ستوكهولم ـ (رويترز) – قال خبراء وسياسيون اليوم الجمعة إن الإرادة السياسية محدودة في السويد لحظر حرق المصاحف الذي استفز مناطق واسعة من العالم الإسلامي، وإنه حتى لو توافر الدعم لمثل هذه الخطوة فسوف تصطدم بعراقيل وتعقيدات. واقتحم أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر مقر السفارة السويدية في بغداد وأضرموا فيها النيران في الساعات الأولى من صباح أمس الخميس في استباق لحادثة حرق نسخة من المصحف أمام السفارة العراقية في ستوكهولم، في أحدث واقعة من هذا القبيل في السويد في السنوات القليلة الماضية.

وسحب العراق في وقت لاحق القائم بالأعمال في ستوكهولم وقالت السويد إنها نقلت مؤقتا موظفي السفارة المنتدبين من بغداد إلى السويد لأسباب تتعلق بالسلامة. وتعني القوانين والسياسات الحالية والتقاليد الاجتماعية في السويد أن مثل هذه الحوادث لن تتوقف على الأرجح قريبا. وقضت المحاكم السويدية بأن الشرطة لا يمكنها التصدي لحرق الكتب المقدسة. وفي حين أن آخر حادثتي حرق للمصحف قد تخضعان لاختبار في القضاء باعتبارهما تحريضا على الكراهية، لكن من المعتقد على نطاق واسع أن هذا الفعل تحميه قوانين حرية التعبير واسعة النطاق في الدستور السويدي. وتعديل الدستور عملية طويلة تتطلب تصويتا في البرلمان، ثم اقتراعا عاما، ثم تصويتا آخر في البرلمان. لكن حكومة رئيس الوزراء أولف كريسترسن قالت الأسبوع الماضي إنها قد تدرس مدى توافر مسوغات لتعديل قانون النظام العام لتمكين الشرطة من التصدي لحرق المصحف، وسط مخاوف بشأن الأمن القومي. ويمكن أن تعرض قضية حرق المصحف انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي للخطر. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد حذر في وقت سابق من أن السويد لن يتم قبولها في الحلف العسكري إذا وقعت حودث حرق للمصحف هناك. وحتى الآن، تعترض تركيا، إلى جانب المجر، مسعى الانضمام للحلف الذي بدأته السويد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا على الرغم من أن أردوغان قال في وقت سابق من هذا الشهر إنه سيعرض طلب الانضمام على البرلمان التركي. وقدمت منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة قرارا أقره مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 12 يوليو تموز يدعو الدول إلى مراجعة قوانينها التي تمنع الملاحقة القضائية بتهمة “الكراهية الدينية”. وقالت إيبا بوش، نائب رئيس الوزراء السويدي وهي من حزب الديمقراطيين المسيحيين في وقت سابق من هذا الشهر إن السويد وحدها هي التي تقرر تشريعاتها ولن تتأثر بمعتقدات الدول الأخرى أو قوانينها. وكتبت في تغريدة في السابع من يوليو تموز بعد حرق مصحف أمام مسجد في ستوكهولم “السويد لا تنحني للإسلاميين. حرق الكتب المقدسة مستهجن لكنه ليس مخالفا للقانون”. ومن غير المرجح بشدة أيضا إقرار أي تعديل محتمل للقانون يجرم مثل هذه الأعمال لأن حكومة الأقلية تعتمد على دعم الحزب الديمقراطي السويدي، ثاني أكبر حزب في البرلمان بعد انتخابات العام الماضي، وهو حزب مناهض للهجرة وينتقد الإسلام. وقال ريتشارد يومسوف سكرتير الحزب الديمقراطي السويدي لرويترز في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني “لم يبحث الديمقراطيون السويديون تقديم أي قانون مثل هذا في السويد ولا نعتزم دعم أي تشريع من هذا القبيل إذا قُدم للبرلمان”. * “حظ سعيد” مع تغيير القوانين حرق المصحف مباح في السويد والدنمرك والنرويج لكن ليس في فنلندا المجاورة التي من غير القانوني فيها تدنيس الكتب المقدسة في الأماكن العامة. وكان لدى السويد قانون مشابه لكنها أبطلته في سبعينيات القرن الماضي. ولدى السويد قوانين تحظر خطاب الكراهية ضد الجماعات العرقية والقومية والدينية والأشخاص على أساس التوجه الجنسي. لكن حرق الكتب المقدسة لم يرق في الوصف بعد إلى مرتبة خطاب كراهية بل يعتبر نقدا مقبولا. وقال نيلس فونكه، الصحفي وخبير قضايا حرية التعبير، إن إدخال تعديلات على قانون النظام العام بالصيغة التي تطرحها الحكومة سيكون أمرا شديد الصعوبة ويرجح أن يتعارض مع حرية التجمع المكفولة دستوريا في السويد. وأضاف لرويترز “نتمنى حظا سعيدا في كتابة مثل هذا القانون. فلن يكون هناك كثير من الاحتجاجات إذا أبدينا اهتماما لتهديدات منظمات متطرفة في دول مثل إيران أو العراق”. وأضاف “فكيف يمكنك تنظيم احتجاج ضد شخص مثل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين؟ هذا يعرض سلامة السويد للخطر بالتأكيد”. وكشف استطلاع أجرته مؤسسة جالوب عام 2022 أن أعلى نسبة من المواطنين الذين صرحوا بأنهم لا يؤمنون بالإله كانت في السويد. وألغت السويد قوانين كان تعاقب على انتقاد الدين أو السخرية منه ومن العائلة المالكة في سبعينيات القرن الماضي. وقال فونكه لرويترز “هذا تقليدنا… الحجة تمثلت في أنه ما من سبب ليستثنى الدين من النقد بينما جميع مجالات المجتمع الأخرى تُناقش بحرية”.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الکتب المقدسة حرق المصحف فی السوید فی وقت من هذا

