احتقارهم لنتنياهو يتزايد.. الإسرائيليون يؤيدون الإبادة الجماعية في غزة متجاهلين الغضب العالمي
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
في أعقاب الصراع بين إسرائيل وحماس، يُظهِر الإسرائيليون مرونة ملحوظة على الرغم من الإدانة العالمية المتزايدة والسخط الداخلي تجاه قيادتهم، وذلك وفقا لمقالة داليا شيندلين، محللة سياسية ومستطلعة آراء بارزة مقيمة في تل أبيب نشرته في الجارديان البريطانية، تلقي الضوء على المشاعر الحالية السائدة في إسرائيل مع استمرار الصراع.
يؤكد المقال أنه في حين تكثفت الضغوط الدولية ضد إسرائيل، وخاصة مع الإبادة الجماعية التي تمارسها سلطة الإحتلال في غزة والدعوات لوقف إطلاق النار، فإن غالبية الإسرائيليين ما زالوا ثابتين في دعمهم لإجراءات الحكومة.
تكشف استطلاعات الرأي التي أجرتها جامعة تل أبيب والمعهد الإسرائيلي للديمقراطية أن قسماً كبيراً من الإسرائيليين يعتقدون أن البلاد تستخدم القدر المناسب من القوة، حتى أن البعض يدعو إلى اتخاذ تدابير أكثر عدوانية.
يتعمق شيندلين في نفسية الشعب الإسرائيلي، مشيرًا إلى الشعور العميق بالتركيز الداخلي والصدمة الشخصية في أعقاب تصاعد الصراع. وتلاحظ أن المشهد الإعلامي تهيمن عليه قصص الخسائر الفردية، مما يخلق جوًا من التأمل والتضامن المكثف بين الإسرائيليين. وعلى الرغم من الوعي بالاحتجاجات والانتقادات العالمية، فإن العديد من الإسرائيليين يعتبرون أنفسهم محاصرين بشكل دائم، مما يعزز الشعور العميق بالتهديد الوجودي.
ومع ذلك، يسلط المقال الضوء على تحول ملحوظ في المواقف الإسرائيلية تجاه الصراع المستمر. ورغم أن التأييد الأولي للحرب كان مرتفعاً، فإن استطلاعات الرأي تشير الآن إلى تراجع الثقة في قدرة الحكومة على تحقيق أهدافها. ويتأكد هذا الشعور من خلال الاستياء المتزايد من القيادة، لا سيما في ضوء الفشل الملحوظ في إطلاق سراح الرهائن ومعالجة التحديات الجيوسياسية الأوسع التي تواجه المنطقة.
تؤكد شيندلين على ظهور حركات احتجاجية متنوعة داخل إسرائيل، بدءًا من عائلات الرهائن التي تطالب باتخاذ إجراءات حكومية إلى المظاهرات الأوسع المؤيدة للديمقراطية التي تدعو إلى تغيير النظام. على الرغم من أهدافها المتباينة، تؤكد هذه الاحتجاجات بشكل جماعي على خيبة الأمل المتزايدة تجاه الإدارة الحالية وتعاملها مع الأزمة.
في الختام، يشير المقال إلى أنه على الرغم من أن الضغط الخارجي قد لا يغير الرأي العام الإسرائيلي على الفور، إلا أنه يساهم في نشر خطاب أوسع من الاستياء من عدم فعالية الحكومة وتجاهلها للمبادئ الديمقراطية. وبينما يتصارع الإسرائيليون مع العواقب الدائمة للصراع، تؤكد مؤلفة المقال أن الوقت قد يكون مناسبًا لحساب القيادة الحالية وتجديد الالتزام برسم مسار أكثر استدامة للأمام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: على الرغم من
إقرأ أيضاً:
ماكرون وإفريقيا.. نفوذ فرنسي يتضاءل وخطاب استعماري يتزايد
في ظل تراجع نفوذ فرنسا السياسي والعسكري في القارة السمراء والمطالب الإفريقية المتزايدة بتصفية الإرث الاستعماري، اتهم الرئيس إيمانويل ماكرون قبل أيام زعماء أفارقة بـ"الجحود".
