يمانيون|

التصنيف ضد اليمن خطوة بائسة لتخفيف الضغط عن الكيان الصهيوني

دائماً عندما يعجز النظام الأمريكي عن استهداف خصومه في مواجهة مباشرة يلجأ إلى استخدام الوسائل السياسية والاقتصادية ، والتي في مقدمتها التصنيف في ما تسميه بقائمة «الإرهاب»، وذلك بقصد إيجاد المبرر أمام العالم لارتكاب الجرائم ضد هذه الشعوب التي ترفض أن تكون خاضعة لقوى الاستكبار العالمي، ومن هذه الشعوب الشعب اليمني الذي أعلنت واشنطن تصنيفه بالإرهابي بعد العجز عن إيقافه عسكرياً وسياسياً وفشلها في محاولة ثنيهم عن إيقاف الهجمات التي تشنها قواتنا المسلحة ضد السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى موانئ الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى فك الحصار عن غزة وإدخال الغذاء والدواء، كما أعلنها سابقاً قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي…

كيف استقبل اليمنيون قرار تصنيفهم بالإرهابيين؟ وكيف ردت قيادتهم الثورية والسياسية على هذا القرار؟ وما هي تداعيات وتأثير هذا القرار على البلاد وفي موقف اليمن تجاه القضية الفلسطينية؟…كل هذا في السطور القادمة:

حوار:

 

قرار التصنيف الجديد الذي أقرته إدارة بايدن يوم 17 يناير من العام الحالي، ربما لا يتعدى كونه أحد الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليمنيين لمحاولة ثنيهم عن قرارهم بمنع مرور السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ المحتلة، وهذا ما ألمح إليه مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الذي قال إن «التصنيف سيسري خلال 30 يوماً لمنحنا الوقت لتقليل آثار هذا القرار على الشعب اليمني، وأوضح أنه إذا أوقفت صنعاء هجماتها في البحر الأحمر، فإن واشنطن ستدرس رفع هذا التصنيف».

وفور إعلان هذا القرار قالت قيادتنا الثورية ردها المباشر بمواصلة العمليات البحرية، وأكد قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، أن أمريكا هي منبع الإرهاب والإجرام والطغيان، وأن الأمريكي لا يمتلك الآلية ليصنف الآخرين بأي تصنيف، لأنه في وضعية لا إنسانية ولا أخلاقية ولا يمتلك شيئاً من القيم، وعدّ هذه الخطوة بأنها تأتي في سياق حماية الإجرام الصهيوني فقط، مشيراً إلى أن اعتداءاته وغاراته وتصنيفاته ليس لها أي أهمية، ولا قلق منها ولا من تبعاتها.

 

تصنيف أخف

كما أن التصنيف الذي اعتمدته إدارة بايدن أخف من التصنيف الذي اعتمدته إدارة ترامب في العام 2021م، والفرق بينهما أن تصنيف إدارة ترامب كان تحت مسمى «منظمة إرهابية أجنبية»، وتعني منع أي تعاملات مالية مع المصنف وأي نشاطات داعمة لهم، ومعاقبة أي دول أو كيانات تتعامل معهم، وتوجه تهما جنائية لمن يرفع شعاراتهم أو يعلن تأييده لهم من داخل الأراضي الأمريكية، حتى لو بمشاركة في الفيس أو تغريدات في تويتر سابقاً.

أما الفئة التي أعلنتها إدارة بايدن فهي تحت مسمى «كيان إرهابي عالمي مصنف بشكل خاص» وإجراءاتها مخففة، فهي تتيح تقديم الدعم الإنساني، وتعاقب فقط المنظمة بإجراءات محددة، مثل: عرقلة وتقييد نشاطهم المالي وتطبيق إجراءات إنسانية استثنائية، حسبما ذكر مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان حيث أوضح في بيان صادر عن البيت الأبيض، أن التصنيف هو «أداة مهمة لقطع تمويل قيادة صنعاء، وتقييد وصولهم إلى الأسواق المالية، ومحاسبتهم على أفعالهم».

