بعد صفقة رأس الحكمة.. هل حان أوان التعويم في مصر؟
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
بعد ساعات من الإعلان عن صفقة استثمار بشراكة إماراتية لمنطقة رأس الحكمة، بالساحل الشمالي في مصر، شهد سعر صرف الجنيه مقابل الدولار تحسنا كبيرا في السوق الموازية، مما أثار تساؤلات عن الأسباب، وما إذا كانت القاهرة قد اقتربت من توحيد سعر الصرف بعد فترة طويلة من وجود فارق كبير مع سعر البنك المركزي الرسمي.
وبعد أن بلغ سعر الدولار الواحد نحو 73 جنيها في نهاية يناير الماضي، انخفض إلى نحو 62 جنيها بعدها بأيام قليلة عقب تناقل أنباء غير مؤكدة حينها عن قرب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 10 مليارات دولار، ثم اتفاق آخر مع جهات إماراتية لتنمية مدينة بالساحل الشمالي.
وبعد إعلان الحكومة المصرية، الجمعة، عن مشروع تنمية "رأس الحكمة" مع الإمارات، في صفقة من شأنها أن تمنح خزينة الدولة نحو 35 مليار دولار في غضون شهرين وبإجمالي 150 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية، تحسن سعر صرف الجنيه في السوق الموازية ليصل الدولار الواحد إلى نحو 50 جنيها، في حين أن سعره الرسمي الذي يحدده البنك المركزي لا يزال حوالي 31 جنيها، مما يثير التساؤلات عما إذا كان الوقت قد حان لتوحيد سعر الصرف.
بينما يرى المصرفي المصري، طارق إسماعيل، أن السبب في تحسن سعر صرف الجنيه المصري يعود إلى الإعلان عن إتمام صفقة رأس الحكمة، يؤكد الخبير الاقتصادي وائل النحاس أنه فضلا عن ذلك "كانت هناك إجراءات استباقية اتخذتها الحكومة بدأت منذ سبتمبر الماضي".
ويقول النحاس، في حديثه مع موقع "الحرة"، إن "الحكومة اتخذت قرارات لتسيطر من خلالها على السوق بحيث تضمن أنه لن هناك طلب ضخم وعجز في توفير الدولار حين تشرع في إجراء التعويم الجديد (تخفيض قيمة الجنيه رسميا)، وحتى إذا تدخلت لتغطية ما تحتاجه السوق، يتم ذلك دون وجود مضاربات في السوق السوداء، فيقترب السعر الرسمي من السوق الموازية".
ويوضح أن الحكومة على سبيل المثال اتخذت إجراءات من بينها فتح الاعتمادات للاستيراد بالتنازل عن الدولار من دون السؤال عن مصدره لفترة، وبالتالي أم التجار استيراد ما يحتاجونه لشهر رمضان، بخلاف مبادرة سيارات المصريين في الخارج، بالإضافة إلى إلزام المقيمين الأجانب على الأراضي المصرية بدفع ألف دولار، فضلا عن القبض على متاجرين في السوق الموازية، وغيرها.
من الطبيعي أن العرض والطلب هما ما يحددان حركة السوق، لكن في مصر يضاف إلى ذلك عامل ثالث هو "التوقعات"، بحسب النحاس.
ويقول النحاس: "على سبيل المثال، راجت أكثر من مرة توقعات بأن الحكومة ستعلن عن تعويم جديد وشيك للجنيه، فيختفى العرض ويكثر الطلب على الدولار، ثم انتشرت التوقعات عن استقبال مصر 22 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة قبل فترة من الإعلان الرسمي عنها، مما أثر على العرض وتراجع الطلب على الدولار، بالإضافة إلى أخبار سلبية مثل التصنيفات الائتمانية التي انخفضت".
ويوضح أن "هذه التوقعات تحدث خللا، فضلا عن إجراءات أخرى أثرت بالسلب مثل العقود الآجلة في ظل سوق غير متوازن وسعر صرف متقلب".