هذا الهجوم أثار موجة غضب رسمية، لاسيما من تشاد والسنغال، مع اتهامات لباريس بازدراء الأفارقة وعدم امتلاكها القدرة ولا الشرعية لضمان أمن وسيادة إفريقيا.
ووفق باحث بالعلاقات الدولية، في حديث للأناضول، فإن فقدان فرنسا لمراكز النفوذ والتأثير التاريخية في إفريقيا يفسر لجوء ماكرون لنبرة تحيل إلى تاريخ فرنسا الاستعماري والاستعلائي.
ودعا الباحث الدول الإفريقية إلى الانفلات من ضغط التأثير الغربي، عبر بناء نموذج سياسي واقتصادي محلي متكامل ومتحرر من التبعية الاقتصادية ومدعوم بإرادة سياسية وديمقراطية حقيقية.
** هجوم وردود
في 6 يناير/ كانون الثاني الجاري، ادعى ماكرون، خلال اجتماع في قصر الإليزيه مع سفرائه بالخارج، أن دول إفريقيا "لم تشكر" بلاده على الدعم الذي قدمته للقارة في مكافحة الإرهاب.
واتهم زعماء أفارقة بـ"الجحود"، واعتبر أن فرنسا كانت "محقة بتدخلها عسكريا في منطقة الساحل (غربي إفريقيا) ضد الإرهاب منذ عام 2013".
وقال ماكرون إن القادة الأفارقة "نسوا أن يشكروا فرنسا على هذا الدعم، ولولا تواجدها عسكريا لما تمكن هؤلاء القادة من حكم دول ذات سيادة".
ولم تمر تصريحات ماكرون مرور الكرام، حيث ظهر ما يبدو أنه خطاب إفريقي جديد يتسم بالحدة والانتقاد.
وقال رئيس تشاد محمد إدريس ديبي، في منشور للرئاسة عبر "فيسبوك": "أود أن أعرب عن استيائي من تصريحات ماكرون، التي تصل إلى حد ازدراء إفريقيا والأفارقة".
ورأى أن "ماكرون أخطأ في فهم العصر"، ووصف قرار بلاده وضع حد للتعاون العسكري مع فرنسا بأنه "سيادي".
كما أعرب وزير خارجية تشاد عبد الرحمن كلام الله عن "قلقه العميق" حيال تصريحات ماكرون لأنها "تعكس موقف ازدراء تجاه إفريقيا والأفارقة".
ودعا كلام الله، في بيان، إلى احترام إفريقيا، وشدد على "الدور الحاسم لإفريقيا وتشاد في تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين"، وهو دور "لم تعترف به فرنسا أبدا".
وأضاف أنه "خلال 60 عاما من الوجود الفرنسي كانت مساهمة فرنسا في أحيان كثيرة مقتصرة على مصالحها الاستراتيجية، دون أي تأثير حقيقي دائم على تنمية الشعب التشادي".
كما ندد رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو بتصريحات ماكرون، وقال أيضا في بيان إنه "لولا مساهمة الجنود الأفارقة في الحرب العالمية الثانية (1939-1945) في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، ربما كانت ستبقى ألمانية إلى اليوم".
ورأى أن "فرنسا لا تمتلك القدرة ولا الشرعية لضمان أمن وسيادة إفريقيا".
"بل على العكس، ساهمت فرنسا في أحيان كثيرة في زعزعة استقرار بعض الدول الإفريقية مثل ليبيا، ما أدى إلى عواقب وخيمة على استقرار وأمن منطقة الساحل"، وفق سونكو.
وتزامن هجوم ماكرون مع تراجع نفوذ باريس في دول الساحل والصحراء، ففي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت تشاد أنها قررت إلغاء اتفاقية موقعة مع فرنسا لتعزيز التعاون في مجال الصناعات الدفاعية والأمن.
