لجريدة عمان:
2025-04-25@10:36:35 GMT

هدف نتانياهو تصفية القضية الفلسطينية

تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT

الترجمة عن الفرنسية: حافظ إدوخراز -

في عالمنا الذي أصبحت فيه وسائل الإعلام تنقل كل شيء، تطرد المعلومات بعضها البعض قبل أن يتأتّى لنا ما يكفي من الوقت لنستوعب منها المعنى. إن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، والتشكيك المتطرّف في الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، والهجوم البري الوشيك للجيش الإسرائيلي على رفح، كلّها تشكّل كلًّا منسجما للغاية يكشف عن الهدف الحقيقي لحكومة نتنياهو، وهو تصفية القضية الفلسطينية.

تُجمع كل التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الإسرائيليون على التأكيد عن رغبتهم في التخلّص، لا من حركة حماس وحدها، وإنما من سكان غزّة جميعا من خلال جعل القطاع غير صالحٍ للعيش. وتملأ تصريحاتهم صفحات الجرائد الإسرائيلية كل يوم. يمثّل الثالث من نوفمبر 2023 بالنسبة إلى بنيامين نتانياهو «حربا بين أبناء النور وأبناء الظلام. ولن نتراجع عن مهمّتنا قبل أن ينتصر النور على الظلام».

ومن جانبه، قال رئيس حزب العمل إسحاق هرتسوغ في الثاني عشر من أكتوبر: «إن أمّةً بأكملها هي المسؤولة. وكل الخطابات الرنّانة حول المدنيّين الذين لم يعرفوا ولم يفعلوا شيئا هي خاطئة... وسنقاتل إلى أن نكسر عمودهم الفقري». أما وزير الدفاع يوآف غالانت، فقد فرض حصارا كاملا على غزة في التاسع من أكتوبر، وقال: «لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، ولا وقود. كل شيء مغلق». وأضاف: «من نقاتلهم هم حيوانات ونحن نتصرّف على هذا الأساس».

صرّح وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير (اليمين المتطرف)، في العاشر من نوفمبر قائلا: «لكي نكون واضحين، فعندما نقول إنه لا بدّ من تدمير حماس، فإن ذلك يشمل كل من يقدّم الدعم لهم... كلهم إرهابيون ويجب أيضا تدمير هؤلاء جميعا». وكرّر الجنرال غيورا آيلاند، في التاسع من أكتوبر، دعوته من أجل جعل قطاع غزة غير صالحٍ للعيش: «ليس أمام دولة إسرائيل خيار سوى جعل غزة مكانا يستحيل العيش فيه مؤقّتًا، أو إلى الأبد».

لقد وُضعت هذه الكلمات قيد التنفيذ على الفور، وأشار مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة إلى أن «الوضع قد أصبح مأساويا بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين تم دفعهم إلى النزوح نحو الجنوب ويعيشون في رعبٍ مطلق». إنهم «لا يزالون يتعرّضون للقصف الإسرائيلي بلا هوادة، ويرزحون تحت الحصار والدمار، محرومين من الضروريات مثل الغذاء والماء والإمدادات الطبية الحيوية».

خاطب أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، المجتمع الدولي في السادس من نوفمبر 2023، متحدّثا عن «أزمةٍ إنسانية»، كما استنكرت مديرة اليونيسيف كاثرين راسل، في الأول من ديسمبر، تحويل غزة إلى «أخطر مكان في العالم يمكن أن يعيش فيه الأطفال». وفي وضعٍ كهذا، تشكّل الأونروا بالنسبة إلى إسرائيل عقبة كبيرة، لأنها تقع في قلب منظومة الدعم الحيوي الذي يستفيد منه ستة ملايين لاجئ فلسطيني في غزة والضفة الغربية والدول المجاورة.

