يمانيون:
2024-11-27@15:50:17 GMT

القبضة الأمنية

تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT

القبضة الأمنية

يمانيون/ بقلم/ وديع العبسي|

لم يكن بالأمر المستغرب أن تتحرك خلية الخشعة في البيضاء للبدء بتنفيذ عمليات قاتلة في غير منطقة من المحافظات الحرة وفي المقدمة العاصمة صنعاء، فالوجع الذي أصاب أمريكا وأتباعها – هذه المرة في البحر الأحمر آثاره وتداعياته – يمس حاضرها ومستقبلها، لذلك كان من الطبيعي أن تحرك أوراقها النائمة، فهي الوسيلة المؤجلة التي تستعين بها دائما لضرب الخصم من الداخل بقصد تشتيته وإشغاله بمواجهتها.

ولأن جهازنا الأمني صار يعي كيف تفكر واشنطن التي لا تتجدد أصلا في طريقة تعاطيها مع التحديات، فقد استنفر وحداته أكثر، بالتوازي مع اليقظة الاستخباراتية، مدرِكاً من أين يمكن أن تظهر أمريكا لتعوض هزيمتها النكراء في البحر الأحمر، لذلك استطاع بمهارة ومهنية فائقة استباق أي تحرك تخريبي وإحباطه قبل أن يرى النور.

وما حدث في البيضاء لن يكون الأخير، وتجارب الدول التي قررت النهوض بعيداً عن الوصاية والإملاءات الخارجية تبين كيف أن الغرب بقيادة البيت الأبيض عمل وسيظل يعمل لإحباط هذا التوجه، وبأكثر من شكل، وليست خلايا التدمير إلا الشكل الأبسط من أساليبها لضرب الجبهة الداخلية للدول، وصولا إلى إضعاف قدراتها على مواجهة الضربات الأقوى، ومن ثم الوقوع في شِرك الهزيمة.

ولا يشير إحباط هذه الخلايا إلا على يقظة الحس الأمني لدى الجهاز الدفاعي عموما، مع بروز واضح للعمل الاستخباري.

وربما من المهم الإشارة إلى أن خطر التحرك الأمريكي لا يكمن فقط في قدرته على تحريك الخلايا، وإنما في استمرار قدرته على تكوينها والتأثير عليها وتوجيهها، الأمر الذي صار يفرض على الجهاز الأمني التحول بالعمل إلى ما هو أعمق من إفشال المخططات والمؤامرات الدموية، إلى «كيّ» جذور التكوين لهذه الخلايا، سواء بمحاولة معالجة أسباب ضعف البيئة القابلة لتلقي أفكارها العدائية ضد الوطن، أو محاصرة نشاط الوكلاء، وصولا إلى تحجيمهم وشل حركتهم، كما والاستمرار في توجيه الخطاب المضاد والفاضح للنزعة الأمريكية التي ستظل تسعى إلى الهيمنة على الشعوب والسيطرة على المناطق الاستراتيجية ونهب ثرواتها.

انتقال الجهاز الأمني إلى هذا الطور من النجاح، سيكون من شأنه – بلا شك – خلق بيئة غير قابلة لحياة السلوكيات المنحرفة والهدامة، وبخاصة تلك الصادرة من نفوسٍ تبيع وتشتري بمبادئها وقيمها.

فأمريكا ستظل تناضل من أجل ترسيخ قيمه المشوهة وسلب المجتمعات إرادتها، إذ لا يمكنها أن تعيش في عالم لا يسوده منهجها الشيطاني، لذلك عندما يكون الفعل متحللا من أي قيم أو مرجعيات فإنه لا يعنيه ولا يهتم بأي أثر يمكن أن يُحدثه، المهم تحقيق الهدف، وهذا تماما ما تلجأ إليه أمريكا التي لا يعنيها شيء سوى أن تكون هي القطب الأوحد القادر على تمرير رغباته كيف ما كان وأين ما كان.

ولمّا شهد العالم كله غرق وهم القوة والهيلمان الأمريكي في أعماق البحر الأحمر – بما يعنيه ذلك من جرح لكبريائها أمام الملأ – رتبت واشنطن أوراقها وبدأت بإخراجها الواحدة تلو الأخرى، من التلويح بعودة العدوان الذي تقوده وتموله السعودية، إلى عرض الإغراءات، إلى ورقة التصنيف، وأخيرا تفعيل مجموعاتها المسلحة، ورغم احتراق كل الأوراق السابقة إلا أن أمريكا ثبت أنها لا تتعلم، ولذلك جاء الاستباق الأمني ليؤكد ما هو مؤكد بأن كل اليمن في حالة من اليقظة ومن الصعب تمرير أي مخطط والنيل من أمنه القومي اليمني.

اليوم يصير اليمن – وبشهادة الأمريكان – تحدياً عارماً لا يبدو الفكاك منه بالأمر السهل، فهو الذي ظهر باقتدار مفاجئ واستثنائي، ليس نظرا لكونه الأضعف والأفقر في الذهنية العالمية ومنذ عقود، وإنما لأنه الذي لا يزال يضمد جراح تسع سنوات من العدوان والحصار الدولي، ووفق الحسابات الدولية كان الطبيعي أن يبقى عقودا أخرى يرزح تحت العجز عن الوقوف والنهوض، لكنه نهض بصورة عاصفة، وقارع ما تسمى بالقوى العظمى، ومرّر إرادته ومنع بالفعل النفط والغذاء من الوصول إلى الكيان، وهذا ما يبدو مُهيناً لأمريكا.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

البحر الأحمر على صفيح ساخن.. مصر تحذر من التداعيات الخطيرة

البحر الأحمر على صفيح ساخن.. مصر تحذر من التداعيات الخطيرة

مقالات مشابهة

  • تصعيد غير مسبوق.. ما الذي يمكن توقعه من أمريكا بعد الرد الروسي؟
  • الجنجويد أشَرْبُوا البَحَر جُوووتْ!!
  • العالم إلى أين؟.. أمريكا تكشف لأول مرة نوع الصواريخ التي سمحت لأوكرانيا استخدامها لضرب العمق الروسي
  • غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يقل 45 شخصا
  • على متنه 31 شخصًا. . غرق مركب سياحي في البحر الأحمر والعثور على نصفهم
  • جاهزية منتجع ثول الخاص شمال جدة.. صور
  • ننشر أول صور لعملية إنقاذ طاقم سفينة بضائع القصير التي تعرضت للاصطدام بالشعاب المرجانية
  • البحر الأحمر على صفيح ساخن.. مصر تحذر من التداعيات الخطيرة
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • فيولا ديفيس.. ممثلة الفقراء التي يكرّمها مهرجان البحر الأحمر