إنتاج الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي.. تقدم مذهل ومخاوف مشروعة
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
تطور مذهل يشهده الذكاء الاصطناعي المستخدم في إنتاج مقاطع الفيديو بعد الكشف عن سورا Sora، مولّد تحويل النص إلى فيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي من شركة اوبن إيه آي OpenAI.
تستخدم الأداة، التي كشفت عنها الشركة قبل أيام، الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء مقاطع فيديو قصيرة على الفور بناءً على أوامر مكتوبة. وكانت النتائج الأولية مذهلة حتى أن البعض خُدع في الفيديوهات المنتجة، معتقداً أنها مشاهد حقيقية من أرض الواقع كما في الفيديو التالي:
والواقع أن "سورا" ليس الأداة الوحيدة التي تستخدم هذا النوع من التكنولوجيا المتقدمة، لكن الخبراء يشيرون إلى الجودة العالية لمقاطع الفيديو التي تعرضها "سورا" حتى الآن، مؤكدين أن كشف الستار عنها يمثل قفزة كبيرة سواء للشركة أو لمستقبل إنشاء تحويل النص إلى فيديو بشكل عام.
ومع ذلك، وكما هو الحال مع كل الأشياء في مجال الذكاء الاصطناعي سريع النمو في هذه الأيام، تثير هذه التكنولوجيا أيضًا مخاوف بشأن الآثار الأخلاقية والمجتمعية المحتملة.
كيف يعمل "سورا"؟
تقوم الأداة الجديدة "سورا" بإنشاء مقاطع فيديو تصل مدتها إلى 60 ثانية (حتى الآن!) بناءً على طلبات مكتوبة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، كما يمكن للنموذج أيضًا إنشاء فيديو من صورة ثابتة.
والذكاء الاصطناعي التوليدي هو فرع من الذكاء الاصطناعي يمكنه إنشاء شيء جديد تماماً. تشمل الأمثلة روبوتات الدردشة، مثل ChatGPT من OpenAI، ومولدات الصور مثل DALL-E وميد جيرني Midjourney.
قامت شركة اوبن إيه آي بتغذية "سورا" بمقاطع فيديو وصور وتم تدريبه على تحويل الصور الثابتة والنصوص بما يعرف باسم "محولات الانتشار"، لتحويل ما تمت تغذيته به من معلومات إلى فيديوهات ومشاهد متحركة.
كما تم تدريب "سورا" على إنتاج الفيديوهات بجودات ودرجات وضوح وأطوال مختلفة، آخذاً في الاعتبار النسب المنطقية للأبعاد وتدرجات الألوان وغيرها من العوامل، وفق ما ذكر موقع "ماشابل" التقني المتخصص.
متى يمكن أن يتاح "سورا" للعامة؟
حتى الآن فإن "سورا" ليس متاحًا للاستخدام العام. تقول اوبن ايه آي إنها تتواصل مع صانعي السياسات والفنانين قبل إطلاق الأداة رسميًا، لكن في الحقيقة فإن الكثير من الجوانب المحيطة بالأداة نفسها يحيطها الكثير من الغموض.
وبحسب موقع "تك. كو" التقني المتخصص فإن نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد يتم إخضاعه في الوقت الحالي للفحص الدقيق من قبل باحثين أمنيين مسؤولين عن ضمان سلامته وأمانه، إضافة إلى تقييم "المخاطر الحرجة" الناشئة عن استخدامه وذلك قبل إصداره للجمهور.
ومنحت الشركة مجموعة محدود للغاية من الفنانين وصانعي الأفلام والمصممين إمكانية الوصول إلى "سورا" بهدف تجربته بكامل إمكانياته والتعرف على المزايا والعيوب. لكن يبدو أن بعض الحسابات المعروفة في منتدى OpenAI تشير إلى أنه ستكون هناك قائمة انتظار طويلة سيتم طرحها في مرحلة ما لضم المزيد من الأشخاص، دون تحديد موعد واضح لإمكانية عمل ذلك.