ويضيف: "كل هذه العوامل أدت إلى المضاربة العنيفة التي بدأت من بداية يناير ورأينا ذروتها في نهاية نفس الشهر عندما وصل سعر الدولار في السوق الموازية إلى 73 جنيها مما أدى إلى ارتفاع بأسعار السلع بشكل غير مسبوق".
هل حان الوقت؟وبعد الإعلان عن صفقة رأس الحكمة يتمنى إسماعيل أن يستغل البنك المركزي تراجع سعر الصرف في السوق السوداء، ليرفع السعر الرسمي لدرجة مقاربة له، بحيث يدفع ذلك المشترين من السوق السوداء إلى التوجه للبنوك.
ويعتبر إسماعيل أنه إذا تم رفعه على سبيل المثال إلى 45 جنيها، بينما الدولار في السوق السوداء بـ50 جنيها فإن العاملين بالخاريج وأقاربهم سيتوجهوا للبنوك، لأن ذلك أكثر أمانا لهم خوفا من القبض عليهم لأن المخاطرة حينها لن يكون لها داع بسبب عدم وجود فارق كبير في السعر حينها.
ويرى أنه "إذا فعلت الحكومة ذلك فإنها ستحصل على حصيلة دولارية كبيرة من العاملين بالخارج كانت تراجعت كثيرا بسبب الفارق الكبير بين السوقين الرسمية والموازية".
وهوت تحويلات العاملين بالخارج بما قيمته 9.85 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو، ثم انخفضت 1.93 مليار دولار أخرى في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لأرقام البنك المركزي.
وتراجعت صادرات الغاز الطبيعي ملياري دولار على أساس سنوي في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لبيانات البنك المركزي وذلك نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي وانخفاض الأسعار العالمية.
وتباطأت، بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة، السياحة التي حققت رقما قياسيا بلغ 13.63 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023.
وفي أعقاب هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر، انخفضت إيرادات قناة السويس بنسبة تراوح بين 40 و50 بالمئة، بحسب تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وكانت قناة السويس حققت في العام المالي 2022-2023 عائدات مالية بلغت 9.4 مليار دولار، وهي أعلى إيرادات سنوية تسجّلها، بزيادة قدرها نحو 35% عن العام السابق، وفق ما أعلنت الهيئة في يونيو الماضي.
وتعاني مصر واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء.
وتضاعفت ديون مصر الخارجية أكثر من 3 مرات في العقد الأخير لتصل إلى 164,7 مليار دولار، وفقاً للأرقام الرسمية، بينها أكثر من 42 مليار دولار مستحقة هذا العام.
ويتفق النحاس مع إسماعيل في أن مصر الآن في فترة اتخاذ قرار التعويم "لأننا أصبحا في وضع ليس هناك فيه طلب على الدولار بشكل كبير".
لكن النحاس يؤكد أنه قبل اتخاذ قرار التعويم "لابد من تخفيض سعر الدولار في العقود الآجلة"، موضحا أنه كان بـ63 جنيها وانخفض إلى 57 جنيها خلال الـ48 ساعة الأخيرة، لكن يجب أن ينخفض إلى نحو 50 جنيها حتى تبدأ أسعار السلع في الانخفاض مع التعويم، ولا تحدث صدمة".
ويوضح أن تعويم الجنيه وتخفيض قيمته رسميا يعني رفع أسعار الخدمات والسلع التي تدعمها الدولة مثل الوقود وبالتالي أسعار النقل مما سينعكس على أسعار السلع.
ويحذر النحاس من أن عدم السيطرة على الأسعار في السوق الحر الآن، قبل أي تعويم، ستؤدي إلى موجة تضخمية عنيفة، ولذلك لابد من سحب أسعار السوق الحر إلى منطقة تعادل منطقة التعويم التي سيعلن عنها البنك المركزي حتى يحدث استقرار في الأسعار.
ويتوقع النحاس أن يتراوح سعر الدولار بعد التعويم الجديد من 44 إلى 46 جنيها، ثم يبدأ في الانخفاض بناء على التدفقات المالية التي سيستقبلها البنك المركزي من العملة الصعبة. معتبرا أن المشكلة ستكون "في الضربة الأولى".
وأكد إسماعيل أن "على الحكومة أن تبدأ في توفير العملة الصعبة للمصانع حتى تتمكن من استيراد المواد الخام اللازمة لإعادة التصنيع، وأيضا توفير الدولار للمستوردين"، محذرا من أنه "إذا لم يحدث ذلك فلن يشعر المواطن بأي فرق ولن تنخفض الأسعار".
"سيبقى في الرعاية المركزة"من جانبها، أشارت عالية المهدي، التي سبق أن شغلت منصب عميدة كلية عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في حديثها مع موقع "الحرة" إلى أن "وصول تدفقات من العملات الأجنبية، سيقود تدريجيا إلى اضمحلال التعاملات في السوق السوداء".
وتوقعت المهدي أن يظهر تأثير الصفقة خلال أشهر "إلى أن يكون البنك المركزي والقطاع المصرفي لديهم القدرة على توفير العملة لكل العملاء من مستثمرين ومسافرين إلى الخارج. بجانب تحريك سعر الصرف ليكون أكثر واقعية مما سيقضي على السوق السوداء".
ورأت المهدي أن المواطن في البلاد سينتظر فترة قد تصل إلى 6 أشهر أو عام "حتى ينعكس الأمر على الأسعار"، مشيرة إلى أن هناك تجارا بالفعل استوردوا مدخلات إنتاج أو منتجات بأسعار مرتفعة للدولار، وسيبيعون بضائعهم بسعر مناسب لهم.
ويتوقع النحاس أن تكون هناك إجراءات شديدة وجراحات صعبة للاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة.
ويصف الاقتصاد المصري بأنه "في الرعاية المركزية وتحت التنفس الاصطناعي"، مشيرا إلى أن المليارات التي ستصل إلى مصر قريبا بناء على صفقة "رأس الحكمة" من شأنها أن "تزيل جهاز التنفس الاصطناعي لكننا سنبقى في الرعاية المركزة".
ويرى أن "فكرة خروج الاقتصاد المصري من الرعاية المركزة في يد صندوق النقد الدولي الذي سيراقب أداء الحكومة ويقرر ما إذا كانت تسير بخطى صحيحة للإصلاح الاقتصادي من عدمه وما إذا كانت ستفي بالتزاماتها الدولية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی السوق الموازیة فی السوق السوداء صفقة رأس الحکمة سعر صرف الجنیه البنک المرکزی ملیار دولار سعر الدولار سعر الصرف دولار فی إلى أن ما إذا فی مصر
إقرأ أيضاً:
«حسني بي» لـ«عين ليبيا»: المواطن وحده هو من يدفع دائماً ثمن الفشل
تصدرت الإجراءات التي اتخذها المصرف المركزي مؤخراً حديث الشارع الليبي، وسط انتقادات حادّة لما آلت إليه حال السوق وتحميله المسؤولية الأكبر عنها، فما رأي خبراء الاقتصاد بهذه الإجراءات؟
وحول ذلك، قال رجل الأعمال “حسني بي”، لشبكة “عين ليبيا”: “نبدأ بالتحدث عن القاعدة العامة أولاً، وهي التي تنتج أسباب انهيار العملة ونمو التضخم، لأن أيّ عملة دولة لها سعران يعني أن هناك خللاً بالدرجة الأولى في المالية العامة (انفاق يتعدى الايرات)”.
وتساءل حسني بي: “ما هي المالية العامة؟ هل هي الإنفاق العام للحكومة؟ نحن كثيرًا ما نخلط بين الحكومة والدولة، الدولة هي الأفراد والأرض والعلم والمنظومة وتشمل السلطات السيادية كافة، يعني أن الدولة تحتوي على السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والشعب والشركات، وكذلك السلطة القضائية والسلطات السياسية مثل مصرف ليبيا المركزي والرقابة الإدارية وديوان المحاسبة والشفافية و محاربة الفساد وغيرها”.
