كيف أعادت الحرب الروسية الأوكرانية تشكيل الوضع الأمني بمنطقة المحيطين الهندي والهادي؟
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
واشنطن «د. ب. ا»: يرى المحلل الأمريكي جيمس برزيستوب أن حرب روسيا مع أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير عام 2022، تحدى النظام الدولي القائم في المجتمع الأوروأطلسي، وسلط الضوء على التحديات الأمنية التي كانت موجودة سابقًا في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وزادت المخاوف الأمنية في جميع أنحاء المنطقة واكتسبت تحديدا أكبر في مضيق تايوان وشبه الجزيرة الكورية.
وقال برزيستوب، من معهد هدسون الأمريكي في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية: إن الحرب الروسية أثارت تساؤلات بشأن القدرة على الاحتفاظ بنظام دولي قائم على القواعد بينما يعزز الاعتراف بطبيعته المتأصلة والمترابطة في منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا.
وفي الثالث من شهر مارس عام 2022، اجتمع قادة مجموعة دول «الحوار الأمني الرباعي» (كواد)، وهي أستراليا واليابان والولايات المتحدة والهند، لبحث تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا والتأثيرات المحتملة للأزمة الأوروبية على منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وأكد البيان المشترك لمجموعة كواد مجددًا على التزامها بأن تكون منطقة المحيطين الهندي والهادي حرة ومفتوحة، تتميز بهدفها بأن تكون الدول متحررة من «الإكراه العسكري والاقتصادي والسياسي».
وأكد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا على أنه «يتعين عدم السماح بأي تغيرات من جانب واحد لوضع راهن مثل هذا في منطقة المحيطين الهندي والهادي»، إضافة إلى أهمية تحقيق منطقة المحيطين الهندي والهادي الحرة والمفتوحة.
وتم في وقت لاحق إدراج تصريحاته في وثائق سياسية متعددة أصدرتها الحكومات الديمقراطية تشير إلى أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وفي انعكاس لتقارب استراتيجي ناشئ بين الديمقراطيات الغربية، أكدت وزيرة الخارجية البريطانية في ذلك الوقت ليز تروس للمجلس الأطلسي أهمية استدامة الوحدة الغربية في وجه التحديات للنظام الدولي في أوروبا وآسيا.
وأضافت: «الصراع في أي مكان يهدد الأمن في كل مكان». ثم دعت تروس الديمقراطيات الغربية للتكاتف لدحر العدوان حول العالم - من بحر الصين الجنوبي وحتى أوروبا الشرقية».
ومنذ ذلك الوقت، أصدرت الولايات المتحدة واليابان وأستراليا وجمهورية كوريا الجنوبية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وكندا ومنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي وثائق تتعلق بالسياسة الاستراتيجية، تتناول التحديات للنظام في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وتعتبر على نحو مستمر الصين المتحدي الاستراتيجي الرئيسي للمنطقة وللنظام الدولي القائم على القواعد.
وفي منطقة المحيطين الهندي والهادي تتضمن ردود الفعل بناء إطار الردع وتعزيزه وانتهاج دبلوماسية هادفة لتعزيز التحالفات القائمة، ودفع التعاون الأمني متعدد الأطراف وتعزيز الشراكات الاستراتيجية ما يمثل تطويرًا مستمرًا للهيكل الأمني في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وأضاف برزيستوب أنه بينما يظل هيكل التحالف الثنائي للولايات المتحدة هو العنصر الأساسي للأمن الإقليمي، اتسع الهيكل الأمني الحديث إلى ما وراء محور الحرب الباردة ليشمل تعاونًا أمنيًا ثنائيًا وثلاثيًا بين حلفاء الولايات المتحدة.
ويشمل هذا زيادة الروابط الأمنية بين حلفاء مستقلين عن الولايات المتحدة والشراكات الاستراتيجية، مثل اتفاقيات الوصول المتبادلة لليابان مع أستراليا والمملكة المتحدة لتسهيل التعاون الدفاعي، الذي من شأنه أن ينشئ هيكلًا أمنيًا مرنًا ومتداخلًا وشاملًا.
وتم أيضا تعزيز التحالفات الثنائية، حيث وصلت شراكات الولايات المتحدة مع اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية والفلبين إلى مستوى عال في التعاون الدفاعي.
وتحركت أيضا الدول الأعضاء في مجموعة كواد (الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند) لتعزيز روابطها الثنائية وعلاقاتها الدفاعية والأمنية التي أبرزتها تدريبات مالابار البحرية المشتركة.
وعززت هذه التدريبات العسكرية القائمة على التحالف في غرب المحيط الهادي الدبلوماسية، التي تتسع من حيث عدد المشاركين فيها، وتهدف لزيادة توافق التشغيل البيني. وقد تكثف أيضا التعاون الأمني الثلاثي، بصفة خاصة في علاقات الولايات المتحدة الثلاثية بين اليابان وكوريا الجنوبية، وأستراليا واليابان، واليابان والفلبين.
وواصلت الشراكة بين أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعزيز التعاون الأمني في قطاع الغواصات وفي الأبحاث المتقدمة بما في ذلك تكنولوجيات الكم المهمة والذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية والقدرات السيبرانية والقدرات التي تفوق سرعة الصوت، والقدرات المضادة التي تفوق سرعة الصوت.
وفي إطار البناء على اهتمام أوروبا المتنامي بمنطقة المحيطين الهندي والهادي، شجعت أستراليا واليابان والولايات المتحدة الانخراط المتزايد في المنطقة. ويتم الآن تنظيم حوارات وزارية بصيغة 2+2 بين أستراليا والمملكة المتحدة وبين اليابان وأستراليا وفرنسا وألمانيا.
وتشمل كل حالة التزامًا يتم إعادة التأكيد عليه بمنطقة المحيطين الهندي والهادي الحرة والمفتوحة، وبمعارضة استخدام القوة أو الإكراه لتغير الوضع الراهن، مع تسليط الضوء على أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان.
ورغم أن أوروبا سوف تركز على روسيا في المستقبل المنظور، وأنه لن يكون أي وجود أمني في منطقة المحيطين الهندي والهادي مهما، فإنه لا يجب التقليل من قيمة المشاركة الأوروبية.
وإضافة إلى ذلك، عززت الديمقراطيات في منطقة المحيطين الهندي والهادي، ويعني هذا اليابان وأستراليا وجمهورية كوريا الجنوبية، مقاومة أوكرانيا للحرب الروسية ماليا وماديا. واعترف البيان المشترك لقمة اليابان الناتو في يناير عام 2023، بأن النظام العالمي الحر والمفتوح القائم على سيادة القانون عرضة للخطر الآن. وأوضح برزيستوب أن خلاصة القول هي أن رد فعل الديمقراطيات الغربية إزاء التحديات الأمنية في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادي يشير إلى تقارب استراتيجي متزايد ودبلوماسية ردع جديدة يدعمها التعاون الدفاعي والأمني المتنامي داخل المنطقة مع حلفاء أوروبيين.
ورغم أن سياسات الديمقراطيات الغربية ليست متطابقة، فإنها متوافقة بشكل كبير وتتعزز على نحو متبادل صوب الحفاظ على نظام دولي قائم على القواعد في منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا، ما يعكس قيما عالمية، ويدعم توازنا للنفوذ قائم على توازن القوة.
وسوف يتطلب الحفاظ على هذا التقارب الاستراتيجي وجود قيادة. ومع ذلك فإن الواقع الذي لا يرحم هو أن الحلفاء والشركاء الاستراتيجيين في كل من منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا يتطلعون إلى واشنطن.
واختتم برزيستوب تقريره بالقول إن فشلا للقيادة الآن سوف يكون نقطة تحول استراتيجية مع تراجع إلى ما كانت عليه أمريكا في وقت سابق عندما ساعدت الرسوم الجمركية العالية على تصدع الاقتصاد العالمي، ولم يؤد عدم اكتراث بالأزمة الناشئة في أوروبا وآسيا إلا إلى تشجيع المعتدين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الیابان وأسترالیا الولایات المتحدة والمملکة المتحدة
إقرأ أيضاً:
البابا فرانسيس يجدد انتقاد الحرب على غزة بعد هجوم إسرائيلي عليه
ندد البابا فرنسيس بابا الفاتيكان مجددا السبت بالغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، وذلك بعد يوم من استنكار وزير إسرائيلي دعوة البابا إلى دراسة ما إن كان الهجوم العسكري هناك يشكل إبادة جماعية للفلسطينيين.
واستهل البابا خطابا سنويا بمناسبة عيد الميلاد أمام كرادلة كاثوليك بما بدا أنه إشارة إلى غارات جوية إسرائيلية أودت بحياة 25 فلسطينيا على الأقل في غزة الجمعة.
وقال البابا "تم قصف الأطفال... هذه وحشية. هذه ليست حربا. أردت أن أقول ذلك لأنه يمس القلب".
وعادة ما يكون البابا، بصفته زعيم الكنيسة الكاثوليكية التي يبلغ عدد أتباعها 1.4 مليار نسمة، حذرا بشأن الانحياز إلى أي من أطراف الصراعات، لكنه صار في الآونة الأخيرة أكثر صراحة فيما يتعلق بالحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وفي مقتطفات من كتاب نشرت الشهر الماضي قال البابا إن بعض الخبراء الدوليين قالوا إن "ما يحدث في غزة يحمل خصائص الإبادة الجماعية".
وانتقد وزير شؤون الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي تلك التعليقات بشدة في رسالة مفتوحة غير معتادة نشرتها صحيفة إيل فوليو الإيطالية الجمعة.
وقال شيكلي إن تصريحات البابا تصل إلى حد "الاستخفاف" بمصطلح الإبادة الجماعية.
في وقت سابق من الشهر الجاري، استقبل البابا فرنسيس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس متطرقا معه إلى الوضع الإنساني في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وخلال اللقاء الذي استمر نصف ساعة بدا الرجلان اللذان سبق أن التقيا مرات عدة مبتسمين ويدا بيد وتطرقا إلى السلام وتبادلا الهدايا، على ما أظهرت لقطات بثها الفاتيكان.
والتقى الرئيس الفلسطيني بعد ذلك أمين سر الفاتيكان والمسؤول الثاني فيه بييترو بارولين، فضلا عن وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور غالاغر.
وشملت المباحثات تحرك الكنيسة "للمساعدة إزاء الوضع الخطر جدا في غزة" و"وقف إطلاق النار" و"الإفراج عن كل الرهائن" و"أهمية التوصل إلى حل الدولتين من خلال الحوار والدبلوماسية حصرا".
وأتى اللقاء بعد أيام من نشر صورة تظهر البابا يصلي أمام مغارة بمناسبة عيد الميلاد في الفاتيكان يرقد فيها المسيح على مذود مغطى بكوفية فلسطينية.