الجزيرة:
2024-07-06@10:08:38 GMT

أوهام مذهب بايدن للشرق الأوسط

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

أوهام مذهب بايدن للشرق الأوسط

مذهب بايدن أو عقيدته للشرق الأوسط هي خُطة موسعة تمّ إقرارها – وفق توماس فريدمان، كاتب العمود في الـ"نيويورك تايمز" – على أعلى مستوى في الإدارة الأميركية؛ لإعادة ترتيب الشرق الأوسط، لكن الغرض منها – في تقديري – هو استيعاب النتائج الإستراتيجية التي فرضتها عملية "طوفان الأقصى"؛ بما يضمن استمرار المصالح العليا للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وهي: استمرار تدفق الطاقة، وأمن إسرائيل.

يضاف إليهما التفوق على الصينيين في المنطقة من خلال استمرار تأكيد قدرتها على ضمان الأمن فيها. وقد أثبتت "طوفان الأقصى" أن الصين على الهامش، فيما يخص ديناميات القضية الفلسطينية.

يقوم مذهب بايدن على ركائز ثلاثة: التحالف الدفاعي الأميركي -السعودي- الإسرائيلي، مع تطبيع العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني. السعي لإقامة الدولة الفلسطينية. المواجهة الساخنة مع إيران وحلفائها في الإقليم.

على ما يبدو فإن المنطق الأميركي الكامن وراء هذا المذهب هو فكرة المربعات المتداخلة: إن المفتاح إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو "حل الدولتين" – أي دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل- ومفتاح حل الدولتين هو اتفاق التطبيع السعودي، ومفتاح التطبيع السعودي، هو إنهاء الحرب في غزة، والمفتاح لإنهاء الحرب في غزة هو اتفاق الرهائن.

لكن هذه المربعات المتداخلة يمكن النظر إليها بطريقة مختلفة: إن دعاوى إنشاء دولة فلسطينية – برغم أن حل الدولتين لم يكن حلًا أبدًا- متطلب أساسي للتطبيع مع باقي دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية، وهو ضروري – بغض النظر عن إمكاناته الواقعية – لاستيعاب السخط الشعبي العربي من الولايات المتحدة وإسرائيل.

هذا التطبيع من شأنه أن يغير الإدراك الذي تأكد مع "طوفان الأقصى" من أن إسرائيل – وليس إيران- تمثل أولوية التهديد لأمن المنطقة، كما أظهرت استطلاعات رأي الجمهور العربي.

هناك إدراك لدى التفكير السياسي الغربي ولدى بعض الدول العربية أنه إذا تم حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، فسوف تضعف طهران، وسوف يستقر الشرق الأوسط. "إن مفتاح أمن إسرائيل والمنطقة هو التعامل مع إيران"، هكذا يرى وليم بيرنز، مدير المخابرات المركزية الأميركية في مقاله المنشور مؤخرًا في الـ "فورين أفّيرز".

أصبحت إيران الآن أقرب إلى القدرة على إنتاج سلاح نووي من ذي قبل، وهي تؤثر بشكل نشط على الشؤون الإقليمية من خلال وكلائها مثل حزب الله والحوثيين فيما يسمى بـ "محور المقاومة"

