الواثق البرير لـ «التغيير»: قيادة الجيش السوداني لا تملك الإرادة لإيقاف الحرب
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
قطع الأمين العام لحزب الأمة، والقيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) الواثق البرير، بانعدام إرادة وقف الحرب لدى قيادة الجيش مشيرا إلى رفضهم الدائم الجلوس مع الآخرين.
وقال البرير في مقابلة خاصة مع (التغيير) إن مباحثات المنامة وصلت إلى اتفاق تام بين الطرفين على المبادئ الأساسية لكن طرف الجيش لم يستطع اكمال هذا المشوار وتراجعوا عن موقفهم.
وفي رده على اتهامات نائب قائد الجيش شمس الدين كباشي لـ (تقدم) بأنهم يجوبون العواصم ويخشون الحضور للسودان؛ قال البرير ساخراً: “هل الدول التي زارتها قيادات الجيش محليات داخل السودان؟” وأضاف: “رمي الآخرين بعدم الوطنية تصرف سياسي غير مسؤول”.
ودافع القيادي في (تقدم) عن الإعلان السياسي الذي تم توقيعه مع الدعم السريع في أديس أبابا مؤكداً انتزاع القوى المدنية منهم التزاما بعدم توسيع دائرة الحرب والسعي للسلام.
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
تشاركون الآن في ورش (تقدم) التي تسبق انعقاد المؤتمر التأسيسي، ما هو السبب خلف تأخر قيام المؤتمر الذي كان من المفترض أن ينعقد في نهاية العام الماضي؟من المقرر أن ينعقد المؤتمر التأسيسي في بداية أبريل المقبل. والسبب خلف التأخير مرتبط ببرنامج المؤتمر والمشاركين المقدر عددهم (600) شخص بعضهم مازال داخل السودان، نعاني من مشاكل متعلقة بالأوضاع الأمنية وصعوبة التنقل. إلى جانب مشاركين من دول المهجر والمنافي والنازحين. وتعمل (تقدم) على توسيع الحضور بمكونات جديدة الأمر الذي يحتاج إلى دراسة. إلى جانب أن المؤتمر سيعمل على التشاور حول وقف الحرب والقضايا التاريخية التي تهم الشعب السوداني وسيعمل على وضع الحلول الناجعة لمستقبل بلادنا الآمن بإذن الله.
مع غياب أحزاب الشيوعي والبعث وانسحاب بعض لجان المقدمة من (تقدم) لأي درجة يمكن أن نصفها بجبهة مدنية متماسكة يعول عليها؟هناك مجهودات مبذولة مع الاخوة في الشيوعي والبعث ومع الأخوان عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو لمحاولة اقناعهم بالمشاركة وأن يكونوا ضمن المؤسسين لهذه الجبهة العريضة. من المؤكد تكوين جبهة عريضة شاملة تضم كل فئات الشعب السوداني تمثل أساسا متينا لتأمين الفترة الانتقالية وفرض الواقع لإيقاف الحرب. من جانبنا قمنا بتكوين لجان للتواصل مع هذه المكونات ومناقشة أسباب احجامها عن المشاركة. ونتمنى أن تثمر هذه الجهود وتتم استيعاب جميع المكونات المدنية والسياسية والحركات المسلحة.
ماهي أسباب رفض هذه المكونات المختلفة الانضمام لـ (تقدم)؟أسباب الاحجام مختلفة بطبيعة هذه المكونات، على سبيل المثال بعض الحركات لديها تحفظات على الهيكلة التنظيمية والبعض يعترض على آليات التمثيل. وجميعها تحفظات مقدور عليها لأن الجميع متفق حول السبب الجوهري وهو ايقاف الحرب، والتحول المدني الديمقراطي.
