أكد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية رئيس المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية أن التجارة تُعدّ محركًا رئيسيًا للاقتصاد العالمي، فهي تحفز الإنتاجية والتنمية والفرص في أرجاء العالم، الأمر الذي من شأنه أن يخلق فرص عمل، ويعزز تبادل المعارف والخبرات، ويدعم الابتكار، ويشجع ريادة الأعمال ويحفزها.

وقال معاليه إن دولة الإمارات مثال ونموذج ًعالمي يحتذى به في قدرة التجارة على الارتقاء بالاقتصاد وتحفيز نموه وعلى رسم مسار يقود إلى الرخاء المستدام على المدى البعيد. ولهذا تعد الإمارات من المؤيّدين الدائمين لنظام تجاري عالمي قائم على قواعد شفافة وعلى معايير واضحة، ويَسهل تطبيقه، وقابل للتكيف ويتمتع بالمرونة اللازمة لتخطي التحديات.

وأكد حرص الإمارات على أن تلعب دورًا في رسم مستقبل نظام التجارة العالمي عبر استضافة المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في العاصمة أبوظبي. وأضاف معاليه أنه مع تولي دولة الإمارات رئاسة المؤتمر الوزاري الثالث عشر تركز الدولة على إيجاد بيئة مناسبة لإجراء حوار بنّاء بين الدول الأعضاء، بهدف توفير الدعم المناسب للجهود الرامية للتوصل إلى رؤية مُتوافقة ومُوحّدة في ما يخصّ القضايا التجارية الرئيسية، وإعادة التأكيد على التزامها بنظام التجارة العالمي خصوصا في ظلّ الوضع الراهن للاقتصاد العالمي وما يتسم به من عدم الوُضوح وتزايد التعقيدات.

وأشار معاليه إلى أن هذه الجهود لا تقتصر على أسبوع واحد، حيث إنّ القرارات والالتزامات التي سيجرى التعهّد بها في أبوظبي خلال المؤتمر ستضمن أن نعمل معًا بانسجام تام، بهدف بناء نظام تجاري يعود بالفائدة على الجميع.

وتشهد طاولة مفاوضات المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية الذي ينطلق غدا في أبوظبي تحت شعار “متحدون من أجل التجارة العالمية” -العديد من القضايا المُلحة ذات الأولية المتمثلة في “التنمية” بهدف تمكين البلدان النامية من المشاركة والاستفادة على نحو أكمل في النظام التجاري العالمي.. إضافة إلى “دعم مصايد الأسماك” بهدف حظر الإعانات الضارة لمصايد الأسماك للحد من الاستنفاد الواسع النطاق للأرصدة السمكية في العالم.. إضافة إلى “الزراعة” بهدف إصلاح التجارة الزراعية والسياسات المحلية لتمكين المنافسة العادلة، والحد من تشوهات السوق، والحد من انعدام الأمن الغذائي. كما تشمل القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات “تسوية المنازعات” بهدف إصلاح آلية تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية لضمان حل عادل للنزاعات التجارية بين أعضاء المنظمة.. إضافة إلى “قرار TRIPS الصادر في المؤتمر الوزاري الثاني عشر” بشأن استجابة المنظمة لجائحة كوفيد19 والاستعداد للجوائح المستقبلية، ويتضمن الإشارة إلى القرار الوزاري بشأن الإعفاء المؤقت من بعض أحكام اتفاق الجوانب التجارية ذات الصلة بحقوق الملكية الفكرية، لتمكين الدول النامية من زيادة قدراتها على زيادة إنتاجها من اللقاحات لمكافحة جائحة كورونا والجوائح المستقبلية. كما تتضمن أجندة المؤتمر بند “إصلاح منظمة التجارة العالمية” بهدف تحسين كفاءة منظمة التجارة العالمية للاستجابة بشكل أكثر فعالية للتحديات التي تواجه النظام التجاري المتعدد الأطراف.. إضافة إلى “تحفيز التجارة الإلكترونية” بهدف تمديد وقف فرض الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

النظام التجاري العالمي في حاجة إلى إنقاذ عاجل

لم يسحب الرئيس دونالد ترامب رسميا بعد الولاياتِ المتحدة من منظمة التجارة العالمية. لكنه يبتعد عن قواعد ومعايير المنظمة بعدما فرض وطبّق رسوما جمركية على الصين وكاد أن يفعل ذلك مع كندا والمكسيك.

