أظهرت دراسة أميركية حديثة أن نوعا من خلايا المناعة قد يحسن الصحة من خلال القضاء على الخلايا الهرمة المرتبطة بالأمراض.

وأجرى الدراسة باحثون من مركز "ميموريال سلون كيترنج للسرطان" (Memorial Sloan Kettering Cancer Center) بالتعاون مع باحثين من مختبر "كولد سبرينج هاربور" (Cold Spring Harbor Laboratory) في الولايات المتحدة، ونشرت في مجلة "نتشر أيجنج" (Nature Aging)، وكتب عنها موقع "يوريك أليرت "(EurekAlert).

وأجريت الدراسة على الفئران. وتعرف الخلايا المعنية باسم الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الخيمرية (Chimeric antigen receptor (CAR) T cells).

وتساعد الخلايا "التائية" في تنسيق الاستجابة المناعية في الجسم، وهي تقوم بقتل الكائنات الممرضة بشكل مباشر. قام الباحثون بهندسة هذه الخلايا لتصبح علاجا حيا. منذ العام 2017 قامت منظمة الغذاء والدواء الأميركية بالموافقة على 6 علاجات مناعية تنتمي لهذه العائلة تستخدم في علاج سرطانات مختلفة.

يتم جمع الخلايا التائية من المريض ومن ثم يعاد هندستها في المختبر ليتم إنتاج بروتينات تظهر على سطح هذه الخلايا تسمى مستقبلات المستضدات الخيمرية أو ما يعرف اختصارا بـ(CARs). يتم تكثير هذه الخلايا في المختبر ليصبح تعدادها بالملايين ثم يتم حقن المريض بها وإذا سارت الأمور على ما يرام فإن هذه الخلايا تتضاعف داخل الجسم وتقوم بالتعرف على الخلايا غير السليمة من خلال المستقبل الذي تم تطويره على سطحها ومن ثم تقوم بقتلها.

نقلت الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الخيمرية علاج سرطانات الدم نقلة نوعية خلال السنوات السابقة. وقد ظهر عدد من المؤشرات الإيجابية لإمكانية تسخير هذا الدواء الحي لعلاج أمراض أخرى مثل اضطرابات المناعة الذاتية.

ماذا وجدت الدراسة؟

وجد العلماء من خلال هذه الدراسة أن استخدام هذه الخلايا يحمل بريق أمل لعلاج الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.

خلايا الشيخوخة هي خلايا مدمرة وضعت نفسها في حالة تأهب وانطفاء فقد توقفت عن الانقسام وبدأت بإطلاق نداء استغاثة للخلايا المناعية في الجسم. هذا الوضع يساعد على المدى القصير لا سيما في حالة التئام الجروح أو لمنع تكاثر الخلايا في حالة أمراض السرطان، ولكنه على المدى البعيد يؤدي إلى حدوث التهاب مزمن مرتبط بتراكم الخلايا الهرمة مع تقدم العمر.

أظهرت دراسات سابقة أن خلايا الشيخوخة تحمل على سطحها بروتينا مميزا لا يظهر على أسطح الخلايا الأخرى. البروتين المسمى مستقبل منشط البلازمينوجين يوروكيناز (urokinase plasminogen activator receptor) (uPAR) هو البروتين المميز الذي يظهر على أسطح الخلايا الهرمة والذي سيصبح هدفا للخلايا التائية المعدلة.

وقد تمكن الباحثون من خلال التجارب من إثبات أن الخلايا تزيد من إظهار هذا البروتين على سطحها مع تقدمها في العمر وأنها تسهم بشكل كبير بإحداث خلل مرتبط بالعمر في أنسجة الجسم.

قام العلماء بضخ الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الخيمرية المصممة لاستهداف الخلايا الهرمة، وقد عمل هذا على تحسين وظائف الأيض في خلايا الفئران الهرمة أو الفئران التي أعطيت وجبات غذائية تحتوي على نسبة عالية من الدهون. بالإضافة إلى ذلك فإن إعطاء جرعة واحدة من هذه الخلايا منع حدوث هبوط في وظائف الأيض (وهي عمليات البناء والهدم في الجسم، والأيض الجديد يرتبط بالصحة) في خلايا الفئران الشابة وفق لنتائج الدراسة.

قام الباحثون في هذه الدراسة بإطعام فئران المختبر الصغيرة وجبات تحتوي على نسبة عالية من الدهون لمدة شهرين مما جعل الفئران بدينة وتسبب بإجهاد أيضي لديها. بعد أن تم ضخ العلاج الحي (CAR T cells) انخفض وزن الفئران وتحسنت مستويات الجلوكوز في دمهم أثناء الصيام، وقد تحسن أيضا تحملهم للإنسولين والجلوكوز على الرغم من بقائهم على الحمية العالية الدهون.

بالإضافة إلى ذلك فقد انخفض عدد خلايا الشيخوخة في البنكرياس والكبد والأنسجة الدهنية بالمقارنة مع الفئران الذين لم يتلقوا العلاج الحي. نتائج إيجابية مشابهة ظهرت لدى الفئران الأكبر عمرا الذين تلقوا العلاج.

أما الفئران الأكبر عمرا الذين تلقوا العلاج فقد تحسنت صحتهم لدرجة جعلتهم يستغرقون وقتا أطول للوصول لمرحلة الإنهاك بعد التمارين الرياضية. لم يظهر لدى الفئران أي مؤشرات على وجود آثار جانبية للعلاج.

