اتفاقية الحماية التركية لسواحل الصومال.. تهدئة مؤقتة أم أزمات دائمة ؟
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
التداعيات الجديدة للأزمة بين اثيوبيا والصومال عززت احتمالات تحول السواحل الصومالية الممتدة إلى منطقة نزاع إقليمي بعد استدعاء مقديشو القوات التركية لحماية سواحلها ومياهها الإقليمية، وفقا لاتفاقية دفاع مشترك التزمت فيها انقرة بحماية المياه الصومالية ومواجهة المطامع الاثيوبية للحصول على منفذ بحري من جمهورية ارض الصومال التي تعدها مقديشو جزءا من أراضيها السيادية.
الثورة / أبو بكر عبدالله
مصادقة البرلمان الصومالي والرئيس حسن شيخ محمود على اتفاقية دفاع مشترك مع تركيا، قلبت المعادلات السياسية والأمنية في القرن الأفريقي بعد أن اضطر الصومال لتجاوز مخاوفه من التدخل الخارجي بتوقيع اتفاقية تعاون دفاعي وعسكري واقتصادي مدتها عشر سنوات مع تركيا لتأمين سواحلها ومياهها الممتدة والمساهمة في تحقيق النهوض الاقتصادي لهذه الدولة الفتية التي مزقتها الحروب.
توقيع الاتفاقية جاء في خضم توتر شديد بين الصومال وأثيوبيا على خلفية الغاء السلطات في مقديشو مذكرة تفاهم أولية أعلنتها اثيوبيا مع جمهورية ارض الصومال الانفصالية مطلع يناير الماضي تقضي بتأجير الأخيرة 20 كيلو مترا من ساحلها المطل على خليج عدن وباب المندب لأثيوبيا لمدة 50 عاما.
ومنذ اليوم الأول اعتبرت الصومال هذه الخطوة مسا بسيادتها وتهديدا لأمنها باعتبار الجمهورية المستقلة في الأقاليم الشمالية أرضا صومالية لتفضي تحركاتها الخارجية إلى توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع تركيا، لم تكن بعيدة عن استعداداتها لمواجهة المشروع الاثيوبي والدفاع عن سيادتها واراضيها في ظل إصرار أثيوبيا الحصول على منفذ بحري تعده امرا مصيريا.
الاتفاقية التي وُصفت بأنها تاريخية وفرت للدولة الصومالية مؤقتا كل ما تريده من الحماية العسكرية وتحريك عجلة الاستثمارات الاقتصادية، حيث تحملت انقرة بموجبها مسؤولية حماية وتأمين المياه الصومالية التي تعد من أطول السواحل في شرق أفريقيا من التدخلات الخارجية وبناء القوات البحرية الصومالية ناهيك عن مكافحة وجرائم الصيد غير القانوني وتهريب الأسلحة والاتجار بالبشر والقرصنة.
وتضمنت الاتفاقية التزامات تركية بلعب دور رئيسي في تعزيز الاقتصاد الأزرق في الصومال، بما في ذلك استكشاف وتطوير الموارد البحرية، مقابل منح أنقرة التحكم بالموارد البحرية للصومال والحصول على 30% من إيرادات المنطقة الاقتصادية المعروفة بمواردها الوفيرة.
تحركات خارجية
يصعب التعامي عن حالة القلق التي سببها إعلان اثيوبيا عزمها توقيع مذكرة تفاهم مع جمهورية ارض الصومال، وهو قلق له ما يبرره؛ إذ أن ثلث الأراضي الأثيوبية كانت في الأصل أراض صومالية احتلتها اثيوبيا بفترات مختلفة، وفشلت معها كل الحروب التي خاضتها الصومال خلال عقدي الستينات والسبعينات في استعادتها.
القلق الصومالي من المطامع الأثيوبية تجلى مؤخرا في التحركات السياسية والدبلوماسية الصومالية، لحشد تأييد اقليمي مناهض لمذكرة التفاهم المعلنة بين اديس ابابا وجمهورية ارض الصومال، والتي بدأت من القاهرة التي زراها الرئيس الصومالي وحصل منها على تأييد رفيع المستوى عبّر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي وعززه بيان لوزارة الخارجية المصرية شدد على “ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال على كامل أراضيها، ورفض أي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية.