لدى باقي العالم مصلحة قوية في الحفاظ على النظام التجاري العالمي حتى إذا اختارت الولايات المتحدة عمليا الخروج منه. لكن هذا يتطلب من البلدان التي تواجه الرسوم الأمريكية تعزيز ردودها الوطنية بعمل مشترك وعاجل.

لم يترك ترامب أي شك أثناء حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة بأنه يعتبر الرسوم الجمركية أداة مرغوبة في السياستين الاقتصادية والخارجية. رغم ذلك كان قراره صادما في 1 فبراير بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 10% إلى 25% ضد المكسيك وكندا والصين. فتجارة هذه البلدان الثلاثة تزيد عن 40% من إجمالي تجارة الولايات المتحدة في السلع.

رُبطَت هذه الخطوة بمطالب غامضة. ولم تسبقها أية محاولة جادة للتفاوض، كما لم تميز بين الحلفاء القريبين والمنافسين الاستراتيجيين أو بين البلدان التي ترتبط باتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة وتلك التي ليست كذلك. إلى ذلك، استُخدم لتبرير هذا القرار مبدأٌ قانوني داخلي غير قاطع ومن المستبعد جدا أن يكون القرار قد تقيد بالتزامات الولايات المتحدة بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية.

يعتبر الرئيس ترامب الرسومَ الجمركية أداة متعددة الأغراض. لقد هدد باستخدامها لجعل الحلفاء ينفقون المزيد على احتياجاتهم الدفاعية وإجبار البلدان على الاحتفاظ بالدولارات الأمريكية كأصل احتياطي والتراجع عن الضرائب التي تفرضها على شركات التقنية الأمريكية الكبيرة أو حتى فرض التنازل عن أراضٍ للولايات المتحدة سواء قناة بنما أو جزيرة جرينلاند.

حدّد ترامب أيضا الاتحاد الأوروبي كهدف لفرض رسوم جمركية في المستقبل بسبب حجم العجز في التجارة الثنائية بينه وبين والولايات المتحدة. ومؤخرا أعلن عن رسم جمركي بنسبة 25%على كل واردات الصلب والألمونيوم القادمة للولايات المتحدة، كما أضعف القواعد الحاكمة للتجارة والاستثمار الدوليين بإعلانه أن وزارة العدل الأمريكية ستكُفُّ عن تطبيق قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة. وهذه ربما مجرد البداية.

استراتيجية ترامب أبعد من أن تكون واضحة. فهو يبدو سعيدا بأن يرى ارتفاعا دائما في متوسط الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع من 2.7% إلى 15% أو 20%. وهو يحاجج بأن ذلك سيفيد اقتصاد الولايات المتحدة بزيادة الإيرادات الجمركية المتحصلة من الأجانب مما سيسمح بدوره في إجراء تخفيضات في الضرائب المحلية، كما يزعم أيضا أنه سيشجع على المزيد من الاستثمار (وبالتالي إيجاد المزيد من الوظائف) في الولايات المتحدة وخفض العجز التجاري الأمريكي.

من الممكن أن تبلغ الحصيلة الإضافية من الرسوم الجمركية مئات البلايين من الدولارات سنويا، لكن سيقع العبء في معظمه على المستهلكين والشركات في الولايات المتحدة. ومن المستبعد أن تُحدِث الرسوم تغييرا مهما في الموقف المالي للحكومة الأمريكية نظرا إلى أن الحزب الجمهوري يفكر في إجراءات تحفيزية تقارب تكلفتها خمسة تريليونات دولار تراكميا. كما قد تتراجع حصيلتها بمرور الوقت مع حصول الشركاء التجاريين للولايات المتحدة على أسواق تصدير بديلة.

قد تحفز الرسوم على بعض الاستثمارات الإضافية في الولايات المتحدة. لكن ربما يحدُّ منها تصور يتعزّز بأن الولايات المتحدة حلقة لا يمكن الاعتماد عليها في سلسلة التوريد العالمية. أيضا ارتفاعُ أسعار الفائدة المحلية مع محاولة البنك المركزي الأمريكي خفض الأثر التضخمي للرسوم الجمركية يمكن أن يعرقل الاستثمار.

لا يعتبر آخرُ تحليلٍ لصندوق النقد الدولي المستوى العام للعجز الأمريكي أمرا إشكاليا سواء للولايات المتحدة أو البلدان الأخرى. في الأثناء، تركيز ترامب على القضاء على العجوزات التجارية الثنائية مع كل بلد على حدة سيزيد التشوهات ومواضع الضعف في اقتصاد الولايات المتحدة.

من الممكن أن تكون أهداف ترامب في المقام الأول سياسية وليست اقتصادية. لكن من المستبعد أن تكون ترتيبات الدفاع المشترك التي ترتكز على الإكراه الاقتصادي فعالة أو مستدامة. (الإكراه الاقتصادي هنا يعني اتخاذ إجراءات اقتصادية ضد دولة ما لإجبارها على تغيير سياساتها- المترجم). إلى ذلك، مطالب ترامب الاقتصادية متطرفة بحيث من غير المتصوَّر أن يكون أي قدر من الضغوط السياسية فعالا في تحقيقها.

حتى الآن البلدان التي استهدفتها رسوم الولايات المتحدة أعلنت بسرعة أنها تنوي الرد عليها فيما أشارت أيضا إلى استعدادها للتفاوض. وفي حالتي كندا والمكسيك ساهمت تعهداتهما المعلنة بتعزيز أمن الحدود في تأجيلها لمدة شهر. وأشار الاتحاد الأوروبي على نحو مماثل إلى أنه سيرد على أية رسوم أمريكية جديدة بإجراءات مضادة بما في ذلك استخدام «أداة الإكراه الاقتصادي الجديدة» الخاصة به لاستهداف صناعة التقنية الأمريكية. كما أشار في نفس الوقت إلى استعداده للتفاوض.

من المفهوم أن يكون هنالك إجراء انتقامي من البلدان المستهدفة على الرغم من احتمال تعرضها إلى ضرر اقتصادي إضافي في الأجل القصير. ذلك لأنها تدرك أن عدم ردها على الرسوم سيشجع في الغالب الرئيس ترامب على تقديم المزيد من المطالب.

وقد يرى بعض واضعي السياسات أيضا فرصة للجمع بين الرد الانتقامي والسعي وراء أهداف أخرى، ففرض الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية على صناعة التقنية الأمريكية يتَّسِق مع رغبته في الحدِّ من النفوذ الاحتكاري لشركات التقنية الأمريكية الكبرى والتشجيع على نمو شركات تقنية في بلدان الاتحاد.

هنالك قدر كبير من الإحباط إزاء منظمة التجارة العالمية. بعض هذا الإحباط متعلق مباشرة بتصرفات الولايات المتحدة مثل تعليق «نظام تسوية النزاعات» والاتساع المستمر لنطاق «استثناء الأمن الوطني». (عطلت الولايات المتحدة عمليا آلية حل النزاعات في المنظمة من خلال الحيلولة دون تعيين قضاة جدد لهيئة الاستئناف منذ عام 2019. ترتب عن ذلك تجميد تسوية النزاعات ضد الولايات المتحدة عند مرحلتها الأولى مثل تجاهل واشنطن الحكم بعدم قانونية فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية على واردات الصلب والألمونيوم، كما تتوسع الولايات المتحدة في استخدام بند استثناء الأمن الوطني في اتفاقية الجات لتبرير فرض قيود تجارية مثل الحد من تصدير أشباه الموصلات للصين – المترجم.)

