حمزة.. فتى فلسطيني يشكو الجوع ويحلم برغيف خبز
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
غزة– "والله نفسي في رغيف خبز وأشبع"، يقولها الفتى حمزة الكحلوت، وقد مضى عليه 3 أسابيع لم يتذوق خلالها طعم الخبز المصنوع من الدقيق الأبيض، المفقود في مناطق شمال قطاع غزة.
يقول حمزة للجزيرة نت "جربنا كل شيء، وأكلنا الذرة والشعير وأعلاف الحيوانات (..) فش حاجة بالسوق والناس ما معها مصاري (نقود) تشتري القليل المتوفر بالسوق بأسعار خيالية".
ويقيم حمزة (13 عاما) مع أسرته في منزل جده في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، التي كانت بمنزلة "السلة الغذائية" لتلك المناطق، وقد جرفت قوات الاحتلال أراضيها الزراعية، ودمرت كل سبل الحياة فيها.
حال حمزة كغالبية الغزيين في شمال القطاع، خاصة الأطفال، الذين تمنع عنهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي كل الإمدادات الإنسانية، وتعرقل وصول المساعدات إليهم، وتفرض عليهم عزلة خانقة، بعدما رفضوا الامتثال لأوامر عسكرية بالنزوح جنوبا في الأسبوع الأول لاندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
ووجد هذا الفتى نفسه مسؤولا عن أسرته المكونة من والدته وأشقائه الـ4، بعد اعتقال سلطات الاحتلال والده من بين مئات آخرين، وأفرجت عنه بعد شهر في معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب شرقي مدينة رفح، ويقيم حاليا في هذه المدينة المكتظة بالنازحين، حيث يمنع الاحتلال وصول الفلسطينيين من جنوب القطاع إلى شماله.
شاحنات المساعدات تصطف في انتظار إذن الدخول لقطاع غزة (ديوان محافظة شمال سيناء) نوم ضد الجوعوتتهم منظمات محلية ودولية، إسرائيل باستخدام الجوع سلاحا ضد مئات آلاف الفلسطينيين الذين لا يزالون في مدينة غزة وبلدات شمال القطاع، وتتركهم للمجاعة تفتك بأجسادهم، من أجل إجبارهم على النزوح جنوبا.
ولم تعد تتوفر في أسواق النصف الشمالي من القطاع أي مقومات للحياة، ويقول حمزة إن سعر كيس الدقيق الصغير (وزن 25 كيلو غراما) وصل إلى 2600 شيكل، في حين كان ثمنه الحقيقي قبل اندلاع الحرب لا يزيد عن 40 شيكلا فقط (الدولار يعادل 3.9 شواكل).
وتتسرب أكياس قليلة من الدقيق إلى شمال القطاع على فترات متباعدة، يستولي عليها شبان من شاحنات مساعدات قليلة تسمح سلطات الاحتلال بوصولها إلى الأطراف الجنوبية الغربية من مدينة غزة، حيث تكون في استقبالها حشود من الفلسطينيين، الذين استشهد وأصيب عدد منهم بنيران دبابات الاحتلال.
ويقول حمزة إن والده وفر له مبلغا من المال بطريقة معقدة لشراء 5 كيلوغرامات من الأرز وأقل من 3 كيلوغرامات من السكر بقيمة 350 شيكلا وهي لا تساوي أكثر من 50 شيكلا في الوقت الطبيعي.
"وأخيرا رز" كانت ردة فعل شقيقات حمزة عندما أعدت لهم والدتهم "شوربة الرز"، وقد مضى عليهن وقت طويل من دون تذوقه، ويقول هذا الفتى "ما في حدا بالشمال بينام شبعان"، ويضطر هو وباقي أشقائه وشقيقاته إلى النوم مبكرا هربا من الشعور الدائم بالجوع.
الحلم رغيف
وتزداد معاناة هذا الفتى وشعوره بالعجز والقهر من رؤيته شقيقته الصغرى شام (3 أعوام) التي تعاني من الهزال، لعدم توفر الغذاء المناسب لها، ويتنازل عن جزء من نصيبه في الطعام من أجل إطعامها وإشباعها.
ويتحدث حمزة عن تجارب المحيطين به مع الجوع، ويقول: "عمي أحمد كان وزنه قبل الحرب 140 كيلو والآن أصبح 80 كيلو، ويعاني من مرض السكري، وما في أكل ولا علاج في الشمال كله".
"طيب لمتى نستطيع الصبر والصمود" يتساءل حمزة، ويتبعه بسؤال آخر: "معقول أصبح رغيف الخبز حلما بالنسبة لنا؟".
ليس حمزة وحده من يحلم برغيف الخبز الأبيض. يقول عبد الهادي عوكل من منطقة تل الزعتر بمخيم جباليا شمال القطاع، وهو يتحدث عن ابنه الأصغر أمير (5 أعوام)، الذي لا يتوقف عن الحديث عن الأكلات التي كان يحبها قبل الحرب.