تمكن الرئيس الصومالي أيضا من تحريك الجامعة العربية التي أعلنت رفضها وإدانتها المذكرة الموقعة بين اثيوبيا وجمهورية أرض الصومال ووصفتها بأنها “انتهاك لسيادة الدولة الصومالية.
والمواقف الإقليمية والدولية المؤيدة للصومال كانت كافية لتهيئة الطريق أمام الحكومة للبحث عن طرف قوي يمكنه حماية أراضيها دون اعتراضات إقليمية أو دولية، فكان التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي مع تركيا الخيار الأفضل المتاح لكبح أي تحركات اثيوبية بالسيطرة على جزء من شريطها الساحلي بالقوة.
هذه التطورات كشفت أن مذكرة التفاهم المعلنة بين أثيوبيا وجمهورية ارض الصومال لم تثر مخاوف الصومال فقط بل اثارت أيضا مخاوف مصر التي تعيش علاقات متوترة مع اثيوبيا.
وبدا واضحا أن مصر منحت الصومال وتركيا الضوء الأخضر لتمرير هذه الاتفاقية بعد زيارة رسمية قام بها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود وتلاها زيارة قام بها الرئيس رجب طيب اردوغان إلى القاهرة، قبل أن يعلن البلدين توقيع الاتفاقية التي حظيت على ما يبدو بمباركة دولية.
ولعل السبب في ذلك أن مصر التي تواجه أزمة اقتصادية وأزمات امنية من جراء الحروب المشتعلة على حدودها الشمالية والجنوبية والشرقية، وجدت الخطوة الصومالية طوق نجاة من تداعيات أسوأ، طالما وهي ستكبح أي تحركات لأثيوبيا في البحر الأحمر كما ستوفر بيئة مواتية لنشاط قناة السويس والحفاظ على مستوى إيراداتها السنوية وربما زيادتها.
مخاوف وجيهة
حظيت الاتفاقية الموقعة بترحيب واسع من قبل النخب السياسية الصومالية والبرلمان الصومالي بغرفتيه، كونها ضمنت للصومال ما يحتاجه من تأمين كامل أراضيه، دون التورط في حرب مع اثيوبيا قد تعيد الدولة الصومالية الفتية إلى نقطة الصفر.
لكن بعض الأوساط الصومالية التي تتحسس من التدخلات الخارجية في بلد عانى كثيرا منها أبدت مخاوف من هذه الخطوة التي لن تجعل الصومال بمعزل عن التدخلات الخارجية والسباق الدولي على المصالح في منطقة استراتيجية رخوة في ظل توقعات تشير إلى أن الاتفاقية قد تفتح المجال لتركيا لفرض سيطرة كاملة على السواحل الصومالية والداخل الصومالي أيضا لفترة تزيد عن المدة المحددة في الاتفاقية.
وثمة من يشكك في شرعية الخطوة التي اتخذتها لسلطات الصومالية، في ظل حالة الانقسام الذي تعيشه الصومال وخروج الأقاليم الشمالية عن نفوذ الحكومة الفيدرالية، وما إن كانت تركيا ستحقق وعودها في بناء القوات البحرية الصومالية وتسليحها وإنعاش الاقتصاد الصومالي بعيدا عن معادلة المصالح التركية في افريقيا بصورة عامة.
والواقع المفكك الذي تعيشه الصومال حاليا يُرجح أن تواجه السلطة الفيدرالية في الصومال عقبات قد تحول دون الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، ما سيعرقل استفادة تركيا والصومال منها على المدى القصير والمتوسط.
ومن جانب آخر فإن الاتفاقية الموقعة ستزيد من حجم التوتر الحاصل في منطقة القرن الأفريقي مع استماتة اثيوبيا بالحصول على منفذ بحري وامتلاكها مساحة للمناورة في هذه المنطقة بما يعني ان الصومال سيكون عرضة لاضطرابات كبيرة يزيد منها التواجد الكبير للقوات العسكرية الاثيوبية في الصومال والعلاقات الوثيقة التي تحتفظ بها مع زعماء العشائر الصومالية.
خيار حاسم
على أن الاتفاقية الموقعة بين تركيا والصومال ستبدد مخاوف الأخيرة من أطماع جارتها القوية اثيوبيا، إلا انها ستبقى فتيل الأزمة مع اثيوبيا مشتعلا لسنوات طويلة تتجاوز المدى الزمني المحدد بهذه الاتفاقية.
