لندن- تجرع أحمد الناعوق من الفراق ألوانا وأشكالا، وكانت أولاها حين فقد أخاه أيمن في عدوان الجرف الصامد على غزة عام 2015، وخرج من حزنه بمقالة رثاء ألهمت المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان لتأسيس مشروع (لسنا أرقاما) كموقع يدون قصص الضحايا ليس كرقم ولكن كقصة إنسانية.

لكن المفاجأة أنه وبعد 8 سنوات من التأسيس، أصبحت عائلة الناعوق وأفراد من فريق "لسنا أرقاما" في قوائم بنك أهداف الاحتلال الإسرائيلي، ومن أبرزهم الكاتب الدكتور رفعت العرعير المؤسس المشارك في لسنا أرقاما.

ما لبث أحمد أياما في صدمته الأخيرة، وتماما كما الأولى التي ألهم فيها تأسيس موقع يدون آلام غزة، حتى بدأت رحلة رثاء جديد هذه المرة في لندن، من خلال تلبية دعوات من جامعات ونقابات وصحف ومجالس محلية ليروي فيها قصة غزة من خلال قصته كناجٍ وحيد وشريك مؤسس في "لسنا أرقاما".

أحمد الناعوق مع أفراد من عائلته قبل استشهادهم (الجزيرة) الشرارة الأولى

التقت الجزيرة نت بأحمد الناعوق ليسرد الحكاية، والتي بدأت في 2015 منذ تواصله بالصحفية الأميركية بام بايلي سكرتيرة المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وقتها، لتحول استشهاد أخيه من رقم إلى قصة. وعلى مدار شهرين متتاليين عملت مع أحمد الناعوق لكتابة قصة "أيمن الناعوق هدفا لإسرائيل وأخا وصديقا لأحمد".

أصرت بايلي أن تكون كتابة قصة شهيد تنبض بالحياة وساعدت أحمد في سرد العديد من التفاصيل، حيث كانت بايلي ترتب لنشر القصة للإعلام الغربي من اليوم الأول، وأوضحا في مقالة كيف فقد أيمن 340 طفلا من مدرسته الثانوية عندما كان عمره 17 عاما.

ولكن ما لبث أيمن أن عاش مرارا وتكرارا حصارا ودمارا حتى عام 2012 بعد الغزو الإسرائيلي، بحسب القصة التي سردها أحمد الناعوق بالتعاون مع بايلي والمنشورة في عام 2015 في صحف أجنبية عدة.

كانت هذه القصة باكورة المشروع "لسنا أرقاما"، حيث تبنى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان التدوين، ليكون منصة توثيق مفتوحة لأهل غزة وليس "أيمن وحده"، حيث يوجد الآلاف مثل أحمد الناعوق يحتاج ذووهم لرثائهم وإحياء ذكراهم في قصص إنسانية تخلدهم لا أن يكونوا مجرد رقم في إحصائية.

العرعير والتأسيس

تحدث الناعوق للجزيرة نت عن دور الدكتور رفعت العرعير في المرحلة التأسيسية لمشروع "لسنا أرقاما" كمدرب وشريك، والذي ساعد العديد من الكُتاب والأهالي على سرد قصصهم وخروجها للنور.

ومع العدوان الحالي على غزة قُصف منزل العرعير، وبعد مشواره المهني الثري انضم كقصة فقد مؤلمة جديدة في هذا المشروع.

تطور "لسنا أرقاما" بشكل كبير، وتم تعيين أحمد الناعوق مديرا للمشروع في عام 2016، وخلال 3 سنوات حصل الناعوق على منحة دراسية لدراسة ماجستير الصحافة بجامعة ليدز البريطانية بمنحة تشفنينغ، محاولا التعافي والمضي قدما في التوسع بمشروع "لسنا أرقاما".

وأضاف الناعوق "كان رفعت العرعير مدربا رائعا وبمنزلة أب روحي ولن يتكرر، وكل من عمل معه يعلم أنه لن يعوض ولا يمكن لأي إنسان أن يسد الفراغ الذي تركه العرعير" .