خمس نتائج إستراتيجية فشل إستراتيجية ما أطلق عليه "صفقة القرن" وتجسيدها الحي اتفاقات "أبراهام" التي تجاهلت المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني. قامت هذه الاتفاقات على مبدأ السلام مقابل السلام.
صار الهدف الآن هو التحرك نحو دولة فلسطينية جنبًا إلى جنب مع الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول عربية وإسلامية أخرى. أي الصيغة القديمة، وهي الأرض مقابل السلام، أو على أقل تقدير إيجاد طريق ذي مصداقية لإقامة دولة للفلسطينيين قبل تطبيع العلاقات مع إسرائيل أو المشاركة في إعادة إعمار غزة. إن الجهود التي تبذلها بعض البلدان لتحديث مجتمعاتها واقتصاداتها، معرضة للخطر في غياب حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وباتت القضية الفلسطينية جزءًا من المصالح الوطنية للحكومات العربية، وليست قضية عربية أو إسلامية، بخلاف الإدراك الشعبي في المنطقة.
يضاف إلى ما سبق أن: الاختراقات الدبلوماسية التي انطلقت قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول لحل الصراعات والتوترات بين دول الإقليم لا يمكن أن تجلب الاستقرار فيه دون معالجة القضية الفلسطينية. برغم ارتفاع تكاليفه الشعبية؛ فإن منطق التطبيع لايزال قائمًا. إن الجهود السعودية لإبقاء الباب مفتوحًا أمام التطبيع، توضح أن الصفقة الضمنية لدول الخليج لا تزال جذابة: التطبيع مع إسرائيل مقابل علاقات أفضل ومزيد من النفوذ مع الولايات المتحدة، مما يسمح لها بالحصول على التزامات أمنية قوية، وتحسين الوصول إلى التكنولوجيا وأنظمة الدفاع الأميركية. إن الحكومات الراغبة في مواصلة مسار التطبيع الآن يجب عليها الموازنة بين أمرين: الأول: المضي قدمًا ولكن وفق التزامات محددة وجدول زمني لإقامة الدولة وليس وعودًا غامضة، كما كان من قبل. الثاني: استيعاب وإدارة الشعور الساحق بالغضب الشعبي إزاء العدوان الإسرائيلي، والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في مساندة إسرائيل إن سياسة نتنياهو المتمثلة في إعطاء الأولوية للتهديد الإيراني لإسرائيل والمنطقة، والعمل بنشاط ضد سياسة الولايات المتحدة بشأن القضية النووية، وخُطة العمل الشاملة المشتركة التي بدأتها إدارة أوباما قد فشلت أيضًا.

أصبحت إيران الآن أقرب إلى القدرة على إنتاج سلاح نووي من ذي قبل، وهي تؤثر بشكل نشط على الشؤون الإقليمية من خلال وكلائها مثل حزب الله والحوثيين فيما يسمى بـ "محور المقاومة".

أوهام عقيدة بايدن للشرق الأوسط

أما إنها أوهام تكذبها الوقائع، ومجرد تخرّصات أطلقها فريدمان فذلك لأسباب عدة، أبرزها:

رفض إسرائيلي واضح لإنشاء الدولة الفلسطينية. بالطبع نحن لا نتساءل عن القدس ولا المقدسات المسيحية والإسلامية فيها، ولا عن طبيعة الدولة الفلسطينية؛ إن كانت منزوعة السلاح أم السيادة أم مجرد كيانات تتمتع بالحكم الذاتي في ظل الهيمنة الإسرائيلية.

كان من نتائج "طوفان الأقصى" أن دمجت السعودية علاقتها مع الكيان الصهيوني بإنشاء الدولة الفلسطينية، وهو ما لا أظنه يتحقق على المدى القصير ولا المتوسط.

لا يمكن توفير عملية تفاوضية ذات موثوقية تنتهي بقيام الدولة الفلسطينية المنشودة، لأسباب تتعلق بأن الأطراف المشاركة والضامنة غير مهيأة للتعامل مع هكذا ملف.

السلطة الفلسطينية تحتاج إلى إصلاح، ومن سيحكم إسرائيل بعد الحرب لم يتحدد بعد، وهذا العام هو عام الانتخابات الأميركية ولا ندري ما الله محدثه في كرسي الرئاسة الأميركية؛ هل يستمر بايدن أم يأتي ترامب، أم يتم استبعاد الاثنين لأسباب صحية لدى الأول، وقانونية للثاني، وتكون المنافسة بين شخصيات أخرى؟ إن جاءت الفرصة -ولا أظنها تجيء وفق المعطيات الحالية- فقد نضطر إلى الانتظار حتى تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، وسلطة فلسطينية محسنة، وولاية ثانية لبايدن، ونحن لا نتحدث عن الإعمار ولا وضع حماس والمقاومة.

أحد مرتكزات عقيدة بايدن هي المواجهة الساخنة مع إيران، وهو ما ليس محل اتفاق بين دول الإقليم.
عجزت الولايات المتحدة عن تكوين ائتلاف إقليمي لمواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. مع "طوفان الأقصى"، قامت سياسة الولايات المتحدة – حتى الآن- في التعامل مع إيران على مرتكزين: التعاون معها لعدم توسيع دائرة الحرب، بالإضافة إلى ردع وكلائها. وفي حال تعرض الجنود الأميركيين للقتل؛ يتم الاشتباك العسكري المباشر معهم بطريقة مستهدفة دون توسعة دائرة الحرب، وهو ما ثبتت فاعليته حتى الآن. تتطلب معاهدة الدفاع بين الولايات المتحدة والسعودية التصديق عليها بأغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ. هذا في ظل الكونغرس الذي يكافح من أجل الاتفاق على أي شيء، ولا سيما طلب بايدن مزيدًا من الأموال لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل وغيرهما.

