تطالعنا الصحف كل يوم عن أطفال أصبحوا من أصحاب الملايين لا لشيء سوى إتقانهم لعبة المال، مما يؤكد أن الثراء المالي متاح للصغار والكبار على حد سواء، لكن لم نسمع يوما عن طفل في منطقتنا وصل لهذا المستوى من الثراء.
قد تكمن المشكلة في أننا لا ندخل الثقافة المالية إلا في مرحلة متأخرة جدا من عمر الشاب، وغالبا بجهود شخصية منهم إلا من رحم ربي، وحتى الذين تتاح لهم تربية مالية في الغالب فإنها تأتيهم عن طريق المصروف الشخصي، الذي قد يسهم في رفع وعي الطفل المالي قليلا لكن في المقابل فإن المعرفة التي تصله قد تكون مغلوطة، فهو يتربى على فكرة أن شخص ما مسؤول عن إعطائه المال، والمشكلة عندما يتم ربط المصروف الشخصي بالثواب والعقاب، فيظن الطفل أن السلوك السليم هو الوسيلة للحصول على المال.
وبهذا ينشأ الأطفال وقد ربطوا المال بالسلوك السوي، والنتيجة تشوش في مفهوم المال، وحتى الأنانية والاتكالية، ويشعرون بالتالي أنهم لا يملكون السيطرة على أموالهم، ويعجزون عن ربط المال بتوفير خدمة أو منتج للمجتمع، لذا يقبل البعض بأي وظيفة، ويدرس أسهل تخصص يضمن له هذه الوظيفة، التي غالبا ما تكون حكومية، لا يمانع البعض أن ينتظرها لعقود، من مبدأ الاستحقاق باسم المواطنة، وينتظر في طابور الترقيات التي يجب أن تمنح له، لا لشيء سوى الأقدمية، ذلك لأننا لم نزرع فيهم قيمة العمل الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى إضافة قيمة للمجتمع.
رغم أن الأطفال اليوم يتعاملون مع المال في سن مبكرة جدا من خلال المقتنيات التي يوفرها لهم المال، من ملابس وألعاب وأدوات مدرسية، وهم يتعلمون الحساب من سن مبكرة أيضا، فلم لا تستخدم هذه المهارة في تعليمهم إدارة المال؟
وأهم سبب لتعليم الطفل إدارة المال في سن مبكرة جدا هو أن الطفل في هذه المرحلة نقي وإيمانه قوي بالفطرة، فهو من السهل أن يتعلم أن الله الكريم الرزاق سيرزقه من حيث لا يحتسب كل المال الذي يريد، وهو أمر يصعب على الشخص البالغ أحيانا القبول به، إذ تدخل كثير من المعتقدات السلبية عن المال مع التقدم في العمر، وتقف عائقا بين المرء والحلم بالثراء المالي.
حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
البرتغال تتجه لانتخابات مبكرة في مايو بعد سقوط حكومة مونتينيجرو
أعلن الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبلو دي سوزا، الخميس، أن البلاد ستجري انتخابات برلمانية مبكرة في 18 مايو المقبل، وذلك بعد يومين فقط من سقوط حكومة الأقلية المنتمية ليمين الوسط في تصويت حجب الثقة داخل البرلمان.
وتعد هذه الانتخابات الثالثة التي تشهدها البرتغال خلال ما يزيد قليلًا على ثلاث سنوات، ما يعكس حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
وجاء قرار الرئيس بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة بعد مشاورات أجراها مع الأحزاب السياسية الرئيسية ومجلس الدولة الاستشاري، مؤكدًا أن الحكومة الحالية ستواصل تصريف الأعمال حتى يتم تشكيل برلمان جديد وحكومة جديدة عقب الانتخابات.
أزمة تصويت الثقة وسقوط الحكومةأثار رئيس الوزراء لويس مونتينيجرو أزمة سياسية عندما طرح تصويت الثقة الأسبوع الماضي، وذلك في مواجهة تهديدات من المعارضة بفتح تحقيق برلماني حول شركة استشارات حماية البيانات التابعة لعائلته. وادّعت المعارضة أن العقود التي حصلت عليها الشركة من القطاع الخاص قد عادت عليه بفوائد شخصية بصفته رئيسًا للوزراء، مما أثار شكوكًا حول وجود تضارب في المصالح.
في المقابل، نفى مونتينيجرو أي مخالفات قانونية أو أخلاقية، مؤكدًا أنه لم يستفد شخصيًا من تلك العقود. كما أوضح أن الادعاء العام ينظر في بعض المزاعم، لكنه لم يفتح أي تحقيق رسمي حتى الآن.
ورغم الأزمة، حصل مونتينيجرو على دعم حزبه "الديمقراطي الاجتماعي"، الذي أعلن أنه سيواصل دعمه في الانتخابات المقبلة، وحمّل المعارضة مسؤولية الأزمة السياسية التي قادت البلاد إلى هذا الوضع.
مستقبل مونتينيجرو وموقف الناخبينورغم دعم الحزب الحاكم لمونتينيجرو، إلا أن محللين سياسيين يرون أنه المسؤول الرئيسي عن هذه الأزمة، حيث كان بإمكانه تجنب التصويت على الثقة والبحث عن حلول سياسية أخرى. وتشير استطلاعات الرأي إلى تراجع ثقة معظم الناخبين به، مما يطرح تساؤلات حول فرصه في الفوز بالانتخابات المقبلة.
وتأتي هذه الانتخابات في وقت حساس للبرتغال، حيث تواجه البلاد تحديات اقتصادية وسياسية تتطلب استقرارًا حكوميًا، وسط مخاوف من أن تؤدي الأزمة الحالية إلى فترة طويلة من الجمود السياسي بعد الانتخابات.