هنالك مصادر إحباط أخرى أقدم كثيرا بما في ذلك العجز عن معالجة موضوع الدعومات الحكومية الصينية غير العادلة أو إيجاد سبل لتحديث القواعد والمعايير والذي يأخذ بعين الاعتبار سرعة الابتكار التقني والانتقال إلى الطاقة المتجددة.

على أية حال الأغلبية الغالبة من أعضاء منظمة التجارة العالمية سترغب في الحفاظ على النظام المرتكز على قواعد بدلا عن التخلي عنه. لكن ذلك سيحتاج إلى ما هو أكثر من التجاهل الحميد.

لا ترتبط حوالي 80% من التجارة العالمية في السلع بالولايات المتحدة مباشرة. وهي لم تعد أكبر شريك تجاري لبلدان عديدة. لكن دور الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي يظل محوريا. وبالتالي من المطلوب وبسرعة تبني استراتيجية استباقية بقدر أكبر.

ذلك يتطلب ثلاث خطوات ابتدائية. أولا، على التكتلات التجارية غير الأمريكية الثلاث (الاتحاد الأوروبي والاتفاقية الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادي والصين) إصدار بيان جماعي يؤكد دعمها لمنظمة التجارة العالمية والتزامها بمبادئها.

ثانيا، تحتاج نفس المجموعة إلى دراسة وفهم عواقب استراتيجية الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على استقرار منظمة التجارة العالمية. وإذا كان هنالك احتمال بأن تقود إلى موجة من الزيادات في الرسوم الجمركية وسط أعضاء المنظمة الآخرين يجب معالجة ذلك.

ثالثا، مطلوب استراتيجية عالمية منسقة لدعم وتنشيط منظمة التجارة العالمية ومعايير التجارة الدولية الأخرى التي تهددها تصرفات الولايات المتحدة.

قد يرجئ الرئيس ترامب الانسحاب من المنظمة جزئيا لعرقلة مثل هذا التعاون. لكن مع ذلك البلدان الأخرى بحاجة إلى التحرك. لذلك قد يتطلب الإصلاح تطوير هياكل موازية وشاملة واتفاقيات طوعية لتعزيز الاتفاقيات الرسمية لمنظمة التجارة العالمية. وفي الواقع يجري استكشاف ذلك في مجال تسوية النزاعات.

الاتحاد الأوروبي في وضع أفضل لقيادة هذا المجهود نظرا إلى سجله في دعم التجارة الدولية وحجمه ومكانته كثاني أكبر مصدِّر في العالم بعد الصين. أيضا خلافا للصين لم يلجأ الاتحاد (حتى الآن) للإكراه الاقتصادي مما يمنحه المزيد من الصلاحية للدفاع عن النظام التجاري العالمي الذي تهدد رسومُ ترامب الجمركية بتفكيكه.

مقالات مشابهة

  • المملكة ترأس المجلس العمومي لمنظمة التجارة العالمية لعامي 2025 – 2026
  • «وام» تستضيف حلقة نقاشية بمناسبة اليوم العالمي للإنترنت الآمن
  • 4 دراجين يمثلون الإمارات في “آسيوية المضمار” بماليزيا
  • الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر الوزاري العالمي الرابع لسلامة الطرق الذي يقام في مراكش
  • وزير الداخلية يرأس وفد المملكة في المؤتمر الوزاري العالمي الرابع لسلامة الطرق في مراكش
  • اتحاد مصارف الإمارات: حلول التمويل تُرسخ مكانة دولة الإمارات كمركز رائد للتجارة العالمية
  • 4 دراجين يمثلون الإمارات في «آسيوية المضمار»
  • النظام التجاري العالمي في حاجة إلى إنقاذ عاجل
  • عمان تدعو أمام "مؤتمر المحيط الهندي" إلى ضرورة تأسيس اتحاد تجاري أكثر تنظيمًا بين بلدان الجنوب
  • عرقاب يستقبل وفدًا من منظمة التجارة الخارجية اليابانية