لجريدة عمان:
2025-01-15@17:03:16 GMT

المُسيَّرات القاتلة أسلحة المستقبل

تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT

ترجمة: قاسم مكي -

الأسلحة دقيقة التوجيه ظهرت في شكلها الحديث لأول مرة في ميدان القتال أثناء حرب فيتنام قبل ما يزيد قليلا على 50 عاما. ومع بحث الجيوش منذ ذلك التاريخ عن الدقة والقوة التدميرية ارتفعت تكلفة مثل هذه الأسلحة إلى عنان السماء. فقذيفة المدفعية الأمريكية الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي تكلف 100 ألف دولار.

ولأن الأسلحة الذكية مكلفة فهي نادرة.

ذلك هو السبب في نفادها من البلدان الأوروبية في ليبيا عام 2011. وإسرائيل الحريصة على الحفاظ على مخزونها أكثر من حرصها على تجنب الخسائر الجانبية (في أوساط المدنيين) أمطرت غزة بوابل من القنابل الغبية. لكن ماذا لو أمكن الجمع بين الدقة والوفرة؟

لأول مرة في تاريخ الحروب تمت الإجابة على هذا السؤال في ميادين المعارك بأوكرانيا. لقد سبق أن نشرنا تقريرا يوضح كيفية انتشار مسيرات «اف بي في» على طول خطوط القتال (طائرة اف بي في مسيَّرة يتم التحكم بها عن بعد ومزودة بكاميرا تبث مباشرة ما يراه عبرها قائدها الأرضي - المترجم).

إنها طائرات صغيرة ورخيصة ومحمَّلة بالمتفجرات. لقد تم اقتباسها من نماذج استهلاكية. وهي تشكل خطورة أكبر على حياة الجندي. فهذه المسيرات تدخل أبراج الدبابات والمخابئ الأرضية. وهي تتريث وتتعقب فريستها قبل أن تنقض عليها لتفتك بها. إنها تلحق خسائر جسيمة بالمشاة والدروع.

الحرب أيضا تنشر استخدام مسيرات «اف بي في» الجوية وشقيقاتها البحرية. لقد شهد شهر يناير 3 آلاف ضربة محققة بهذه المسيرات. وفي أوائل هذا الشهر أسس فولوديمير زيلينسكي رئيس أوكرانيا «قوة أنظمة آلية» مخصصة لحرب المسيرات. وفي عام 2024 ستكون أوكرانيا في سبيلها إلى تصنيع مليون إلى مليوني طائرة مسيرة. ومن المدهش أن ذلك سيغطي النقص في القذائف لدى أوكرانيا (التي تراجع مخزونها لأن الكونجرس منع تزويدها بالذخائر).

الطائرة المسيرة ليست سلاحا عجائبيا. فلا يوجد مثل هذا الشيء. هي مهمة لأنها تجسد اتجاهات كبيرة استجدَّت في مجال الحرب. أي التحول إلى الأسلحة الصغيرة والرخيصة التي يمكن استخدامها لمرة واحدة، وتزايد استخدام التقنية الاستهلاكية والاتجاه نحو التسيير(التوجيه) الذاتي في القتال.

بسبب هذه التوجهات الحربية الجديدة ستنتشر تقنية المسيرات ويشيع استخدامها بسرعة من الجيوش إلى المليشيات والإرهابيين والمجرمين. وستتحسن تقنية المسيرات بوتيرة تماثل تسارع منتجات الإلكترونيات الاستهلاكية التي تسعى لتلبية طلب السوق وليس بطء الصناعات العسكرية المحكومة بدورات الموازنات الحكومية.

المسيَّرة الأساسية بالغة البساطة. فهي سليلة المروحية الرباعية ويتم تصنيعها بمكونات عادية ومتوافرة في المتاجر ويمكن أن تكلف مبلغا زهيدا لا يتعدى بضع مئات من الدولارات.

