تواصل دولة قطر وضع خطط بناءة لحياة مجتمعها ورسم سياسة متينة لعمل منظومتها الحكومية على كل الأصعدة، وفي صدارتها البيئة، عبر توجيه الطاقات والإمكانات المحلية لهذا المفصل الحيوي الذي يزداد الاهتمام به عالميا بين صناع القرار والمنظمات غير الحكومية والخبراء من أجل التصدي لمشاكل البيئة، مدفوعة برؤية ناقدة لواقعها وآمال عالية بحاضر متميز ومستقبل مشرق وسط محيطها الإقليمي، إذ إن التنمية البيئية هي إحدى الركائز الأربع التي قامت عليها رؤية قطر الوطنية 2030.


ومن هنا، أقر مجلس الوزراء الموقر مشاركة الجهات الحكومية والوزرات كافة في الاحتفال بيوم البيئة القطري السنوي في السادس والعشرين من فبراير هذا العام، تحت شعار "بيئتنا إرث وطنا"، بهدف لفت الانتباه إلى أهمية تطوير التقنيات المناسبة لتغير المناخ وتبني الطاقة النظيفة، والاستخدام الأمثل للمياه، وتحسين جودة الهواء، وزيادة المساحات الخضراء، وسط منطقة ذات مناخ صحراوي تعاني -أسوة ببقية مناطق العالم- من المتغيرات الجغرافية والتحولات المناخية.
وصادقت دولة قطر عام 1996 على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وشهد ذلك العام باكورة انطلاق الاحتفال بيوم البيئة، بهدف التذكير بأهمية هذه القضية العالمية بكافة أبعادها.
وشرعت الدولة منذ سنوات في تنفيذ العديد من المبادرات في مجالات الزراعة والمياه والطاقة النظيفة ومواجهة التلوث وتعزيز كفاءة استخدام الغاز، وإعادة تدوير المخلفات، بهدف تعزيز "الرئة المجتمعية" وتغطية أوسع رقعة ممكنة من جسم هذه الدولة المعطاء، لضمان تنمية الإنسان واستدامة الحياة.
وتتمثل مهمة وزارة البيئة والتغير المناخي الأساسية في حماية البيئة وضمان جودتها، وصون مواردها للأجيال الحالية والقادمة، وذلك من خلال إطار تنظيمي فعال. ووافق مجلس الوزراء في سبتمبر 2021، على الخطة الوطنية للتغير المناخي، وهي إطار استراتيجي يعكس طموحات الدولة على المدى الطويل في مجال الاستدامة والحاجة الملحة للاستجابة بفعالية للأزمة المناخية، وفي أكتوبر 2021، تم إطلاق استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي، الهادفة إلى حماية البيئة القطرية وتعزيزها للحفاظ على جودة حياة الشعب القطري وضمان المرونة الاقتصادية على المدى الطويل.
وقد كانت جهود دولة قطر في المحافل البيئية العالمية محطة فارقة، فقد كانت جزءا من الجهود الدولية لإنجاح مفاوضات إقرار اتفاق باريس للمناخ عام 2015، وكانت من أول الموقعين عليها.
وفي قمة الأمم المتحدة للعمل من أجل المناخ 2019 التي عقدها سعادة السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بمقر المنظمة في نيويورك، أعلن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في كلمة سموه أمام القمة، عن مساهمة دولة قطر بمبلغ 100 مليون دولار لدعم الدول الجزرية الصغيرة النامية والدول الأقل نموا للتعامل مع تغير المناخ والمخاطر الطبيعية والتحديات البيئية، وبناء القدرة على مواجهة آثارها المدمرة
وقال سموه في كلمته: "لقد اضطلعت دولة قطر بمسؤوليتها كشريك فاعل في المجتمع الدولي لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، ففي عام 2012 استضافت الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، كما استضافت منتدى الدوحة للكربون والطاقة، الذي شارك فيه خبراء دوليون لوضع توصيات في مجال السياسات العامة لذلك القطاع وللحكومات بشأن تغير المناخ، والطاقة البديلة، وجمع الكربون وتخزينه، كما أن دولة قطر لم تدخر جهدا في إنجاح مفاوضات اتفاق باريس للمناخ عام 2015".
وفي مارس 2023 ناقش مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا الذي عقد بالدوحة موضوع التصدي لتغير المناخ ودعم البيئة، وقد أعلن سمو الأمير المفدى في كلمة سموه أمام المؤتمر عن تقديم مساهمة مالية بإجمالي مبلغ 60 مليون دولار أمريكي، يخصص منها مبلغ 10 ملايين دولار لدعم تنفيذ أنشطة برنامج عمل الدوحة لصالح أقل البلدان نموا، ويخصص مبلغ 50 مليون دولار لدعم النتائج المتوخاة لبرنامج عمل الدوحة وبناء القدرات على الصمود في أقل البلدان نموا.
وتؤكد تلك الاهتمامات أن المحافظة على البيئة في دولة قطر هدف مركزي تتضافر الجهود لتحقيقه كل عام، إذ تؤكد وزارة البلدية أن عدد الحدائق والمتنزهات والمساحات الخضراء في الدولة عام 2023، تضاعف أكثر من 10 مرات منذ عام 2010، حيث ارتفع عدد الحدائق العامة من (56) في عام 2010، إلى (143) حديقة في عام 2023، بنسبة زيادة بلغت (164 بالمئة)، بالإضافة إلى ارتفاع حصة الفرد من المساحة الخضراء من متر مربع واحد في عام 2010 إلى (16.5) متر مربع في عام 2023، بمعدل زيادة بلغ 16 ضعفا، كما تضاعفت أعداد المزارع وحصيلة منتجاتها عدة مرات اعتمادا على تكنولوجيا الزراعة وأبحاث النباتات وبأقصى درجات الاستدامة، إضافة إلى تطوير مبادرة زراعة مليون شجرة لتكون 10 ملايين شجرة بحلول 2030.
ويتزامن الاحتفال بـ"يوم البيئة القطري" هذا العام مع إقامة معرض "إكسبو 2023 الدوحة" للبستنة في حديقة البدع تحت شعار "صحراء خضراء...بيئة أفضل"، والذي تستمر فعال