ولكن مع ذلك يبقى التصنيف تعبيراً عدائياً واضحاً من قبل أمريكا تجاه اليمن بسبب عملياته المساندة للشعب الفلسطيني والهادفة لرفع العدوان وفك الحصار عن غزة.

 

رد يمني رسمي

القرار الأمريكي لاقى استنكاراً شعبياً كبيراً حيث اعتبره المواطنون وسام شرف عظيماً ما دام المبرر هو الجهاد الواجب مع الأشقاء الفلسطينيين الذين تخلى عنهم القريب والبعيد من الدول العربية والإسلامية، ومن المستوى الشعبي إلى المستوى الرسمي، حيث أكد ناطق أنصار الله – رئيس الوفد الوطني اليمني المفاوض، محمد عبد السلام، أن قرار تصنيف المدافعين عن قضايا الأمة الإسلامية بما يسمى «الإرهاب» يعكس جانباً من نفاق أمريكا المكشوف والمفضوح، وأن أمريكا تريد الإضرار باليمن دعماً لإسرائيل وتشجيعاً لها على مواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لافتاً إلى أن اليمن لن يتراجع في موقفه المبدئي والإيماني والإنساني المساند لغزة، وأوضح أن أمريكا هي من تشجع وتدعم وتساند الإرهاب العالمي بدعمها إسرائيل، ومجيئها إلى بحارنا والاعتداء على أراضينا، ولسنا نحن من ذهب إلى شواطئها وسواحلها، ولفت إلى أن أمريكا وإن كانت قد ألِفت واعتادت على استكانة عدد من الأنظمة لسياستها الاستعلائية والإرهابية فذلك لن يكون لها مع اليمن، وهو مستمرٌ في إسناد غزة بكل الوسائل المتاحة، ومستمرٌ في منع السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي ويرفع الحصار عن غزة.

من جانبها أكدت وزارة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبر نائب الوزير حسين العزي، أن التصنيف هذا سيؤدي لإطالة أمد الحرب مع أمريكا ما يعني عدم توقف الحرب بمجرد وقف العدوان الإسرائيلي لكنها في كل الأحوال لن تكون حربا عابرة للأجيال كحربنا مثلا مع العثمانيين التي استمرت 300 سنة متصلة لأنه لم يتبق من عمر أمريكا إلا القليل وبالتالي لن تتجاوز15عاما كحد أقصى.

 

تداعيات التصنيف

بينما رأى محللون عرب أن اعتماد هذا القرار من قبل إدارة بايدن ستكون له تداعيات سلبية على عملية السلام بين صنعاء والرياض، وربما خفض التصعيد القائم بين الطرفين سيتلاشى وينتهي، وهو ما ألمّح له المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن؛ تيموثي ليندركينغ، الذي اعتبر «التصعيد الأخير في البحر الأحمر وباب المندب وما تبعه من قرار تصنيف قيادة صنعاء بالإرهاب، ليس في صالح تحقيق السلام في اليمن»، ما يعني أن واشنطن ستتجه نحو التصعيد وستكون الرياض في مأزق حقيقي فهي تسعى بكل جهد للخروج من المستنقع اليمني والتفرغ لسياساتها الاقتصادية الداخلية أو ما يسميها محمد بن سلمان برؤية 2030م، بينما يرى آخرون أن الخطوة الأمريكية بإعادة تصنيف قيادة صنعاء يأتي في وقت غير مناسب للمنطقة العربية التي تشهد حرب إبادة بحق الشعب الفلسطيني وكذلك مشروع السلام في اليمن»، مؤكدين أن هذا التصنيف لا يخدم سوى أمريكا وكفيل بإشعال الصراع بشكل أوسع في المنطقة.