إعلان أديس أبابا ليس تحالفا مع الدعم السريع
بحسب المعلن؛ هناك جهات لديها تحفظات جوهرية تتمثل في علاقة (تقدم) بالدعم السريع وتوقيع اتفاق سياسي معه، هم يصفونه بالاعتراف الضمني بوجوده ضمن هياكل السلطة بعد وقف الحرب؟من المؤكد أن الذين قرأوا وفهموا هذا الإعلان الذي تم في اديس ابابا يعلمون أنه يتحدث بكل وضوح عن كيفية ايقاف الحرب وايصال المساعدات وتخفيف آلام ومرارة الحرب على الشعب السوداني. الالتزام الذي استطاعت (تقدم) اقتلاعه من الدعم السريع بعدم توسيع دائرة القتال ومد اياديهم للسلام أمر ايجابي. في السابق روجوا روايات كاذبة حول اشعال الحرب التي كنا نحذر منها، وقالوا إننا هددنا بالحرب. الآن عندما وقعنا إعلانا من المؤكد ايجابي وفي مصلحة الشعب السوداني وفي اتجاه وقف الحرب يعيدوا ذات الروايات الكاذبة. “هذا الإعلان السياسي ليس تحالفا مع الدعم السريع”. نحن تواصلنا مع الجيش ايضا لكنهم تلكأوا في الاستجابة لطلب تقدم بينما استجاب الدعم السريع. ونأمل أن يمنحنا الجيش ردا واضحا حول طلبنا بدون مزايدة أو استخدام الملف للاستقطاب الإعلامي.
ما هو تعليقك على تصريحات (البرهان) حول الحوار في الداخل وحديث نائبه كباشي بأنكم تحملون حقائبكم وتتجولون في العواصم وتخافون الحضور للسودان لأنكم تخافون من الشعب؟بالفعل ذهبنا لعدد مقدر من دول الجوار في محاولة لايجاد حلول سلمية لايقاف الحرب، وبينما يتهموننا بـ “حمل حقائبنا والتجول في العواصم” فلنذكرهم بأنهم ذهبوا إلى الجزائر والبحرين والإمارات “سرا وعلنا” وذهبوا إلى مصر وإلى نيويورك؛ هل تلك الدول محليات داخل السودان أم دول اجنبية؟ نحن نعمل على إيقاف هذا العبث وتحقيق أمل الشعب الذي يرنو إلى السلام ومعظمه يعيش في الملاجئ والنزوح. رمي الآخرين بعدم الوطنية تصرف سياسي غير مسؤول وكل ما يصرحون به يؤكد على أمر واحد وهو انعدام إرادة حقيقية لإيقاف الحرب.
تصريحات قيادات الجيش التي ترفض فيها المفاوضات هل تقفل الباب أمام الحلول السلمية؟الواقع هو انعدام الإرادة لإيقاف الحرب وهو أمر يؤكده رفضهم الجلوس مع الآخرين ومحاولات التبضع في المنتديات والمبادرات الإقليمية والدولية معناه واضح أن هذا قرار حرب وليس في مصلحة الشعب السوداني.
هل تعتقد أن تقدم الجيش في أمدرمان يقول إن الجيش على وشك حسم المعركة عسكريا، لذلك يرفض التفاوض؟دعيني اقول بوضوح، ليس هنالك منتصر في هذه الحرب وكلا الطرفين مهما اجتهدوا لن يكون بينهما منتصر. لأن هذه الحرب أصبحت ذات عمق اجتماعي وعسكري وحتى إذا كان هناك مهزوم سيعود إلى عمق حواضنه وسيستمر عدم الأمن والتفلتات والاستنفارات ونسأل الله ألا تتحول إلى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس في السودان.
هل هناك جديد حول محادثات (تقدم) مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان؟ وهل انتم على استعداد للذهاب إلى بورتسودان للقائه؟من المؤكد تقدم على استعداد للقاء القوات المسلحة في أي مكان وزمان يختاروه، وهذا ليس نوع من التحدي ولكن الوطن يحتاج لمثل هذه اللقاءات ومتى ما توفرت هذه الفرصة واستجابوا لطلبنا في اللقاء نحن على استعداد للقائهم من أجل ايقاف هذه الحرب.
نأمل أن تراعي حكومة الأمر الواقع مصلحة البلاد في علاقاتها الخارجية
ما هي الأسباب التي أدت إلى انهيارها مباحثات المنامة بعد توقيع إعلان المبادئ؟من المؤكد انه كانت هناك مباحثات في المنامة وبحسب معلوماتنا كان هناك اتفاق تام على المبادئ إلا أن طرف القوات المسلحة لم يستطع اكمال هذا المشوار وتراجعوا عن موقفهم. وهذا ايضا بسبب عدم توفر الإردة الحقيقية لوقف الحرب. وعلى البرهان ان يتخذ قرارا واضحا بوصفه قائدا “بالأمر الواقع” بدون هذا القرار مهما تجولنا بين دول الاقليم ودول الجوار ستستمر هذه الحرب.