بالأمس كان أمير يحدث أشقاءه عن الأرز بالدجاج والمسخن الفلسطيني، وهي من الأكلات المفضلة لديه، ولم يتذوقها منذ الشهر الأول للحرب، يقول والده عبد الهادي للجزيرة نت، ويتابع "أصبح الأكل في الشمال أسمى أماني الصغار والكبار".
المنطقة اللوجستية لاصطفاف شاحنات المساعدات المتوجهة لغزة قرب معبر رفح (الجزيرة) أسعار فلكيةواختفى الدجاج من أسواق شمال القطاع تماما، فيما تتوفر كميات قليلة جدا من اللحوم الحمراء بأسعار يصفها عبد الهادي بالفلكية، وباستثناء نبتة الخبيزة والقليل من الجزر والحلويات المنزلية فإن الأسواق خاوية تماما.
وبحسب عبد الهادي فإن أسعار القليل المتوفر في الأسواق ارتفعت من 200 إلى 1000%، ولا تتناسب مع أحوال غالبية الغزيين، الذين فقدوا أعمالهم ونفدت أموالهم خلال الحرب وليس لديهم ما يملكونه من أجل تدبر شؤون حياتهم الأساسية.
ويشعر هذا الرجل الأربعيني بالقلق الشديد على أطفاله وأقرانهم في الشمال، الذين تظهر عليهم علامات الضعف والهزال، نتيجة الجوع الشديد، ومن هؤلاء الأطفال نجل صديقه أحمد عبد الحكيم (5 أعوام)، الذي كان مدللا لدى أسرته ويعشق الأكل في المطاعم.
ويقول عبد الهادي إن قوات الاحتلال دمرت كل المخابز والمطاعم في شمال القطاع، والكثير منها في مدينة غزة، "لقد أعادوا غزة 500 عام إلى الوراء وليس 50 عاما فقط"، مشيرا بذلك إلى تصريح لوزير جيش الاحتلال يوآف غالانت مع بداية الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شمال القطاع عبد الهادی
إقرأ أيضاً:
حماس: نهش الكلاب جثامين الشهداء يكشف وحشية الاحتلال
قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن صور الكلاب الضالة وهي تنهش جثامين شهداء فلسطينيين أمام أعين جنود إسرائيليين تكشف "مستوى الوحشية وحجم السادية والإجرام واللاإنسانية في سلوك جيش الاحتلال وقيادته الفاشية".
وذكرت الحركة -في بيان اليوم الثلاثاء- أن "ما عرضته قناة الجزيرة من صور مروعة لكلاب ضالة تنهش جثامين الشهداء في شوارع محافظة شمال قطاع غزة تحت سيطرة ومراقبة الجنود الصهاينة، وفي ظل منع جيش الاحتلال لطواقم الإسعاف والدفاع المدني من الدخول لانتشال الشهداء والجرحى منذ بدء حملة التطهير العرقي وعمليات التهجير القسري الإجرامية في شمال القطاع، يكشف مستوى الإبادة الوحشية التي ترتكب في القطاع، ويؤكد حجم السادية والإجرام واللاإنسانية التي تملّكت سلوك هذا الجيش الإرهابي وقيادته الفاشية".
وأشارت إلى مواصلة الجيش الإسرائيلي استهدافه المتكرر والمتعمد مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا، ومرافقه من خزانات مياه ووقود ومحطات أكسجين، في إطار سياسة الاستهداف الممنهج لكافة المرافق والمستشفيات وسبل الحياة في شمال القطاع.
واعتبرت الحركة ذلك "جرائم حرب تحدث أمام سمع وبصر العالم دون أن يحرّك ساكنا لإيقافها"، وفق البيان.
إعلانوتابعت أن "هذه الجرائم المروعة المستمرة، وما يخرج من صور وتفاصيل للمجزرة الحاصلة في شمال قطاع غزة ينبغي أن تحرّك ما تبقى من ضمير عالمي، للانتصار لقيم الإنسانية ووقف هذه الإبادة والعمل لتحريك قوافل إغاثة وإسعاف وإنقاذ دولية والدخول إلى شمال قطاع غزة، وفرض حماية المدنيين الأبرياء، وتوثيق هذه الجرائم لمحاسبة مرتكبيها من مجرمي الحرب الصهاينة".
وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي اجتاح الجيش الإسرائيلي شمال قطاع غزة، ويقول الفلسطينيون إن تل أبيب ترغب في احتلال المنطقة وتحويلها إلى منطقة عازلة بعد تهجيرهم منها تحت وطأة قصف دموي ومنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
ويتواصل القصف الإسرائيلي على مختلف مناطق قطاع غزة بالتزامن مع استمرار عمليات النسف والتفجير للمنازل والأحياء السكنية.
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 152 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.