 

تحديات إنسانية

وفي ما يخص تداعيات هذا القرار على الوضع الاقتصادي وما يترتب عليه من أزمة إنسانية في اليمن، فقد اعتبر المجلس السياسي الأعلى والمكتب السياسي لأنصار الله ومعهم خبراء اقتصاديون، أن من أهداف هذا القرار هو مواصلة الحصار الاقتصادي المفروض على اليمن منذ ما يقارب عشرة أعوام بقصد زيادة الوضع تعقيداً لتعيش اليمن أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ورغم أن هذا القرار جاء ليفاقم المأساة ويضع ملايين من اليمنيين على حافة المجاعة، إلا أن موقفهم ثابت وراسخ رسوخ الجبال في مساندة إخوانهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذين يتعرضون لأبشع المجازر الوحشية اليومية على يد الكيان الصهيوني الغاصب الذي يقتلهم بالقصف والتجويع ولا يهتم بمنظمات دولية أو محاكم عالمية.

 

الرد الثابت

ولعل خروج اليمنيين في الساحات كل جمعة لمناصرة فلسطين هو الرد الثابت الذي لن يتزحزح لقرار أمريكا الفاشل والذي وضعه الملايين من الأحرار تحت أقدامهم غير مبالين بفزاعة أمريكا وكل الوسائل التي تستخدمها لخدمة الكيان الصهيوني المحتل، فهم قد أعلنوا التفويض الكامل والمطلق لقائد المسيرة القرآنية السيد عبد الملك الحوثي، ليمضي بهم حيث أراد حتى لو كان الفناء مصيرهم جميعاً.

المصدر/ الثورة نت/

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: إدارة بایدن هذا القرار أن أمریکا

إقرأ أيضاً:

في اليمن السعيد.. ما الذي قد يعطّل حياة 70 في المئة من اليمنيين؟

عصر كل يوم، يقصد اليمني محمد قائد صالح ناصر منطقة جبلية في قرية الأجواد.

 

من ذلك المكان فقط يستطيع التواصل مع العالم، إذ أنه المكان الوحيد تقريباً الذي يمكنه فيه الاتصال بشبكة الهاتف، غير المتوفرة في قريته القريبة في محافظة لحج.

 

رداءة شبكة الهاتف ليست مشكلة محمد الوحيدة، فبعد أن نسقتُ معه موعداً هاتفياً، في الوقت الذي يقصد فيه ذلك الموقع الجبليّ، تحدثت معه عن مشاكل أخرى يعاني منها السكان في المنطقة.

 

أخبرني ناصر أنّه خسر نحو ثلثي أراضيه الزراعيّة بسبب السيول التي ضربت المنطقة خلال العامين الماضيين.

 

ويعاني اليمن إجمالاً من تداعيات تغير المناخ التي تشهدها المنطقة أكثر من الدول العربية الأخرى، وفقاً لما جاء في تقرير مؤشر المخاطر العالمي 2022، الصادر عن "تحالف المساعدة" المكوّن من منظمات إغاثية ألمانية.

 

وكشف التقرير أنّ اليمن يأتي في المرتبة الثانية بعد الصومال، ضمن قائمة الدول العربية الأكثر عرضة للآثار السلبية الناتجة عن تغير المناخ.

 

وكما تقول دينا صالح، وهي مديرة إقليميّة مع صندوق إيفاد التابع للأمم المتحدة، فإن التركيز على تأثير تغيّر المناخ على قطاع الزراعة وتضرره في اليمن مهم جداً، إذ أن "70 في المئة من اليمنيين يعملون في الزراعة، لذا عندما يحدث أي خلل في هذا القطاع، فهذا يعني أن 70 في المئة من السكان سيعانون".

 

اليمن "السعيد"

 

منذ العصور القديمة لُقّب البلد بـ"اليمن السعيد"، وهناك من يذهب إلى أن أصل التسمية تعود لما كانت تمتاز به الأرض هناك من خصوبة وتنوع منتجاتها الزراعية، كالبنّ واللبان، كما كان يُشار إلى سد مأرب على أنه أهم مصدر للري والازدهار الزراعي - ما جعل الحياة في اليمن أكثر استقراراً مقارنةً بمناطق أخرى.

 

كما يُقال أن كلمة "اليمن" تحمل دلالات لغوية إيجابية، فهي تشير إلى اليُمن (البركة) في تلك الأرض.