لماذا ليس لديه إرادة لوقف الحرب من وجهة نظرك؟الحرب الآن في مرحلة تصعيدية جديدة لمحاولة السيطرة على أكبر رقعة ممكنة من الأراضي من قبل الطرفين.
ماهي فرص مشاركة المؤتمر الوطني في العملية السياسية خاصة مع وجود اصوات داخل حزبك تطالب بضمهم؟لو أنكم تتحدثون عن أصوات شخصية هذا موضوع آخر، لكن قرارات المؤسسات داخل حزب الأمة أو داخل (تقدم) تقول إنه لا يوجد إقصاء لأي مجموعة أو فئة الا من تسببوا باشعال الحرب ومن تسبب في دمار الوطن طوال الـ 30 عاما الماضية. المؤتمر الوطني يجب ألا يكون جزءا من صناعة الفترة الانتقالية التي سوف تضع أسس بناء السودان الجديد أو سودان المستقبل (السودان الذي نحلم به جميعا). على المؤتمر الوطني الاعتذار للشعب السوداني ومراجعة تجربته. اما الاسلاميون الآخرون من الذين ابعدوا أنفسهم عن هذه الحرب ولديهم الرغبة في بناء السودان ليس هناك اي اقصاء لهم وهذا الحديث مكتوب في الاتفاق الاطاري وليس بالأمر الجديد.
هناك لجان للتواصل مع “الحلو” و”عبد الواحد” و”الشيوعي” و”البعث”
لماذا شركاء الإطاري مثل المؤتمر الشعبي لا نراهم ضمن (تقدم)؟المؤتمر الشعبي والاتحادي السيد محمد الحسن كانوا جزءا من اللجان التحضيرية لتنسيقية القوى المدنية، وكان هناك بعض الشد والجذب حول مشاركتهم ورأت (تقدم) أن تترك الأمر للمؤتمر التأسيسي الذي سوف يحسم هذا الموضوع. ومازال التنسيق معهم قائم والمشاورات معهم قائمة لكن وجودهم بشكل هيكلي سوف يتم تحديده في المؤتمر.
هناك مبعوث أمريكي جديد للسودان، وكان هناك نقد لطريقة تعامل واشنطن مع الحرب السودانية، واتهامات بأنها لم تمارس ضغوطا كافية لإجبار طرفي الصراع الجلوس للتفاوض، هل نتوقع تغييرا في التعاطي الأمريكي مع الحرب السودانية؟السياسة الخارجية الأمريكية عموما غير مبنية على شخوص بل على استراتيجيات توضع من مؤسسات بالتالي مؤكد لديهم تصور يعملون عليه كمجموعة متناسقة من مؤسسات امريكية؛ عليه لا اتوقع تغييرا في السياسات الأمريكية هم يتعاملون وفق خططهم التي نأمل أن تتغير بعد الظهور جليا أن هذ الحرب قد تتسبب في جر الإقليم للفوضى، منطقة القرن الإفريقي من جهة، وتهدد أمن البحر الأحمر من جهة ثانية. ربما هذه الظروف تحدث تغييرا في الاستراتيجية الدولية والإقليمية لممارسة ضغوط بعينها على المتحاربين.
هناك تصريحات بأن أمريكا أنها تشعر بالقلق من التقارب السوداني مع إيران هل تعتقد أن إعادة العلاقات مع طهران يمكن أن يعيد السودان لعزلة دولية جديدة؟كقوى مدنية من مصلحتنا أن تكون العلاقات الخارجية متوازنة وتراعي المصلحة السودانية أولا ومصلحة الشعب السوداني. وأي علاقات تبنى على تحالفات إقليمية أو دولية وتضر بالمصالح العليا نحن كقوة مدنية نرفضها ونأمل انه القائمين على أمر السودان بـ (الأمر الواقع) مراعاة التوزان في العلاقات الخارجية والمصالح العليا للبلاد.