إن الاتفاق لو تم التوصل إليه في هذا العام يجب أن يحظى بدعم الحزبين، حتى لو عارضه بعض الديمقراطيين اليساريين والجمهوريين الانعزاليين. وإذا فاز ترامب بولاية ثانية، فمن المحتمل أن يصوت الديمقراطيون بشكل جماعي ضد معاهدة الدفاع.

الخلاصة:

" الشرق الأوسط هو المكان الذي ستموت فيه الأفكار الأميركية الكبرى"، كما حذر آرون ديفيد ميلر، وهو مفاوض مخضرم للسلام في الشرق الأوسط.

تعلمنا خبرة التاريخ الذي امتد لثلاثة عقود هي عمر أوسلو أن: "الاستثمار الأميركي الكبير في بناء دولة فلسطينية من المرجح أن ينتهي بالفشل، كما حدث مع الجهود السابقة للقيام بنفس الشيء"، وفق ما انتهى إليه ستيفن كوك كاتب العمود في الـ"فورين بوليسي".

أخيرًا؛ – وهو الأهم في تقديري- : لا أحد يستطيع أن يخمن ما إذا كان من الممكن اتخاذ خطوات ذات معنى في ضوء سياسات إسرائيل العدوانية، والطموحات السياسية لليمين الصهيوني المتشدد، كما يجسده في هذه المعركة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدولة الفلسطینیة الولایات المتحدة دولة فلسطینیة طوفان الأقصى الشرق الأوسط مع إیران

إقرأ أيضاً:

تجريم الهوية الفلسطينية في أميركا.. شباب يتحدى سياسة قمع الأفواه

في الأشهر التسعة المنصرمة، شنت السلطات الوطنية والمحلية في الولايات المتحدة حملة شرسة لقمع النشاط الفلسطيني وتجريم أي تعبير عن الهوية الفلسطينية. امتدّت هذه الحملة القمعية لتطال شتى مناحي الحياة، من السياسة والأعمال إلى المجتمع المدني والتعليم العالي والثقافة.

تجلت هذه الحملة في صور شتى: قمع الاحتجاجات السلمية بيد قوات الأمن، وتوجيه اتهامات جزافية بمعاداة السامية للمتظاهرين، بل بلغ الأمر حد وصف بعض الشخصيات العامة – بسخرية مريرة – ارتداء الكوفية الفلسطينية واستخدام مصطلح "الانتفاضة" بأنهما إيماءة إلى "محو إسرائيل من الخريطة".

إن هذا السعي المحموم لطمس الهوية الفلسطينية يكشف عن رغبة إسرائيل وحلفائها الأميركيين في محو الفلسطينيين من صفحات التاريخ. فبينما يتصدى الفلسطينيون للهجمة العنصرية الأميركية الإسرائيلية، فإنهم يفرضون في الوقت ذاته نقاشًا جادًا حول الجذور التاريخية والفلسفة الاستعمارية الاستيطانية لإسرائيل والحركة الصهيونية التي أنجبتها. إن إسرائيل والصهيونية تتهاويان أمام هذا التدقيق المنهجي في أسسهما وممارساتهما.

لعل أبرز محاولات إسكات الصوت الفلسطيني، تجلت في قضية ربيع إغبارية، المحامي الفلسطيني والباحث القانوني المرموق. ففي نوفمبر/تشرين الثاني، أقدمت مجلة هارفارد لو ريفيو (Harvard Law Review) على خطوة غير مسبوقة بحجب مقال كُلف به إغبارية، قدم فيه النكبة كإطار قانوني لفهم القضية الفلسطينية. أُزيل المقال بعد أن مرّ بمراحل التحرير والتدقيق والموافقة من هيئة تحرير المجلة.

لم تقف المحاولات عند هذا الحد، فبعد هذه الحادثة، تواصل محررو مجلة كولومبيا لو ريفيو (Columbia Law Review) مع إغبارية؛ لتكليفه بكتابة مقال آخر حول فلسطين. وبعد خمسة أشهر من العمل الدؤوب والتحرير المكثف، نشرت المجلة المقال بعنوان "نحو النكبة كمفهوم قانوني". بيد أن ردود الفعل العنيفة لم تتأخر، إذ أُغلق الموقع الإلكتروني للمجلة، وتعرض المحررون لضغوط هائلة لحذف النص، بل وصل الأمر إلى حد التهديد بوقف كل أعمال المجلة.

إن مصير كتابات إغبارية في اثنتين من أعرق المجلات القانونية في الولايات المتحدة، يجسد بجلاء الصراع المحتدم بين من يسعون لتكريس الرواية الإسرائيلية، ومن يصرّون على إسماع صوت الحقيقة الفلسطينية.

عندما استُفسر من إغبارية عن جوهر قضيته، تحدّث بعمق عن الأبعاد الاستعمارية لنشأة إسرائيل، والنكبة، والنضال المستمر من أجل الحقوق الفلسطينية قائلًا: "إن محو الوجود الفلسطيني ليس مجرد حدث عابر، بل هو واقع بنيوي ومادي لا يمكن تصوره. إنه مسلسل مستمر منذ النكبة، يتجلى في تهجيرنا وطردنا واستبدالنا بشكل ممنهج. ويمتد هذا المحو ليشمل تكميم أفواه الفلسطينيين في الولايات المتحدة والغرب، واستبعاد أي رأي مخالف. إن مقالتي تسعى لتفكيك الهياكل القانونية المنبثقة عن النكبة، والتي تنظر إلى الفلسطينيين كفئات متفرقة يتم إخضاعها بشكل منفصل".

وأضاف إغبارية بنبرة تفيض أملًا: "إن محاولات الرقابة والقمع تُواجَه بموجة من الاحتجاجات والمقاومة. فالقضايا القانونية، والاحتجاجات الشعبية، وغيرهما من الإجراءات المتخذة لحماية الفلسطينيين في وجه المذبحة غير المسبوقة التي نشهدها، هي جزء لا يتجزأ من الحركة المتنامية للدفاع عن حقوقنا. إن الناس باتوا يدركون، بشكل متزايد، زيف الدعاية المضادة. لقد كشف النضال الفلسطيني عن التسلسل الهرمي الاستعماري العالمي في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والذي تجذر في النظام القانوني العالمي".

يشير عبد الله فياض، الذي انتقل مؤخرًا من هيئة تحرير بوسطن غلوب (Boston Globe) إلى فوكس (Vox) كمراسل سياسي، إلى أن الأدوات المتعددة المستخدمة لتكميم أفواه الفلسطينيين في الولايات المتحدة وخارجها يجب أن توصف بمسماها الحقيقي: "العنصرية المناهضة للفلسطينيين".

ويضيف فياض: "إنها، شأنها شأن كافة أشكال العنصرية، تستغل قوة المؤسسات والدولة ضد الأفراد والجماعات، بهدف قمع التعبير الفلسطيني عن هويتهم وحقوقهم. بيد أن هذه الكراهية الموجهة ضد الفلسطينيين وحلفائهم محكوم عليها بالزوال في نهاية المطاف. فالرأي العام بدأ يستشف الحقيقة، في الوقت الذي يواصل فيه الفلسطينيون وأنصارهم مقاومة الاتهامات الباطلة والمغرضة".

أبرز فياض في مقال نُشر حديثًا أن هذه الظاهرة سبقت الحرب على غزة بزمن طويل، إذ واجه الفلسطينيون ومناصروهم في شتى أنحاء المعمورة على مدى عقود متتالية عواقب وخيمة لتأييدهم القضية الفلسطينية العادلة، ومن ذلك الانتقام في مواطن العمل، والمراقبة الحكومية الصارمة، وجرائم الكراهية البغيضة.

وتتجلى صور العنصرية المؤسسية المناهضة للفلسطينيين في حالات عديدة، منها مراقبة الحكومات للفلسطينيين والمنظمات المؤيدة لهم، وكذلك المؤسسات كالجامعات التي تقمع الاحتجاجات المناصرة للفلسطينيين في الآونة الأخيرة، بما في ذلك منع المتحدثين من إلقاء كلماتهم في حفلات تخرج الطلاب.

أما الأستاذ في كلية بروكلين، مصطفى بيومي، فيرى أن للمشاعر المعادية للفلسطينيين تأثيرًا يتجاوز حدود المجتمع الفلسطيني والقضية الفلسطينية في الولايات المتحدة. وقد كتب في مقال نُشر مؤخرًا في صحيفة الغارديان (The Guardian) أن معاداة الفلسطينيين كانت تغذي كراهية الإسلام المؤسسية في الولايات المتحدة لعقود طويلة، حيث بذلت السلطات الأميركية جهودًا حثيثة في مراقبة وقمع أي تنظيمٍ عربي أميركي مؤيد للفلسطينيين منذ عام 1967.