ويصدق هذا على نحوٍ أكبر منذ السابع من أكتوبر، حيث لعبت الوكالة دورا حاسما في تقديم يد العون لسكان غزة الذين سقطوا في براثن الفقر المدقع. ولا يفتأ المفوّض العام للوكالة، فيليب لازاريني، يحذّر من الوضع المأساوي السائد في القطاع، ويدين الهجمات على مباني الوكالة التي أصبحت ملجأً للفلسطينيين المطرودين من منازلهم. وفي الرابع من يناير 2024، قالت مسؤولة إسرائيلية (نوغا أربيل): «من المستحيل أن نكسب الحرب إن لم ندمّر الأونروا، ويجب أن يبدأ هذا التدمير على الفور».

إذا كانت قضية الموظفين الاثني عشر في الوكالة (من أصل ثلاثين ألف موظف يوجد ثلثهم في غزة) المتّهَمين بتورّطهم في هجوم السابع من أكتوبر يجب أن تكون موضوع تحقيق بالفعل، فإن هذه القضية تمثّل بالنسبة إلى نتنياهو فرصة لمواصلة عملية تشويه سمعة الوكالة من أجل «تدميرها»، معتقدا بذلك أنه يصفّي القضية الفلسطينية. وفي هذا السياق ينبغي فهم الهجوم الوشيك على رفح، حيث يعيش أكثر من مليون شخص يواجهون العوز الشديد والمجاعة.

يشكّل اجتياح رفح المرحلة الأخيرة في استراتيجية التصفية هذه، بحيث يتم إجبار سكان غزة على مغادرة أراضيهم بشكل جماعي والذهاب إلى مصر أو إلى أي مكان آخر، ولمَ لا إلى أوروبا كما كتب السياسيان الإسرائيليان داني دانون ورام بن باراك في صحيفة وول ستريت بتاريخ 13 نوفمبر 2023، مع الإلحاح بأن على «أوروبا أن تظهر تعاطفا». ومن جهته، لا يفتأ إيتمار بن غفير يذكّر باستمرار أن «هجرة سكان غزة ضرورية». مما سيسمح بعودة المستوطنين اليهود إلى غزة...

إن هدف التطهير العرقي هذا مأخوذٌ على محمل الجدّ من قبل المفوّض السامي لحقوق الإنسان، والذي قال في الرابع من يناير 2024: «إني منزعج للغاية من سماعي لتصريحات مسؤولين إسرائيليين كبار بشأن خططٍ لنقل المدنيين من قطاع غزة نحو بلدان أخرى». يسمح لنا كل هذا بأن نستوعب على نحوٍ أفضل مدى خطورة الوضع، وأن نفهم إلى أي مدى تعدّ ردود أفعال الدول الغربية التي قرّرت تعليق دعمها المالي للأونروا غير مسؤولة.

إنهم بذلك، ومن دون حتى انتظار نتائج التحقيقات الجارية، يزيدون من مفاقمة وضعٍ هو أصلا مأساوي، ويدوسون على التزاماتهم بخصوص إنفاذ قرارات محكمة العدل الدولية، التي تقول في حكمها الصادر يوم 26 يناير 2024 إن المحكمة «تعتبر أن على إسرائيل أن تتّخذ جميع التدابير التي في وسعها من أجل منع ومعاقبة التحريض المباشر والعلني على ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة... ويجب عليها أن تتّخذ بشكل عاجل تدابير فعّالة من أجل توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة للتخفيف من الظروف المعيشية الصّعبة التي يرزح تحتها الفلسطينيون في قطاع غزة».

إن العكس تماما هو المرجّح أن يحصل في الأيام المقبلة، بينما يستمر الاستيطان بوتيرة سريعة في الضفّة الغربية. ولا بدّ من التحرّك بشكل عاجل قبل أن يتم ارتكاب ما لا يمكن إصلاحه خلال الهجوم المرتقب على رفح، والذي سيكون «كارثة» حتى وفقا لواشنطن.