الوسومالواثق البرير تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية(تقدم) حرب الجيش والدعم السريع حزب الأمة القومي
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الواثق البرير تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم حرب الجيش والدعم السريع حزب الأمة القومي الشعب السودانی الدعم السریع لإیقاف الحرب من المؤکد هذه الحرب وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
هل يقع التغيير بالثورة في اليوم العاقب لها: الثورة الفرنسية مثالاً (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
هذه مذكرات عن الثورة الفرنسية أخذتها من "أوربا الثورية 1780-1850" (2000) كتاب زميلي السابق في شعبة التاريخ بجامعة ميسوري جونثان سبيبربر. جلست إلى الكتاب في أعقاب ثورة ديسمبر حين سقمت نفسي أحاديث مطلوقة عن الثورة اشترطت أن تنهض الثورة، متى قامت، بالتغيير الجذري بعد اسقاط النظام مباشرة وإلا صارت "انتفاضة" في أحسن الأحوال أو هرجاً وضلالاً. وعرفت أن أياً من مشيعي تلك الخزعبلة لم "يشق" بطن كتاب عن ثورة ليعرف أن الثورة هي تعريفاً ثورة متى أسقطت حكومة النظام القديم. وبس. أما التغيير فلا يأتي لحزته لأنه مما تختلف الآراء فيه وسبله بين من ائتلفوا لإسقاط النظام القديم. ولا أعرف إن كان من يذيع هذا الضلال وقف عند الثورة الفرنسية (1789) وتضاريسها ليرى أنها اختلفت حول التغيير اختلافاً محلياً وأوربياً اختلافاً مضرجاً كبيراً. فلا الجمهورية ولا العلمانية اللتين هما المعنى الذي كان من وراء الثورة تحققا في اليوم العاقب لسقوط النظام القديم كما يتشهى بعضنا. ويكفي أن جرى استرداد الملكية لفرنسا ثلاث مرات ولم تتوطد الجمهورية إلا في ثمانينات القرن التاسع عشر. كما لم يقع فصل الدين عن الدولة إلا في دستور 1905 ولينص دستور 1958 صريحاً على العلمانية لأول مرة.
نحن، وذكرى ثورة ديسمبر على الأبواب، قبايل "تجديد البكا" على الثورة في تاريخنا. وهو بكاء كاليتم لانقطاعه عن تاريخ الثورات ويريد لثورة السودان أن تغير ما بنا في لمح البصر: short and sweet
أردت عرض هذه المذكرات عن الثورة الفرنسية حتى لا نخدع عن حقائقنا وثوراتنا بثمن جهالة بخس. وعينت الصفحة من الكتاب أمام تلخيصي لما فيها. وربما صادفت القارئ متاعب هنا وهناك لأن هذه المذكرات مما أردت منه أن أعرف عن الثورة لا أن أنشرها كما أفعل الآن.
(سيلقى القارئ غموضاً هنا وهناك كما وجدت أنا نفسي لدي عودتي لقراءة هذه المذكرات بعد سنوات من كتابتها. أردت فقط بها أن يرى شبابنا أن الثورة كينونة غريبة لا كما يبسطها صغار الأحلام: أنت ثرت وريني عمرت شنو؟ ولا أتوقع أن يطالع القارئ هذه المادة على صفحتي. هي للاحتفاظ بها كمذكرة المحاضرات"
72 اكتنفت الثورة أزمة مالية لم تخرجها منها حتى السندات المالية بضمان أرض الكنيسة المصادرة. فلم يقبل الفرنسيون في المناطق المناصرة للقسس المنشقين على شراء الأرض، بل قابلوا من حاول ذلك بالاحتجاج والشنق سحلاً. وفرضت الحكومة تداول السندات التي اشتراها أهل المال من الناس بثمن بخس أدى إلى تدهور سعر العملة. فامتنع المزارعون من بيع محصولاتهم بالثمن البخس. فنقص المعروض من الطعام في الأسواق. وأدى هذا إلى نشأة فئة اجتماعية سياسية في المدينة عرفت ب"سانس-كولتس". وهي من العاملين بأيديهم من الحرفيين وصغار التجار وسيطة بين البرجوازية والعمال: برجوازية صغيرة. فهم يعملون بأيديهم ويؤجرون من يعملون بأيديهم. وظهرت سطوتهم في سقوط الباستيل 1789 وحصار فرسايل في أكتوبر 1791. ولما كانت الحكومة قد عادت إلى باريس أعطى ذلك السانس قوة للضغط زائدة.
ص 17-72. ومن تلك العوامل تورط فرنسا في حرب أوربية. فإلغاء النظام الإقطاعي في فرنسا أخاف أوربا. وقوى من هذه الحرب عامل للسياسة الداخلية هو المهاجرون الفرنسيون ممن كونوا فرقهم المسلحة على حدود فرنسا الشرقية. طالبت العناصر الأكثر جذرية في الجمعية التأسيسية (1791) بشن الحرب على المانيا لإيوائها المهاجرين لكسر ظهر عناصر الثورة المضادة. ومتى انتصروا في الحرب، حسب تقديرهم، كان سبباً لترويع المعارضة الداخلية وإخراسها علاوة على نشر مبادئ الثورة الفرنسية في الخارج. وافق الملك على الحرب على المانيا برغم أن بعض أسرته من بين "الثورة المضادة". وعارض روبيسبير، زعيم اليعاقبة، الحرب لأنها مشقة غير مأمونة العواقب. بدأت الحرب في 1792 وما لبث أن بدأ عوار الحرب للحكومة. فتناصرت قوى أوربا مع قوى الثورة المضادة. وكان متى احتلت الجيوش الأوربية موضعاً فرنسياً استعادت فيه النظم التي ألغتها الثورة. وصارت الحرب، التي اختلفت دوافع القوى الأوربية لدخولها، تعرف بحرب بين الثورة والثورة المضادة، الثورة والاستعادة (restoration). حرب لم تقع للإنسانية من قبل.
74 بدا للجذريين في باريس أن دروس الحرب تلك أن يعنفوا. فالوسطيون حاربوا بغير نفس بل انضم بعض قادتهم للعدو. وكان القائد العام لجيش الحكومة يراسل الأعداء. وكان جورج دانتون، من الجهة الأخرى، من نادي كوديلر متحمساً للحرب" قال: الجراءة والجراءة أكثر والجراءة ما يزال هي التي ستنقذ فرنسا". وبدأ الجذريون في الإعداد لانتفاضة جمعوا لها الحرس الوطني من سائر فرنسا (20 ألف) في مظاهرة في 10 أغسطس 1792. سارت للقصر الملكي وهزمت حرسه وقتلت أكثرهم. وأعلنت أن فرنسا جمهورية.
75 وفرضوا إرادتهم على الجمعية التأسيسية بحل نفسها وإجراء انتخابات جدية لجمعية تضع دستوراً للبلاد الجمهورية. وحدث ذلك واجتمع البرلمان في سبتمبر 1792.
75 تواصلت الحرب واقترب البروسيون (بروسيا) من باريس. واستقل السناس (البرجوازية الصغيرة) بأنفسهم عن الأندية. وأخذوا يستأصلون السجناء السياسيين من النبلاء والقسس المنشقة في ما عرف ب"السبتمبريين". وهي لعنة دم لاحقت الجذريين. وأمض ارتفاع الأسعار السناس أيضاً. وكان مقترحهم لاحتوائها هو تحديد الأسعار وإن لم يسلم الفلاحون نتاجهم صادرته الدولة.
وبذلك التصعيد صارت الجمعية التأسيسية ساحة مرة أخرى لمن أراد اطراد الثورة ومن رغبوا عن ذلك. منشأ اليمين واليسار كان خلال هذه الخصومة. صار جذريو الجمعية السابقة، قُرُيندنز، في صدام مع اليعاقبة الذين رغبوا في التحالف مع السانس ممن طلبوا تحديد الأسعار. وهو تعد على الملكية لم يقبله القريندز. وأشد خلافهم كان حول مصير الملك المخلوع. لم يمانع كثير من النواب من تقديم الملك للمحاكمة بتهمة الخيانة. ودفع الملك عن نفسه بأن دستور 1791 جعله مبرأ من مثل هذه المحاكمة. أما دفاع أنصاره المهجرون فكان أن الثورة هي الخيانة. ونشب الخلاف حول العقوبة. فأراد القريندز، متاثرين بعقيدة الملك المعصوم، تفادي قتله بأي صورة وبالدعوة لسجنه أو لنفيه وغيرها.