ومنذ إعلان إطلاق "سورا"، نشرت الشركة عددًا من الأمثلة لمقاطع الفيديو التي أنشأها النظام لإظهار إمكانياته، وهو ما فعله سام التمان الرئيس التنفيذي للشركة على حسابه بموقع "اكس" والذي طلب من المتابعين ارسال أفكار لفيديوهات يرغبون في إنتاجها وقام بنشر الفيديوهات لاحقاً:
أدوات أخرى لصناعة الفيديو بالذكاء الاصطناعي
لم تكن "سورا" هي الأداة الأولى من نوعها التي تقوم بإنتاج الفيديوهات من خلال أوامر أو نصوص مكتوبة، فشركات مثل غوغل، وميتا، والشركة الناشئة Runway ML تُعد من بين الشركات التي لديها تكنولوجيا مماثلة.
لكن بحسب الخبراء فإن النتائج التي جاءت من "سورا" لا يمكن مقارنة جودتها مع الأدوات الأخرى، سواء من حيث جودة الصور والوضوح والطول، ما يجعل "سورا" نقلة مذهلة في هذا المجال.
قال فريد هافيماير، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي وأبحاث البرمجيات في شركة ماكواري بالولايات المتحدة، إن إطلاق "سورا" يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة لهذه الصناعة، بحسب ما نقل موقع "يورونيوز".
وأضاف: "لا يمكنك فقط إنشاء مقاطع فيديو أطول، فأنا أفهم أن تنتج مقطعاً يصل إلى 60 ثانية باستخدام بعض الأدوات، لكن اليوم يمكن إنتاج فيديوهات طويلة، كما أن مقاطع الفيديو التي يتم إنشاؤها من خلال "سورا" تبدو طبيعية أكثر ويبدو أنها تحترم قوانين الفيزياء وتقترب من العالم الحقيقي بشكل أكبر".
وبالعودة إلى "سورا"، فقد يرى البعض أن المنتج النهائي لا تشوبه شائبة في الوقت الحالي، لكن الشركة تؤكد أنه لا تزال هناك بعض نقاط الضعف، بما في ذلك بعض العناصر المتعلقة بالمكان وبعض النتائج التي لم تكن على المستوى المطلوب كما يظهر في هذا الفيديو:
أزمات قانونية وأخلاقية حالية ومستقبلية
وبحسب الخبراء فإن المشكلة القانونية والأخلاقية تعلقت في بداية الأمر بكيفية الحصول على بيانات التدريب لنماذج الذكاء الاصطناعي منذ أن أطلقت الشركة نموذج ChatGPT.
فقد تم اتهام كل من اوبن إيه آي وغوغل بـ”سرقة” البيانات بهدف تدريب نماذجهم الجديدة للذكاء الاصطناعي، أو بعبارة أخرى استخدام البيانات المأخوذة من وسائل التواصل الاجتماعي، ومنتديات الإنترنت وقواعد بيانات الكتب الخاصة، والمواقع الإخبارية دون الحصول على إذن مسبق.
وكان الرد هو أن الأساس المنطقي لاستخراج بيانات التدريب من الإنترنت بالكامل هو أن هذه البيانات متاحة للجمهور. لكنّ ما هو متاح للجمهور لا يجب نشره دائمًا في المجال العام.
على سبيل المثال، رفعت صحيفة نيويورك تايمز دعوى قضائية ضد شركتي اوبن إيه آي و مايكروسوفت بسبب انتهاك حقوق الطبع والنشر، زاعمة أن نماذج اوبن إيه آي استخدمت أعمال التايمز حرفياً أو استشهدت بالقصص بشكل غير صحيح.
واذا كان هذا هو الحال مع النصوص المكتوبة، فيمكننا أن تتوقع كيف سيكون الأمر مع كبار العاملين في صناعة الترفيه وخصوصاً في الولايات المتحدة.
