المسرح الكويتى.. ريادة على المستوى الخليجى وتجسيد لثراء المجتمع
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
بداية مبكرة عام 1938 ودفعة قوية على يد زكى طليمات
تعرف دولة الكويت باهتمامها الشديد بالثقافة على مختلف مستوياتها ومجالاتها، وتعد الحركة المسرحية فى الكويت من النشاطات الثقافية البارزة هناك، ومن أبرز أنواع النشاط الفنى فيها وأكثرها امتيازا, وإن كانت المسرحية المحلية قد اقترنت بالكلمة المحلية شكلًا ومضمونًا خلال ما عرض على خشبة المسرح فى الكويت عبر ثلاثين عاما -أى من عصر الارتجال إلى عصر التجريب ثم التميز والانتشار- فإن النص المسرحى الأدبى يعد من أبرز عطاءات البحث عن الذات.
وبدأت معرفة الكويت بالمسرح منذ عام 1938 على يد أساتذة أفاضل من بعثة المدرسين العرب، تلك التى جاءت -إلى الكويت فى ديسمبر 1936- ويذكر أن أول مسرحية من نشاطات المسرح المدرسى كانت من تقديم طلاب مدرسة المباركية التى أقيمت على ساحتها فى العام 1939، حيث عرضت مسرحية «إسلام عمر» أو «عمر بن الخطاب فى الجاهلية والإسلام»، وفى العام الدراسى نفسه قدمت «مسرحية مصر» التى تناولت سيرة الفاتح العربى «عمرو بن العاص»، واستمرت المحاولات المسرحية مرتبطة بالمدارس، إذ تشكلت فى عام 1939 فرقة بمدرسة الأحمدية، وفى عام 1940 ظهرت فرقة مدرسة الشرقية ثم فرقة مدرسة القبلية، فتأسست بذلك أربع فرق مسرحية فى المدارس الأربع, ثم توسع المسرح المدرسى بعد بعثة الطلاب إلى مصر، فكانت لهم تجارب أثرت فى الحركة المسرحية، ومن نتائجها مسرحية «المروءة المقنعة» فى نوفمبر 1947.
وبعد ذلك مثلت فرقة التمثيل رواية هزلية اسمها «مهزلة فى مهزلة» التى تعتبر أول نص مسرحى كتب فى الكويت من تأليف الشاعر أحمد العدوانى, ثم أخذت الحركة المسرحية الطابع الرسمى، وذلك بعد استدعاء دائرة الشئون الاجتماعية والعمل رائد المسرح العربى والكويتى الأستاذ زكى طليمات للتباحث معه فى شئون المسرح، بهدف تنمية إنتاجه وتعميقه, وقد عمل بجهد صادق لإبراز النواحى المسرحية فى الكويت ووضع تقريرا مفصلا بشأنها، محاولا ترسيخ المفاهيم الجديدة فى البيئة لتقبل الفن المسرحى مع الإقناع بأنه ليس خرقا للتقاليد والعادات، وقد رفع بعدها تقريره إلى الدائرة، وهو عبارة عن بحث مستفيض يمكن أن يحدد الكثير من طبائع الحركة المسرحية ويرسم خط المستقبل المسرحى كما تصوره.
وربط التقرير بين ألوان النشاط الفنى ( المسرح – الموسيقى – السينما ) ووصف واقع الحركة المسرحية فى الكويت كما تحدث طليمات فى تقريره عن النشاط التمثيلى، وكانت له اقتراحات محددة لتنشيط هذا المجال الجديد على ابناء الكويت.
دور زكى طليمات
تمركزت مهمة زكى طليمات فى إنشاء فرقة للتمثيل العربى، فقام فى اكتوبر 1961 بالتعاون مع ( دائرة الشئون ) بتكوين ( فرقة المسرح العربى) كنواة للمسرح الكويتى الحديث، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ المسرح فى الكويت تحت إشراف زكى طليمات وتوجيهاته, وتكونت فرقة المسرح العربى نتيجة لاختبار عملى وليست بتلقائية الزمالة فى المدرسة أو فريق الكشافة، إذ أعلنت الوزارة بيانا من الإذاعة وبواسطة الصحافة تطلب مشاركة من يرى فى نفسه القدرة والرغبة، فتقدم 250 رجلا تم اختيار أربعين من بينهم، يعتبرون نواة المسرح وانضمت لأول مرة فتاتان كويتيتان, وضمت الفرقة إلى جانب هذا العدد من الكويتيين والكويتيات خمسة عشر عضوا من أبناء الأقطار العربية وممثلتين مصريتين، وتم الاختيار بمعرفة طليمات.