ص 77 وأراد القريندز بذلك ألا يقطعوا شعرة معاوية مع أوربا الملكية. وهي الشعرة التي أراد اليعاقبة قطعها. صوتت الجمعية لقتله بأغلبية قليلة بعد جلسة متصلة دامت 36 ساعة. وقتل في 21 يناير 1793 على المقصلة شهيداً مسيحياً باركه البابا في نزال قوى الشر. وكان السانس يغنون المارسليز. واحتدم الصراع بين الجماعتين. أراد القريندز إغلاق أندية اليعاقبة وغيرهم ووقف صحفهم. فجنح اليعاقبة إلى السانس فآزروهم باقتحام الجمعية في يونيو 1793 والمطالبة بنزع القريندز من عضويتها. فاستجاب اليعاقبة مسرورين.
وصار بوسع من تبقى من الأعضاء المضي قدماً في مواصلة الثورة. فقرروا التجنيد الاجباري وتنفير قوة الأمة كلها رجالاً ونساء شيباً وشباباً للنصر في الحرب من أجل الجمهورية.
87 واتبعوا إجراءات عنيفة ضد الثورة المضادة كبؤرة عملاء لقوة أجنبية. تكونت لجان الرصد لأعداء الثورة لفرز من معها ومن ضدها. انتزاع شهادات الولاء للثورة. وصار أهل الحظوة القديمة موضع ريبة. محاكم خاصة لمحاكمة الخونة. وتمت مصادرة ممتلكات المهاجرين المعادين. ونشأت لجنة السلامة العامة تتوج إجراءات العنف ضد الخصوم. وكافأوا السانس بتحديد الأسعار ومصادرة منتوج الفلاحين الممتنعين عن البيع. وكان ذلك خلافاً لعقيدتهم في السوق الحر. كان روبسبير من وراء لجنة السلامة. وجعلت أندية اليعاقبة نفسها حكومة من وراء الحكومة الرسمية في التربص بالأعداء. وكلما أوغلت اللجنة في العنف كلما خلقت طائفة من الأعداء لها. ففي مدن الجنوب انتصر المعتدلون على المتطرفين. وساءهم طرد القريندز المعتدلين من الجمعية في باريس فقاموا بعصيان سموا أنفسهم فيه الفدراليين. وكانوا مع الثورة رغم عدائهم للجمعية ويريدون لفرنسا أن تحتفظ بنظمها الباكرة للثورة من المصالح والدوائر الذاتية لا المركزة التي جرت لاحقاً على يد اليعاقبة. كانت وراء ثورتهم عوامل: 1-الدين لأن سكان غرب فرنسا أكثرهم تديناً، وهم ضد القانون المدني للقساوسة. وصارت تحرشات وصدامات طوال عامي 1791 و1792. وكان أهل غرب فرنسا ضد التجنيد الاجباري أيضاً لأن العمل بالجيش ليس في طبعهم أو ممارستهم. وجاء قساوسة متمردون ونبلاء لقيادة سخط غرب فرنسا على الجمعية.
81 وكونوا في مكان ما "الجيش الملكي والكاثوليكي" وساروا لباريس لإسقاط الجمعية. جماعة أخرى نهضت بحرب عصابات. وكلاهما متصل بالمهاجرين الآملين بتدخل بريطانيا. وجسد ذلك الصراع صدام الدين وثقافة عهد الأنوار المناوئة له. وكان صراعاً اتسم بالوحشية. ذبح الثوار أنصار النظام الحاكم في باريس ذبح الشياه وشيعوهم بالترانيم الدينية. ولما تلقى أنصار الحكومة عوناً قتلوا كل سجنائهم.
ص 80
عهد الرعب 1893 إلى 1794
أدى رعب الحكومة إلى ضحايا بلغوا 35 ألف موتاً بالسجن أو بواسطة المقصلة. أكثرهم كان من جنوب فرنسا الذين حملوا السلاح ضد الحكومة. ولا يشمل هذا من قتلوا في غرب فرنسا الذين ربما كانوا خمسة اضعاف ذلك العدد. ولكنهم ماتوا في قتال مباشر بين أطراف الحرب بين الحكومة والمنشقين عليها.
81 وما يجعل ارقام أولئك الضحايا قابضاً للنفس ليس أننا لم نشهد ضحايا أكثر منه في عصرنا ولكن لأنه وقع في محاولة لبناء فرنسا جديدة على بينة "جمهورية الفضيلة" في عبارة لروبيسبير. خلال الحرب الأهلية والخارجية عكف اليعاقبة على تدبيج نظام جديد لفرنسا استمر في صوره المتطرفة لسنة واحدة:
1-ثقافة جديدة لفرنسا تحل مكان الثقافة القديمة شملت تغيير التقويم. جعلوا الثاني والعشرين من سبتمبر 1792 بدء للتقويم الجديد الذي حل التقويم المسيحي. جعلوا الأسبوع 10 أيام تنتهي بيوم عطلة ليس هو الأحد. وسموا الشهور تسميات جديدة. مثلاً شهر الحرارة Thermidor وهو ذروة الصيف. وgerminal وهو من بعض مايو ويونيو وهو شهر نمو المحاصيل. ولم يقبل بالتقويم أحد للخبطته الأعياد الدينية واختزاله أيام العطلة. اقتصر التقويم على الاستعمال الرسمي حتى جرى إلغاؤه في 1806.
2-إصلاح الموازيين والمكاييل وضبط معاييرها. كانت المقاييس قبل الثورة مقاسة على جسد الملك. فالقدم في الواقع هو طول قدم الملك. جاؤوا بمقياس المتر مستفاداً من تراكيب الطبيعة. وجرى قبول هذه "البدعة".
3-إعادة تسمية الشوارع التي أطلقت على ملوك. استبدالها بأسماء لأبطال الأغاريق والرومان. وسمى اليعاقبة أولادهم بروتس وحتى فرانكلن (ألأمريكي) احتساباً للجمهورية. ويخاطب الواحد الآخر يا"مواطن" كسراً لنظام الألقاب.
وكان القصد هدم الكاثوليكية. زادوا بالاعتداء على الكنائس وتدنيس رموزها. ولم يسلم حتى القساوسة المطاوعين من التضييق فأضطر 18 ألف منهم لنزع الرداء الكنسي وقبلوا بمدنيتهم وأول مظاهرها الزواج مما كان محرماً عليهم.
واحتار الجذريون في ما يحلونه محل المسيحية. فأقترح البعض الإلحاد أو حكم العقل. فسموا كاتدرائية نوتردام بمعبد العقل. ثم انتهوا إلى نسخة هادئة من الدين الجديد هي ال"deist". وهي عقيدة تؤمن بوجود الرب. ولكنه تلاشي حين حرك الكون وأطلق عنانه. وانقطعت صلته بالكون والخلائق. وصار مصير الدين الجديد مصير التقويم: النفور منه. ولكن ثبت اليعاقبة مبدأ المواطنة أما السوية القانون فشملوا بها كل الذكور دون النساء. ونواصل.
تقويم الثورة الفرنسية "المدني" الذي ألغى التقويم المسيحي
Naming the Months
This is where the commissioners really got creative. They made up a whole set of new words, generally with French or Latin roots.
Fall
• Vendémiaire (from French vendange ‘grape harvest’)
• Brumaire (from French brume ‘mist’)
• Frimaire (from French frimas ‘frost’)
Winter
• Nivôse (from Latin nivosus ‘snowy’)
• Pluviôse (from French pluvieux ‘rainy’)
• Ventôse (from French venteux ‘windy’)
Spring
• Germinal (from French germination)
• Floréal (from French fleur ‘flower’)
• Prairial (from French prairie ‘meadow’)
Summer
• Messidor (from Latin messis ‘harvest’)
• Thermidor (from Greek thermē ‘summer heat’)
• Fructidor (from Latin fructus ‘fruit’)
ibrahima@missouri.edu