مسيرات «اف بي في» في الغالب مداها قصير وحمولتها من المتفجرات صغيرة وتواجه مصاعب في أجواء الطقس السيئة. لهذه الأسباب لن تحل (بعد) محل المدفعية. لكن يمكنها إحداث قدر كبير من الدمار. فخلال أسبوع واحد في الخريف الماضي ساهمت المسيرات الأوكرانية في تدمير 75 دبابة روسية و101 مدفع كبير من بين أشياء أخرى كثيرة.

لدى روسيا مسيرات «اف بي في» الخاصة بها. لكنها تنحو إلى استهداف المخابئ الأرضية والخنادق والجنود. والمسيرات تعين على تفسير الصعوبة التي يواجهها طرفا الحرب الأوكرانية في شن هجمات.

يشير النمو المتسارع في عدد المسيرات الروسية والأوكرانية إلى اتجاه ثانٍ. فهي مستوحاة ومعدلة من نماذج التقنية الاستهلاكية المتوافرة على نطاق واسع.

ويمكن للمتطوعين استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد لصنع المكونات الرئيسية وتجميع هياكل المسيرة في ورش صغيرة ليس فقط في أوكرانيا ولكن أيضا في ميانمار التي دحر فيها الثوارُ القواتِ الحكومية مؤخرا. ولسوء الحظ من المستبعد أن تتخلف العصابات الإجرامية والإرهابيون كثيرا عن المليشيات في القيام بذلك.

هذا يعكس الانتشار الواسع النطاق للأسلحة الدقيقة. ففي اليمن استخدمت جماعة الثوار الحوثيين كتيبات إرشاد رخيصة لتصنيع صواريخ مضادة للسفن تشكل تهديدا خطيرا للسفن التجارية في البحر الأحمر. وإيران نفسها أوضحت كيف يمكن أن تكون لتشكيلة متنوعة من المسيرات الضاربة والصواريخ الباليستية البعيدة المدى تأثيرا جيوسياسيا يفوق كثيرا تكلفتها.

وحتى إذا كانت المعدات المطلوبة للتغلب على التشويش على المسيرات تزيد كثيرا على تكلفة الأسلحة كما يتوقع البعض ألا أنها رخيصة بالقياس إلى تأثيرها. السبب في ذلك يعود إلى الإلكترونيات الاستهلاكية التي تحرَّك الابتكار بإيقاع بالغ السرعة مع تراكم القدرات في كل دورةِ منتَج.

هذا يطرح مشاكل تتعلق بالأخلاق وأيضا بالتقادم (بطلان استخدام المنتَج)، فلن يكون هنالك دائما وقتٌ لإخضاع الأسلحة الجديدة للاختبار الذي تستهدفه البلدان الغربية في أوقات السلم والمطلوب بواسطة معاهدات جنيف.

الابتكار يقود أيضا إلى الاتجاه الأخير وهو الاستقلال الذاتي للسلاح. اليوم يحِدّ من استخدام المسيرات التوافرُ الكافي للطيارين المهرة وتأثير التشويش الذي يمكن أن يفصل الارتباط بين المسَيَّرة وقائدها الأرضي.

للتغلب على هذه المشاكل تعكف روسيا وأوكرانيا على تجريب استقلال المسيرة ذاتيا في الملاحة الجوية وتمييز الأهداف. فالذكاء الاصطناعي ظل متاحا في المسيرات الاستهلاكية منذ سنوات وهو يتحسن بسرعة. لقد وُجِدَت درجةٌ من الاستقلال الذاتي للذخائر المتقدمة منذ سنوات ولصواريخ كروز منذ عقود. أما الجديد فهو أن الشرائح الدقيقة والبرمجيات الرخيصة ستجعل الذكاء الاصطناعي يتموضع داخل ملايين الذخائر البسيطة التي تزخر بها ميادين القتال.