انتهاك للخصوصية وحقوق النشر؟
أيضاً، تظل المشكلة قائمة، إذ لازلنا لا نعرف مصدر البيانات التي تم تدريب "سورا" من خلالها. كتب غاري ماركوس، خبير الذكاء الاصطناعي الذي أدلى بشهادته في جلسة استماع لجنة مراقبة الذكاء الاصطناعي بمجلس الشيوخ الأمريكي: "لقد التزمت الشركات الصمت بشأن الكيفية التي قاموا من خلالها بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي بل وما تم تدريب تلك النماذج عليه".
وأضاف: "يعتقد الكثيرون أنه من المحتمل أن يكون هناك منتجات استخدم فيها الذكاء الاصطناعي باستخدام محركات الألعاب مثل Unreal على سبيل المثال دون أن نعلم.. لذا لن أتفاجأ على الإطلاق إذا كان هناك أيضًا الكثير من التدريب لهذه النماذج من خلال المحتوى المنشور في موقع يوتيوب أو العديد من المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر".
على الجانب الآخر، بدأ صناع محتوى الفيديو يشعرون بالقلق على مستقبلهم من وجود أداة تقوم بعمل ما يقومون به وفي المستبقل ربما تتجاوز جودة المواد المنتجة أبعد مما يمكن للبشر إنتاجه مهما حاولوا، وهو ما يهدد مصدر دخل ومسقبل الكثيرين حول العالم في هذه الصناعة.
لكن المتفائلين يرون أن هذا النوع من التطور قد يؤدي إلى زيادة الطلب على أدوات إنتاج الفيديو الإبداعية مثل Premiere ومع الوقت يمكن دمج مثل هذه التقنيات فيها، ما يحسن من جودة العمل بشكل مذهل، مع وجود اللمسة الإنسانية في المنتج النهائي.
ويرى آخرون أن هذه التقنيات ستتاح بشكل مبالغ فيه مادياً في البداية، ما يجعل إنشاء مقاطع الفيديو الطويلة أمرًا مكلفًا للغاية من الناحية المالية.
لكن الخبراء يتفقون في النهاية على أن البشرية في حاجة دائمة إلى التعديل والتطوير والابتكار، وأن الذكاء الاصطناعي سيعزز الإبداع البشري وسيظل للإنسان دائماً الأهمية الكبرى في هذا العالم المستقبلي.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی إنتاج الفیدیو مقاطع الفیدیو مقاطع فیدیو إنشاء مقاطع اوبن إیه آی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي والدخول إلى خصوصيات البشر
#الذكاء_الاصطناعي والدخول إلى #خصوصيات_البشر
أ.د رشيد عبّاس
منذُ أكثر من عامين كنتُ قد كبتُ أكثر من مقال حول الذكاء الاصطناعي من حيث تقنيته وخوارزمياته, ومن حيث أقسامه وادواته وآليات عمله, وصولاً إلى تطبيقاته المتنامية في جميع جوانب الحياة البشرية, وتوقفتُ عند خطورة الجانب الأخلاقي له ببعديه المادي والمعنوي على حياة البشر.
تبدو خطورة الذكاء الاصطناعي من عدم وجود تشريعات وقوانين ضابطة له, الأمر الذي جعل مبدأ المسائلة معطّل تماماً, وجعل أيضاُ انضباط الجانب الأخلاقي والجانب الإنساني في هذا الذكاء منعدم إلى حد ما, فضلاً عن خصوصية حياة البشر باتت متاحة وتحت رحمة التحول الرقمي لخوارزميات ولوغرتمات الذكاء الاصطناعي وأقتراناته الاسية.
مقالات ذات صلة نجاح اداره البنك المركزي في حمايه الائتمان المالي ودعم بيئهً الاستثمار في الاردن 2025/03/15لقد تجاوز الذكاء الاصطناعي كونه قادراً على التحكم في جميع شؤون مجالات حياة البشر, وقادراً على احتلال آلاف الوظائف التي كان وما زال يقوم بها البشر والتي تُنذر بالاستغناء عن هؤلاء البشر, لنصل بعد ذلك ومن خلال الجيل الخامس من هذا الذكاء إلى نقطة مُقلقة تتمثل بضرب البشر بعضهم ببعض اجتماعياً, واختراق خصوصياتهم دون أية مراعاة للجانب الأخلاقي والإنساني سواء بسواء.
