يمانيون:
2024-07-06@06:03:42 GMT

إعادة إعمار غزة.. بين السياسة والتمويل

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

إعادة إعمار غزة.. بين السياسة والتمويل

يمانيون – متابعات
كلما تصاعد الحديث عن الهدنة في الحرب الدائرة في قطاع غزّة، تصاعد معه الحديث عن إعادة الإعمار ليس بصفته أحد شروط المقاومة للقبول بالهدنة، فحسب، ولكن بصفته الجائزة التي ستقدّم لسكان القطاع من الدول الشقيقة والصديقة التي اكتفت بدور المتفرّج طوال أيام الحرب، بل وساهم بعضها في حلّ بعض أزمات الكيان مثل تركيا، والإمارات “العربية”.

لكنّ الأموال التي سوف تتدفّق على غزّة لا تهدف إلى تبييض صفحة أنظمة متواطئة مع العدو فقط، فضمن مهمات أموال القوم “مآرب” على رأسها استكمال أجندة العدوان وتحقيق ما لم يتحقّق من أهدافه.

بناء على ما سبق يمكننا تقسيم إعادة إعمار غزّة إلى قسمين؛ سياسي، ومالي، مع وعينا بأن المالي يحاول شراء السياسي وفرض شروط عليه.

لكي نفهم استراتيجية إعادة الإعمار، لا بدّ لنا من فهم استراتيجية الدمار؛ كيف حدث؟ ولماذا حدث؟ إن كان الدمار عشوائياً فكلّ ما نحتاجه هو الأموال لرسم المخططات وشراء المواد الأولية وتشغيل العمال، والعمل بجد فيعود العمران، وتدبّ الحياة في أوصال البيوت والمدن المدمّرة.

أما إذا كان الدمار ممنهجاً ومدروساً ضمن خطة محدّدة المعالم، فإن إعادة الإعمار الحقيقية لا تكون إلا بإفشال هذه الخطة ومعاكسة نتائجها.

باعتقادي إنّ الدمار في غزّة ينتمي إلى النوع الثاني، وهو اعتقاد مبني على أدلة ساقتها مجموعات دولية مستقلة تسجّل الدمار الذي تخلّفه الحروب، بحسب الدكتور جيمون فان دن هوك من مختبر بيئة الأزمات في جامعة ولاية أوريغون فإن التدمير في قطاع غزّة متصاعد بشكل منظّم لم تشهده حروب أخرى مثل الحرب في أوكرانيا، الدمار يتصاعد منذ ثلاثة شهور، في شمال غزّة من 50 – 90%، في الوسط بما في ذلك مدينة غزّة من 12 – 24%، وفي جنوب القطاع من 7 – 15%. كما يتميّز التدمير بأنه يرتكز في خط منتصف القطاع طولياً مع معدلات تدمير أقل شرق وغرب القطاع. في الوقت نفسه يعمل العدو على إنشاء حزام أمني بعرض يتراوح بين 2 كيلومتر في الشرق وكيلومتر في الشمال، مع شارع عرضي يقسم القطاع إلى قسمين شمالي وجنوبي.

إذا وضعنا المعلومات السابقة على الخارطة لن نحتاج للكثير من الجهد لندرك أن ما يحدث هو رسم مسار لتهجير جزء كبير من سكان قطاع غزّة نحو المناطق الجنوبية، تمهيداً لنقلهم إلى أماكن أخرى داخل الوطن العربي أو خارجه، لكي يتحوّل هذا المسار إلى حقيقة على أرض الواقع تتدخّل أموال إعادة الإعمار لتستكمل المهمة، كيف؟

الذهاب إلى شمال القطاع ينطوي على مخاطر أمنية بسبب العدو الذي يمكن أن ننعته بكل النعوت السيئة، لكننا في الوقت نفسه لن نترك المشرّدين يعانون من الجوع وحرّ الصيف وقرّ البرد في العراء، فتنطلق عملية إعادة الإعمار في جنوب القطاع، ويتسابق المتبرّعون والمانحون للقيام بدورهم الإنساني، لكن مساحة جنوب القطاع ضيّقة، ومهما بلغ حجم الاستثمار فإن خلق بنية تحتية قادرة على خدمة أكثر من مليون إنسان أمر يتجاوز المستحيل. يتدخّل الإنسانيون مرّة أخرى وتبدأ هجرة جديدة طوعية تحت ستار العمل، إلى دول الخليج، أو إعادة التوطين في دول أوروبية، في مقدّمتها تركيا التي استقبلت أفواجاً محدودة من النازحين.

نعود إلى صور الرادار التي توثّق الدمار، فقد خرج مقال في صحيفة النيويورك تايمز يشير إلى أن صور الدمار التي تبثّها شركات الأقمار الصناعية الخاصة أظهرت صورة لدبابة إسرائيلية، وأن هذه الصورة قد تكون ساعدت حماس على تحديد مكان هذه الدبابة واستهدافها وتعريض حياة الجنود الإسرائيليين للخطر، وعليه توقّفت شركات التلفزة والأقمار الصناعية والخاصة عن بثّ صور الدمار الملتقطة بواسطة الرادار، خوفاً من الملاحقة القانونية، علماً أنّ الشركات نفسها حصلت على تسهيلات تصفها بالخيالية، إضافة إلى دعم مالي لنقل الصور والأفلام نفسها من أوكرانيا.

سياسياً سيكون لتمويل إعادة الإعمار شروط، أولها تحديد الجهات التي تدير هذه العملية وتشرف عليها، فمجمل الدول التي ستموّل العملية سواء كانت أوروبية أو عربية، سبق لها وأن صنّفت حركة حماس على أنها حركة إرهابية، الاستثناء العربي تمثّله قطر، والأوروبي تمثّله تركيا. فهل نشهد عمليتي إعادة إعمار واحدة بإشراف عربي يمكن أن تمثّله سلطة عباس وأخرى بإشراف حماس؟ هل يقبل العدو بهذا السيناريو؟

يقول الخبراء إن عملية إزالة الأنقاض من غزّة ستحتاج إلى ثلاث سنوات، وإن إعادة الإعمار تحتاج خمس سنوات أخرى أي ثماني سنوات من دون حروب. بمعنى آخر على المقاومة أن تصمت لمدة ثماني سنوات إذا أرادت إعادة إعمار غزّة، وأن تقبل بكل الممارسات الصهيونية وبشكل خاص تهويد ما تبقّى من الضفة الغربية.

لا نستطيع القول إن بمقدورنا الاستغناء عن الجهود الدولية لإعادة الإعمار خاصة وأن الكلفة التقديرية الأولية لهذه العملية تتجاوز 20 مليار دولار، ما نستطيع فعله هو الانخراط في حملات شعبية حقيقية للمساهمة بإعادة الإعمار، وأن تكون هناك هيئة عربية شعبية على غرار المؤتمر القومي العربي تعمل على التدخّل بشكل فعّال، وتشكّل ضغطاً سياسياً وشعبياً على الحكومات والهيئات الدولية لتوجيه عملية إعادة الإعمار بما يخدم صمود أهل غزّة.

– الميادين نت/ عماد الحطبة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: إعادة الإعمار إعادة إعمار

إقرأ أيضاً:

ناشونال إنترست: هل تشعل واشنطن حربا ثالثة في الكونغو الديمقراطية؟

قال باحث أميركي إن الصراع الأكثر دموية في القرن الـ21 لم يكن في أوكرانيا، أو قطاع غزة، أو ليبيا، أو أفغانستان، أو السودان، بل في جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا).

وأضاف مايكل روبين، كبير الباحثين في معهد "إنتربرايز" الأميركي ومدير تحليل السياسات في منتدى الشرق الأوسط، أن حرب الكونغو الثانية (1998-2003) تسببت في مقتل أكثر من 5 ملايين شخص بين المدنيين، وفقا لبعض التقديرات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست تحذر من نشوب حرب مرعبة بين حزب الله وإسرائيلlist 2 of 2لماذا تصنع روسيا طائرة جديدة مع بيلاروسيا؟end of list

وحتى لو كان العدد الحقيقي للضحايا هو نصف الرقم الذي أشارت إليه التقديرات، فإن الباحث أعرب، في مقالة بمجلة "ناشونال إنترست" الأميركية، عن اعتقاده بأن حصيلة الوفيات لا تزال أكبر بكثير من المذبحة التي وقعت في إقليم دارفور غربي السودان في الفترة ما بين عامي 2003-2005.

وانتقد سياسات وزارة الخارجية الأميركية والأمم المتحدة، التي قال إنها تعمل على تأجيج نيران الصراع وتهدد بإشعال الحرب من جديد.

إهمال الدبلوماسية

وقال إن المشكلة الأولى تكمن في أن تجاهل دور الدبلوماسية يُلهب جذوة الحرب، مضيفا أن بإمكان الولايات المتحدة أن تنفق عشرات الملايين من الدولارات على الدبلوماسية والاستخبارات، ولكن إذا كان التقاعس هو سيد الموقف فإن المشاكل ستنتشر مثل السرطان.

وضرب روبين أمثلة على ذلك بما فعلته الإدارات الأميركية المتعاقبة من غض الطرف عن الكثير من الأزمات حول العالم وهي ذات السياسة التي تُميّز السياسة الأميركية الحالية إزاء منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا، وفق المقال.

ولفت الباحث الأميركي إلى أن معظم الناس في الغرب يعتقدون أن الإبادة الجماعية ضد أقلية التوتسي العِرقية في رواندا عام 1994 قد انتهت عندما طردت الجبهة الوطنية الرواندية متطرفي الهوتو وعصابات "إنتراهاموي" المدعومة من فرنسا عبر الحدود إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وقد مرت 3 عقود على تلك الإبادة الجماعية في رواندا وهي واحدة من أحلك الأحداث في تاريخ العالم.

تشبه ما قبل الإبادة برواندا

وأوضح كاتب المقال أن الوقائع في شرق الكونغو حاليا تشبه على نحو لافت الأحداث التي سبقت الإبادة الجماعية في رواندا قبل 3 عقود.

وقال إن شرق الكونغو يشهد حاليا ازدهارا لمليشيات مسلحة، بعضها عصابات إجرامية، وأخرى عرقية، وغيرهما من مليشيات حماية محلية، في طريقه إلى الفوضى.

وزعم روبين أن السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة حاليا في منطقة البحيرات العظمى في أفريقيا هي تأجيل الأمور إلى ما لا نهاية، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور لا يدركون أن الأوضاع تتسارع.

الخطابة لا تمنع حربا ثالثة

وخلص الكاتب إلى أن الخطابة وحدها لن تمنع اندلاع الحرب، وبدلا من ذلك، ينبغي على إدارة بايدن وخليفتها اتباع نهج عدم التسامح مطلقا مع خطاب الإبادة الجماعية والتحريض العرقي.

ويختم مقاله بأن على العالم الاستعداد لاندلاع حرب ثالثة في الكونغو إذا استمرت إدارة بايدن في اعتماد الإهمال نهجا للتعامل مع ما يحدث في منطقة البحيرات الأفريقية العظمى، محذرا من أن الحرب ستوقع الملايين من القتلى وسيكون كل الشعب الكونغولي هو الخاسر في نهاية المطاف.

مقالات مشابهة

  • استمرار العمل في مشروع كوبري وادي الناقة 2 لتحسين البنية التحتية في درنة
  • السياسة والعقيدة: بؤس الأيديولوجيا أم بؤس غيابها؟
  • بعيداً عن السياسة
  • استمرار توسعة وتهيئة الطرق العامة في منطقة مرتوبة شرق مدينة درنة
  • جمعية الأورمان تُسعد 35 أسرة بقرية طنسا ببني سويف بمنازل جديدة
  • دمشق تدعو إلى تعزيز الدعم الدولي لبرامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار في سوريا دون انتقائية أو تسييس
  • ناشونال إنترست: هل تشعل واشنطن حربا ثالثة في الكونغو الديمقراطية؟
  • السفير آلا: تعزيز الدعم الدولي لبرامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار في سورية لتأمين عودة النازحين
  • ياسين: يجب أنّ يكون هناك خطة للتعافي
  • البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يمنح قرضا بقيمة 150 مليون درهم لدعم التحول الطاقي في القطاع المنجمي بالمغرب