 

عام 2010، زرتُ مدينة السائلة التاريخية في صنعاء القديمة (ويظهر جانب من المدينة في الصورة)، وأخبرني من معي أن الطريق التي كنا نسلكها بالسيارة، قد تغمرها المياه أحيانا حتى أن منسوب الماء قد يتجاوز ارتفاع السيارات.

 

لكن البلد الذي يعتمد جزء كبير من سكانه على الزراعة للعيش، فقد مساحات زراعية واسعة، إذ قال وزير المياه والبيئة اليمني، خلال مؤتمر قمة المناخ في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إنّ اليمن خسر في عام واحد 30 في المئة من أراضيه الزراعية.

 

ويعود ذلك لسببين أساسيين متناقضين: السيول التي تجرف التربة خلال موسم الأمطار، والجفاف في الموسم الحار.

 

تحدثنا إلى أربعة مزارعين يمينيين، وكرر جميعهم ثلاث أسباب تهدد مزارعهم: السيول، الجفاف، وآفات المحاصيل.

 

المزارعة اليمنية أروى علي أحمد نابت، إحدى مزارعات منطقة الخداد، في محافظة لحج، جنوب شرق العاصمة، وتعيل عائلة من تسعة أفراد بعد وفاة والدها.

 

في محافظة لحج، غالباً ما تكون النساء مسؤولات عن إعالة عوائلهن، وتقول أروى إنّ النساء علّمن بناتهن في الكليات، لكن شهاداتهن عُلّقت على جدران المنازل، إذ لا توجد وظائف حكومية، فتوجهن للعمل في المزارع بعد أن أصبح ذلك خيارهن الوحيد.

 

لكن حيث تعيش وتعمل أروى، بدأ المزارعون بالشعور باليأس بسبب تكرر السيول التي دمرت المزارع خلال السنوات الأخيرة.

 

يقول تقرير لمجموعة البنك الدولي صدر عام 2023 إنّ اليمن سيشهد المزيد من ارتفاع منسوب مياه البحر وارتفاع حرارة سطح المياه، وأنّ تداعيات هذه التغيرات ستصحب معها المزيد من الفيضانات والسيول والجفاف.

 

وتعلّق أروى على ذلك: "أغلب الناس يعيشون على الزراعة، يجب إحياؤها من جديد، لا بديل عن الزراعة، إن انتهت .. انتهينا نحن معها".

 

وتقول أروى أنّ معظم الأراضي الزراعية في لحج تحولت إلى مساحات للسكن وبناء المصانع، فيما ضرب أخرى الجفاف وتحولت إلى صحراء، موضحة أنه "لا يمكن إلا لمن يعيش قرب مصادر الماء الاستمرار في الزراعة" في الوقت الحالي.

 

وهنا تذكر أروى مشكلة أخرى يعاني منها المزارعون في لحج، وهي توفير المياه خلال فترة الجفاف، إذ تتهم أروى جهة - لم تسمّها - بالمسؤولية عن توزيع المياه بشكل غير عادل، و"لمن يملك المال حصراً" كما تقول.

 

توضح أروى أن قطع المياه عن المزارعين، أو تقليل مصادرها دفعت العديد إلى بيع أراضهم، بينما يقف البعض الآخر متفرجاً على أرضه التي تدمرت ولم يستطع إصلاحها أو حتى بيعها.

 

وأضافت أروى أنّ المزارعين الصغار اضطروا للعمل عند أصحاب المزارع الكبيرة لتوفير قوت يومهم، إذ يدفع أصحاب المزارع الكبيرة رواتب "سبعة آلاف ريال للرجل"، بينما تحصل النساء "على خمسة آلاف ريال" وتشير إلى أن العمل في تلك المزارع مرهق ومتعب، لكنه ضروري "من أجل تأمين لقمة العيش".

 

كان راتب المزارعات في السابق ثلاثة آلاف ريال (ما يعادل 12 دولار أمريكي) لكل يوم عمل، وتمّ رفعه لاحقاً إلى خمسة آلاف ريال، لكنه لا يزال أدنى من راتب يوم عمل للمزارع الرجل، ومع ذلك اضطرت العديد من النساء إلى العمل كمزارعات في المزارع الكبيرة مقابل "أجر يومي"، بينما "ذهب الشباب للمشاركة في القتال" كما تقول أروى.

