الجزيرة:
2024-12-24@03:19:58 GMT

أوهام مذهب بايدن للشرق الأوسط

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

أوهام مذهب بايدن للشرق الأوسط

مذهب بايدن أو عقيدته للشرق الأوسط هي خُطة موسعة تمّ إقرارها – وفق توماس فريدمان، كاتب العمود في الـ"نيويورك تايمز" – على أعلى مستوى في الإدارة الأميركية؛ لإعادة ترتيب الشرق الأوسط، لكن الغرض منها – في تقديري – هو استيعاب النتائج الإستراتيجية التي فرضتها عملية "طوفان الأقصى"؛ بما يضمن استمرار المصالح العليا للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وهي: استمرار تدفق الطاقة، وأمن إسرائيل.

يضاف إليهما التفوق على الصينيين في المنطقة من خلال استمرار تأكيد قدرتها على ضمان الأمن فيها. وقد أثبتت "طوفان الأقصى" أن الصين على الهامش، فيما يخص ديناميات القضية الفلسطينية.

يقوم مذهب بايدن على ركائز ثلاثة: التحالف الدفاعي الأميركي -السعودي- الإسرائيلي، مع تطبيع العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني. السعي لإقامة الدولة الفلسطينية. المواجهة الساخنة مع إيران وحلفائها في الإقليم.

على ما يبدو فإن المنطق الأميركي الكامن وراء هذا المذهب هو فكرة المربعات المتداخلة: إن المفتاح إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو "حل الدولتين" – أي دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل- ومفتاح حل الدولتين هو اتفاق التطبيع السعودي، ومفتاح التطبيع السعودي، هو إنهاء الحرب في غزة، والمفتاح لإنهاء الحرب في غزة هو اتفاق الرهائن.

لكن هذه المربعات المتداخلة يمكن النظر إليها بطريقة مختلفة: إن دعاوى إنشاء دولة فلسطينية – برغم أن حل الدولتين لم يكن حلًا أبدًا- متطلب أساسي للتطبيع مع باقي دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية، وهو ضروري – بغض النظر عن إمكاناته الواقعية – لاستيعاب السخط الشعبي العربي من الولايات المتحدة وإسرائيل.

هذا التطبيع من شأنه أن يغير الإدراك الذي تأكد مع "طوفان الأقصى" من أن إسرائيل – وليس إيران- تمثل أولوية التهديد لأمن المنطقة، كما أظهرت استطلاعات رأي الجمهور العربي.

هناك إدراك لدى التفكير السياسي الغربي ولدى بعض الدول العربية أنه إذا تم حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، فسوف تضعف طهران، وسوف يستقر الشرق الأوسط. "إن مفتاح أمن إسرائيل والمنطقة هو التعامل مع إيران"، هكذا يرى وليم بيرنز، مدير المخابرات المركزية الأميركية في مقاله المنشور مؤخرًا في الـ "فورين أفّيرز".

أصبحت إيران الآن أقرب إلى القدرة على إنتاج سلاح نووي من ذي قبل، وهي تؤثر بشكل نشط على الشؤون الإقليمية من خلال وكلائها مثل حزب الله والحوثيين فيما يسمى بـ "محور المقاومة"