رواد الذكاء الاصطناعي (إيلون ماسك, سام إلتمان, جفري هينتون,..) وصولوا إلى نقطة خطيرة للغاية تتمثل في إمكانية أن تعطي الروبوتات أوامر معينة لبعضها البعض دون تدخل البشر فيها, وأبعد من ذلك وصولوا إلى مرحلة متقدمة في توجيه طائرات الدراون تعليمات معينة لبعضها البعض في غياب تحكم البشر فيها.. وفي نفس الوقت أبقوا على الجانب الأخلاقي والجانب الإنساني دون تشريعات وقوانين ناظمة تحترم وتراعي خصوصيات البشر, بالذات في الجانب الشعوري للإنسان, الأمر الذي فتح الباب على مصرعيه أمام الكثيرين للدخول إلى خصوصيات البشر وأسرارهم والتلاعب فيها كإضافة أو حذف محتوى معين, أو تشوية الصوت والصورة, وذلك من خلال التلاعب في تركيب الاصوات والصور معاً.
اليوم ومن خلال خوارزميات ولوغرتمات الذكاء الاصطناعي وأقتراناته الأسية قد تشاهد فيديو لزوجتك في سرير رجل غريب, وقد يُنقل عنك عبر فيديو حديث غير لائق لم تقله عن شخص ما, وقد تشاهد فيديو لمشاجرة أب لك مع جار له, وأكثر من ذلك قد تشاهد حادث اصطدام سيارة ابنك في عمود كهرباء, لا بل هناك امكانية خوارزميات ولوغرتمات الذكاء الاصطناعي وأقتراناته الاسية أن تشاهد بنتك تغني بلباس فاضح على مسرح كبير يعج بالحضور من الرجال في احد المناسبات.
الأمر قد يبدو هنا مضحكاً, فقد يأتوا بمذيع اخبار معروف ويجعلوه يعلن خبر مزعج ويترتب عليه مشاكل اجتماعية عديدة, وقد يجعلوك تقود سيارة نفايات في احدى المدن وتتوقف عند الحاويات فيها, ثم هناك امكانية عالية لدى الذكاء الاصطناعي بجعلك جزاراً تقوم بتقطيع اللحوم وبيعها على الزبون, وقد يأتوا بصاحب عمامة كبيرة ليفتي بقضية عليها خلاف ديني معين.. نعم قد يجعلوا منك رجلاً متسولاً في احدى الزقاق.
والحال هكذا سيجد العالم نفسه أمام ذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إيقاع الفتن بين أفراد البشر حاكمين ومحكومين وضربهم ببعضهم البعض دون أية ضوابط تُذكر, والعمل على اختراق خصوصياتهم دون أية مراعاة للجانب الأخلاقي والإنساني في ذلك, في الوقت الذي فيه ما هو عيب/ مُحرّم في مكان ما, قد يكون ليس عيباً/ ومُحلّل في مكان ما آخر.
ولعدم وجود تشريعات وقوانين ناظمة للذكاء الاصطناعي ستكون المجتمعات أمام مشكلات وخلافات اجتماعية وأيدولوجية عديدة, يصعب إيجاد حلول لها, وللخروج من هذه التحديات, لا بد من تفعيل مبدأ المساءلة, في ظل وجود تشريعات وقوانين ناظمة, تحترم خصوصيات البشر, وتراعي الجانب الأخلاقي والجانب الإنساني لهم.. كيف لا والذكاء الاصطناعي سيكون عابر لجميع المجتمعات, في الوقت الذي فيه خصوصية اجتماعية وأيدولوجية لكل مجتمع من هذه المجتمعات.