ذلك أن الحصول على منفذ بحري يبدو اليوم تحديا وجوديا لأثيوبيا بعد أن فشلت كل جهودها في الحصول على منفذ بحري خلال السنوات الماضية سواء عن طريق المياه البحرية السودانية والكينية والاريترية، وأخيرا فشلها في العقد الذي وقعته عام 2018 للاستحواذ على حصة 19% في ميناء بربرة، قبل أن تبوء الصفقة بالفشل.
منذ يناير الماضي لم تقدم السلطات الأثيوبية أي معالجات سياسية للمخاوف والخيارات الصعبة التي أعلنها الصومال لمواجهة مذكرة التفاهم المعلنة بين اثيوبيا وجمهورية ارض الصومال، بل أن تصريحات رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد قللت من أهمية الصراع العسكري مع الصومال.
ورغم تأكيد آبي احمد امام البرلمان الاثيوبي عدم نيته خوض حرب مع الصومال وتأكيد عزمه المضي بهذه الخطوة بطرق سلمية، إلا أنه بالمقابل أكد أنه قد يضطر لاستخدام القوة لتحقيق ذلك إن فشلت الوسائل السلمية.
وخلال الشهرين الماضيين ترجمت اثيوبيا هذا الموقف عمليا، بسلسلة لقاءات ومشاورات سياسية وعسكرية مع سلطات جمهورية ارض الصومال المستقلة تناولت الترتيب للتوقيع الرسمي على مذكرة التفاهم المعلنة، قبل أن تأخذ العملية ابعادا أكبر كشفها الرئيس الصومالي حسن شيخ مؤخرا مؤخرا بتأكيده أن ضباطا كبارا من الجيش الإثيوبي موجودون في أرض الصومال للتحضير لضم الإقليم الشمالي الصومالي إلى اثيوبيا.
هذه التداعيات قدمت تأكيدا إضافيا على عزم اثيوبيا المضي بمشروعها الحصول على منفذ بحري من جمهورية ارض الصومال مهما كان الثمن، وهي توجهات تتماهى مع العقيدة السياسية والعسكرية لأثيوبيا والتي تقول إن الحدود الطبيعية لأثيوبيا ينبغي أن تكون عند حافة البحر الأحمر.
توازن المصالح
في الوقت الراهن تبدو الصومال مطمئنة كثيرا لتركيا التي قدمت لها مساعدات كبيرة منذ وقت مبكر عندما كان الصومال منسيا من العالم، وهو الدعم الذي نتج عنه استقرار سياسي نسبي ساهم بإعادة بناء الدولة الصومالية كما أحدث نقله اقتصادية ملموسة دون أي صدامات أو تبادل للاتهامات بين الحكومة الصومالية وتركيا.
هذا الامر بدا واضحا في الموقف الذي تبناه البرلمان الصومالي المؤيد للاتفاقية بأغلبية اعضائه في حين حظيت بتأييد من 213 صوتا من مجلس الشعب (الغرفة الثانية)، مقابل رفض 3 أعضاء فقط من أصل 331 عضوًا يشكلون غرفتي البرلمان الفيدرالي.
مع ذلك يصعب اغفال أن تركيا كانت ولا تزال أحد الأطراف الدولية المتنافسة على النفوذ في بلد محدود القدرات يقع على منطقة استراتيجية شديدة الحساسية ممتدة على ضفاف المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر.
وتوقيع الاتفاق الدفاعي منح تركيا فرصة تاريخية لإزاحة المنافسين بصورة هادئة، وتوسيع نفوذها في القارة الافريقية بعد أن حصلت على طلب رسمي من الحكومة لتأمين مياهها وبناء قواتها البحرية الخاصة وكذلك دعمها في ملف الحرب الإرهاب وعصابات القرصنة والتدخلات الخارجية وهي مزايا يعرف العالم كله حاجة الصومال لها في الوقت الراهن ويصعب على أي دولة أخرى ان توفرها للصومال في ظل الظروف الدولية الراهنة.
ومقديشو نفسها ترى أن المضي بهذه الأولويات مستحيلا في ظل الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية التي يعيشها الصومال حاليا، وفي ظل وجود أطراف دولية قوية تتربص بالدولة الناشئة، ما جعل قبولها توقيع الاتفاق مع تركيا مثاليا على قاعدة درأ المخاطر وتبادل لمنافع.