خمس نتائج إستراتيجية فشل إستراتيجية ما أطلق عليه "صفقة القرن" وتجسيدها الحي اتفاقات "أبراهام" التي تجاهلت المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني. قامت هذه الاتفاقات على مبدأ السلام مقابل السلام.
صار الهدف الآن هو التحرك نحو دولة فلسطينية جنبًا إلى جنب مع الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول عربية وإسلامية أخرى. أي الصيغة القديمة، وهي الأرض مقابل السلام، أو على أقل تقدير إيجاد طريق ذي مصداقية لإقامة دولة للفلسطينيين قبل تطبيع العلاقات مع إسرائيل أو المشاركة في إعادة إعمار غزة. إن الجهود التي تبذلها بعض البلدان لتحديث مجتمعاتها واقتصاداتها، معرضة للخطر في غياب حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وباتت القضية الفلسطينية جزءًا من المصالح الوطنية للحكومات العربية، وليست قضية عربية أو إسلامية، بخلاف الإدراك الشعبي في المنطقة.
يضاف إلى ما سبق أن: الاختراقات الدبلوماسية التي انطلقت قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول لحل الصراعات والتوترات بين دول الإقليم لا يمكن أن تجلب الاستقرار فيه دون معالجة القضية الفلسطينية. برغم ارتفاع تكاليفه الشعبية؛ فإن منطق التطبيع لايزال قائمًا. إن الجهود السعودية لإبقاء الباب مفتوحًا أمام التطبيع، توضح أن الصفقة الضمنية لدول الخليج لا تزال جذابة: التطبيع مع إسرائيل مقابل علاقات أفضل ومزيد من النفوذ مع الولايات المتحدة، مما يسمح لها بالحصول على التزامات أمنية قوية، وتحسين الوصول إلى التكنولوجيا وأنظمة الدفاع الأميركية. إن الحكومات الراغبة في مواصلة مسار التطبيع الآن يجب عليها الموازنة بين أمرين: الأول: المضي قدمًا ولكن وفق التزامات محددة وجدول زمني لإقامة الدولة وليس وعودًا غامضة، كما كان من قبل. الثاني: استيعاب وإدارة الشعور الساحق بالغضب الشعبي إزاء العدوان الإسرائيلي، والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في مساندة إسرائيل إن سياسة نتنياهو المتمثلة في إعطاء الأولوية للتهديد الإيراني لإسرائيل والمنطقة، والعمل بنشاط ضد سياسة الولايات المتحدة بشأن القضية النووية، وخُطة العمل الشاملة المشتركة التي بدأتها إدارة أوباما قد فشلت أيضًا.

أصبحت إيران الآن أقرب إلى القدرة على إنتاج سلاح نووي من ذي قبل، وهي تؤثر بشكل نشط على الشؤون الإقليمية من خلال وكلائها مثل حزب الله والحوثيين فيما يسمى بـ "محور المقاومة".

أوهام عقيدة بايدن للشرق الأوسط

أما إنها أوهام تكذبها الوقائع، ومجرد تخرّصات أطلقها فريدمان فذلك لأسباب عدة، أبرزها:

رفض إسرائيلي واضح لإنشاء الدولة الفلسطينية. بالطبع نحن لا نتساءل عن القدس ولا المقدسات المسيحية والإسلامية فيها، ولا عن طبيعة الدولة الفلسطينية؛ إن كانت منزوعة السلاح أم السيادة أم مجرد كيانات تتمتع بالحكم الذاتي في ظل الهيمنة الإسرائيلية.

كان من نتائج "طوفان الأقصى" أن دمجت السعودية علاقتها مع الكيان الصهيوني بإنشاء الدولة الفلسطينية، وهو ما لا أظنه يتحقق على المدى القصير ولا المتوسط.

لا يمكن توفير عملية تفاوضية ذات موثوقية تنتهي بقيام الدولة الفلسطينية المنشودة، لأسباب تتعلق بأن الأطراف المشاركة والضامنة غير مهيأة للتعامل مع هكذا ملف.

السلطة الفلسطينية تحتاج إلى إصلاح، ومن سيحكم إسرائيل بعد الحرب لم يتحدد بعد، وهذا العام هو عام الانتخابات الأميركية ولا ندري ما الله محدثه في كرسي الرئاسة الأميركية؛ هل يستمر بايدن أم يأتي ترامب، أم يتم استبعاد الاثنين لأسباب صحية لدى الأول، وقانونية للثاني، وتكون المنافسة بين شخصيات أخرى؟ إن جاءت الفرصة -ولا أظنها تجيء وفق المعطيات الحالية- فقد نضطر إلى الانتظار حتى تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، وسلطة فلسطينية محسنة، وولاية ثانية لبايدن، ونحن لا نتحدث عن الإعمار ولا وضع حماس والمقاومة.

