هل أصبح الغذاء سلاحا جديدا في الصراع بالسودان؟
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
حذّر خبراء في الشأن الإنساني من احتمال لجوء الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لاستخدام الغذاء سلاحا جديدا في المعارك المستمرة منذ أكثر من 10 أشهر، بعدما اتهمت واشنطن ومنظمات دولية طرفي النزاع بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين، مما دفع الملايين إلى حافة المجاعة.
وقال برنامج الغذاء العالمي إن الغالبية العظمى من السودانيين يعانون الجوع "نتيجة استمرار الحرب في السودان لشهرها العاشر على التوالي".
وفي وقت سابق، أشارت الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف السودانيين البالغ عددهم أكثر من 48 مليون نسمة، أي نحو 25 مليون شخص باتوا يحتاجون إلى المساعدة، بينهم 18 مليون يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد. ومن بين هؤلاء "قرابة 5 ملايين على شفا الكارثة"، وهو ثاني أسوأ تصنيف يعتمده برنامج الأغذية العالمي لحالات الطوارئ بعد تصنيف المجاعة.
منسيون بالمخيمات
من جهته، يقول الناطق باسم منسقية النازحين واللاجئين في دارفور آدم رجال إن "النازحين بالمخيمات في الإقليم منسيون ما بين الموت بالجوع وبين استهداف أطراف الحرب".
ويكشف رجال -في تصريح للجزيرة نت- عن أن حالات سوء التغذية الحادة متصاعدة في المخيمات، مما يهدد حياة مئات الآلاف، ويطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإغاثة النازحين.
ويضيف أن "الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع تسببت في إيقاف حصص الغذاء التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي"، فضلا عن توقف المهن الهامشية التي كانت توفر للنازحين دخلا محدودا لتغطية بعض تكاليفهم المعيشية.
نحو 18 مليون شخص في أنحاء السودان يعانون الجوع الحاد (رويترز) تقييد المساعداتوأعربت الولايات المتحدة عن قلقها العميق إزاء قرار القوات المسلحة السودانية بحظر المساعدات الإنسانية عبر الحدود من تشاد وعرقلة وصول المساعدات إلى المجتمعات المحلية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وجددت الخارجية الأميركية -في بيان يوم الجمعة الماضي- قلقها من قيام قوات الدعم السريع بنهب المنازل وكذلك الأسواق ومستودعات المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ومن قيام كلا الجانبين بمضايقة العاملين في المجال الإنساني وعرقلة إيصال المساعدات المنقذة للحياة.
في المقابل، رفضت وزارة الخارجية السودانية ما وصفتها بـ"الاتهامات الباطلة" التي تضمنها بيان الخارجية الأميركية الذي يتهم حكومة السودان بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في البلاد.
وقالت الخارجية السودانية -في بيان- أمس السبت إنها تستغرب ما جاء في بيان الخارجية الأميركية، وأوضحت أن البيان الأميركي تجاهل كون المليشيات تنتشر على الحدود السودانية التشادية، و"هي المعبر الأساسي للأسلحة والمعدات التي تستخدمها المليشيا لقتل الشعب السوداني".
وانتقدت ما وصفته بـ"مواقف الإدارة الأميركية المترددة تجاه تنصل المليشيات من إعلان جدة، وعدم اتخاذها خطوات حاسمة حيال فظائع المليشيا منذ ذلك الوقت، ورسائلها المتناقضة بهذا الصدد".
الخارجية السودانية ترفض الاتهامات الأمريكية ضد القوات المسلحة
قالت #وزارة_الخارجية أن البيان رغم أنه تضمن أن المليشيا تنهب البيوت والأسواق ومستودعات المساعدات الغذائية في المناطق التي تسيطر عليها، فإنه يلوم القوات المسلحة على عدم وصول المساعدات إلى تلك المناطق! pic.twitter.com/mbHuph35zL
— التغيير الالكترونية (@altaghyeersudan) February 24, 2024
تبرير حكوميفي المقابل، نفت قوات الدعم السريع في وقت سابق عرقلة توصيل المساعدات الإنسانية، وقالت إنها طرحت خلال مفاوضات جدة مع الجيش السوداني توصيل المساعدات إلى إقليم دارفور عبر تشاد واستخدام مطارات الإقليم التي تسيطر عليها في نقل الإغاثة، لكن الجيش رفض ذلك، على حد قولها.