والى جانب تكوين هذه الفرقة كان من أبرز منجزات زكى طليمات المسرحية كذلك بروز الفنان الكويتى المعروف حسين الصالح مخرجا موهوبا من بين تلاميذ مدرسة زكى طليمات الدرامية.
السينما الكويتية
كانت الكويت من أولى الدول العربية التى حاولت الاستفادة من فن السينما، حيث كان الكويتيون على معرفة بالسينما من خلال أسفارهم التجارية إلى الدول التى كانت تتوافر فيها دور العرض، مثل الهند ومصر وغيرهما, وكان ارتياد السينما يعتبر من الوسائل التى يطلع الناس من خلالها على أساليب الحياة المختلفة التى كانت سائدة فى حياة الشعوب الأجنبية الأخرى، حتى تلك التى لم تصلها سفنهم كأمريكا وأوروبا مثلا, وكان ارتياد السينما يعتبر إحدى وسائل التسلية والاستمتاع للبحارة والتجار عندما تحط سفنهم فى موانئ الهند والموانى الأفريقية بعد عناء أسفارهم البحرية المضنية، وكانت فرصة لمشاهدة تقنية لم تكن موجودة حينذاك فى الكويت.
أما فى داخل الكويت فقد كان الناس وبخاصة الميسورون يقومون بعرض أفلام روائية طويلة عربية وأجنبية فى منازلهم على آلات عرض خاصة بهم , ويذكر المؤرخ عبدالله الحاتم أن أول آلة عرض سينمائى دخلت الكويت عام 1936، وكانت للأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح «طيب الله ثراه»، وقد استمرت عادة اقتناء آلات العرض لدى الكثيرين حتى بعد أن أقيمت دور العرض فى الكويت.
وكانت هذه الأفلام تعرض كنوع من التسلية ليستمع بها أهالى الحى, وأحيانا كانت تعرض بعد حفلات الزفاف وفى أثنائها وفى المناسبات السعيدة, واستمر عرض هذه الأفلام فى المنازل حتى بعد تأسيس دور العرض.
وبالنسبة لإنشاء دور العرض، فلقد أنشأت شركة سينما الكويت «سينما الشرقية» كأول دار للسينما فى الكويت فى عام 1954, ثم أنشأت بعد ذلك العديد من دور العرض ويزيد عدد شاشات العرض حاليا على 70 شاشة عرض تضمها نحو 20 دار عرض، ويتم تجهيز المزيد من دور العرض فى الوقت الراهن وتعد الأفلام المصرية هى الأفلام العربية المفضلة لجمهور السينما فى الكويت.
التصوير
يذكر المؤرخ الكويتى «سيف مرزوق الشملان» فى كتابه «تاريخ الغوص على اللؤلؤ فى الكويت والخليج العربى – الجزء الثانى «أن أول من اهتم بتصوير سفن الغوص على اللؤلؤ فى الكويت هى السيدة «أم سعود» زوجة الكولونيل «ديسكون» – أحد المعتمدين البريطانيين فى الكويت، وأم سعود هى الوحيدة التى صورت «البتيل» سفينة المرحوم راشد بن احمد الرومى، كذلك صور «فليبر»، وهو سائح أسترالى الفيلم التسجيلى الوثائقى «أبناء السندباد»، وكان فيلما سينمائيا مدته ساعتان عن جميع أعمال البحر من عدن حتى الوصول إلى الكويت، عندما سافر مع النوخذة «على بن ناصر النجدى» بسفينة إلى سواحل إفريقيا الشرقية ومر بميناء عدن، ويسجل أيضا لمحمد حسين قبازرد أنه أول مخرج فيلم وثائقى كويتى طويل مع استعانته ببعض اللقطات الأرشيفية من شركة نفط الكويت.
ولا نغفل هنا الأفلام التسجيلية التى ساهمت شركة نفط الكويت فى إنتاجها منذ عام 1946، عندما سجلت تحميل أول شاحنة نفط، ثم مساهمتها بعد ذلك فى تسجيل الأحداث المهمة سواء فى حقل عملها، أو فى الكويت بشكل عام مثل بناء الجزيرة الاصطناعية، محطات تكرير البترول، بناء الخزانات، إنشاء مشروع الغاز وغيرها.
وفى مطلع عام 1950 أنشأت وزارة التربية «دائرة المعارف آنذاك» قسما للسينما، وخلال السنوات اللاحقة، أنجز هذا القسم ما يقرب من 60 فيلما تعليميا بين عامى 1959-1961, كما قامت دائرة الشئون الاجتماعية والعمل بإنتاج بعض الأفلام الثقافية عن تقاليد الزواج والغوص ولحقت وزارة الإعلام بهاتين الهيئتين بعد انتقال مسئولية الإنتاج السينمائى إليها، وكان أبرز إنتاج لها عام 1962، هو فيلم « اليوم المشهود» عن يوم عيد الاستقلال.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دولة الكويت الحركة المسرحية النشاطات الثقافية النشاط الفنى مسرحیة فى فى الکویت دور العرض
إقرأ أيضاً:
بطلة التغيير.. مصرية أعادت رسم خريطة ريادة الأعمال للسيدات في مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في مجتمع مليء بالتحديات والتابوهات، نجحت رانيا أيمن في تحدي المعوقات وتحقيق إنجازات ملهمة وضعتها في مقدمة الشخصيات النسائية المؤثرة في مصر، أسست الشابة المصرية مبادرة تهدف لتمكين النساء اقتصادياً، حازت رانيا على تكريم “بطلة التغيير” لعام 2020 من سفارتي كندا والسويد تقديراً لجهودها في تغيير مشهد ريادة الأعمال للسيدات على مدى خمس سنوات.
تخرجت رانيا أيمن من كلية التجارة الإنجليزية بجامعة عين شمس في عام 2013، بدأت مسيرتها المهنية في التسويق وإدارة السوشيال ميديا، حيث أسست شركتها الأولى في هذا المجال وحققت نجاحات ملحوظة لكن شغفها بتطوير مهارات السيدات قادها إلى إطلاق مشروعها الأكبر وهو مؤسسة اجتماعية تهدف إلى تمكين المرأة عن طريق التعليم، التدريب، التوعية، والتواصل.
المؤسسة ليست مجرد شركة، بل حركة مجتمعية تسعى لتحقيق المساواة الجندرية وتمكين الفتيات اقتصادياً، ركزت رانيا جهودها على معالجة القصور في المهارات التي تمنع النساء من المنافسة في سوق العمل، ونظمت فعاليات جمعت نماذج نسائية ناجحة لتقديم الدعم والتشجيع لباقي السيدات، وجعلت “المؤسسة” علامة فارقة في مجال ريادة الأعمال النسائية.
لم يكن طريق رانيا سهلاً واجهت تحديات مجتمعية عديدة، مثل الاعتقاد بأن الشغل “يعطل البنت”، وأن النجاح يتطلب واسطة، تقول رانيا: “كان أكثر ما يحفزني هو التحديات التي تواجهني كوني امرأة، كنت أسمع أحياناً أن البنات ليست طموحة، لكن ذلك كان دافعاً لي لإثبات العكس”، وواحدة من أصعب اللحظات التي مرت بها رانيا كانت عندما قيل لها: “البنات لا تستمر طويلاً، لكنك قد تزعجينني بطموحك"، وهذه الجملة لم تحبطها، بل دفعتها للعمل أكثر لإثبات أن الفتيات قادرات على النجاح.
وتضيف رانيا: “اكتشفت أن التحديات الحقيقية ليست في المجتمع فقط، بل في نظرتنا لأنفسنا. عندما قررت تغيير نظرتي للعقبات، بدأت أرى فرصاً بدلاً من الحواجز”، وخلال مسيرتها، ألهمت رانيا المئات من الفتيات للبدء في مشاريعهن الخاصة، وقدمت لهن الأدوات والدعم اللازمين للنجاح، ومن خلال العمل التطوعي والتوجيه، نجحت في تحويل “المؤسسة” إلى منصة تجمع بين التعليم، التدريب، والتواصل، كما ساهمت في خلق ثقافة جديدة تدعو إلى احترام الاختلاف ودعم تمكين النساء.
رانيا تؤمن أن التغيير يبدأ بخطوة صغيرة، رسالتها لكل فتاة تسعى لتحقيق أحلامها: “لا تخافي من الفشل، ابدأي ولو بخطوات بسيطة، واستثمري في نفسك من خلال القراءة والتعلم النجاح رحلة، وليس وجهة”، واستطاعت رانيا أيمن، بسعيها الدؤوب وكسرها للتابوهات المجتمعية، أصبحت نموذجاً يُحتذى به لكل امرأة تطمح للتغيير، وهي دليل حي على أن الإرادة القوية والشغف يمكن أن يغيرا العالم.
IMG_4282 IMG_4281 IMG_4280 IMG_4279 IMG_4278