أحد مرتكزات عقيدة بايدن هي المواجهة الساخنة مع إيران، وهو ما ليس محل اتفاق بين دول الإقليم.
عجزت الولايات المتحدة عن تكوين ائتلاف إقليمي لمواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. مع "طوفان الأقصى"، قامت سياسة الولايات المتحدة – حتى الآن- في التعامل مع إيران على مرتكزين: التعاون معها لعدم توسيع دائرة الحرب، بالإضافة إلى ردع وكلائها. وفي حال تعرض الجنود الأميركيين للقتل؛ يتم الاشتباك العسكري المباشر معهم بطريقة مستهدفة دون توسعة دائرة الحرب، وهو ما ثبتت فاعليته حتى الآن. تتطلب معاهدة الدفاع بين الولايات المتحدة والسعودية التصديق عليها بأغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ. هذا في ظل الكونغرس الذي يكافح من أجل الاتفاق على أي شيء، ولا سيما طلب بايدن مزيدًا من الأموال لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل وغيرهما.

إن الاتفاق لو تم التوصل إليه في هذا العام يجب أن يحظى بدعم الحزبين، حتى لو عارضه بعض الديمقراطيين اليساريين والجمهوريين الانعزاليين. وإذا فاز ترامب بولاية ثانية، فمن المحتمل أن يصوت الديمقراطيون بشكل جماعي ضد معاهدة الدفاع.

الخلاصة:

" الشرق الأوسط هو المكان الذي ستموت فيه الأفكار الأميركية الكبرى"، كما حذر آرون ديفيد ميلر، وهو مفاوض مخضرم للسلام في الشرق الأوسط.

تعلمنا خبرة التاريخ الذي امتد لثلاثة عقود هي عمر أوسلو أن: "الاستثمار الأميركي الكبير في بناء دولة فلسطينية من المرجح أن ينتهي بالفشل، كما حدث مع الجهود السابقة للقيام بنفس الشيء"، وفق ما انتهى إليه ستيفن كوك كاتب العمود في الـ"فورين بوليسي".

أخيرًا؛ – وهو الأهم في تقديري- : لا أحد يستطيع أن يخمن ما إذا كان من الممكن اتخاذ خطوات ذات معنى في ضوء سياسات إسرائيل العدوانية، والطموحات السياسية لليمين الصهيوني المتشدد، كما يجسده في هذه المعركة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدولة الفلسطینیة الولایات المتحدة دولة فلسطینیة طوفان الأقصى الشرق الأوسط مع إیران

إقرأ أيضاً:

الحرب بين الولايات المتحدة والصين تتجه نحو التوسع

الولايات المتحدة – تمتلك الولايات المتحدة بوضوح أحدث التقنيات المتعلقة بصناعة الرقائق في سياق “الحرب” الدائرة بين واشنطن وبكين، ولكن ربما تكتسب الصين ميزات قد تؤدي إلى توسعة نطاق الصراع.

ففيما أعاقت قيود التصدير الأمريكية تقدم الصين في مجال الرقائق المتقدمة، لجأت بكين بقوة إلى توسيع رقعة إنتاجها الرقائق. وهي ليست متطورة مثل رقائق الذكاء الاصطناعي من إنفيديا (Nvidia)، ولكنها ضرورية للسيارات والأجهزة المنزلية، وفق تقرير نشرته “وول ستريت جورنال”. وقد تسبب انقطاع إمدادات هذه الرقائق في حدوث فوضى في سوق السيارات في أثناء الوباء الكوفيدي.

أنفقت الصين 41 مليار دولار على معدات تصنيع الرقائق في عام 2024، أي بزيادة قدرها 29% على أساس سنوي، وفقا لبنك “مورغان ستانلي”، ويمثل هذا ما يقرب من 40% من الإجمالي العالمي، ويقارن بمبلغ 24 مليار دولار المنفق في عام 2021.

