ما دلالة غياب سبتة ومليلية عن زيارة رئيس حكومة إسبانيا للمغرب؟
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
تسبّب غياب الحديث عن الوضع الاقتصادي بمدينتي سبتة ومليلة المُحتلّتين، خلال زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب، في فتح الباب على مصراعيه لجُملة من الانتقادات من طرف سياسيين ونقابيين بالمدينتين.
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس اتحاد أرباب العمل في مليلية، إنريكي ألكوبا، أن "زيارة سانشيز الأخيرة للمغرب كانت مخيبة للآمال، بسبب عدم مناقشة إمكانية فتح المعابر الحدودية مع مليلية، وفتح جمارك جديدة في سبتة"، مُعربا عن أسفه لعدم مناقشة القضايا التي تخص المدينتين المغربيتين المحتلتين؛ خلال اجتماعات بيدرو سانشيز مع الملك المغربي محمد السادس، ومع رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش.
وأوضح ألكوبا، وفقا لوكالة الأنباء الإسبانية "أوروبا بريس": "في الاجتماع الثنائي بين إسبانيا والمغرب، الأربعاء، لم تتم مناقشة أي من المواضيع التي تعتبر مهمة بالنسبة لسبتة ومليلية، حيث تم التطرق إلى قضايا مثل دعم إسبانيا للصحراء، وكأس العالم 2030، واستثمار 45 مليار يورو في البنية التحتية بالمغرب".
واعتبر المسؤول النقابي الإسباني، بحسب المصدر نفسه، أن "المشكل يتعدى ما هو تقني إلى ما هو سياسي، كون أن الجمارك التجارية تم إغلاقها لأكثر من 5 سنوات، كما أن نظام المسافرين يشمل اتجاها واحدا طيلة عامين، إذ يمكن نقل أي شيء من المغرب إلى سبتة ومليلية، وليس العكس".
من جهتها، قالت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني في مليلية، غلوريا روخاس، إنها "تقدر بشكل إيجابي اجتماع بيدرو سانشيز مع الملك محمد السادس في الرباط"، مطالبة بـ"الهدوء والصبر"، وذلك جرّاء الانتقادات التي وجّهتها الأحزاب الأخرى لرئيس الحكومة الإسبانية عند عودته من الرباط، دون تحقيق الهدف المتعلق بفتح الجمارك في سبتة ومليلية.
أما فيما يخص دلالات غياب الحديث عن المدينتين سبتة ومليلية من أجندة رئيس الحكومة الإسبانية خلال زيارته بالمغرب، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الحبيب استاتي زين الدين، إنه: "يمكن التقاط الدلالات من بلاغ الديوان الملكي، بحيث هناك أولويات والتزامات استراتيجية متبادلة يتعين الحرص على تنفيذها والوفاء بها، انسجاما مع المكتسبات الإيجابية التي راكمها الجانبين، منذ أزيد من سنة ونصف بعد الخروج من مرحلة الغموض وتصلُّب المواقف".
وتابع الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في جامعة القاضي عياض بمراكش، في حديثه لـ"عربي21"، بأن "هناك ملفات لها الأسبقية تفرض نفسها في المرحلة الحالية، بعد تجدُّد الثقة في بيدرو سانشيز لمواصلة العمل الثنائي المثمر مع المملكة المغربية. ويمكن تفسير هذه الأولوية بثلاثة اعتبارات مترابطة على الأقل".
واسترسل: "أولا، الزيارة ليست منفصلة عن التطورات السابقة، وإنما تأتي في إطار استمرارية الدينامية التي أطلقتها المرحلة الجديدة للعلاقات الثنائية، والتي تم تدشينها منذ اللقاء بين الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة الإسبانية في أبريل 2022، والذي توج آنذاك باعتماد البيان التاريخي المشترك بين البلدين".
وأضاف: "ثانيا، التأكيد على موقف إسبانيا الذي يعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية هذا الخلاف المفتعل"، مردفا بأنها "إشارة عميقة إلى أن الخطوة الشجاعة وغير المسبوقة التي أقدمت عليها الحكومة الإسبانية باعتبار مقترح الحكم الذاتي المُصاغ من قبل المغرب، حلا متوازنا وواقعيا لحل الملف الترابي المغربي، تمت بعد قراءة متأنية وعقلانية للتحديات الداخلية والخارجية التي تحيط بالبلدين".
وأكد أستاذ العلاقات الدولية، في حديثه لـ"عربي21"، على أن "مواصلة البلدين تنفيذ عناصر خريطة الطريق، المنبثقة عن البيان المشترك الصادر يوم 7 أبريل 2022، وبحث السبل الكفيلة بتسريع تنفيذها، وتحديد مسارات تعاون جديدة، ومواكبة الزخم الذي أعطي لشراكة واعدة بين جارين حكيمين يُقدمان، اليوم، حالة نموذجية لما يجب أن تكون عليه العلاقات الثنائية المحكومة بحتمية الجغرافيا، وضغط التاريخ".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المغرب سبتة ومليلية اسبانيا المغرب سبتة ومليلية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس الحکومة الإسبانیة سبتة وملیلیة بیدرو سانشیز
إقرأ أيضاً:
هل سيُترك لرئيس الجمهورية حرية اختيار رئيس الحكومة؟
ذكرتني جلسة 9 كانون الثاني من العام 2025 بجلسة 23 آبمن العام 1982. فالرئيس جوزاف عون آتٍ من خلفية عسكرية، وكذلك بشير الجميل، مع فارق بأن الأول كان قائًدا للمؤسسة العسكرية فيما الثاني كان قائدًا عسكريًا لـ "القوات اللبنانية". العماد عون انتخب رئيسًا للجمهورية بعد حرب مدّمرة شنتها إسرائيل على لبنان. والرئيس الجميل انتخب بعدما اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان ووصلت إلى عاصمته. الأول أقسم اليمين الدستورية فيما الثاني استشهد قبل أن يقسم هذا اليمين. ولو أتيح للشيخ بشير الجميل من إلقاء خطاب القسم لجاء مشابهًا بروحيته وعناوينه العريضة لخطاب قسم الرئيس عون.