ويتزامن الاحتفال بيوم البيئة القطري هذا العام، مع انطلاق معرض قطر الزراعي الدولي الذي تنعقد دورته الحادية عشرة خلال الفترة من 21 إلى 27 فبراير 2024، في قاعات معرض /إكسبو 2023 الدوحة/، بمشاركة 249 مؤسسة، بينها 149 شركة قطرية محلية، فضلا عن 100 شركة دولية، و106 مزارع محلية بغية تسليط الضوء على الابتكارات الحديثة في التقنيات الزراعية والبيئية، ووضع خارطة الطريق التي تحقق الأمن الغذائي والتنمية على المدى البعيد.
ولتعزيز النشاط البيئي وحماية الحياة البرية والبحرية في دولة قطر، أنشأت الوزارات والمؤسسات المعنية مناطق ذات رعاية خاصة، ومنها "محمية بروق" ومحمية "الذخيرة" وغابات أشجار المنغروف، وجزيرة "بن غنام" وغابة "القرم"، و"حديقة الأكسجين"، تتضمن أنشطة تساعد على تنمية البيئية مثل إطلاق الغزلان والمها العربي وإضافة طيور وأسماك وأشجار ونباتات لهذه المحميات، حسب اختصاص كل منها، بجانب توسيع أنشطة المحافظة على الحياة الفطرية الحيوانية والنباتية، كإحدى مناطق الجذب السياحي البيئي.
وفي 25 مارس عام 2019، أطلقت دولة قطر محطة أم الحول للطاقة، إحدى أكبر محطات تحلية المياه وإنتاج الطاقة في المنطقة، وتحرص المحطة على الحد من التلوث وحماية البيئة، وتدير أنشطتها بصورة صديقة للبيئة على المستويات كافة.
وفي الثامن عشر من أكتوبر 2022 افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، محطة الخرسعة للطاقة الشمسية في منطقة الخرسعة التي تبلغ مساحتها أكثر من 10 كيلومترات مربعة، وتتضمن ما يزيد على 1,800,000 لوحة شمسية، حيث تعمل على توفير ما يعادل 10% من الطاقة الكهربائية للدولة وقت الذروة، لتدخل بها دولة قطر عصرا جديدا في مجال إنتاج الطاقة وتواكب أحدث التوجهات العالمية في هذا المجال مستخدمة تقنيات متطورة ومبتكرة.
وكان نجاح دولة قطر في إقامة كأس العالم FIFA قطر 2022 محايدة للكربون، من أبرز تعهداتها لمواجهة التحديات المناخية ومراعاة المعايير الدولية في مجال الحفاظ على البيئة عن طريق استخدام الطاقة الشمسية في الملاعب، واستخدام تكنولوجيا تبريد وإضاءة موفرة للطاقة والمياه، واعتماد مستوى استدامة للملاعب وفقا للفئات المختلفة، فكانت نقلة نوعية شهد لها الخبراء.
كما أنشأت الدولة عددا من المدن الصديقة للبيئة، مثل مدينة لوسيل، ومشيرب العقارية، اللتين تتكامل فيهما التكنولوجيا الخضراء مع التصميم الحضري، وتعزيز النقل الأخضر عبر إنشاء شبكة المترو، وتعمل في ذات الوقت باعتبارها واحدة من أبرز مصدري الغاز الطبيعي المسال، على استخدم الغاز الطبيعي المضغوط كوقود في قطاع النقل لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، بجانب مشروع حقن غاز "CO2" في الأرض لتحسين استخلاص النفط لالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتتطلب التحديات الكبرى التي تواجهها قضايا البيئة تكاتف المجتمع الدولي وتوحيد الصفوف وتقديم مبادرات عالمية ومساهمات فاعلة، إذ تقدر الأمم المتحدة، أن البلدان النامية سوف تحتاج إلى ما يصل إلى 387 مليار دولار سنويا لتمكينها من التكيف مع التغيرات الناجمة عن التداعيات القاسية للمناخ، وعليه، فإن "اليوم البيئي" في قطر يضع لبنة مهمة في هذا البناء الدولي، من خلال الجهد المحلي لجذب الأنظار وتشجيع الابتكار في مجالات البستنة ومكافحة التصحر ومواجهة الجفاف.