إن حملة القمع الراهنة ضد الأصوات والنشاط المؤيدَين للفلسطينيين ما هي إلا تتويجٌ لتلك الجهود التاريخية المتواصلة. ومن المثير للدهشة أن يكون دور الولايات المتحدة في هذا الصدد انعكاسًا لما شهده العالم قبل قرن من الزمان، حين انحازت القوة الإمبراطورية آنذاك، بريطانيا العظمى، إلى الحركة الصهيونية وساعدتها في السيطرة على فلسطين بأكملها، مما أدى إلى تغييب أغلبيتها العربية الفلسطينية الأصيلة.

ففي عام 1917، أصدرت الحكومة البريطانية وعد بلفور المشؤوم الذي تعهد بدعم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، التي كان 93% من سكانها آنذاك من العرب الفلسطينيين. وفي عام 1920، منحت عصبة الأمم بريطانيا الانتداب على فلسطين، مما أتاح لها، إلى حد كبير، تشكيل المجتمع وفق أهوائها وتجاهل حقوق ومصالح الأغلبية الفلسطينية الساحقة.

ويبدو أن الولايات المتحدة تسير اليوم على خُطى بريطانيا بالأمس، فباعتبارها القوة الإمبريالية الرائدة في الغرب، فإنها تتجاهل الحقوق الفلسطينية المشروعة، وتدعم سياسات الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، بل وتحميها في المحافل الدبلوماسية الدولية، وتتواطأ معها لتجريم وإسكات الأصوات الفلسطينية الحرة.

بيد أنه مثلما واجه الدعم الإمبريالي البريطاني للصهيونية مقاومةً عنيدة في القرن الماضي، كذلك يواجه الدعم الأميركي اليوم مقاومةً غير مسبوقة من قِبَل الفلسطينيين وحلفائهم الأميركيين والعالميين. ويشمل ذلك الاحتجاجات العامة، والمقالات الإعلامية والأكاديمية التي يسطرها علماء مرموقون، والتحديات القانونية على الصعيدين الوطني والدولي، وتحالفات التضامن مع الفئات المهمشة في المجتمع الأميركي، بمن في ذلك السود، واللاتينيون، واليهود التقدميون، والسكان الأصليون، والطلاب، وغيرهم من شرائح المجتمع.

إن هذه التعبئة واسعة النطاق في الولايات المتحدة ضد العنصرية والقمع المناهض للفلسطينيين تُعد الآن واحدة من المحركات الرئيسية للحركة العالمية للتضامن مع فلسطين وشعبها المكلوم.

وكما كتب بيومي بحكمة: "من الأهمية بمكان أن الشباب الأميركيين المسلمين واليهود الذين يتصدرون الحركات الاحتجاجية اليوم يُعيدون الحقوق الفلسطينية إلى صلب النضال من أجل دحر الإسلاموفوبيا. لماذا؟ … من أجل الحرية. يدرك هؤلاء الشباب الواعون أن تحرير الولايات المتحدة من تحيزاتها المعادية للمسلمين واليهود يتطلب حتمًا تحرير الشعب الفلسطيني من نير الاضطهاد الجاثم على صدره. وهذا ليس موقفًا ظرفيًا فحسب، بل إنه درسٌ عميق في كيفية التغلب على القمع والظلم في شتّى أرجاء المعمورة".

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • أمريكا وأكلاف الكيان الصهيوني الباهظة
  • تجريم الهوية الفلسطينية في أميركا.. شباب يتحدى سياسة قمع الأفواه
  • وزارة الصحة الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خلال الـ 24 ساعة الماضية 4 مجازر في قطاع غزة راح ضحيتها 58 شهيداً و179 جريحاً
  • باحث: الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل حال دخولها في جبهة صراع جديدة (فيديو)
  • كاتب أمريكي: جرائم الإبادة الإسرائيلية في غزة جزء رئيس من سياسة الولايات المتحدة
  • ‏نتنياهو: الولايات المتحدة تدرك أن إسرائيل يجب أن تفوز بهذه الحرب
  • الولايات المتحدة تجري مباحثات مع فرنسا لاستعادة الهدوء في الشرق الأوسط
  • اجتماع متوقع بين بايدن ونتانياهو في واشنطن أواخر يوليو
  • كلاهما يخطب الود
  • مسئول فلسطيني: الولايات المتحدة شريك رئيسي لدولة الاحتلال على مدار تاريخ الصراع الفلسطيني