وكان جزء من هذا الضخ محاولة من الشركات الصينية لتخزين الأدوات اللازمة التي لا يزال بإمكانها الحصول عليها قبل تشديد القيود بشكل أكبر. لكن الكثير يأتي أيضاً من شركات صينية مثل شركة Semiconductor Manufacturing International، أو SMIC، وHua Hong Semiconductor لصناعة الرقائق القديمة.

ومن جانبها، أنفقت SMIC، أكبرُ مسبك للرقائق في الصين 7.5 مليار دولار على الاستثمار الرأسمالي في عام 2023، مقارنة بحوالي 2 مليار دولار قبل عام من الوباء.

وتعكس الاستراتيجيةَ الشاملة أصداءُ النجاحات الصينية المماثلة في قطاعات مثل الألواح الشمسية التي تتمتع بالدعم الحكومي الهائل، والتسعير، والرغبة في لعب اللعبة الطويلة التي قد لا يرغب اللاعبون الآخرون في القيام بها.

لكن هذه الصناعة لم تصل إلى مستوى الهيمنة على السوق، على الرغم من أن الشركات الصينية تحقق بالتأكيد تقدما. فقد زادت المسابك الصينية حصتها في السوق العالمية في العُقَد الناضجة من 14% في عام 2017 إلى 18% في عام 2023، وفقا لـ “برنشتاين”.

وقد ساعد العملاء الصينيون في هذا على وجه الخصوص، حيث حصلوا على 53% من إمداداتهم من الرقائق الناضجة من المسابك الصينية في عام 2023، وذلك ارتفاعا من 48% في عام 2017. ومن شأن التوترات الجغراسياسية المتزايدة أن تدفع العملاء الصينيين إلى البحث عن مورّدين في الداخل الصيني.

لم تجتح الرقائق الصينية القديمة الطراز العالم بعد، لكن هناك خطر واضح، خاصة بالنسبة للاعبين الأمريكيين، بما في ذلك شركة Texas Instruments وGlobal Foundries، المنافسة في صناعة هذا النوع من الرقائق. وهذا بدوره يمكن أن يشكل صداعا لواشنطن وهدفها المتمثل في الحفاظ على المرونة في سلسلة توريد الرقائق.

قد لا يكون من العملي تمديد القيود لتشمل الرقائق ذات الجودة المنخفضة، لكن الشركات المنتجة لهذه الرقائق قد تحتاج إلى مساعدة الدولة للتنافس مع الصين.

وقد وصفت الولايات المتحدة استراتيجيتها بشأن الضوابط التقنية بأنها نهج يشبه “ساحة صغيرة ذات سياج عال” مع فرض قيود صارمة على عدد محدود من التقنيات المتقدمة، لكن الحَد من حِدة الصراع بهذه الطريقة قد لا يكون بهذه السهولة.

في حرب الرقائق العالمية، كما هو الحال في أي صراع، تميل محاور النزاعات إلى التوسع، ومحاور الاشتباكات ستكون متعددة بين الولايات المتحدة والصين.

المصدر: CNBC

مقالات مشابهة

  • تقرير: إسرائيل تدرس خيار الهجوم المباشر على إيران
  • هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟
  • جبهة مناهضة التطبيع تحتج أمام البرلمان للمطالبة بوقفه الفوري مع إسرائيل
  • مستشار الرئيس التركي يقترح اسم جديد للشرق الأوسط
  • هل يُصبح “نيولوك” الجولاني مذهب مُجاهديه للحُكم؟ .. لماذا أعلنت إيران “نهاية” الجيش السوري ولماذا تنصّلت من دعمه؟
  • الحرب بين الولايات المتحدة والصين تتجه نحو التوسع
  • QNB: التضخم في الولايات المتحدة الأميركية يتباطأ في عام 2025
  • بعد انتقاده إدارة بايدن .. كوشنر: 10 دول ستنضم إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل خلال أشهر
  • نائب أمريكي: بايدن وترامب فشلا في وقف سعي إيران نحو الأسلحة النووية
  • كاتب إسرائيلي: إسرائيل والسعودية مرتاحتان لترامب.. تقدم بطيء نحو التطبيع