ويقول للجزيرة نت "لقد أسهم "لسنا أرقاما" وتدريب الدكتور العرعير بشكل عميق في المجتمع في غزة، ليس فقط بتحويل الأرقام إلى قصص إنسانية تنبض بالحياة، بل طورنا الموقع ليذكر جوانب إيجابية في غزة، لأن غزة ليست الحرب فقط هناك مشاريع وريادة أعمال وإنجازات".

وأضاف "لسنا أرقاما كان سببا في تخريج دفعات من الصحفيين والكُتاب للحياة العملية من غزة إلى العالم. العديد من الكتاب والصحفيين بدؤوا حياتهم المهنية في لسنا أرقاما يعملون الآن في لندن وعدة عواصم دولية".

الغارات الإسرائيلية تستهدف عائلات كاملة مما أدى إلى مسح بعضها من السجلات المدنية (الأناضول) فراق مرعب

شكلت الحرب الحالية ضربات موجعة لأحمد الناعوق بفقده الدكتور العرعير، وفقده 21 فردا من عائلته، أباه وأمه وإخوته وأولادهم، 3 أجيال انتهت حياتهم تحت الركام، بضربة جوية واحدة خلال العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة.

وصله الخبر مغتربا وحيدا في لندن ولم يستطع قول أي شيء تعليقا عن هذا الفقد سوى كونه "صدمه"، رغم خبرات أحمد في سرد القصص وقصص الفقد بالتحديد إلا إنه حتى الآن لم يتمكن بعد من السرد هذه المرة.

أصدقاء أحمد وزملاؤه قاموا بتقديم واجب العزاء، وحاول بعضهم بعفوية أن يقول له "العوض بمن تبقى" فكان رده "لم يتبق أحد".

ربما تكون قصة أحمد الناعوق موجعة فهو "الناجي الوحيد" من دار الناعوق، لكن هناك الآلاف مثل أحمد بل ومنهم أطفال وخدج نجوا وحدهم من القصف والقنابل دون أي فرد من عائلتهم.

وإذا كانت دار الناعوق عرفت ناجيا وحيدا فإن العديد من العائلات في غزة مُسحت من السجلات المدنية بعدما استشهد جميع أفرادها من كل الأجيال، ولم يتبق منها ولا ناج وحيد يخبر العالم قصتهم.

ويخطط الناعوق لتأليف كتاب عن عائلته، ولذلك تعهد بأن يستمر مشروع "لسنا أرقاما" لسرد القصص رغم الفواجع، لتخليد الذكريات المؤلمة، تعزي محبيهم وتشهد على جلاديهم للأبد، فالعدالة التي لم يحققها القانون الدولي سيسجلها التاريخ في "لسنا أرقاما".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: لسنا أرقاما العدید من

إقرأ أيضاً:

عبدالعزيز الحبسي : لسنا المرشح الأول في خليجي 26 ونعول على سلاح الخبرة !

أفصح عبدالعزيز بن عبدالله الحبسي الناقد والمحلل الكروي في قناة عمان الرياضية ومساعد المدرب الوطني الأسبق لمنتخب الشباب عن خالص دعواته وأمنياته القلبية الصادقة لمنتخبنا الوطني الأول لكرة القدم بالتوفيق في مشاركته بخليجي ٢٦ المقامة منافساتها حاليا في دولة الكويت الشقيقة خلال الفترة من ٢١ ديسمبر الجاري إلى ٣ يناير المقبل.

وتعقيبا على حظوظ منتخبنا الوطني في نسخة خليجي ٢٦ بالكويت، علق الحبسي قائلا : نحن لسنا في أفضل حالاتنا راهنا بدليل تقهقر أدائنا ونتائجنا في مشوارنا بتصفيات كأس العالم، لكن في المقابل تحمل بطولة كأس الخليج وقعا صاخبا من الخصوصية التي تصبغ كساءها وتضفي عليها هالة من الزخم الإعلامي والجماهيري الذي يحيط بجوهر وغرائز مكنوناتها ودلالاتها العميقة.