جون بول شانيولو رئيس معهد الأبحاث والدراسات حول البحر المتوسط والشرق الأوسط، وأستاذ فخري للعلوم السياسية بجامعة سيرجي بونتواز (Cergy-Pontoise)

أنييس لوفالوا نائبة رئيس معهد الأبحاث والدراسات حول البحر المتوسط والشرق الأوسط، وأستاذة محاضرة في مؤسسة البحث الاستراتيجي

عن صحيفة لوموند الفرنسية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بالنسبة إلى من أکتوبر قطاع غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

بالصور.. مؤتمر موسع لبحث تداعيات تهجير الفلسطينيين وآليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقدت "مجموعة العمل الوطنية لمواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين"  بأحد فنادق شرق القاهرة، مؤتمرًا موسعًالرؤساء مراكز الدراسات ورموز الفكر الاستراتيجي المصريين والذين بحثوا تداعيات تنفيذ مخططات تهجير الفلسطينيين على الصعيدين الوطني والإقليمي؛ وآليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، بدأ المؤتمر الذي أدار فعاليات جلستيه الدكتور بهجت قرني أستاذ العلوم السياسية، بكلمات افتتاحية للدكتور أيمن عبد الوهاب رئيس المجموعة ومدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أكد خلالها على أهمية التنسيق والعمل المشترك بين مراكز الفكر للتعاطي مع القضايا الوطنية؛ ومن بينها قضية تهجير الفلسطينيين وما تشكله من تهديد للدولة المصرية وللمنطقة والتي شكلت المحرك الرئيس لتحالف المراكز المؤسسة لمجموعة العمل الوطنية، وذلك قبل أن يشير اللواء أحمد الشهابي رئيس المركز الوطني للدراسات في كلمته الترحيبية إلى أهمية استمرار مجموعة العمل الوطنية في التعاطي مع كافة الملفات التي تمس الدولة المصرية ومصالحها، معربًا عن استعداد المركز للاستمرار ضمن التحالف الثلاثي بعد انتهاء أزمة غزة. 


عمرو موسى: يجب التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية الحالية لا تصلح لإجراء أي مباحثات سلام


وفي أعقاب ذلك؛ عرض اللواء الدكتور أحمد فاروق مستشار المركز الوطني للدراسات والمنسق العام للمجموعة بعرض ورقة عمل للمخططات الإسرائيلية الخاصة بتهجير الفلسطينيين وما يجري منها على أرض الواقع، أشار خلالها للأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها عبر إنفاذ هذه المخططات؛ وفي المقدمة منها الأهداف الأيديولوجية الدينية والمصالح الاقتصادية، وذلك قبل أن تُعطى الكلمة للسيد عمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية الذي اعتبر ما يحدث من قبل إسرائيل تهديدًا للنظام العالمي وقبول العالم له إقرار بأن "القانون الدولي أصبح لا قيمة له"، مؤكدًا أن الحكومة الإسرائيلية الحالية غير صالحة لأي مباحثات سلام، معتبرًا أن تغيير إسرائيل من الداخل يُعد شرطًا لإنجاح أي مباحثات عربية إسرائيلية.

من ناحيته؛ أكد اللواء الدكتور وائل ربيع مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة وأحد أعضاء مجموعة العمل أن "تهجير الفلسطينيين والتمدد الإسرائيلي على حساب الأراضي العربية" هو سيناريو ممتد لسنوات؛ ويجب أن تنطلق آليات مواجهته من هذه الحقيقة، وهو ما دعا اللواء محمد الكشكي مساعد وزير الدفاع الأسبق للتأكيد على أن أي خطة لن تراعي حقوق الشعب الفلسطيني مصيرها الفشل، وهو ما توافق مع الدكتور نبيل فهمي وزير خارجية مصر الأسبق الذي اقترح إحياء المبادرة العربية التي جرى إعلانها في بيروت 2002، وهو ما لقى توافق من أغلب الحضور ومن بينهم اللواء أيمن عبد المحسن عضو مجلس الشيوخ الذي اعتبر أن توحيد الموقف العربي لمواجهة الواقع الذي تفرضه إسرائيل على الأرض لم يعد خيار؛ بل ضرورة حتمية؛ خاصة بعدما باتت مطامع إسرائيل في أراضي دول عربية أخرى كسوريا ولبنان واضحة، والدكتورة رشا راغب المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب التي رأت من ناحيتها ضرورة توحيد المفاهيم والسرديات الخاصة بالقضية الفلسطينية لدى الشباب؛ والعمل على بث رسالة إعلامية موحدة وتوظيف القنوات غير الرسمية في سبيل ذلك.