وقال: “للأسف الشديد، نخلط ونعتقد أن الحكومة هي الدولة، لا، الحكومة هي مجرد نخبة من الشعب نختارهم لإدارة أمور الدولة، وإذا فشلت هذه الحكومة أو حكومات أو أفراد أو أي جهة كانت، فيرجع الفشل بالدرجة الأولى على المواطن دائمًا، لأن المواطن يقبل بالواقع، في أي بلد، وإذا كانت هناك سوء إدارة للشؤون العامة من قبل الحكومة، فإن المواطن هو من يدفع خسارتها، وهو من يتحمل تبعات أي خطأ، وهو الذي يدفع الثمن”.
وأضاف رجل الأعمال “حسني بي”: إلا أن (القاعدة العامة) تقول إن الخسارة يدفعها كل مواطن بالتساوي، نحن 8 مليون و600 ألف، حتى المولود اليوم يدفع خسارة اليوم، وخسارة الأمس، وخسارة الغد بالتساوي، ولكن عندما تسير الأمور بشكل جيد، هنا يحدث الخلل، لأنه عندما تسير الأمور بشكل جيد، هناك تفاوت بالاستفادة، البعض يستفيد أكثر من آخرين نتيجة عدم تكافؤ الفرص والمحسوبية أو لعدة أمور خاصة في الدول النامية، نحن منها، مثل ليبيا، هذا “ولد عمي”، “صديقي”، “هذا شريكي”، “هذا عندي مصالح معاه”، “وهذا محتاجني”، وكلها مجرد تسويات ومصالح آنية ومصالح خاصة”.
وأضاف: “ما يحدث الآن ليس إلا تكرار أخطاء الماضي والتي تتكرر منذ عام 1982، نحن لدينا “عقدة الدولار”، كشعوب متخلفة ونامية، لدينا عقدة الدولار ولدينا مفاهيم راسخة في عقولنا، نبحث عنها، مثلًا يقول لك “يجب أن يكون لدينا احتياطيات كبيرة بالدولار “.
وقال: “في عام 1980 وحتى أيام الملكية في الخمسينات، لم يكن لدينا احتياطيات بالدولار ولا بأية عملة، لكن كان الدينار يساوي 3 دولارات و30 سنتًا، وكان الدولار يعادل 330 درهمًا، واستمرت قوة عملتنا كان بدء الانهيار في عام 1982، اصبح لدينا سعرين: سعر السوق السوداء( الحر)، وسعر رسمي، فما حدث في 2016 حتى 2020، وما تكرر وحدث في 2023، هو نفسه ما يحدث الآن عام 2025.
وقال: “بداية أية انهيار تنتج عن عملية تمويل نقدي للميزانية، وعندنا لا تتوفر دينارات لدى مصرف ليبيا المركزي أو الحكومة، وبالتالي يضطر المركزي لخلق دينارات من لا شيء، وأحد الطرق لذلك هي طباعة النقود أو فرض قيود مصرفية افتراضية وبالدينار، بينما مصرف ليبيا المركزي لديه دولارات، والحكومة تعتمد بنسبة 93% من إيراداتها على دولارات النفط، وبالتالي، المعادلة إن لم تكون دائمًا متعادلة أو أن كمية الدولارات يجب أن تغطى بنسبة 93% من الإنفاق العام للحكومة وما تنفق من دينارات”.
وأضاف: “يمكن القول للشعب أن قيمة الدولار بـ 330 درهما، لكن بالواقع قيمته غير ذلك، ولا تقول لي ان الدولار مقابل الدينار بـ 1.40، وفي السوق يساوي 9 دينار نقدي و15 دينار بالصكوك، ولا تقول لي الدولار مقابل الدينار بـ 5.800، لكن في السوق وصل إلى 7 دينارا “، قائلا: “أنا شخصيًا لا أؤمن بفرض الأسعار أو تحديدها، السعر الحقيقي للدولار اليوم أو بالأمس يجب أن يكون كما هو، مثلما كان في 1982”.
