يشكل الصراع المستمر في السودان، والذي تم تجاهله إلى حد كبير من قبل المجتمع الدولي، تهديدات كبيرة للاستقرار الإقليمي وأدى إلى أزمة إنسانية وخيمة، وفقًا لافتتاحية هيئة تحرير فينانشال تايمز.

منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل الماضي، شهد السودان عودة التطهير العرقي، وتصاعد العنف، والنزوح على نطاق واسع. ولم تؤد هذه الاضطرابات إلى جلب الفوضى إلى منطقة الساحل فحسب، بل أثارت أيضًا مخاوف بشأن احتمال امتدادها إلى الشرق الأوسط.

 

أدى تورط القوى الخارجية، مع دعم دول الخليج للفصائل المتنافسة، إلى زيادة تعقيد الوضع. تسلط التقارير التي تفيد بأن القوات السودانية تقاتل مرتزقة روس داخل السودان الضوء على مكانة البلاد المتنامية كنقطة ساخنة للصراع العالمي.  

إن الخسائر الإنسانية الناجمة عن الصراع مذهلة، حيث فر ما يقرب من مليوني شخص من الخرطوم وحدها، ونزح 8 ملايين سوداني بشكل عام. وعلى الرغم من النداءات العاجلة التي أطلقتها الوكالات الإنسانية، لم يتم جمع سوى جزء صغير من الأموال اللازمة، مما ترك الملايين في حالة جوع حاد وحرمان ما يقرب من 20 مليون طفل من الوصول إلى التعليم. لقد جعل انهيار الدولة من الصعب تقييم عدد الضحايا بدقة، لكن التقديرات المتحفظة تشير إلى ما لا يقل عن 13000 حالة وفاة.

علاوة على ذلك، تنتقد الافتتاحية التوزيع غير الفعال لأموال الإغاثة، وتدعو إلى تحويلات نقدية مباشرة إلى اللجان المحلية لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين. كما تعثرت الجهود الدبلوماسية للتوسط في الصراع، حيث أثبتت مبادرات الوساطة الأفريقية عدم جدواها، واتهمت الجهات الفاعلة الخارجية بتفاقم الأزمة من خلال دعم الأسلحة للجماعات شبه العسكرية المارقة.

في خضم هذا الوضع المزري، هناك بصيص أمل خافت. وتشير المحادثات السرية بين الفصائل السودانية في البحرين إلى الاعتراف بعدم جدوى استمرار العنف، في حين يشير التعيين الوشيك لمبعوث أميركي خاص إلى احتمال تنشيط الجهود الدبلوماسية.

ومع ذلك، فإن الطريق إلى السلام في السودان لا يزال محفوفا بالتحديات، ولا توجد حلول سهلة للأزمة العميقة الجذور. ومع تهديد الصراع بالخروج عن نطاق السيطرة، فإن الأمر يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لمنع السودان من الانزلاق إلى مزيد من الفوضى على غرار ما حدث في الصومال.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

لوموند: لا بد من تحديد هوية الأطراف الرئيسية في الحرب بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