وقال الحبسي في معرض حديثه لـ(عمان) حول حظوظ منتخبنا الوطني في خليجي ٢٦ بالكويت : نأمل أن تعيدنا بطولة خليجي ٢٦ لمسارنا الصحيح بعدما فقدنا وهجنا وبريقنا في مباريات تصفيات كأس العالم على خلفية تذبذب الأداء والنتائج، ونمني النفس أن تمحو بطولة كأس الخليج حضورنا الباهت في مشوار التصفيات وأن تكون بمثابة نقطة انطلاق جديدة تدفع عجلة الأحمر لاستعادة وهجه وبريقه المفقود.

فرص التأهل

واستطرد قائلا : لسنا المرشح الأول لاقتناص إحدى بطاقتي العبور من مجموعتنا ولكن في المقابل نملك فرص التأهل في هذه المجموعة الصعبة التي تنذر بمنافسة شرسة على كافة الأصعدة والمستويات، وكما ذكرت آنفا سيحظى المنتخب الكويتي بعامل المساندة والمؤازرة الجماهيرية الحاشدة على أرضية ميدانه، مما يدعم حظوظه معنويا ويشعل فتيل السباق المحموم على خطف إحدى بطاقتي التأهل عن المجموعة.

وأشار الحبسي إلى أنه يضع جل ثقته في الجهاز الفني والإداري لمنتخبنا الوطني بقيادة المدرب المحنك رشيد جابر، معولا في السياق ذاته على نجوم الأحمر لصنع الفارق المنشود في هذه البطولة، وفي هذا الصدد ذكر قائلا : بلا شك نعول في المقام الأول على الإرادة الصلبة للاعبينا وجماعية الأداء التي أظهروها في العديد من المناسبات والاستحقاقات الكروية، كما نعول أيضا على رغبة الجهاز الفني والإداري لمنتخبنا الوطني بقيادة المدرب الفذ رشيد جابر الذي نأمل أن يترك بصمة جيدة وانطباعا إيجابيا في هذه النسخة بالذات من البطولة الخليجية، ونناشده حث اللاعبين على بذل قصارى الجهد ورفع أقصى درجات التركيز المقرون بالانضباط الفني والتكتيكي في مباريات هذه البطولة، مقرونا ومصحوبا أيضا بغرس الروح القتالية لدى اللاعبين، سعيا لتحقيق نتائج إيجابية وإعلاء شأن مشاركة الأحمر في هذا المحفل المهم والاستحقاق الإقليمي الأبرز كرويا في المنطقة، والذي جرت العادة أن يجمع الأشقاء تحت منضدة تنافسية واحدة.

سلاح الخبرة والتجربة

وزاد قائلا : لاعبونا يملكون الخبرة والتجربة في بطولات كأس الخليج ومعظم العناصر المتواجدة حاليا في قائمة المنتخب الوطني سبق وأن خاضت منافسات البطولة في أكثر من نسخة خلال السنوات القليلة الماضية، وكذلك ينطبق الحال على المدرب الوطني رشيد جابر الذي يملك هو الآخر خبرة وتجربة جيدة في بطولة كأس الخليج، حيث سبق وأن أشرف على زمام تدريب الأحمر في خليجي ١٥ بالرياض وقاده لاحتلال المركز الخامس برصيد ٤ نقاط.

واسترسل الحبسي قائلا: مجموعتنا غامضة بحكم المستويات الفنية المتقاربة فيها والوضع يحتم علينا أن نصارع الشقيقين القطري والإماراتي ونزاحم المنتخب الكويتي صاحب التاريخ الحافل والإرث الكروي الخالد الذي ترجمه إلى واقع اعتلائه لمنصات التتويج برصيد عشرة ألقاب رصّعت سجله الذهبي على رأس قائمة المتوجين ببطولة كأس الخليج.

