحول تدريجياً رغم محاولات نظام صدام حسين منع ذلك وإصدار قوانين وتشريعات لا تتيح الإنتقال أو التملك في بغداد وبرغم أن القانون كان شاملاً للمحافظات كافة لكنه كان واضحاً في قصديته لسكان الجنوب والفرات الأوسط الذي يتمثل فيه ثقل السكان الذين تمكنوا من الإنتقال بنسبة كبيرة إلى ضواحي العاصمة وما إن إنهار نظام صدام حسين حتى وجدنا أن الحكم والنفوذ والهيمنة السياسية والإقتصادية تحول من شمال وغرب ووسط العراق إلى الجنوب الفاعل والمتحفز والمنتظر لتلك اللحظة التاريخية .
بدأ الصعود السياسي والإقتصادي والثقافي المدعوم من اغلبية سكانية متصاعدة ونسبة إنجاب عالية أدت إلى سطوة وهيمنة كبرى للجنوب العراقي على بقية الجغرافيا العراقية .
كان صدام حسين يتعمد في مناسبات عدة أن يتوجه إلى تكريت مملكته الخاصة وعاصمتها قرية العوجة ليمارس رقصة الجوبي في المناسبات المختلفة وكان يبعث بإشارات الإهتمام والأفضلية من خلال تغليب تكريت والعوجة إقتصادياً وسياسياً وثقافياً وحتى من خلال اللهجة التي بدأ العديد من العراقيين بنطقها على قاعدة : ( عجل يابا .. هينه .. يولو ) وبدأت سلطة القرية تتكرس في العاصمة العتيدة بغداد التي تمتزج فيها اللغات واللهجات والثقافات ، لم يجرؤ أي رئيس وزراء على إرسال إشارات التحدي والنظرة بإعتزاز بمحافظات الجنوب كما فعل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي جال بلباس عربي تقليدي على مضايف محافظة ميسان وصلى صلاة عيد الفطر وزار أسرها وتوغل في نواحيها ومعروف عن ميسان أنها المحافظة الأكثر معاناة من سطوة البعث والسلطة المهيمنة التي جعلت الجنوب يتراجع ويتخلف ويتحول إلى نكتة وسخرية ونوع من القمع غير المسوق .
التحولات السياسية الكبرى في العراق في هذا القرن تنسف أربعة عشر قرناً من هيمنة الرأي الواحد والفكر الواحد ولعل زيارة السوداني إلى ميسان مسقط رأسه دليل على نوع التحول ومداه وإلى أين يذهب .
Fialhmdany19572021@gam