وطالبت تشاد الحكومة الفرنسية بسحب جميع قواتها من الدولة الإفريقية بحلول 31 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وقبل أشهر أنهت باريس تواجدها العسكري في مالي، بالتزامن مع إعلان النيجر وبوركينا فاسو إنهاء الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا.
كما أعلن الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي مؤخرا عزمه إغلاق القواعد العسكرية الفرنسية في بلاده.
ويتراجع نفوذ فرنسا العسكري والاقتصادي والثقافي في دول إفريقية بالتزامن مع مطالب إفريقية بتصفية الإرث الاستعماري، وفق مراقبين.
ومقابل تراجع نفوذ فرنسا، الدولة الاستعمارية السابقة، دخل فاعلون دوليون جدد إلى المنطقة، ولاسيما الصين وروسيا.
** نكسة جيوسياسية
الباحث المغربي في العلاقات الدولية إدريس قسيم قال للأناضول إن "فرنسا تواجه أكبر نكسة جيوسياسية في تاريخها المعاصر بفقدانها لمراكز النفوذ والتأثير التاريخية في القارة الإفريقية".
وتابع: "ولعل هذا يفسر لجوء ماكرون إلى لغة تحيل إلى تاريخها الاستعماري والاستعلائي، بل إن قوله إن "شكر فرنسا سيأتي في الوقت المناسب" ربما يخفي تهديدا لهذه الدول".
وأشاد بردود أفعال تشاد والسنغال، خاصة أنها "ظلت لعقود تشكل الحديقة الخلفية والعمق الاستراتيجي لفرنسا في منطقة الساحل، وترعى مصالح باريس في المنطقة".
"وفرنسا كانت تدافع عن مصالحها عبر وجودها العسكري في هذه الدول، وتشكل خط دفاع أمامي ضد التنظيمات والتهديدات الإرهابية، ولم تكن تقدم خدمة مجانية لتلك الدول كما أراد ماكرون أن يُظهر ذلك"، وفق قسيم.
ورأى أن "ردود الأفعال الإفريقية قد تعبر في ظاهرها عن نوع من الانتصار للحكم الذاتي الوطني ولخطاب جديد نابع من الخصوصية السياسية المحلية".
واستدرك: "إلا أنه يصعب عزلها عن التحولات الجيوسياسية والجيوستراتيجية في المنطقة التي تشهد انتقالا نحو دوائر النفوذ والتأثير الروسية والصينية".
** بناء نموذج جديد
واعتبر قسيم أن "الانفلات من ضغط التأثير الغربي الذي يستهدف دول المنطقة، يمر بالضرورة عبر بناء نموذج سياسي وتنموي محلي".
وتابع أن "هذا المستوى غير المألوف من الخطاب (الإفريقي)، ورد تشاد والسنغال القوي، والمواجهة السياسية مع قوة دولية مثل فرنسا، يساعد على ترسيخ وتكريس هذا النموذج".
وأردف: "إضافة إلى رمزية خطاب بعض الزعماء الأفارقة، فإنه يحيل إلى نوع من الندية وينسف سرديات النموذج الاستعماري التي ظل باستمرار مؤطرا وموجها لعلاقة فرنسا مع الدول الإفريقية".
قسيم استدرك: "غير أن التأسيس لخطاب ولغة جديدة مع فرنسا يظل غير كاف، فلابد من نموذج تنموي متكامل متحرر من التبعية الاقتصادية ومدعوم بإرادة سياسية وديمقراطية حقيقية".
وزاد بأن "هذا المبتغى وإن كانت إرهاصاته وبوادره متحققة إلى حد ما بالنسبة لبعض الدول الإفريقية مثل السنغال، إلا أنه بالنسبة لدول أخرى ربما لا يزال هدفا بعيد المنال".
"لكن هذا لا يمنع من القول إن ردود أفعال السنغال وتشاد تمثل تحولا حقيقيا، ليس فقط على مستوى المحددات أو الموجهات الكبرى للعلاقات السياسية، ولكن في مخرجات هذه العلاقة عبر لغة الرد على ماكرون"، كما استدرك قسيم.