 

القات

 

استطاع محمد ناصر زراعة القات فيما تبقى من أرضه التي تضررت جراء السيول أكثر من مرة، لكنه يقول إنه وسط الظروف الحالية في اليمن، لا يستطيع زراعة أو إصلاح الجزء الآخر.

 

ويشتكي ناصر عن خطر آخر يهدد محصوله إلى جانب السيول في الوقت الحالي، وهو خطر الآفات التي تضرب المحاصيل.

 

ويقول محمد إنّ الآفة دمرت محاصيل القات التي يعتمد عليها غالبية المحاصيل لتأمين مصاريفهم، إذ يشكّل القات غالبية المحاصيل، بالإضافة إلى بعض الحبوب الأخرى.

 

ويوضح محمد أنّ هناك تشجيعاً لاستبدال محاصيل القات بزراعة محاصيل أخرى، لكنّ الكوارث الأخيرة ومشاكل القطاع الزراعي تحول دون ذلك وجعلت "الناس على باب الله"، وحتى أن بعض المزارعين أصبحوا يبحثون عن فرصة عمل يومي في أي مجال آخر، و"بعضهم يذهب للقتال أو للعمل في مصانع المشتقات النفطية الخليجية".

 

غلاء المعيشة والبطالة، وكيس الدقيق الذي أصبح يعادل ثلاثين دولاراً - بحسب محمد ناصر – كلها مشاكل ضيّقت الخناق على اليمنيين، لا سيما المزارعين منهم، وتضاف إلى قائمة سبق ذكرها من مشكلات مناخية أصبحت تهدد مصادر رزقهم كل عام.

 

ويشتكي محمد من أنّ الصندوق الدولي خصّ أشخاصاً دون آخرين بالتعويضات، موضحاً أنّ المزارعين اعتمدوا على أنفسهم بما وجدوه من أدوات لمواجهة الطقس المتطرف الذي بات يهدد اليمن، وقاموا بإنشاء حواجز بدائية ضدّ السيول.

 

الزراعة والأمن الغذائي في اليمن

 

في اليمن السعيد أيضاً، ذكر تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي العام الماضي، أنّ أكثر من 24 مليون شخص – 83 في المئة من السكان – يعانون من انعدام الأمن الغذائي في البلاد، إضافة إلى أن أكثر من نصف الأطفال بحاجة إلى علاج سوء تغذية حاد.

 

وأطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي العام الماضي مع منظمات دولية أخرى، مشروع تمكين البنية التحتية الزراعية في محافظة تعز كنوع من الدعم الدولي لليمنيين.

 

لكنّ المزارع خالد عبد الغني يقول إنه لا يوجد أي نوع من الدعم، سواءً من "الدولة، أو المنظمات، أو من فاعلي الخير".

 

يعيل خالد عائلة من سبعة أفراد، ويقول: "ليس لدينا سوى الزراعة لنعيش، لكن بعد الأضرار التي لحقت بالقطاع، لا نستطيع اليوم حتى تأمين قوتنا منها".

 

يتجول عبد الغني بين أشجار مزرعته كاشفاً عن ثمارها التي أُصيبت ببعض الآفات، ويكرّر الحديث ذاته حول السيول والآفات، ويوضح أن "حشرة المنّ التي تغزو الثمار، تتسلل إلى جوف الأرض وتتسبب في جعل الترابة أكثر صلابة".

 

تقع أرض خالد في منطقة متطرفة مناخياً، ففي الشتاء تسبب غزارة الأمطار في سيول جارفة، بينما تعاني في المواسم الأخرى من الجفاف الشديد.

 

يقول خالد إنّ السيول وحبات البرد تأتي في موسم الأمطار، وتجرف بعضاً من التربة وتترك الأرض قاسية وغير قابلة للزراعة، فيقوم المزارعون بترميم أراضيهم بأيديهم و"بما توفر لنا من إمكانيات"، ثم يأتي فصل الصيف فيضربها الجفاف خاصة وأن الآبار التي تنتشر في المنطقة دون جدوى، بسبب عدم وجود مضخات لتشغيلها.