رأت صحيفة (لوموند) الفرنسية، في افتتاحيتها الصادرة اليوم /الأربعاء/، أن سيطرة حركة 23 مارس المتمردة المعروفة باسم (إم 23) على مدينة جوما تشبه في الواقع سيطرة كيجالي على هذه المدينة الكبيرة الواقعة في شرق الكونغو، ويشكل ذلك خطر وقوع كارثة إنسانية في منطقة عانت من الصراع لعقود.
وأوضحت الصحيفة أنها حرب مستمرة منذ ثلاث سنوات محفوفة بالمعاناة الإنسانية والدمار ولكنها بعيدة إلى حد كبير عن أنظار الدبلوماسيات المؤثرة، فمنذ أن أشعلت حركة 23 مارس المتمردة اشتباكات جديدة ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية في شرق البلاد في نوفمبر 2021، لجأ ما يقرب من مليون شخص إلى مخيمات مؤقتة على مشارف مدينة جوما التي يقطنها بالفعل مليون شخص.
وقالت: لم يؤد تكثيف القتال منذ خرق وقف إطلاق النار - الذي كان قد تم التوصل إليه في أغسطس الماضي - هذا الخريف وفشل محاولة الوساطة الأنجولية إلا إلى تفاقم الفوضى.. ويشكل الاستيلاء على جوما أمس الأول /الاثنين/ خطر وقوع كارثة إنسانية ذات أبعاد هائلة في منطقة عانت من الصراعات لعقود، حيث يعتمد سكانها إلى حد كبير على المنظمات الإنسانية غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة من أجل البقاء على قيد الحياة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصراع الدائر يتميز بأن أحد أطرافه لم يتم تحديده بوضوح، ففي كثير من الأحيان يتم الحديث عن هذا الصراع على أنه تحريض للفصائل المتمردة الكونغولية ضد بعضها البعض غير أنه في واقع الأمر يضع رواندا مباشرة في مواجهة جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يشبه الاستيلاء على جوما استيلاء كيجالي على هذه المدينة الكبيرة في شرق الكونغو.
وقالت (لوموند): لقد انهارت المصطلحات المستخدمة لوصف حركة (إم 23)، والتي ظلت قائمة لفترة طويلة في يوليو 2024 عندما أثبت تقرير أعده خبراء بتكليف من الأمم المتحدة أن قوات الدفاع الرواندية "تسيطر على عمليات حركة إم 23 وتوجهها، وهو ما يجعل رواندا مسؤولة عن أعمال العنف التي ترتكبها الحركة والتي قد تشكل في بعض الحالات جرائم حرب".
وأضافت الصحيفة: "إن رواندا، هذه الدولة الصغيرة التي اجتاحتها الإبادة الجماعية للتوتسي في عام 1994، تثير الإعجاب في أفريقيا وأماكن أخرى بفضل نجاحاتها الاقتصادية، ونجاح عملية ترسيخ السلام فيها، ومهارة رئيسها بول كاجامي الذى يزعم أن مرتكبي الإبادة الجماعية الهوتو السابقين موجودون في جمهورية الكونغو الديمقراطية لتبرير وجود جنوده في البلاد، ولكن من خلال الاستيلاء على جوما، يبدو أن النظام في كيجالي، الذي يسيطر بالفعل إلى حد كبيرعلى استغلال المعادن النادرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، يظهر قبل كل شيء رغبته في التوسع الإقليمي على حساب جارته".
وتابعت (لوموند): "يتزامن هذا الهجوم مع خطابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإمبريالية سواء كان ذلك بمحض الصدفة أم لا، ويهدد هذا الأمر باندلاع حرب عامة في منطقة تتأثر بالفعل بالعنف بشكل كبير، حيث تحتفظ الأمم المتحدة بأكبر وأقدم بعثة لحفظ السلام".
وأشارت الصحيفة إلى أنه وبعد فترة طويلة من الغموض، أدانت فرنسا - شأنها في ذلك شأن معظم المجتمع الدولي - الهجوم الذي قادته حركة 23 مارس، بدعم من القوات المسلحة الرواندية ولا يمكن تصور بداية لتسوية الصراع الدامي الذي يجتاح شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ما لم تقم الولايات المتحدة بالضغط على كيجالي كما فعل باراك أوباما عام 2012 في ظروف مماثلة، قائلة: "لا بد من تسمية الأطراف الرئيسية، وهو الأمر الذي رفض المجتمع الدولي القيام به لفترة طويلة، ففي جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما هو الحال في أوكرانيا، إنها حرب بين دولتين ذات سيادة وكلاهما محددتان بوضوح".

 

مقالات مشابهة

  • «الأغذية العالمي» يحذر من عرقلة الجهود الإنسانية في السودان
  • برنامج الأغذية العالمي يحذر من عرقلة الجهود الإنسانية في السودان فيما يحاول توسيع عملياته
  • آفة هذا الصراع
  • تصاعد الصراع في شرق الكونغو: أزمة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي
  • تفاصيل لقاء صيدم مع المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في فلسطين
  • الرئيس السيسي: بحثنا مع الرئيس الكيني الأوضاع في السودان الشقيق وتبادلنا الرأي حول سبل إنهاء الصراع
  • بوتين يؤكد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية إذا توقف دعم الغرب
  • بوتين يؤكد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية إذ توقف دعم الغرب
  • لوموند: لا بد من تحديد هوية الأطراف الرئيسية في الحرب بين الكونغو الديمقراطية ورواندا
  • جهود مُكثفة لإزالة آثار العدوان الإسرائيلي على غزة