رسائل وخطوط عريضة

وحول الرسائل والخطوط العريضة التي يوجهها لنجوم الأحمر والجهاز الفني والإداري لمنتخبنا الوطني لفت الحبسي قائلا: كما يعلم الجميع أن بطولة كأس الخليج محاطة بهالة من الزخم الإعلامي الواسع النطاق، لذا أناشد الجهاز الفني والإداري لمنتخبنا الوطني بقيادة المدرب رشيد جابر إبعاد اللاعبين عن الضغوطات الإعلامية المحيطة والاكتفاء فقط باللقاءات الرسمية في إطار المساحة المخصصة لهم، مع الحرص على حصر نطاق دائرة التركيز على أرضية الملعب مقرونا بالالتزام بأداء الواجبات الفنية والتكتيكية على أكمل وجه والنأي المطلق عن الضغوطات النفسية والذهنية المصاحبة لمباريات البطولة.

وتعليقا حول رسالته للجماهير العمانية الوفية المتوقع أن تزحف بقوة لمساندة ومؤازرة الأحمر في مباريات خليجي ٢٦ بالكويت علق الحبسي قائلا: جماهيرنا الوفية هي الداعم والمحفز الأساسي لنجوم الأحمر في بطولات كأس الخليج ونناشدهم الوقوف صفا واحدا خلف منتخبنا الوطني إبان مشاركته في خليجي ٢٦ بالكويت، وهم ليسوا بحاجة إلى رسالة أو بطاقة دعوة لتلبية نداء المدرج الأحمر، إذ اعتدنا على وقفاتهم الصادقة والنبيلة وقطعا سيكونون على قلب رجل واحد في هذا المعترك الإقليمي المرتقب، وجل ما نتمناه أن يمارسوا دورهم المنوط والمعهود على أكمل وجه، وأن يقدموا أقصى درجات الدعم والاستنفار المعنوي لرجال الأحمر داخل رواق المستطيل الأخضر انطلاقا من لقاء الافتتاح أمام المنتخب الكويتي المضيف حتى آخر مباراة يخوضونها في منافسات هذه البطولة.

السعودية المرشح الأبرز

واختتم الحبسي مساحة حديثه بالقول: أراهن على المنتخب السعودي الشقيق في منافسات المجموعة الثانية وأراه المرشح الأبرز للتربع على عرش صدارة مجموعته الخليجية نظرا لجودة العناصر التي تزخر بها صفوفه وبحكم قوة المسابقة المحلية التي ينشط فيها نجومه الدوليون وتعد رافدا أساسيا لتدعيم صفوف الأخضر وتعزيز قوامه الأساسي في أي استحقاق إقليمي أو قاري أو دولي ينضوي للمشاركة فيه.

مقالات مشابهة

  • ليسوا أرقاما بل حياة.. الأونروا: طفل يُقتل كل ساعة في غزة
  • أيمن الصفدي بعد لقائه أحمد الشرع: الدول العربية متفقة على دعم سوريا دون أي تدخل خارجي
  • إطلاق مشروع رقمنة «أوراق صلاح عيسى» في مكتبة الإسكندرية غدا
  • أحمد شكري: خلاف شخصي مع هاني رمزي وراء استبعادي من المشاركة في أولمبياد لندن
  • الدكتورة ميادة سوار الذهب تكتب: لسنا مَن توصد الأبواب أمامهم
  • «محمد صلاح» ينتظر أرقاماً تاريخية مع «ليفربول» بالدوري الانكليزي
  • عبدالعزيز الحبسي : لسنا المرشح الأول في خليجي 26 ونعول على سلاح الخبرة !
  • في الـ71 من عمره وحطم أرقاما قياسية.. من هو نجم ألعاب القوة الصيني جين هوي؟
  • الاحتلال يعترف بعد اعتراض مسيّرة من اليمن: لسنا محصنين تمامًا
  • خليجي 26.. مدرب الإمارات: لسنا المرشحين للفوز بلقب كأس الخليج