المصدر: العرب القطرية

إقرأ أيضاً:

ندوة في المهرة لتعزيز الوعي المجتمعي ومواجهة الفكر المتطرف

يمانيون../
نظّمت دائرة المرأة في لجنة الاعتصام السلمي بمحافظة المهرة ندوة توعوية بمشاركة واسعة من قطاع المرأة، بهدف تعزيز الهوية الدينية والثقافية، ورفع مستوى الوعي بالمخاطر التي تواجه المحافظة في ظل محاولات الاحتلال الأجنبي ودعمه لجماعات متطرفة تسعى لضرب النسيج الاجتماعي وزعزعة الأمن والاستقرار.

وخلال الندوة، أكدت رئيسة دائرة المرأة في لجنة الاعتصام السلمي، نادية مخبال، أن المرحلة الراهنة تتطلب تضافر الجهود لمواجهة الفكر المتشدد الذي يهدد السلم الاجتماعي، مشددةً على أهمية نشر ثقافة الاعتدال والتسامح، وتعزيز القيم المجتمعية التي تحافظ على وحدة المجتمع وتماسكه.

ودعت مخبال أبناء المحافظة إلى التلاحم والوقوف صفًا واحدًا في مواجهة المخططات التي تهدف إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، محذرةً من تشكيلات عسكرية جديدة تموَّل خارجيًا بهدف فرض السيطرة والنفوذ على البلاد تحت غطاء المساعدات والدعم.

من جهتها، شددت نائبة رئيسة دائرة المرأة، نويرة رعفيت، على ضرورة توسيع دور المرأة في التوعية المجتمعية، خاصةً في مواجهة الظواهر السلبية مثل انتشار المخدرات والعادات الدخيلة التي تهدد قيم المجتمع اليمني، مؤكدةً أهمية حماية الأسرة والأجيال من هذه التأثيرات السلبية.

واختتمت الندوة بمداخلات من المشاركات، أكدن خلالها رفضهن للفكر المتشدد، ورفض أي محاولات لإنشاء مليشيات مسلحة موالية لهذا الفكر، لما لذلك من تداعيات خطيرة على استقرار المحافظة ونسيجها الاجتماعي المتماسك.

مقالات مشابهة

  • “البيئة” تطلق حملة “سفرتنا من أرضنا ” لتعزيز الوعي باستهلاك الأغذية المنتجة محليًا خلال شهر رمضان
  • مرجان فريدوني: مدينة إكسبو دبي تعزز التعليم البيئي
  • «اليوم الإماراتي للتعليم».. رؤية مبتكرة لتعزيز الجودة وتطوير المهارات
  • ندوة في المهرة لتعزيز الوعي المجتمعي ومواجهة الفكر المتطرف
  • وزيرة البيئة: إنجازات غير مسبوقة في الملف البيئي وتحولات فارقة نحو التنمية المستدامة
  • بحضور شما بنت سلطان بن خليفة.. منتدى المسرّعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي “25 حتى 2050” يرسم المسار الاستراتيجي للوصول إلى الحياد المناخي
  • "البيئة" تطلق حملة "بيئتنا أمانة" لتعزيز الوعي البيئي وسط فئات المجتمع
  • يوم البيئة القطري.. نحو مستقبل مستدام يواكب رؤية 2030
  • لقاء علمائي في صنعاء لتعزيز الوعي والاستعداد لشهر رمضان
  • ورشة تدريبية في صنعاء لتعزيز الوعي بالوقاية من الأوبئة