إقرأ أيضاً:

لوموند: لماذا كثرت الاعتداءات على المسلمين في السويد؟

قالت صحيفة لوموند إن الإهانات والاعتداءات المنتظمة على المسلمين كثرت في السويد خلال السنوات الأخيرة، مدعومة بلغة عامة تجرّد الإنسان من إنسانيته في ظاهرة واسعة الانتشار، تتراوح بين الهجمات على المساجد، والإهانات الموجهة إلى النساء المحجبات، والتصريحات المعادية للإسلام في مكان العمل أو في الحي.

واستعرضت الصحيفة -في تقرير لمراسلتها الخاصة بسكوفدي آن فرانسواز هيفيرت- حادثة إلقاء جثة خنزير بري على مسجد سكوفدي الذي تم افتتاحه عام 2023، دون أن يشعر المعتدي أن كاميرات المراقبة التي نصبتها الجمعية الإسلامية البوسنية صوّرت الحادث.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: هكذا وقف بايدن حجر عثرة أمام مكافحة المجاعة في غزةlist 2 of 2مشكلة خطيرة في التسلسل القيادي.. فورين بوليسي: من المسؤول عن الجيش الإسرائيلي؟end of list

ويقول ميرزا بابوفيتش (66 عاما) وهو موظف في الجمعية، "للأسف نحن معتادون على هذا النوع من الأمور"، مشيرا إلى رسم علامات معادية للإسلام أمام غرفة الصلاة القديمة، وإلقاء بقايا خنزير في موقع البناء، وتحطيم نوافذ إحدى الحاويات.

أكبر تهديد للسويد

وفي هذه المرة -كما تقول المراسلة- قرر الإمام سماجو ساحات عدم نشر القضية رغم تقدمه بشكوى "حتى لا تتم الدعاية لصاحبها ولا تقدم أفكارا للآخرين ولا تزيد من قلق اتباعه"، لكن الصحافة المحلية روّجت للموضوع الذي "حدث قبل أيام قليلة من حملة الانتخابات الأوروبية" التي رافقها عنف في الخطاب المعادي للإسلام والمسلمين، كما يقول الإمام.

وكان زعيم اليمين المتطرف جيمي أكيسون قد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أنه يريد تدمير المساجد، وحظر تشييد مساجد جديدة، ووضع الطوائف الإسلامية تحت المراقبة، كما دعا ساعده الأيمن ريتشارد جومشوف إلى حظر جميع رموز الإسلام في الأماكن العامة، مشبها إياها بـ"الصليب المعقوف".

وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، يواصل مسؤولو الحزب المتطرف المشارك في الائتلاف الحكومي اليميني إدانة ما يصفونها بـ"أسلمة السويد"، زاعمين أن "السويديين على وشك أن يصبحوا أقلية في بلدهم"، في متابعة لمقولة جيمي أكيسون إن المسلمين يشكلون "أكبر تهديد للسويد".

غير أن مجموعات أخرى أصبحت الآن تستخدم هذا الخطاب قبيل الانتخابات الأوروبية، إذ قدرت زعيمة الحزب الديمقراطي المسيحي إيبا بوش، وهي الشخصية الثانية في الحكومة، أن السويد لديها "مشكلة كبيرة مع صعود الإسلام"، زاعمة أن المسلمين على استعداد "لرجم النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب ورمي الشواذ جنسيا من ناطحات السحاب".

دولة مختلفة تماما

هذه التعليقات صدمت الموظف في مصنع فولفو مسعود بابيتش (47 عاما) -حسب المراسلة- وهو غاضب من تصوير المسلمين باستمرار على أنهم "مجرمون أو إرهابيون" محتملون، مؤكدا أن ابنتيه توقفتا عن نشر صورهما على شبكات التواصل خلال المشاركة في أنشطة المسجد، خشية السخرية منهما في المدرسة أو التمييز ضدهما عند البحث عن عمل.

ويؤكد سماجو ساحات الذي فرّ من سراييفو أثناء الحرب عام 1995، أنه لم يعد يعرف السويد "إنها دولة مختلفة تماما"، ويتهم هذا الإمام -الذي يعمل في مستشفى سكوفد- الزعماء السياسيين "بإضفاء الشرعية على الإهانات والترهيب الذي يتعرض له المسلمون".

وبحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن مجلس منع الجريمة -كما تقول المراسلة- تم تقديم 234 شكوى بسبب أعمال معادية للإسلام عام 2022، لكن هذه الأرقام لا تعني الكثير، حسب المحللة ليزا والين، لأن قليلا من الناس يجرؤون على تقديم شكوى، مشيرة إلى أن وصول 160 ألف طالب لجوء معظمهم من الشرق الأوسط كان "النقطة التي أفاضت الكأس".

ويؤكد الخبير في الإسلام سيمون سورجينفري أن "الخطاب السياسي تغير في وقت قصير"، وأوضح أن النقاش حول الإسلام "ينوب عن نقاش أوسع حول مشاكل الهجرة والاندماج في السويد اليوم"، أما الإسلاموفوبيا فهي موضع تساؤل بالنسبة له، لأنها تقدم "كمفهوم ابتكره الإسلاميون لإسكات انتقاد الإسلام".

وعند استجواب رئيس الوزراء أولف كريسترسون في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 من قبل حوالي 15 منظمة إسلامية في غوتنبرغ، أكد أنه "يشعر بقلق عميق من شعور المسلمين بالتهديد في السويد"، في وقت يتحدث فيه المسلمون عن خطاب يجردهم من إنسانيتهم.

مقالات مشابهة

  • سوسن بدر تحتفل بعيد ميلاد غادة عبد الرازق
  • (10) ملايين دولار خسارة مطار السليمانية جراء الحظر التركي
  • منذ عام 2021 حتى الآن… الأمانة السورية للتنمية تؤسس 19 تعاونية إنتاجية
  • السويد تعترض على حكم الإعدام بحق ثلاثة من مواطنيها في العراق
  • «ميتا» تلغي الحظر المفروض على كلمة «شهيد»
  • وجه عملي لصمود اليمنيين:الأسرة والاستعداد للعام الدراسي الجديد…”جاهزية تامة”
  • «التوطين» تواصل متابعة الالتزام بـ«حظر العمل وقت الظهيرة»
  • أبرز فعاليات الأنبا فيلوباتير بكنيسة مارجرجس بتامبا فلوريدا..شاهد
  • أساليب وآليات الدعم الزراعي… ندوة لوزارة الزراعة في طرطوس
  • لوموند: لماذا كثرت الاعتداءات على المسلمين في السويد؟