الإخوان الإرهابية ومسيرة التلون والتواطؤ (١٣١)
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
نستكمل حديثنا اليوم مع خروج خيرت الشاطر من سجنه فى مارس ٢٠١١، وقبل أن تنتهى فترة عقوبته، ولأن النظام تغير والقوى تغيرت والموازين أيضاً، كان لا بد أن يطالب القيادى الإخوانى بأن يحصل على حقوقه كاملة، لم يرضَ الشاطر بالحصول على إفراج صحى أو عفو جزئى، لأنه يعرف أنه بذلك لن يكون مواطناً طبيعياً، فهو يعرف أن القانون يقول إن كل حكم بعقوبة جنائية يستلزم حتماً حرمان المحكوم عليه من حقوق ومزايا عديدة، على مدار الشهور التى أعقبت الثورة.
كان واضحاً أن جماعة الإخوان لن تقبل على تشكيل الحكومة، ليس فقط لأنها ستقف عند حدود الأدب مع المجلس العسكرى، ولكن لأنها فعلياً لا تمتلك الكوادر التى تمكنها أن تقيم مصر من عثرتها، ولذلك انحازت إلى عدم كشف نفسها أمام الرأى العام، لكن بعد أن بدا الأداء الباهت للأغلبية فى البرلمان، كان لا بد للجماعة من أن تقوم بحركة استعراضية ولو على المستوى الإعلامى فقط، وهو ما دفع خيرت الشاطر إلى أن يعلن عبر فضائية الجزيرة أن الجماعة تستعد لتشكيل حكومة إنقاذ لأن أداء حكومة الجنزورى غير مرض للجميع، وخرج بيان من الجماعة ليشير إلى أن خيرت الشاطر لم يقل إن الجماعة تشكل الحكومة، ولكن قال إن الجماعة على استعداد لأن تشكل الحكومة، والفارق كبير بين الاستعداد والعمل الفعلى على تشكيلها، شغلت الجماعة المجتمع كله بأمر حكومتها التى لم تكن إلا خيالاً، فوقت الإعلان عنها لم يكن من حق خيرت الشاطر أساساً أن يعمل بالسياسة، ورغم ذلك كان هناك من يشير إلى احتمالية أن يتولى بنفسه رئاسة الحكومة، وإن كان أحد قيادات الجماعة نفى هذه الفكرة بنوع من التعالى السياسى والتقديس لخيرت الشاطر الذى رأى أنه أكبر من أن يكون مجرد رئيس حكومة.
كان السؤال الذى يلاحق خيرت الشاطر فى كل اجتماعاته ولقاءاته وصفقاته مع المسئولين الخارجين والسفراء ورجال الأعمال.. ما صفة هذا الرجل؟ لقد كانت صفته أنه الرجل القوى الذى يستطيع أن يوجه الجماعة إلى الوجهة التى يريدها، كان رجال المجلس العسكرى يعملون بحسن نية مطلقة.. ولذلك جرهم خيرت الشاطر إلى مساحته تماماً، بل يمكن أن نقول إنه خدع العسكر.. وتجول بمنتهى الراحة والأريحية من أجل مصلحة الجماعة، فالصراع بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان لم يخرج إلى النور بالصدفة، فكل طرف كان قد وصل إلى درجة اليأس من الآخر، ولم تكن البيانات الحادة والساخنة التى تبادلها الطرفان يوم ٢٤ مارس ٢٠١٢ إلا ترجمة دقيقة لحالة الضيق التى أصبح كل منهما يعانى منها ويصدرها فى وجه الآخر، كان أدمن صفحة المجلس العسكرى على الفيسبوك قد وضع بياناً رسمياً حفل بلغة التهديد التى وصلت ذروتها فى التلميح إلى أن السيناريو الذى لجأ إليه الرئيس عبدالناصر سنة ١٩٥٤ حين خرجت مظاهرات رافضة للديمقراطية وعودة الحكم للسياسيين القدامى ورفض عبدالناصر إجراء الانتخابات أو التصديق على الدستور، وأصدر قراراً بحل الجماعة التى كانت تجهز نفسها لتولى الحكم وصدور أوامر وقتها باعتقال آلاف الإخوان فى طول مصر وعرضها.
تهديد المجلس العسكرى للإخوان الذين لم يسمهم صراحة فى بيانه جاء واضحاً، إذ قال إننا نطالب الجميع بأن يعوا دروس التاريخ لتجنب تكرار أخطاء ماض لا نريد له أن يعود، والنظر إلى المستقبل بروح من التعاون والتآزر وأن المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، وللحديث بقية
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإخوان الإرهابية خيرت الشاطر المجلس العسكري المجلس العسکرى خیرت الشاطر إلى أن
إقرأ أيضاً:
الإخوان "مكملين" في التآمر.. ماذا يريد التنظيم الإرهابي؟
منذ تأسيسه، واجه تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر والأردن ودول أخرى، اتهامات عديدة بالتورط في مؤامرات تستهدف زعزعة استقرار الدول العربية، والتغلغل في مؤسسات الدولة، والتعاون مع جهات خارجية لتحقيق أهدافه، والتعامل مع الأوطان كساحات لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية.