ومع ذلك فهناك قلق لدى الصوماليين من ثغرات في الاتفاقية الموقعة بعدم قبول أطراف صومالية أو افريقية للمجال الجغرافي المتاح لتركيا التدخل فيه لحماية المياه الصومالية في ظل انقسام الصومال حاليا بين دولة فيدرالية وأخرى جمهورية مستقلة تتمتع منذ عقود بالحكم الذاتي، وهي إشكالية قد تؤخر تنفيذ الاتفاقية وتطيل أمدها.
مكاسب بعيدة المدى
لعل أكثر ما تطمح اليه الصومال من هذه الاتفاقية هو التفرغ للتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجهها وتجنب الوقوع في مواجهات عسكرية خاسرة مع اثيوبيا بالرهان على العلاقات الوطيدة التي تربط كل اديس ابابا وانقرة التي زارها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في أغسطس 2021 بمناسبة مرور 125 عامًا على تطبيع العلاقات بينهما، ووقع معها 4 اتفاقيات للتعاون المائي والعسكري.
زد على ذلك أن أنقرة كانت من اهم الداعمين لحكومة آبي احمد في ازمة التمرد المسلح التي شدتها اثيوبيا العام قبل الماضي وساعدتها في حسم الحرب، ناهيك عن التعاون الاقتصادي الواسع الذي تستحوذ فيه إثيوبيا وحدها على نصف الاستثمارات التركية في قارة إفريقيا.
لكن المؤكد أن تحقيق الصومال لهذه المكاسب لن يتأتى خلال فترة العشر سنوات التي حددتها الاتفاقية، ما يعني أن التواجد التركي في الصومال سيطول وهو امر يثير قلق الصوماليين والأتراك، في ظل التوقعات التي ترجح ممارسة اديس ابابا ضغوطا على تركيا قد تهدد نسبة كبيرة من مصالحها الاقتصادية في القارة الافريقية.
كما أن مضي تركيا باتفاقها مع الصومال بصورة كاملة، سيعرقل المشاريع الاقتصادية التي تراهن اديس بابا على انجازها بتوفر المنفذ البحري، كما سيؤثر على سمعة رئيس الوزراء ابي احمد الذي يبحث عن إنجازات لتحسين شعبيته التي تدهورت كثيرا بسبب حروبه في اقليم تيجراي وحالة الركود الاقتصادي الذي واجهته بلاده منذ سنوات.
هذه المعادلة المعقدة ستفرض على تركيا بلا شك تبني سياسة أكثر توازنا للحفاظ على علاقاتها الجيدة مع الجارين الخصمين إثيوبيا والصومال تتماشى مع حسابات مصالحها الاستراتيجية وهذا بلا شك سيكون التحدي الأبرز أمام الحكومة التركية في ظل سيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
معاريف تكشف عن خطة جديدة مؤقتة لوقف إطلاق النار بغزة
كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن تفاصيل خطة جديدة لوقف إطلاق النار بغزة، يجري التفاوض عليها بشكل سري بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتتضمن إطلاقا متبادلا ومحدودا للأسرى بين الطرفين.
وعلى عهدة مقال نشرته الصحيفة اليوم السبت لمراسلتها السياسية آنا بارسكي، فإن هذه المفاوضات تسير بشكل هادئ، وسط تفاؤل حذر في ظل موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يواصل تأكيد ضرورة استمرار الحرب.
في بداية التقرير، تسلط براسكي الضوء على صورة نتنياهو في الكنيست هذا الأسبوع، حيث ظهر في جلستين منفصلتين كرر خلالهما تأكيداته على ضرورة الاستمرار في القتال ضد حركة حماس، ورفض أي تنازلات قد تؤدي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل القضاء على "المنظمة الإرهابية"، كما وصفها.
وحسب الكاتبة، فإن هذا الموقف يعكس حالة من "اليأس والإرهاق" التي يعيشها النظام السياسي الإسرائيلي بشكل عام، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة من عائلات الأسرى والمجتمع الدولي الذي يدعو إلى تسوية سلمية.
أزمة القيادةفي جلسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، أكد نتنياهو أنه كان على صواب في عدة قرارات عسكرية، مثل اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وشن عمليات في رفح، رغم الاعتراضات الأميركية. وأضاف أنه يرفض الضغوط من الداخل والخارج التي تدعوه إلى إجراء مفاوضات بشأن الأسرى، ويدعو إلى الاستمرار في الحرب حتى القضاء التام على حماس.