الطرف الذي يبادر بإتقان توظيف تقنية الاستقلال الذاتي للمسيرات في أوكرانيا يمكن أن يتمتع بميزة مؤقتة لكنها حاسمة في قوة النيران. وهذا وضع ضروري لتحقيق أي اختراق. لقد كانت البلدان الغربية بطيئة في استيعاب هذه الدروس. الأسلحة البسيطة والرخيصة لن تحل محل المنصات المتقدمة والكبيرة لكنها ستتكامل معها.

أخيرا شرع البنتاجون في تنفيذ مبادرة «ربليكيتور» التي يستهدف بها إنتاج آلاف المسيرات والذخائر زهيدة التكلفة لمواجهة قوات الصين الضخمة. أما أوروبا فأكثر تأخرا في اللحاق بالركب. واقع الحال، يعتقد وزراؤها وجنرالاتها باطِّراد أنهم قد يواجهون حربا أوروبية كبرى ثانية بنهاية هذا العقد. إذا كان ذلك كذلك يلزم أن يتزايد بسرعة الاستثمار في المسيرات الرخيصة. إلى ذلك شيوع المسيرات يتطلب شيوع الإجراءات الدفاعية ليس فقط في ميادين القتال ولكن أيضا في المدن في أوقات السلم.

أيضا ستثير المسيرات الذكية أسئلة حول الكيفية التي تخوض بها الجيوش الحربَ وإذا ما كان في مقدور البشر السيطرة على ميدان القتال. فمع تكاثر المسيرات سيكون من الممكن إنتاج أسراب منها تتولى التنسيق فيما بينها دون تدخل خارجي. وسيواجه البشر عنتا في مراقبة وفهم اشتباكاتها القتالية. ليس ذلك فقط بل أيضا حتى السماح بها.

اكتظاظ سماء أوكرانيا بأسلحة تُستخدم لمرة واحدة وتجمع بين الدقة وقوة النيران يشكل تحذيرا. فالطائرات الصائدة والقاتلة والتي يتم إنتاجها بكميات كبيرة تعيد تشكيل التوازن بين البشر والتقنية في الحروب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اف بی فی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

بعد 15 شهراً من القتال.. هكذا حافظت المقاومة على أدائها العسكري في غزة

#سواليف

منذ أكثر من 15 شهراً تخوض فصائل #المقاومة_الفلسطينية في قطاع #غزة مواجهةً هي الأعنف والأطول في تاريخ #الصراع مع #الاحتلال الإسرائيلي.
استطاعت المقاومة الحفاظ عل أدائها العسكري بعد أن بادرت بالهجوم صباح يوم 7 تشرين أول / أكتوبر 2023، وسيطرت على القواعد العسكرية لجيش #الاحتلال في محيط قطاع غزة، فضلاً عن تمشيطها لكافة #المستوطنات المحيطة بالقطاع، وقتلها أسرها المئات من جنود الاحتلال والمستوطنين.
لم تقف حكومة الاحتلال بعد الصفعة ذلك الصباح، بل توعد رئيسها بنيامين نتنياهو وكافة وزرائه باحتلال قطاع غزة وتفكيك فصائل المقاومة الفلسطينية وهزيمة حركة حماس، واستعادة الأسرى الذين احتجزتهم المقاومة.
منذ الساعات الأولى لهجوم المقاومة شن سلاح جيش الاحتلال غارات مكثفة على امتداد مناطق قطاع غزة، ثم بدأ بشن الأحزمة النارية العنيفة، والتي أحدثت دماراً واسعاً في المباني السكنية والمرافق، فضلاً عن ارتكاب المجازر الدامية والتي أودت بحياة آلاف الفلسطينيين خلال الأيام التي سبقت الاجتياح البري، فيما كانت مجزرة المشفى المعمداني أحد أبرز المجازر التي حُفرت بالذاكرة الفلسطينية والتي أدت لاستشهاد أكثر 500 فلسطيني مساء 17 تشرين أول أكتوبر 2023.
وخلال تلك الفترة اقتصر نشاط المقاومة على القصف الصاروخي الذي استهدف عمق الأراضي المحتلة عام 48، وبعض الاشتباكات التي استمرت لأيام بين المقاومين وجيش الاحتلال داخل المستوطنات المحيطة بغزة.