في مصر، اتُهم التنظيم منذ عقود بتشكيل تنظيمات سرية، مثل "النظام الخاص"، الذي تورط في اغتيالات سياسية بارزة، فضلا عن الصدامات العنيفة بعد محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر في حادثة المنشية عام 1954، والتي أدت إلى حظر التنظيم وسجن قياداته.
كما تورط التنظيم بالتخطيط لإسقاط الدولة، من خلال اختراق مؤسساتها الأمنية والاقتصادية، والتحريض على أعمال العنف خلال أحداث 2011 وما بعدها. وواجه اتهامات بالتعاون مع جهات أجنبية لزعزعة استقرار البلاد، وتشكيل خلايا إرهابية مسؤولة عن تفجيرات وعمليات اغتيال.
أما في الأردن، فقد اتُهم التنظيم الإرهابي بالسعي للتأثير في القرار السياسي من خلال النقابات المهنية ومجلس النواب، فضلاً عن اتهامات بالتنسيق مع حركة حماس، والتدخل في الشؤون المحلية للدولة، ومحاولة تأجيج الشارع ضد السلطات.
إضافة لذلك واجه الإخوان اتهامات بتشكيل "تنظيم سري" يوجه قراراته، وهي معلومات كشفها منشقون بارزون.
بعد الضربة القاصمة التي تلقاها الإخوان في مصر عام 2013، والتي امتدت آثارها إلى الأردن، أصبحت مساحة "التآمر" ضيقة أمام التنظيم، مما دفعه إلى محاولة إيجاد مكان في الخارج لمواصلة بث خطابات ودعايات، تهدف إلى التأثير على استقرار الدول العربية، بحسب محللين سياسيين.
ولجأ الإخوان إلى تأسيس فضائيات وقنوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي منها قناة الشرق، التي أغلقتها السلطات التركية، مما دفع بالعاملين فيها إلى تأسيس قنوات على منصات مثل يوتيوب، إضافة إلى قناة مكملين، التي طردت من تركيا، وقناة الحوار في لندن وغيرها.
واتخذ التنظيم من هذه القنوات، وسيلة لمهاجمة الدول العربية، ومحاولة دائمة لضرب الاستقرار، ودعم الجماعات الإرهابية، عبر استخدام الخطاب الديني لبث شائعات وتزوير الحقائق وفقا للمحللين.
أحدث هذه المحاولات، هو تشكيك قناة "مكملين" في الموقف الرسمي المصري والأردني والعربي الرافض لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، رغم المواقف المعلنة المؤكدة على ضرورة بقاء الفلسطينيين في أرضهم، واعتبار هذا الموضوع خطاً أحمر للأمن القومي بالنسبة للدولتين.
ويقول المحلل السياسي عامر ملحم إن "الموقف الأردني والمصري الرافض للتهجير ليس جديداً، ولم يُعلن بعد مقترح ترامب، وإنما هو قرار ثابت وراسخ في العقيدة السياسية للدولتين"، موضحاً "أن الدولتين سبق أن أحبطتا محاولات ترامب السابقة لوأد القضية الفلسطينية، كما وقفتا أمام إدارة جو بايدن، التي حاولت فتح قضية التهجير مع بداية حرب غزة".
وأضاف ملحم لـ"24" أن "أي خطاب مناوئ للموقف المصري والأردني هو قبول بالتهجير"، معبراً عن استغرابه من "محاولات الإخوان التشكيك تجاه قضية لطالما استخدموها للتأثير على عواطف الشعوب العربية".
ويعتقد ملحم أن "التشكيك نابع من مخاوف من نزع السلطة من أيدي حماس، وتسليمها للسلطة الفلسطينية، المعترف بها في غزة، وهي ضربة جديدة للإخوان لا يرغبون في تلقيها".
وتكشف آراء أعضاء في الإخوان، الوجه الحقيقي للتنظيم المخالف لتوجهات حكومات وشعوب المنطقة الداعمة لتثبيت الفلسطينيين على أرضهم.
ودعا جمال سلطان، وهو عضو بارز في التنظيم الإرهابي، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، حذفه لاحقاً، إلى "إلى استغلال ما يعتبره فرصة سانحة لتقديم الجماعة نفسها كبديل سياسي" بعد إصرار مصر والأردن على رفض مخططات التهجير.
ويشير سلطان إلى ضرورة التحلي البراغماتية والواقعية في التعامل مع الوضع الحالي.
ودعوة سلطان ليست موقفاً فردياً، إذ يرى الإخواني الآخر أنس حسن، في سياسات ترامب فرصة غير مباشرة لصالح التنظيم.
ويقول المحلل السياسي ملحم إن :"الإخوان يرون المرحلة الراهنة بمثابة فرصة لإعادة ترتيب وضعها".