حلفاء أوكرانيا يجتمعون في باريس لتوجيه رسالة واضحة إلى بوتين
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
يجتمع نحو 20 رئيس دولة وحكومة، معظمهم أوروبيون، الاثنين، في باريس بمبادرة من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لإعادة تأكيد دعمهم لأوكرانيا التي تواجه وضعا حرجا في مواجهة موسكو وبات مصيرها متوقفا على المساعدات الغربية.
ويخاطب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، المجتمعين في قصر الإيليزيه عبر الفيديو وقال لحلفائه، الأحد، إن انتصار أوكرانيا أو هزيمتها "يعتمد عليكم".
ويحضر الاجتماع قادة من الاتحاد الأوروبي بينهم المستشار الألماني، أولاف شولتس، والرئيس البولندي، أندريه دودا، ورؤساء وزراء حوالى 15 دولة في الاتحاد.
ويأتي الاجتماع بالتزامن مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا عامه الثالث، وسط محاولة الغرب لالتفاف حول كييف بعد فشل الهجوم المضاد لاستعادة الأراضي المحتلة من جانب موسكو العام الماضي.
والسبت، حذر ماكرون نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، من أن دعم فرنسا لأوكرانيا لن "يضعف". وقال في بيان عبر منصة "إكس" إن "روسيا بزعامة الرئيس بوتين ينبغي ألا تعول على أي تعب لدى الأوروبيين".
ويدعو ماكرون أوروبا إلى تحرك جماعي في مواجهة روسيا، في وقت ما زال الكونغرس يعرقل الدعم الأميركي البالغ الأهمية بالنسبة إلى كييف. كما يثير احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قلق الاتحاد الأوروبي.
وسيتطرق الاجتماع إلى عودة الهجمات الإلكترونية والمعلوماتية من جانب روسيا التي باتت "أكثر عدوانية" بحسب الإليزيه الذي انتقد مناورات "الترهيب" الروسية.
وسيشارك في الاجتماع ممثلان عن الولايات المتحدة وكندا وكذلك وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كامرون.
والهدف بحسب الإليزيه هو "إعادة تعبئة ودرس كل الوسائل لدعم أوكرانيا بشكل فعال"، في وقت تواجه كييف التي تفتقر إلى الأسلحة والذخيرة وضعا صعبا جدا في مواجهة روسيا.
وشددت الرئاسة الفرنسية على أن "الأمر يتعلق بدحض الانطباع بأن الأمور تنهار، وإعادة تأكيد أننا لسنا متعبين وأننا مصممون على إحباط العدوان الروسي. نريد أن نرسل رسالة واضحة إلى بوتين بأنه لن ينتصر في أوكرانيا".
ويصر الإليزيه على "أننا لسنا مستسلمين ولا انهزاميين، لن يكون هناك انتصار لروسيا في أوكرانيا".
وفي حين أنه من غير المتوقع صدور مزيد من إعلانات المساعدات، سيناقش المشاركون سبل "القيام بعمل أفضل وبشكل أكثر حسما"، في وقت قالت كييف الأحد إن نصف الأسلحة الغربية الموعودة يجري تسليمه في وقت متأخر.
ووفقا للرئاسة الفرنسية، فإن "الجميع يبذلون كل ما في وسعهم لناحية تسليم الأسلحة. يجب أن نكون جميعا قادرين على القيام بعمل أفضل، كل حسب قدراته"، في حين أن بعض الأوروبيين، لا سيما باريس وبرلين، يتبادلون الاتهامات علنا إلى حد ما، بعدم القيام بما يكفي.
ووقعت دول عدة بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا اتفاقيات أمنية ثنائية مع كييف خلال الأسابيع الأخيرة، لكن الاتحاد الأوروبي الذي قدم مساعدات عسكرية بقيمة 28 مليار يورو (30.2 مليار دولار) منذ بداية الحرب يكافح للوفاء بالتزاماته، خصوصا في ما يتعلق بتسليم القذائف.
وأشارت الدبلوماسية الأميركية السابقة، ديبرا كاغان، في مؤتمر المجلس الأطلسي، الجمعة، إلى أن "الأوروبيين لديهم الوسائل اللازمة للقيام بأشياء مهمة".
وأضافت: "لو كانت أوكرانيا تمتلك بالفعل طائرات مقاتلة من طراز إف-16، ولو كانت لديها صواريخ توروس من ألمانيا، لرأينا صراعا مختلفا تماما اليوم". وحذرت من أن "التردد يسبب مزيدا من الموت والدمار".
يأتي ذلك في وقت لا يزال الكونغرس يعرقل المساعدات الأميركية البالغة 60 مليار دولار.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميغال، الأحد، إن أوكرانيا مقتنعة بأن الولايات المتحدة لن "تتخلى" عنها في مواجهة روسيا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی مواجهة فی وقت
إقرأ أيضاً:
لماذا فضّل بوتين أوكرانيا على سوريا؟
أشار الباحث البارز في مركز كارنيغي للشؤون الروسية والأوراسية ألكسندر بونوف إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع أهدافاً عدة وراء إرسال قوات إلى سوريا، في عام 2015.