وتابع حسني بي: “في 1982 لم يكن الدولار يعادل 330 درهمًا، بل كان يفوق 1.400 دينار، و لم ينمو الاقتصاد بشكل حقيقي إلا بعد عام 2000 إلى 2010، ولكن ما حدث من استقرار ونمو كان في عام 2000، مثلها بعد تعديل سعر الصرف في 2021، حيث استقرت القيمة الشرائية وتوفرت الأموال وتوقف التمويل بالعجز ، واستقر الوضع بما فيها الأمني، وتوقفنا عن الحروب، ولم نعد نقتل بعضنا البعض كما كان الحال من 2016 حتى 2020”.
وتابع رجل الأعمال: “اليوم بعد إقرار السعر الجديد، كل واحد ينظر إليه ويعتقد أنه رفع قيمة الدولار وانخفض سعر الدينار، لكن السعر الحقيقي اليوم 7.400 دل/$، ومن خلال الإبقاء على ما كان عليه، المستفيد الوحيد من فارق العملة حتى الأمس كان المضارب، أو الشخص الذي يحصل على الدولار بالسعر الرسمي، ثم يذهب إلى السوق ويبيعها في الشارع ويحقق ربحًا بنسبة 20%، وهذا الفارق كارثة وينتج المزيد من الطلب على الـ$ ، لا يمكن لسلطة أن تخلق مناخ يمكن للمواطن أن يربح 20% خلال يوم”.
وقال: “المصرف المركزي يبيع الدولار بخمسة دينارات و850 درهم ، ومن يتحصل عليه من المصرف يبيعه بـ 7 جنيه ويحقق ربح خيالي، الإبقاء على السعر السابق ليس إلا تشجيع الناس على الجريمة، وتشجعهم على القيام بشيء مخالف للقانون، وأن يركزوا كل اهتمامهم في المضاربة على الدولار فقط”.
وتابع حسني بي: “نحن شهدنا خلال الشهور الماضية الارتفاع الجنوني للطلب على الدولار، لأنه في حالة شراء سلعة معينة، إذا اشترى شخص الدولار بسعر منخفض، يمكنه أن يحقق ربحًا يصل إلى 15% أو 20%” من خلال اخراجه خارج ليبيا”.
واضاف: “في شهر أبريل 2024، وصل الفارق السعري، رسمي/موازي إلى أكثر من 50%، حيث كان السعر الرسمي نحو 5.500 دينار/$ ، بينما في السوق الموازي وصل إلى 8 دينارات و200 درهما، هل من المعقول أنني أعطي شخصًا دولارات بسعر 5.500 دينار، وهو يبيعها على بعد 200 متر ويحقق 20%؟ هل هذا اقتصاد سوي؟
واضاف: “للأسف، العديد من الأشخاص، بما فيهم بعض الدكاترة الاقتصاديين، يقولون لك: “إذا غيرنا سعر الدولار وخفضنا سعر الدينار، سيستفيد الفقير”، لكن في الواقع، هذا الفارق في الأسعار هو ما يدفعه الفقير، ولن يكون هناك شيء مجاني، بالعالم كل شيء له تكلفته، والمواطن هو الذي يتحمل العبء و التكاليف، وإن كان السعر الرسمي لأن السعر الحقيقي هو سعر السوق”.
وأضاف: “لا يوجد شيء مجاني، ولا يوجد شيء في الحياة اسمه “سعر ثابت”، هذه كلها فلسفة قديمة عفا عليها الزمن وليست حقيقية، اليوم، قيمة الدولار الحقيقية هي في السوق، وليست القيمة التي يحددها مصرف ليبيا المركزي”.