هذه التصريحات تبرز أزمة القيادة التي يواجهها نتنياهو في الوقت الحالي، فهو يبدو كأنه يستند إلى نجاحات سابقة، مثل العمليات العسكرية التي نفذها رغم المعارضة الأميركية، ليثبت للجميع أن خططه كانت الصواب. لكن هذه الإستراتيجية أصبحت الآن موضع شك داخل إسرائيل، حيث بدأت تتزايد الأصوات المعارضة لعدم وجود خطة واضحة للنهاية.
مفاوضات سرية واتفاق مبدئيعلى الرغم من تصريحات نتنياهو العلنية، تبين أن هناك تحركات خلف الأبواب المغلقة تهدف إلى التوصل لتسوية مؤقتة، بما في ذلك وقف لإطلاق النار، وذلك وفقا لمراسلة معاريف التي تؤكد أن هناك مفاوضات جارية تحت الطاولة، تتم بوساطة أطراف ثالثة، وتتناول ترتيبا مؤقتا لوقف إطلاق النار لمدة 42 يوما.
ولم يتطرق تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى هوية الأطراف الوسيطة، وما إذا كان هناك وسطاء جدد، حيث من المعروف أن قطر أعلنت تجميد وساطتها، في حين تستمر مصر في هذه الجهود.
وتنقل بارسكي عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها "إذا تم التوصل إلى اتفاق، فإن إسرائيل ستفرج عن مجموعة من الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح أسرى إسرائيليين"، دون التطرق إلى تفاصيل الأعداد.
أما بالنسبة للتفاصيل اللوجستية، فتنقل المراسلة أيضا عن هذه المصادر قولها "تم التطرق إلى انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من بعض المواقع في قطاع غزة، بما في ذلك محور فيلادلفيا الذي احتلته إسرائيل مؤخرا، حيث ترى أن هذه الخطوة جزء من المرحلة المؤقتة التي قد تفتح الطريق لمفاوضات طويلة الأمد حول مستقبل قطاع غزة".
ضغوط على نتنياهوويلفت تقرير الصحيفة إلى المواقف المتشددة لأعضاء الحكومة الإسرائيلية التي قد تعيق التوصل لصفقة مثل هذه، مشيرا على وجه الخصوص إلى وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين أعلنا معارضتهما لأي اتفاق قد يؤدي إلى وقف الحرب في غزة.
ورغم ذلك، ينقل التقرير عن مصادر قريبة من نتنياهو أن هناك تغيرا في الموقف داخل الحكومة، بسبب وجود وعود أميركية بأن إسرائيل ستتمكن من العودة إلى العمليات العسكرية في حال فشلت المفاوضات، وهو ما يسمح بإزالة معارضة بن غفير وسموتريتش.
وتضيف بارسكي "على المستوى الدولي، تتابع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هذه المفاوضات عن كثب. ووفقا للمصادر، فقد وعد بايدن إسرائيل بدعمها في العودة إلى العمليات العسكرية إذا لم تؤد المفاوضات إلى اتفاق دائم.
في المقابل، تشير بعض التسريبات إلى أن نتنياهو تلقى ضمانات شفهية من الرئيس المقبل دونالد ترامب الذي تعهد بدعمه الكامل لإسرائيل في حال فشل المحادثات.
بالتوازي مع هذه التحركات على الصعيد الإسرائيلي، يقول التقرير إن حماس أظهرت مرونة في مواقفها. وينقل عن المصادر السياسية أن هناك إشارات إلى أن الحركة مستعدة للانخراط في محادثات تهدف إلى التوصل إلى اتفاق مؤقت يؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى.
وعلى الرغم من التفاؤل الحذر الذي يسود أوساط بعض المشاركين في المحادثات، فإن الطريق أمام الاتفاقات المستقبلية ما زال محفوفا بالشكوك، فقد مرت إسرائيل بعدد من المراحل التي كانت تبدو فيها المفاوضات على وشك الوصول إلى اتفاقات مهمة، ثم تنهار بسبب الظروف الميدانية أو الضغوط الداخلية.
في الوقت نفسه، يبقى السؤال عما إذا كانت حكومة الاحتلال قادرة على الحفاظ على وحدة صفها السياسي في حال تم التوصل إلى اتفاق مع حماس، فهناك شكوك كبيرة في أن يتمكن نتنياهو من إقناع وزرائه المتشددين بقبول صفقة قد تتضمن تنازلات كبيرة، على حد قول مراسلة معاريف.