بوتين مستعد للتضحية بكل شيء من أجل النصر الكامل في حرب أوكرانيا
كتب بونوف في مجلة "فورين أفيرز" أن بوتين أراد مساعدة روسيا على الإفلات من العزلة الدولية التي عانت منها بعد ضمها لشبه جزيرة القرم سنة 2014، وسعى لإعادة روسيا إلى موقع النفوذ في الشرق الأوسط، بعدما تضاءل وجودها عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.
كذلك، أراد ترسيخ روسيا باعتبارها قوة عالمية قادرة على دعم حلفائها ووقف الجهود الرامية إلى الإطاحة بالحكومات الصديقة. وسمح التدخل في سوريا لروسيا بتولي دور حامي المسيحيين في الشرق الأوسط، وهو الدور الذي تخلت عنه القوى الغربية المنحلة في نظر بوتين، وهي مهمة تتناسب تماماً مع رغبة بوتين في تقديم روسيا بصفتها المعقل الأخير للقيم المسيحية في أوروبا. في أعقاب الانهيار السريع لنظام الأسد، لم يعد لدى بوتين الكثير ليظهره في ما يتعلق بهذه الأجندة الثلاثية. الأمور مختلفة الآن
تواجه روسيا خسارة قواعدها العسكرية في الشرق الأوسط ولم تظهر أي اهتمام يذكر بالمسيحيين السوريين الذين ادعت حمايتهم بعد أن أطاحت منظمة هيئة تحرير الشام بحكومة الأسد. كما تزايدت عزلة روسيا عن المجتمع الدولي منذ غزو أوكرانيا سنة 2022.
I was told that Putin was an irrational mindless imperialist?
One who also somehow knows how to prioritise theaters of engagement rationally based on geographical proximity and aggregate power, and knows when to cut a deal and cut some losses? https://t.co/t1ZXmWbW5B pic.twitter.com/zKTwq9OL5f
أوضح بونوف أن جوهر تدخل روسيا كان رسالة إلى الدول الأصغر غير المتحالفة بشكل وثيق مع القوى الغربية: "تحالفوا معنا، وسنحميكم من تغييرات الأنظمة المدعومة من الغرب". لمدة عقد من الزمن تقريباً، بدت هذه الرسالة ذات صدقية. لكن الآن تبدو الأمور مختلفة. لقد أدى تركيز بوتين الأحادي البعد على تحقيق النصر الكامل على أوكرانيا إلى إحالة أهداف السياسة الخارجية الأخرى لروسيا إلى مرتبة ثانوية وكلفها أحد أعظم نجاحاتها في السياسة الخارجية.
وأنشأت الولايات المتحدة وتركيا والعديد من دول الخليج قنوات اتصال عسكرية مع روسيا. في الوقت نفسه، ومن أجل دعم نظام الأسد، عمقت روسيا علاقتها مع إيران، فأنشأت لجنة عسكرية مشتركة وسلمت صواريخ إس-300 إلى طهران بالرغم من اعتراضات الولايات المتحدة، وعملت على تجاوز العقوبات الدولية. ولم يتردد بوتين أيضاً بالدخول في جدالات مع تركيا بشأن دعمها لقوات المتمردين السوريين، بل ذهب إلى حد فرض عقوبات تجارية على أنقرة. مع ذلك، لم يتصاعد تدخلها العسكري إلى صراع مع الدول السنية الإقليمية، كما توقع منتقدو بوتين. من فك العزلة إلى عارض للأمن
وجدت بلدان في أفريقيا وآسيا الوسطى، وبدرجة أقل أمريكا اللاتينية، أن قدرة موسكو على الدفاع عن نظام حليف من الاضطرابات الداخلية والسقوط هو أمر مطمئن. وكانت روسيا تواجه في السابق صعوبة في تسويق نفسها كمستثمر مقنع أو مصدّر للتكنولوجيا، خارج بناء محطات الطاقة النووية وتوريد الأسلحة. لكن دفاعها الناجح عن الأسد سمح للكرملين بتسويق نفسه كمُصدّر للأمن، سواء بشكل رسمي من خلال القوات المسلحة الروسية، أو بشكل غير رسمي، من خلال المرتزقة مثل شركة فاغنر شبه العسكرية.
“Russia’s abandonment of the Bashar al-Assad regime to marshal more resources for the fight against Ukraine vividly illustrates that Putin is ready to sacrifice everything for total victory in the war,” writes @baunov. https://t.co/qX0CCrzvWc
— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) December 27, 2024
وكانت المحاولة فعالة: استفادت الحكومات الأفريقية، من ضمنها الأنظمة في بوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا ومدغشقر ومالي وموزمبيق وجنوب السودان، والأنظمة العلمانية ما بعد السوفيتية في آسيا الوسطى مثل كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، من عرض القوات والمرتزقة الروس في نضالاتها ضد العصابات المسلحة والجماعات الانفصالية، وكذلك لتدريب القوات المسلحة المحلية وخدمات الحماية.
كما فشلت روسيا بتعزيز التنمية الاقتصادية في سوريا، إذ تجاوزت مستويات المعيشة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة الإسلامية المدعومة من تركيا تلك الموجودة في المناطق التي تحكمها دمشق المدعومة من روسيا وإيران. وفي إدلب التي يسيطر عليها المتمردون، كانت هناك كهرباء ووقود ومياه ونقص أقل بكثير في الغذاء. ولم يتجاوز إجمالي التجارة الروسية مع سوريا 700 مليون دولار سنوياً، وهو أقل من تجارة تركيا مع الجيوب الصغيرة نسبياً من الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون. تجاهل الأسئلة الصعبة ستتخطى روسيا في نهاية المطاف سقوط الأسد والخسارة المحتملة لقواعدها العسكرية في البحر الأبيض المتوسط. لطالما نظر الروس إلى الحملة السورية بحذر ولامبالاة؛ لم تكن فكرة إرسال جنود إلى دولة إسلامية بعيدة تحظى بشعبية قط واستحضرت ذكريات الحرب السوفيتية في أفغانستان. كان الروس راضين عن حرب صغيرة جوية في الأساس وعالية التقنية تُدار بقوات محدودة على الأرض. وساعدت التغطية الإعلامية للتدخل السوري في تشكيل التوقعات بشأن "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا باعتبارها انتصاراً سريعاً في مكان بعيد، ومصدراً سريعاً للفخر يتطلب القليل من التضحيات المجتمعية أو مشاركة جنود غير محترفين.
تنتقد روسيا وإيران والعديد من الدول الأخرى التدخلات العسكرية الأمريكية باعتبارها متعجرفة وجاهلة للسياق المحلي وغير قادرة على تشكيل أنظمة مستقرة أو هياكل أمنية فعالة. الآن بينما تتجه روسيا الى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طلباً للمساعدة في إجلاء عسكرييها وموظفيها المدنيين من سوريا، تجد نفسها في الدور نفسه الذي صورت فيه الولايات المتحدة ذات يوم: دولة بعيدة من شؤون المنطقة ودينامياتها، حيث يقوم لاعبون سياسيون محليون غير مهتمين بوجود الغرباء بدفعها خارجاً.
ان تركيز روسيا على الحرب في أوكرانيا سيساعد بوتين والروس على نطاق أوسع في تجاهل الأسئلة غير المريحة حول سوريا، مثل مصير الأموال والموارد التي استثمرتها روسيا في البلاد، أو لماذا أُخِذت على حين غرة أجهزة الأمن الروسية مراراً وتكراراً: مع استعداد أوكرانيا للمقاومة، مع تمرد زعيم فاغنر يفغيني بريغوجين في يونيو (حزيران) 2023، مع التوغل الأوكراني هذا الخريف في منطقة كورسك، والآن مع السقوط السريع لنظام الأسد.
الآن، تروج روسيا لرواية مفادها أنها أنقذت حياة الأسد وحريته، وبالتالي أوفت بضمانها بتجنيبه مصير معمر القذافي في ليبيا. لكن من الواضح أن حلفاء موسكو يتوقعون أكثر من ذلك بكثير من مصدّر لاستقرار النظام وأمنه. ليست نهاية القصة قد يفاجأ الحكام الذين يأملون مساعدة روسيا بشكل غير سار بالسرعة التي تسعى بها إلى إقامة اتصالات مع قادة سوريا الجدد. حتى قبل رحيل الأسد، توقف التلفزيون الروسي عن وصف هيئة تحرير الشام بأنها منظمة إرهابية. والآن، تقيم موسكو اتصالاً مباشراً مع الحكومة السورية الجديدة، في محاولة لكسب ودها من خلال التأكيد على أنها، وبالرغم من المحاولات السابقة لدعم زعيم علماني ضد الأصوليين الدينيين، ترى نفسها معقلاً عالمياً للفكر الديني المحافظ.
ولفت الكاتب إلى أنه لا ينبغي الخلط بين قرار بوتين بإعطاء الأولوية لأوكرانيا والتخلي الكامل عن الطموحات الروسية خارج جوارها المباشر. في مخطط بوتين، أصبحت أوكرانيا نقطة تحول في صراع عالمي بين النخبة الغربية ونظام جديد بقيادة روسيا: بمجرد سقوط أوكرانيا، تأمل روسيا في الاستيلاء على جورجيا وأي أرض أخرى ترغب بها، والتسويق لنفسها مرة أخرى بصفتها راعياً قوياً للدول في جميع أنحاء العالم. وختم بونوف: "لكن في هذه الأثناء، ستظل وعود موسكو جوفاء".