الاجتياح البري ومواجهته
بدأ جيش الاحتلال باجتياحه البري لقطاع غزة مساء الـ27 من تشرين أول/أكتوبر 2023، بعد عشرون يوماً من الغارات الجنونية التي دمرت مناطق بأكملها، فيما توغلت دبابات الاحتلال في البداية ببلدة بيت حانون شمال القطاع، ومخيم البريج في المنطقة الوسطى، تحت غطاء ناري مكثف من الجو أدى لانقطاع الاتصالات وشبكات الانترنت عن القطاع، ثم بدأ جيش الاحتلال يعلن توسع عملياته العسكرية بالقطاع هدفه الأول بالقضاء على حماس واستعادة الأسرى.
وضعت هذه الأجواء مسؤولية على عاتق المقاومة بابتكار أساليب دفاعية فريدة ومنسجمة مع واقع الهجوم، فاعتمدت استراتيجية تجنب القصف الجوي والمدفعي المكثف من خلال عدم إنشاء خطوط دفاعية ثابتة عل الأرض؛ لتجنب استنزاف المقاتلين، ثم التركيز على مهاجمة قوات الاحتلال المتوغلة بشكلٍ خاطف وسريع.
ومنذ اللحظات الأولى للتوغل البري، ارتكزت المقاومة على أسلوب حرب العصابات من خلال مهاجمة أرتال الدبابات المتقدمة بالقذائف المضادة للدروع ثم الانسحاب التكتيكي، واستدرج جنود الاحتلال للكمائن المفخخة والاشتباكات المباشرة بالأسلحة الرشاشة، حيث وثقت فيديوهات المقاومة العديد من هذه الاشتباكات والعمليات.
على الأرض، بدأت المقاومة القتال ضمن استراتيجيات حرب العصابات وقتال المدن التي تكيفت من خلاله مع طبيعة المناطق وخصائص جيش الاحتلال، فعملت على الانطلاق المباغت بطريقة مترابطة قواعد الزمرة العسكرية، والعُقد القتالية، وشبكة الأنفاق، إضافة للمقاومين المدربين على اتخاذ القرار اللحظي وفق معطيات الميدان واقتناص الفرص المناسبة للهجوم، وتحقيق أعلى كفاءة ممكنة في مواجهة التحديات الميدانية، ويقع ذلك ضمن تكتيكات حرب العصابات والمدن.
ولعل المزج الذي اعتمدته المقاومة الفلسطينية بين حرب العصابات وحرب المدن، هو العامل الرئيسي الذي حافظ على قوتها وتماسك منظوماتها الهجومية على مدار 15 شهراً من القتال المتواصل والهجوم الجنوني الذي يشنه جيش الاحتلال براً وبحراً وجواً، والذي استخدم به أعتى الذخائر.
ومن منظور العلوم العسكرية، فإن قتال المدن يعتبر من أشد أنواع القتال دموية وشراسة، إذ يستنزف القوات المقتحمة بدرجة كبيرة عبر توظيف البيئة العمرانية لصالح المقاومين والمدافعين، من خلال معرفتهم تعقيدات المنطقة وطبيعتها ، فيما تختلط فيه خطوط التماس وتُفرض معارك ضارية على مستوى الشوارع والأبنية، فضلاً عن الكمائن المعقدة، التي يصعب كشفها بواسطة التقنيات التكنولوجية الحديثة التي تعتمد عليها الجيوش النظامية، وهو ما وقع به جيش الاحتلال منذ اليوم الأول في توغله بقطاع غزة حت يومنا هذا، حيث ما زال يقع جنوده بالكمائن القاتلة والتي شهدت آخرها بلدة بيت حانون شمال القطاع.
وتكمن خطورة القتال في المدن بالمسافة القريبة التي تفرضها طبيعة المكان، والتي تخشاها الجيوش النظامية، دون مقدرتها الحسم بالتقنيات التكنولوجية والغطاء الجوي عند الاشتباكات من مسافة صفر وعمليات القنص وهو ما أتقنته المقاومة سواء كان بقنص جنود الاحتلال بالبنادق، أم باستهداف الدبابات والآليات بالقذائف المضادة للدروع.
وأكدت صحيفة “تلغراف” البريطانية في تقرير نشرته مسبقاً ، أن “المقاومة الفلسطينية أخذت بعض التكتيكات الدفاعية الحضرية الشائعة ووضعتها على مستوى لم يره أحد من قبل، وهو ما وصفه خبير الحرب في المناطق الحضرية في أكاديمية “ويست بوينت” العسكرية بالولايات المتحدة، جون سبنسر، بأن غزة أثبتت أنها واحدة من أصعب المعارك الحضرية في التاريخ، حتى بالمقارنة مع الموصل أو ستالينغراد، مشيرًا إلى أن المقاومة كان لديها “15 عامًا للاستعداد لهذه اللحظة”، وأنها عملت جاهدة “لتحويل كل شبر إلى مشكلة لأفضل جيش في العالم”.