وقال: “عندما يكون هناك خسارة بسبب المضاربة، تلك الخسارة يخسرها جميع الشعب الليبي، 8 مليون و600 ألف يخسرون بالتساوي، ولكن عندما تتوفر الغنيمة ويكون هناك فرق عملة أو فرصة للمضاربة، لا يستفيد منها إلا البعض على حساب باقي الشعب، ففي الربح هناك تفاوت، لكن في الخسارة الكل يتحملها”.
وقال: “اليوم عندما تقف أمام المصارف وتستلم علاوات الأسرة أو أي عملة بالسعر الرسمي، لا أعتقد أن هذا السعر هو سعر الدولار الحقيقي، ففي النهاية، السوق الموازي هو السعر الحقيقي للعملة”.
وتابع القول: “عموما السبب الرئيسي في انهيار أيّ اقتصاد هو العجز في الميزانية والانفاق الحكومي غير المرشد”.
وتابع القول: “على سبيل المثال، الدعم اليوم يلتهم 40% من الإيرادات النفطية، هل يعقل أن يترك هذا الموضوع دون معالجة، ويترك للمجهول؟ هل يقبل أحد أن المرتبات تُصرف بهذه الطريقة، بحيث نعلم أن هذه الأموال تصل إلى كل المواطنين، وليس إلى جماعات معينة أو أشخاص بأسماء وهمية أو أرقام وطنية مزورة؟”.
وأضاف حسني بي: “الأساس والقاعدة العامة في الاقتصاد، هي أنه لا يوجد شيء اسمه مجاني، ولا يوجد شيء اسمه مدعوم، ولا يوجد شيء اسمه سعر محدد، لأنك أنت الذي تحدد هذا السعر، والدليل هو البنزين، والنفط تباع بـ 15 قرشًا، لكن في مناطق كثيرة، تباع بـ 64 جنيه”، وكذلك الاسمنت، “المضاربين” يأخذونه بـ 18 جنيهًا، ثم يبيعونه بـ 70 جنيهًا”.
وأشار حسني بي، إلى “الصراعات أمام المصارف، وفي مصرف ليبيا المركزي، عندما وصل فارق سعر الصرف إلى 10 أضعاف، حيث كان السعر الرسمي جنيهًا و40 قرشًا، بينما في السوق السوداء كان يصل إلى 8 جنيهات، ثم وصل في الصك إلى 15 جنيهًا، وكان الفرق بين الكاش والصك يصل إلى 30%”.
كما اشار إلى “الصراعات، الحروب، واختطاف مديري المصارف والتجار وكل من لديه أي قدرة مالية، كانوا مختطفين، المصارف كانت في دوامة لا نهاية لها، يعني، كل شيء تم تدميره نتيجة لهذا الكم الهائل من الغنائم”.
وقال: “أنا أستغرب كيف الناس لا تدرك هذا، كيف لا يبحثون في الأمر، لماذا نكرر نفس الأخطاء منذ 1982؟ لأنه دائمًا سيكون هناك “مضاربين” ومجرمين عندما تتوفر الغنيمة”.
وختم رجل الأعمال بالقول: “أول شيء في أي إصلاح هو تجفيف منابع الغنيمة، عندما يغتنم “الحدّاق أو المضاربون” والمجرمون الفرص، يقومون باختطافها كما اختطفوا ما كان أمام المصارف في ليبيا، بعد توحيد سعر الصرف وتغييره”.
واضاف: “لو تركناهم على نفس العملية، لأن الفارق بين الرسمي والموازي كان يزيد كل شهر، ولا يقل عن 3% شهريًا، لو لم يتم تغيير سعر الصرف، وكان هناك شجاعة من مصرف ليبيا المركزي والإدارة لتغييره فورًا، لكان الوضع قد تدهور، كما حدث في 1982 حيث استمر الوضع 18 سنة، وفي 2016 حتى 2020 استمر 5 سنوات، وإذا لم نغيره فورًا، لعدنا إلى نفس الدوامة، مليشيات وصراعات، بأسماء رسمية واسماء وهمية”.