يشير الدكتور أمور فيغاس الباحث المشارك في هذه الدراسة إلى أن الخلايا التائية تتذكر وتبقى في الجسم لفترة طويلة مما يجعلها مختلفة كعلاج عن الأدوية الكيميائية.

علاج لمرة واحدة

بعض المرضى يعانون من أمراض تستدعي عدة جرعات، وهذا العلاج يعطيهم الفرصة لتلقي العلاج مرة واحدة والبقاء بصحة جيدة لعدة سنوات لاحقة.

ويجب أن يجرى المزيد من الأبحاث لمعرفة إذا ما كانت هذه المقاربة قادرة على زيادة العمر الافتراضي الذي تقضيه الفئران بصحة جيدة ودون أمراض.

وأشار كبير الباحثين في هذه الدراسة ورئيس برنامج بيولوجيا السرطان في معهد سلون كترينج الدكتور سكوت لوي إلى أن العلماء لا يزالوا يتعلمون المزيد عن الشيخوخة على المستوى الخلوي وأن الأمر سيستغرق بعض الوقت.

يعاني الإنسان من عدد من الامراض المرتبطة بالشيخوخة والتي من الممكن أن تساعد في شفائها هذه المقاربة الجديدة مثل الانسداد الرئوي الحاد والتهاب الكبد الدهني غير الكحولي وبعض الأمراض العصبية التنكسية.

وقد أشار الدكتور لوي إلى أن ما يخطر في بالك عند سماع العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدات الخيمرية هو السرطان، ولكن استخدام هذه المقاربة في هندسة الخلايا المناعية لعلاج الأمراض يحمل أفقا أوسع مما نتصور.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذه الدراسة هذه الخلایا فی الجسم من خلال

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف تأثير النظام الغذائي على صحة الدماغ

أوضحت نتائج دراسة أجراها باحثون من معهد غلين بيغز لمرض ألزهايمر والأمراض العصبية التنكسية في جامعة تكساس للصحة في سان أنطونيو بالتعاون مع كلية الطب بجامعة بوسطن أن ارتفاع درجات مؤشر الالتهاب الغذائي (DII) يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف بأنواعه المختلفة، بما في ذلك مرض ألزهايمر. 

وكشف الباحثون ـنه بحلول عام 2050 من المتوقع أن يصل عدد المصابين بالخرف إلى 152 مليون حالة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، ما يضع ضغطا متزايدا على الأنظمة الصحية حول العالم.

ولإجراء الدراسة استخدم الباحثون بيانات من مجموعة فرامينغهام للقلب لتحليل العلاقة بين النظام الغذائي ومعدلات الإصابة بالخرف وتشخيصات مرض ألزهايمر لـ  1487 مشاركا تتراوح أعمارهم بين 60 عاما أو أكثر، وكانوا جميعا خاليين من الخرف في بداية الدراسة. 

وجمع الباحثون خلال مدة الدراسة المحدةة البيانات الغذائية من استبيانات تواتر الطعام (FFQs) التي تم إجراؤها خلال 3 دورات فحص بين عامي 1991 و2001.

وتم حساب درجات DII بناء على 36 مكونا غذائيا، صُنّف بعضها كمكونات مضادة للالتهابات (مثل الألياف والفيتامينات A وC وD وE، وأحماض أوميغا 3 الدهنية)، بينما صُنّف البعض الآخر كمكونات محفزة للالتهابات (مثل الدهون المشبعة والكربوهيدرات المكررة).

وتوصل الباحثون إلى أن مع كل زيادة في درجة DII، ارتفع خطر الإصابة بالخرف بنسبة 21% وعند تقسيم المشاركين بناء على درجات DII الخاصة بهم، تبين أن أولئك الذين يتبعون أنظمة غذائية محفزة للالتهابات كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 84% مقارنة بالأفراد الذين يتبعون الأنظمة الغذائية المضادة للالتهابات.

ودعمت نتائج هذه الدراسة قول أن الالتهاب الناتج عن النظام الغذائي يساهم في العمليات العصبية التنكسية، من خلال تأثيره على مسارات الالتهاب الجهازية .

وتشير النتائج إلى أن التدخلات الغذائية التي تركز على الأطعمة المضادة للالتهابات قد تساهم في تقليل خطر الخرف. كما يمكن أن تساعد في تطوير استراتيجيات غذائية مستهدفة لتحسين صحة الدماغ والوقاية من الخرف، وخاصة في الفئات المعرضة للخطر.

مقالات مشابهة

  • دراسة: الفن مفيد للصحة
  • فوائد مذهلة لوصفة سحرية قبل النوم.. تحميك من البرد وتقوي المناعة
  • دراسة تكشف تأثير النظام الغذائي على صحة الدماغ
  • اكتشاف علاج لتساقط الشعر والصلع الوراثي
  • عضلة صغيرة في الجسم قد تتنبأ بخطر الإصابة الخرف
  • 7 وسائل وقاية ولحماية جهازك المناعي فى الشتاء.. تعرف عليها
  • قد لا تصدقها… 7 طرق لتقوية جهازك المناعي فى الشتاء
  • 7 أطعمة شتوية تعزز مناعتك في الشتاء
  • دراسة تكشف: ما يقرب من نصف الأفارقة يفكرون في الهجرة
  • فريق بحثي: جزيء محوري قد يلعب دورًا في إبطاء عملية الشيخوخة