 

هذا الحال فاقم أزمة اليمن، إذ تقول دينا صالح، المديرة في إيفاد، إن الصراعات الداخلية والصدمات الناتجة عن عوامل خارجية مثل وباء كورونا، والحرب في أوكرانيا، "أثرت بشكل عميق" على القطاع الزراعي، ما زاد الضغط على صغار المزارعين في اليمن.

 

وتوضّح دينا أن المساعدات التي قُدّمت لليمنيين "ليست كافية وغير مستدامة"، مشيرة إلى أنه "عندما تضيف تأثير تغير المناخ، ونقص البنية التحتية المناسبة، والقدرة المحدودة للحكومة على تغيير أي من ذلك في أي وقت قريب، تدرك أن الزراعة في اليمن تحتاج إلى المزيد من الاستثمار".

 

حال منى أحمد قاسم في تعز ليس أفضل من حال بقية المزارعين الذين تحدثنا إليهم، فوضع نساء اليمن العاملات في الزراعة يزداد صعوبة مع حمل مسؤولية المنزل والعائلة، وأجور أقل من العاملين الذكور.

 

أنشأ زوج منى محمية زراعية، وعملا فيها سوياً أربع سنوات، حتى اجتاحت المنطقة عاصفة قوية قضت على ما فيها.

 

توفي زوجها، فوجدت نفسها وحيدة في أرض بحاجة إلى إصلاح، وما زاد الأمر سوءاً، تعرّض ابنها الشاب - الذي كان يعمل في المزرعة أيضاً - لحادث تسبب في عجزه، وهو يبلغ من العمر الآن 23 عاماً.

 

ولا تزال منى تزرع بعض الحبوب في أجزاء من الأرض التي تحتاج الكثير من العمل حتى تعود للاستفادة منها بشكل كامل.

 

كان وضعها جيداً قبل ثلاث سنوات حين ضربت العاصفة المنطقة، لكنّها حالياً، بالكاد يمكنها سدّ احتياجات أبناءها الأساسية، وتعاني منى مثل غيرها.

 

وفي ظل ما يعانيه المزارعون في اليمن، وقّعت 11 دولة على بيان يحذّر من تداعيات تغير المناخ على السلام والأمن في اليمن، في وقت يستمر فيه الانقسام السياسي في البلاد.

 

وأطلقت الحكومة اليمنية البرنامج الوطني لتمويل المناخ بين عامي 2025 و2030 بهدف تعزيز قدرة البلاد على التكيّف مع تحديات التغير المناخي.

 

ومع استمرار التداعيات المتوقعة لتغيرات المناخ وأثر الحروب والصراعات، يظل اليمن عرضة لمزيد من الكوارث التي قد تزيد من تدهور اقتصاده المتضرر أصلاً، وليس من الواضح حتى الآن كيف وأين سيطبق ذلك البرنامج الوطني لتمويل المناخ.


مقالات مشابهة

  • حركة الجهاد الإسلامي تدين العدوان الثلاثي (الأمريكي– البريطاني– الصهيوني) على اليمن
  • شاهد | إعلام العدو: اليمن أفقد أمريكا وتحالفها وإسرائيل كرامتهم
  • حماس تدين العدوان الصهيوني على اليمن وتصفه بالإرهاب والاعتداء السافر على السيادة اليمنية
  • حماس تدين العدوان الصهيوني على اليمن وتصفه بالإرهاب
  • في اليمن السعيد.. ما الذي قد يعطّل حياة 70 في المئة من اليمنيين؟
  • أردوغان يستقبل جنبلاط في أنقرة.. ما الحديث الذي دار بينهما؟
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • اليمن وفلسطين.. تحالف تعمد بالدم ضد طغيان أمريكا و”إسرائيل”
  • نائب سيناء: العفو الرئاسي عن 54 من أبنائنا يعكس الحرص على دعم الاستقرار
  • شيخ مشايخ شمال سيناء يشيد بالإفراج عن 54 من المحكوم عليهم: هذا ما عهدناه من الرئيس