لم يغفل المؤتمر "مستقبل المقاومة الفلسطينية" الذي تعرض له في ورقة عمل الدكتور عمرو الشوبكي مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو المجموعة، وأكد خلالها على أن المقاومة السلمية قد تكون هي الخيار الأمثل خلال الفترة المقبلة، خاصة بعدما تراجعت قدرات حركات المقاومة المسلحة ومن بينها حماس جراء الضربات الإسرائيلية لها في أعقاب 7 أكتوبر، مشيرًا إلى أهمية دعم مصر للدور السياسي للمقاومة الفلسطينية ودعم السلطة لتجاوز أي انقسامات أو ضعف تعانيه، الأمر الذي عقب عليه الدكتور طارق فهمي مساعد رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، مؤكدًا أن حماس لن تخرج من المشهد الفلسطيني؛ كما أنها تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية تتجاوز بها الوساطة العربية، بالرغم من أن مصر مازالت تمثل الرقم الأهم في معادلة غزة، هذا وقد اختتمت أعمال المؤتمر بإصدار بيان ختامي ألقاه اللواء أ.حنصر سالم الرئيس الأسبق لجهاز الاستطلاع وأحد أبطال حرب أكتوبر.

جدير بالذكر أن مجموعة العمل الوطنية لمواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين هي تحالف من مراكز الفكر يضم المركز الوطني للدراسات ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وخبراء مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة، انطلقت أعمالها في فبراير الماضي (2025).


وبنهاية اللقاء أصدرت المجموعة بيانًا ختاميا فقد توافق المجتمعون على أن تداعيات تهجير أهالي قطاع غزة سواء لمصر أو غيرها من الدول تتجاوز في حدودها تهديد الأمن القومي المصري؛ منها إلى تهديد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والمجتمع الدولي، كما أنه يهدد مسار تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.
وبحسب البيان أكد المجتمعون على أهمية العمل على تعزيز التعاون العربي وبناء موقف موحد لدعم الخطة المصرية العربية لإعادة الإعمار؛ بالتوازي مع تعبئة أعضاء الجامعة العربية لتفويض مجموعة مصغرة للتفاوض مع إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والذي يجب أن يتم إحاطته بتداعيات تهجير الفلسطينيين على الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، تمهيدًا لإحياء المسار السياسي وتجاوز مباحثات وقف إطلاق النار وسؤال اليوم التالي الذي تستخدمهم إسرائيل في تصفية القضية.

 

 رشا راغب: يجب توحيد المفاهيم والسرديات الخاصة بالقضية الفلسطينية لدى الشباب وتعزيز دور القنوات غير الرسمية لدعم القضية. 


وأشاروا إلى أنه يمكن العمل على إعادة إحياء المبادرة العربية (2002)؛ لاسيما وأنها ـــــ في مقابل منح الفلسطينيين حق إقامة الدولة ـــــ تتفاعل مع سؤال الأمن الذي يشغل الداخل الإسرائيلي وحلفائهم الدوليين.
كما شددوا على أهمية التعاون والتكامل بين مراكز الفكر والدراسات ورموز الفكر الاستراتيجي لتعزيز الإنتاج المعرفي الداعم لإنفاذ القرارات الأممية الخاصة بإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين؛ بما يعزز السلام والأمن الإقليمي والدولي، ويشكل أحد دعائم الأمن القومي المصري. 

 

مقالات مشابهة

  • السيسي: مصر تقف سداً منيعاً أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • الرئيس المصري: مصر تقف سدا منيعا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسي: مصر تقف سدا منيعا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • السيسي: مصر تقف سدًا منيعًا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية وإعادة إعمار غزة دون تهجير
  • السيسي: مصر "سد منيع" أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسي: مصر تقف كما عهدها التاريخ سدا منيعا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • عمرو موسى: يجب التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • بالصور.. مؤتمر موسع لبحث تداعيات تهجير الفلسطينيين وآليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • مؤتمر موسع لبحث تداعيات تهجير الفلسطينيين وآليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • عبد العاطي: استراتيجية حقوق الإنسان أولوية وطنية ومصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية