للمرة الثانية، أصدرت محكمة تونسية بحق الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، حكما غيابيا بالسجن مدة 8 سنوات نافذة في تهم تتعلق بتدبير الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض.
المرزوقي الذي انتخبه المجلس الوطني التأسيسي، الذي هيمن عليه إخوان تونس، رئيسًا للفترة الانتقالية في ديسمبر 2011 حتى العام 2014، والذي فشل في إقناع الناخب التونسي في اختياره في انتخابات 2019، أصبح شغله الشاغل هو الهجوم على الحكومة التونسية والرئيس التونسي قيس سعيد، كما هاجم الإعلام والقضاء التونسي، خاصة بعد قرارات 25يوليو/جويلية التي أنهت استحواذ حركة النهضة الإخوانية على مفاصل ومؤسسات الدولة، ليتحول بعدها المرزوقي إلى "بوق إخواني" أو واجهة إعلامية دائمة الظهور في المنصات الإعلامية والبرامج التلفزيونية لمواصلة فقرات هجومه على الحكومات العربية وخاصة التي تتخذ موقفا حازما ضد جماعة الإخوان الإرهابية.


بعد خسارته في الانتخابات أمام الرئيس الحالي، وخروجه من الجولة الأولى، استقر المرزوقي في باريس، وحاول من خلال اللقاءات والمؤتمرات الصحفية التحريض ضد الشأن التونسي الخارجي، واصفا قرارات 25يوليو/جويلية بالانقلاب، واتهم الرئيس المنتخب ديمقراطيا بأنه فاقد للشرعية، كما تباهى المرزوقي بكونه تسبب في تعطيل عقد القمة الفرنكوفونية التي كان من المزمع عقدها في تونس نوفمبر 2021.
في أكتوبر2021، أصدر الرئيس قيس سعيد قرارا بسحب جواز السفر الدبلوماسي من المرزوقي في إطار سعيه للتحريض ضد تونس، ومحاولة التأثير على قرار بعض الدول الأوروبية التي تتجه للتقارب مع تونس، وفي نوفمبر2021 أصدر قاضي التحقيقات التونسي مذكرة دولية لجلب المنصف المرزوقي للتحقيق معه في ما نسب إليه من تصريحات مسيئة ضد بلاده، وما يقوم به من توجهات تهدد مصالح تونس في الخارج.
ورفضت نقابة السلك الدبلوماسي التونسي، آنذاك، تصريحات "المرزوقي" التي حرض فيها سلطات دولة أجنبية على اتخاذ تدابير عقابية ضد بلاده والسعي لإفشال القمة الـ50 لمنظمة الفرنكفونية، ووصفت تحركاته بـ"الأفعال اللاوطنية".
وفي ديسمبر 2021، قضت محكمة تونسية بسجن المرزوقي لمدة 4 أعوام نافذة في تهم الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وإجراء اتصالات بموالين لدولة أجنبية، بغرض الإضرار بحالة تونس من الناحية الدبلوماسية. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها بحقه حكما بالإدانة فيما يقوم به من تحريض خارجي.
ركز المرزوقي دوره في الخارج على عقد مؤتمرات صحفية أو المشاركة في محاضرات جامعية، وأيضا المشاركة في مهرجانات ثقافية، من أجل استغلال أي فرصة لتوجيه الرأي الدولي ضد تونس، ففي أكتوبر 2023 شارك المرزوقي ضمن مهرجان ثقافي تقيمه جمعية هندية تدعو للسلام، بالولايات المتحدة الأمريكية، وفي كلمته أبدى المرزوقي تطلعه لكسب التأييد الأمريكي من أجل قيامه بتنشيط ما وصفه بـ "موجة ثانية من الربيع العربي" وكأنه يبحث عن فرصة ثانية خاصة بعدما استفاقت عدة دول عربية ولفظت جماعة الإخوان الإرهابية التي مثلت اليد المنفذة للمخططات التدميرية الخارجية.
يشار إلى أن الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس  قضت غيابيا بالسجن مدة ثمانية أعوام مع النفاذ العاجل في حق الرئيس الأسبق للجمهورية المنصف المرزوقي وفق ما أكده محمد زيتونة الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس. 
وأضاف "زيتونة" بأنه وأثر تصريحات أدلى بها المتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بفتح بحث تحقيقي ضده من أجل تهم تتعلق بتدبير الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض بواسطة السلاح والدعوة إلى ارتكاب أعمال القتل والسلب على التراب التونسي حسب منطوق الفصل 72 من المجلة الجزائية.
وأضاف أنه تم توجيه هذه التهم للمرزوقي، على أثر تداول شبكات التواصل الاجتماعي لخطاب له في اطار ندوة تم تنظيمها بالخارج، حرض خلالها المتهم مؤسسات الدولة على الخروج والتحرك لقلب نظام الدولة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المنصف المرزوقي إخوان تونس محكمة تونسية قيس سعيد

إقرأ أيضاً:

ما أوضاع المساجين السياسيين في تونس؟

تونس- ندّد سياسيون وحقوقيون بتدهور الوضع الصحي لعدد من الموقوفين في قضايا رأي وملفات سياسية مرتبطة بما يسمى "التآمر على أمن الدولة"، معتبرين ذلك انتهاكا صارخا لحقوقهم الأساسية ومصدر قلق متزايد بشأن أوضاعهم داخل السجون التونسية.

كما أعربوا عن خشيتهم من سعي السلطة للتعتيم على محاكمة الموقوفين ومنع وسائل الإعلام من تغطيتها وإطلاع الرأي العام على مجرياتها. وبينما يطالب البعض بمقاطعتها دعا آخرون إلى محاكمات عادلة أمام الرأي العام تحترم حقوق الدفاع.

وقبل أيام، نددت نقابة الصحفيين التونسيين بتدهور صحة الصحفي محمد بوغلاب، الموقوف منذ مارس/آذار 2024 في قضايا رأي أغلبها مرتبطة بالمرسوم (54)، الذي يعتبره مراقبون وسيلة للتضييق على حرية التعبير لا لمكافحة الأخبار الزائفة.

احتجاجات سابقة لإطلاق سراح المساجين السياسيين في العاصمة تونس (الجزيرة) معاناة صحفيين

وقالت النقابة إن بوغلاب البالغ من العمر 61 عاما، يعاني من تدهور صحي خطير داخل السجن نتيجة إصابته بالسكري، مما أثر على بصره. وبحسب المقربين منه فإن نسبة الإبصار في عينه اليمنى أصبحت "شبه منعدمة".

وحذرت النقابة من تدهور الحالة الصحية للصحفية شذى بالحاج مبارك، التي تعاني من مرض الكلى ومن تضرر سمعها. وتم احتجازها في القضية المعروفة إعلاميا باسم "أنستالينغو" منذ أغسطس/آب 2024.

ويقبع في السجون -منذ أشهر- 5 صحفيين هم محمد بوغلاب وشذى الحاج مبارك ومراد الزغيدي، إضافة إلى المنشط الإذاعي برهان بسيس والمعلقة الإذاعية والمحامية سنية الدهماني، وسط دعوات لوقف الملاحقات ضدهم وإطلاق سراحهم.

إعلان

وفي ظل هذه الأوضاع، يؤكد مراقبون أن قائمة المسجونين الذين يعانون من تدهور صحي داخل السجون التونسية طويلة وتشمل شخصيات سياسية وصحفيين ونشطاء من المجتمع المدني يواجهون أوضاعا صعبة "دون رعاية طبية كافية".

ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيد عن التدابير الاستثنائية وتوليه السلطة بشكل كامل، شنّت السلطات الأمنية اعتقالات شملت صحفيين وحقوقيين وسياسيين من مختلف التوجهات، مما أثر بشكل كبير على واقع الحريات.

سياسة تنكيل

وحول تردي الوضع الصحي لعدد من المساجين، يقول القيادي بحزب التيار الديمقراطي المعارض هشام العجبوني في تصريح للجزيرة نت إن "استمرار سجن المعارضين والصحفيين والنشطاء رغم معاناتهم الصحية يأتي في إطار التنكيل بهم".

وتطرق إلى وضعية رئيسة "هيئة الحقيقة والكرامة" سهام بن سدرين، التي تدهورت حالتها الصحية بسبب خوضها إضرابا عن الطعام منذ أسبوعين إلى درجة إدخالها غرفة الإنعاش، ورغم ذلك مدد قاضي التحقيق احتجازها 4 أشهر إضافية.

وقال أعضاء لجنة الدفاع عن سهام بن سدرين، للجزيرة نت، خلال وقفة احتجاجية مؤخرا أمام وزارة العدل، إن اعتقالها يأتي على خلفية نشاطها على رأس الهيئة التي فضحت تجاوزات منظومة الاستبداد والفساد قبل ثورة 2011.

كما أشار العجبوني إلى رئيسة منظمة "تونس أرض اللجوء" شريفة الرياحي، الموقوفة منذ نحو 8 أشهر على ذمة التحقيق على خلفية عملها في مجال حماية اللاجئين، مستنكرا إيداعها السجن بتهم واهية رغم أنها أم لرضيع في عمر الشهرين.

واعتقلت السلطات الأمنية عددا من النشطاء الذين يعملون في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين عقب تصريحات أطلقها الرئيس الحالي قيس سعيد في فبراير/شباط 2023 بشأن ارتفاع تدفق المهاجرين من جنوب الصحراء باتجاه تونس.

عدد كبير من المعارضين السياسيين المعتقلين يواجهون تهمة التآمر على أمن الدولة (الجزيرة) إيقاف تعسفي

ورفع العجبوني علامات استفهام وحيرة حول المعايير القانونية التي يتم بها اتخاذ قرارات الاحتجاز، مستنكرا ما اعتبره تعسفا بإصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق شخصيات سياسية ومدنية لا تشكل أي خطر.

إعلان

ويؤكد أنه حضر بعض المحاكمات لإعلاميين موقوفين على غرار المحامية والمعلقة الإذاعية سنية الدهماني، مؤكدا للجزيرة نت أن "ملفاتها القضائية خالية من أي أدلة تدينها، لكن رغم مرافعات المحامين وحججهم تتم إدانتها".

وحكم على الدهماني 8 أشهر بعدما تمت إدانتها إثر تعليقات ساخرة انتقدت فيها الوضع العام بالبلاد. وقبل أيام خفضت محكمة الاستئناف ضدها حكما من عامين إلى عام ونصف سجنا بتهمة ترويج أخبار زائفة على شبكات التواصل.

وأفاد العجبوني بأنه سيوجه رسالة مفتوحة لدعوة فريق الدفاع عن المساجين من أجل مقاطعة محاكمتهم التي يعتبرها جائرة ولا تتوافر فيها شروط المحاكمة العادلة، قائلا "لا يجب إعطاء أي شرعية للأحكام التي ستصدر".

أوضاع متدهورة

بدورها، تقول المحامية دليلة بن مبارك مصدق، عضوة هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين للجزيرة نت، إن العديد منهم يعانون من أوضاع صحية متدهورة بالسجون نتيجة تردي الأوضاع بالسجن أو نتيجة أمراض مزمنة.

وتطرقت إلى وضعية القيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، الذي يقبع بالسجن بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، مفيدة أنه يعاني من سرطان في الحنجرة، فضلا عن اكتشاف ورم جديد لم يحدد نوعه بعد نقله للمستشفى قبل فترة.

وتضيف بن مبارك وهي شقيقة القيادي بجبهة الخلاص المعارضة جوهر بن مبارك، الموقوف بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، أن هناك استجابة من إدارة السجون لنقل المساجين المرضى للمستشفى لكنها تبقى متأخرة بسبب الإجراءات.

وتطرقت كذلك إلى تدهور الوضع الصحي للناشط السياسي خيام التركي، الموقوف على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة بسبب معاناته من التهاب في أوتار الكتف والرقبة بسب ارتفاع نسبة الرطوبة في السجن، وفقا لتصريحاتها.

وتؤكد للجزيرة نت أن العديد من المساجين السياسيين المحتجزين في قضايا "التآمر على أمن الدولة" يعانون من أمراض مزمنة كالسكري وضغط الدم وأمراض المعدة في حين يستغرق نقلهم للمستشفيات وقتا طويلا بسبب طول الإجراءات الأمنية.

إعلان ظروف الاعتقال

وبشأن زيارة الموقوفين داخل السجون، تقول بن مبارك إن عائلات المساجين عادوا لزياتهم بشكل طبيعي على إثر تعطيلات سابقة، لكنها أشارت إلى الإرهاق الذي تكابده هذا العائلات بسبب طول الانتظار والاكتظاظ داخل السجون.

ووفق تصريحاتها تم تصنيف الموقوفين في قضايا التآمر على أمن الدولة "إرهابيين"، مما حرمهم من دخول مكتبة السجن ومنعهم من الزيارات المباشرة لذويهم ما عدا الزيارات التي تتم عبر بلور عازل، كما تم منعهم من كتابة الرسائل أو تسلمها.

من جهة أخرى، عبرت عضوة لجنة الدفاع عن المساجين عن قلقها من توجه السلطة للتعتيم على محاكمتهم وتنظيمها عن بُعد دون السماح لوسائل الإعلام بتغطيتها ونقل مجرياتها للرأي العام، قائلة إن "تم ذلك، فهو خرق صارخ لشفافية المحاكمة".

وستنطلق أولى جلسات محاكمة العشرات من السياسيين الموقوفين فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة يوم 4 مارس/آذار 2025. وتقول دليلة مصدق إن توجه السلطة لمحاكمتهم بشكل غير علني "دليل على خوفها من اكتشاف أراجيفها.

وصفت مصدق قضية التآمر المرفوعة ضدهم بـ"المفبركة" والقائمة على وشايات كاذبة من مخبرين اثنين، مؤكدة أن الهدف من تحريك هذه القضية هو "إسكات صوت المعارضين وترهيبهم".

ووفقا لها، فإن تحريك القضية كان هدفه إزاحة المعارضين من طريق الرئيس سعيد في الانتخابات الرئاسية الماضية، وقالت إن "أصواتهم كانت مزعجة وعالية للتنديد بانقلابه على الديمقراطية في 25 يوليو/تموز 2021".

مقالات مشابهة

  • ننشر حيثيات معاقب موظف بالسجن المشدد 10 سنوات
  • حيثيات معاقبة موظف بالسجن المشدد 10 سنوات بسبب الرشوة
  • السجن المُشدد 5 سنوات عقوبة الاستغلال التجاري للأطفال طبقًا للقانون
  • إدانة برلماني عن البام بالسجن ثلاث سنوات في قضايا تبديد المال العام
  • المشدد 6 سنوات لعاطلين بحوزتهما 12 كيلو حشيش في الأميرية
  • المشدد 6 سنوات لعاطلين لحيازتهما 12 كجم حشيش
  • ما أوضاع المساجين السياسيين في تونس؟
  • الترجي التونسي يعلن التعاقد مع لاعبين جديدين.. تفاصيل
  • القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
  • تلميحات غير أخلاقية.. نص حيثيات الحكم على منى فاروق بالسجن 3 سنوات