سر الصمود ومواصلة القتال
خلال شهور المعركة، أثبتت المقاومة الفلسطينية قدرتها على الصمود والقتال في أشد الظروف تعقيداً وصعوبةً وتحت وطأة الحصار والحرب، ولعل عملياتها المتواصلة تؤكد مدى تنظيمها الدقيق لصفوفها وإنشاء شبكة معقدة من الخطوط والأنفاق التي تتيح لها التواصل والتحرك وحتى إنتاج السلاح وتخزينه، والجهوزية العالية للظروف الطارئة.
ولعل تجارب فصائل المقاومة بالمواجهة البرية خلال حرب عام 2014 والتصدي لعدوان 2008 – 2009 قد أكسبها نوعاً من الخبرة في مواجهة تحركات جيش الاحتلال الواسعة، إذ اختلفت طريقته عن الاجتياحات التي ارتكز عليها خلال سنوات انتفاضة الأقصى، وباتت الاجتياحات مصحوبة بحرب واسعة النطاق والتدمير، في حين عملت المقاومة على تطوير خططها ذاتياً من خلال عدة مناورات أجرتها بشكل مشترك بين فصائلها، والتي أطلقت عليها اسم الركن الشديد عام 2020 والتي حاكت من خلالها مهاجمة معسكرات جيش الاحتلال وخطف جنوده والقتال البري.
وبشكلٍ ضمني فإن قدرة المقاومة على القتال بذات الوتيرة دون تراجع منذ بدء المعركة، يعكس وضعها لخطط استراتيجية مسبقة درست ووضعت فرضيات كافة التطورات الميدانية التي من الممكن أن يستحدثها جيش الاحتلال كالتمركز بمناطق واسعة من قطاع غزة، وإنشاء محاور رئيسية له كمحور نتساريم، والذي نجحت المقاومة بالتسلل إليه وتنفيذ عمليات ناجحة في داخله، إضافة لجعله تحت وطأة القذائف الصاروخية بشكل يومي وعلى مدار شهور طويلة.
فضلاً عن ذلك فإن العمل المشترك بين كافة الفصائل كان السمة الأبرز في المعركة، حيث نفذت فصائل المقاومة بشكل مشترك مئات العمليات التي تنوعت بين القصف الكمائن والمباغتة، ما يعكس مدى عمق التنسيق المشترك والترابط بينها في الميدان والخطط بشكل يصعب فصلها عن بعضها أو قطع تنسيقاها.
كافة هذه العوامل قد ساهمت بصمود المقاومة واستمرار عملياتها العسكرية المؤلمة لجيش الاحتلال دون أي تراجع أو انهيار أو فوضى بالمواجهة في مختلف مناطق قطاع غزة.

مقالات ذات صلة د. خالد حسنين يكتب… شيخ الأحرار 2025/01/15

الهيكل التنظيمي واستحالة الانهيار
جمعت فصائل المقاومة خلال السنوات الأخيرة وعلى وجه الخصوص كتائب القسام، المزج في بنيتها التنظيمية بين الجيش المنظم والمجموعات القتالية، من خلال هيكل هرمي بهيئة أركان مركزية، ومجموعات نخبة عسكرية قادرة على القتال واتخاذ القرار اللحظي وفق معطيات الميدان، وخلال انقطاع الاتصال مع القيادة المركزية، وهو ما برعت به المقاومة خلال الحرب.
صُمِمت هذه النخب لتكون قادرة على تنفيذ عمليات دقيقة في أصعب الظروف الميدانية ومن وسط الدمار، ما جعل المقاومة تبدو في مظهرها أقرب إلى الجيوش الصغيرة، والحفاظ على طبيعتها كعصابات عسكرية غير نظامية تنتشر وتنفذ عمليات بشكل مباغت ومربك لقوات الاحتلال.
واستفادت المقاومة من هذه البنية بحماية نفسها من الشلل أو تعطيل نظامها القيادي الهرمي، مع تحقيق مرونة ميدانية استثنائية، فاستثمرت في تطوير قدراتها الفنية والتقنية، إلى جانب تعزيز الجوانب اللوجستية والاستخبارية، إضافة للقدرة على إدارة العمليات بطريقة تضمن الحد الأدنى استنزافها من جهة، وتحافظ على عنصري المفاجأة والابتكار من جهة أخرى، وتحفظ الهيكلية من الإنهيار في حال اغتيال أحد القادة، كاغتيال قائد لواء الشمال بكتائب القسام الشهيد أبو أنس الغندور التي وقعت في شهر تشرين ثاني / نوفمبر 2023، فيما خاض اللواء بعد اغتياله مواجهة هي الأعنف ضد جيش الاحتلال بمختلف مناطق شمال قطاع غزة، ولا زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
بهذه الوسائل التي بنتها المقاومة على مدار 18 عاماً من الحصار الخانق، استطاعت من خلالها مواجهة آلة الحرب الأشرس والأكثر دموية وبطشاً بالتاريخ، والإثخان بها على مدار عام ونيف، مع الحفاظ على تماسكها وديمومة عملها المقاوم من جهة، والاحتفاظ بأسرى الاحتلال الذين تم اختطافهم من جهة أخرى، بشكلٍ حير الاحتلال وأجهزته الاستخباراتية وحلفائه على مستوى العالم.

مقالات مشابهة

  • صحف عالمية: ضباط إسرائيليون يرون القتال في شمال غزة بلا جدوى
  • حبس عاطلين بتهمة الاتجار في الأسلحة النارية بالمرج
  • بعد 15 شهراً من القتال.. هكذا حافظت المقاومة على أدائها العسكري في غزة
  • كيف تستطيع الحيتان القاتلة صيد أكبر سمكة في العالم؟
  • أستراليا.. اكتشاف أنواع جديدة من العناكب القاتلة
  • بثلاثة أحجام.. اكتشاف أنواع جديدة من العناكب القاتلة في أستراليا
  • بسبب حظر الأسلحة..وزير إسرائيلي يتهم واشنطن بتعريض الجيش للخطر
  • آخر تقرير إسرائيليّ عن أسلحة حزب الله.. ماذا كشف؟
  • مليشيا آل دقلو الإرهابيّــة تشن هجوماً على كهرباء سد مروي بعدد من المسيرات الانتحارية.. والمضادات الأرضية تتصدى لها
  • في إطار مكافحة التهريب، القوات الحكومية تعترض شحنتي أسلحة في البحر الأحمر