فانتخاب كل من الرئيسين ترك ارتياحًا شعبيًا واسعًا، وترحيبًا دوليًا غير مسبوق. وبهذه الشعبية دخل الرئيس عون إلى قصر بعبدا، الذي لم يستطع الشيخ بشير الدخول إليه فكان قدره الاستشهاد، وبقي ذكره مؤبدًا. ففي انتخابات 9 كانون الثاني و23 آب كان الأمل بخلاص قريب هو القاسم المشترك بين هذين التاريخين، وإن باعدت بينهما 43 سنة لم يتغير الشيء الكثير في لبنان، الذي كان يعاني من الأزمات ذاتها التي يعانيها اليوم.
ففي خطاب قسم 9 كانون الثاني الكثير من النقاط المشتركة، التي كان يتضمنها خطاب قسم الرئيس الجميل، الذي بقي ملكًا لمن أعدّه من مستشارين. أمّا خطاب قسم الرئيس عون فقد أصبح ملك جميع اللبنانيين، الذين تلقوه بكثير من الفرح والأمل. وقد يصلح هذا الخطاب المعّد بحرفية متناهية لأن يكون أساسًا للبيان الوزاري لحكومة العهد الأولى، خصوصًا إذا تمّ تكليف رئيس تتلاقى تطلعاته مع تطلعات الرئيس عون، وتتشابه نظرتهما إلى الطريقة التي ستتم بها إدارة البلاد بنفس جديد وروحية متجدّدة، خصوصًا إذا كانا سيلتقيان حتمًا عند مفترق طريق واحد، وذلك استنادًا إلى ما كان بينهما من قواسم مشتركة في المعالجات السياسية والعسكرية.
فالاستشارات النيابية الملزمة التي أقرّتها وثيقة الطائف قد تبدو مجحفة في حق كل من رئيس الجمهورية والرئيس الذي يكّلف بنتيجة هذه الاستشارات تشكيل الحكومة. وسبب هذا الاجحاف أن الكتل النيابية قد تسمّي شخصية من غير طينة رئيس الجمهورية، ومن غير توجهاته. حتى أن ليس له رأي في هذا التكليف الآلي. وكان حري بمشرّعي وثيقة الوفاق الوطني لحظ أهمية مفعول عامل الكيمياء المفترض أن تربط بين رئيس الجمهورية والرئيس المكّلف. فإذا لم يكن ما بين الرجلين من تقارب في الرؤية والهدف، كونهما المسؤولين الأولين عن السلطة التنفيذية، فإن عامل المناكفة يكون طاغيًا على أدائهما طيلة فترة المساكنة بينهما وغير المضمونة النتائج. وهذا ما حصل مع أغلبية رؤساء الجمهوريات والحكومات ما بعد الطائف.
فإذا لم يُعطَ الرئيس عون المزيد من الهوامش الواسعة في حرية اختيار الرئيس المكلف من بين الأسماء المؤهلة، الذي يرى أنه ينسجم معه في الرؤية والتطلعات والأسلوب قد تذهب فرحة الناس سدىً. فرئيس الجمهورية، أيًّا تكن مؤهلاته القيادية، لن يستطيع وحده أن يقود البلاد إلى شاطئ الأمان. فلا رئيس الجمهورية قادر وحده على حلّ كل المشاكل العالقة حتى ولو كانت لديه الإرادة الكافية لتحقيق ما يصبو إليه. ولا رئيس الحكومة يستطيع لوحده أن ينقل البلاد من ضفة الانهيار إلى ضفة التعافي ما لم يكن على وفاق تام مع رئيس الجمهورية.
فالمناكفات السياسية وتضارب الصلاحيات بين الرئيس الأسبق ميشال عون ورؤساء الحكومات، الذي توالوا على ترؤس الحكومات المتعاقبة أدّت إلى ما أدّت إليه من انهيارات شاملة، وتضاف إلى هذا السبب أسباب أخرى كثيرة، ومن بينها ما كشف عنه الرئيسان سعد الحريري ونجيب ميقاتي بالنسبة إلى التدخلات غير المنطقية لرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بكل شاردة وواردة، فضلًا عن عدم الانسجام بين الرئيس السابق للجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
فـ "الترويكا" بمعناها الإيجابي مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى. فإذا لم يتمكّن الرئيس جوزاف عون من أن يكون له رأي في اختيار رئيس الحكومة العتيد، وإذا لم يلمس استعدادًا من قِبل الرئيس بري في مواكبته للورشة الإصلاحية المطلوبة اليوم قبل الغد من مجلس النواب، فإن فرحة الناس ستكون ناقصة وغير مكتملة.
فهل سيتاح للرئيس عون حرية اختيار رئيس أول حكومة في عهده فيعيد تجربة العلاقة الناجحة بين الرئيسين بشاره الخوري ورياض الصلح؟ المصدر: خاص "لبنان 24"