وأوضح مسؤول عسكري في الجيش أنهم لم يرفضوا نقل الإغاثة من الخارج، لكنهم طالبوا بتنفيذ "إعلان جدة" للمبادئ الإنسانية. وحمّل "المليشيا المتمردة" مسؤولية تجويع المواطنين ليس في المناطق المتأثرة بالمعارك بل في الولايات الآمنة، بإغلاق الطرق ونهب قوافل المساعدات والشاحنات التي تحمل السلع والمواد التموينية، مما أدى إلى توقف حركة التجارة وتعذر الحصول على الغذاء، حسب قوله.
وقال المسؤول العسكري -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- للجزيرة نت إن "المليشيا المتمردة تريد استخدام المطارات التي تسيطر عليها في دارفور للإمداد العسكري ونقل المرتزقة من الخارج، وليس استخدامها للمساعدات الإنسانية"، مؤكدا أن الجيش لن يسمح بنقل الإغاثة عبر الحدود من الخارج إلا بضمانات، حتى لا تستغل في دعم "المليشيا المتمردة" كما حدث في عملية "شريان الحياة"، التي أطلقتها الأمم المتحدة لإغاثة جنوب السودان خلال مرحلة الحرب الأهلية في عقد الثمانينيات.
واتهم المسؤول "المليشيا المتمردة" بنهب مستودعات الأغذية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي في الأبيض وود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، وقال إنها حاصرت المواطنين في عدة أحياء بالخرطوم ومنعت وصول الغذاء والدواء إلى أن طردهم منها الجيش في أم درمان.
سلاح الغذاءويرى الباحث في جامعة أفريقيا العالمية بالسودان عبد القادر حسن أن "الغذاء بات سلاحا جديدا في حرب السودان"، حيث يسعى كل طرف لقطع إمداد الغذاء عن الطرف الآخر لممارسة ضغوط عليه وإضعافه.
وفي حديث للجزيرة نت يوضح حسن، الذي عمل في بعثة الأمم المتحدة بالخرطوم وحاليا لديه منظمة سودانية باسم "وعد"، أن هناك حلقة مفقودة في توصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين في مناطق الاشتباكات، حيث كان من المفترض أن يُوَقَّع اتفاق بين طرفي المعارك والأمم المتحدة لضمان عدم استغلال المساعدات الإنسانية من أي طرف.
ويضيف أن نقل الإغاثة عبر الحدود من خارج البلاد ممكن في حال تشكيل فريق من الأمم المتحدة وطرفي الصراع وتفتيشها، حتى لا تشمل أي مواد يمكن استخدامها عسكريا أو التحكم فيها من قبل الطرف الذي توزع في مناطق سيطرته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة الملیشیا المتمردة التی تسیطر علیها وصول المساعدات الأمم المتحدة الدعم السریع فی المناطق
إقرأ أيضاً:
«القاهرة الإخبارية»: نقص الغذاء أجبر بعض المخابز على الإغلاق في غزة
مازال الجوع يحاصر الفلسطينيين في أنحاء غزة مع شح المساعدات التي تمنع إسرائيل دخولها إلى القطاع في طوابير يومية طويلة يتدافع مئات الفلسطينيين أمام المخابز بغزة وربما يقضي بعضهم الليل في العراء انتظارًا وأملاً في الحصول على القليل من الخبز لإطعام عائلتهم التي انهكها الجوع.
وعرضت قناة القاهرة الإخبارية تقريرًا بعنوان «الجوع يحاصرهم بسبب شح المساعدات.. النازحون الفلسطينيون يعانون في غزة من حصار جيش الاحتلال».
نقص الغذاء أجبر بعض المخابز على الإغلاق في وسط وجنوب غزةوذكر التقرير: نقص الغذاء أجبر بعض المخابز على الإغلاق في وسط وجنوب غزة، ففي دينة دير البلح وسط القطاع حيث يعيش مئات الآلاف من النازحين في خيام بائسة أغلقت المخابز المحلية أبوابها لمدة 5 أيام هذا الأسبوع بسبب شح المساعدات ما أدى إلى ارتفاع سعر كيس الخبز إلى أكثر من 13 دولارًا وهذا مبلغ ضخم بالنسبة لمنطقة فقيرة غالبية سكانها من دون دخل منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع في أكتوبر من العام الماضي.
وأضاف التقرير، أن كمية الغذاء التي سمحت إسرائيل بإدخالها إلى غزة خلال الأسابيع الـ7 الماضية انخفضت لتقترب الآن من أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب.