شيئا فشيئا تتعاظم التأثيرات السلبية للاشتباكات المنضبطة الدائرة في جنوب البحر الأحمر بين الحوثيين ومن ورائهم إيران من جهة، وبين الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، من جهة أخرى، إذ تُلقي هذه الاشتباكات بظلالها القاتمة على مستقبل السلام في اليمن وعلى قدرة بلدين مركزيين في المنطقة، هما السعودية ومصر، في ممارسة دورهما القيادي وتعاملهما مع النتائج الأكثر سوءا لتلك الاشتباكات على المستويين الجيوسياسي والاقتصادي.



بالنسبة لليمن بدا المبعوث الأمريكي تيموثي ليندركينغ أكثر تشاؤما حيال جهود وقف إطلاق النار، التي يذهبُ، على غير عادته، إلى تأكيد أنها توقفت، بسبب الحوثيين، في توجه فُهم منه أن الرجل، الذي أدمن التعامل مع إيران ومع وكلائها في المنطقة، يُكثف من الرسائل التحذيرية التي لا تزال تكشف عن حرص كبير جدا من جانب واشنطن على الدور الموكل للحوثيين في اليمن، بدليل أنه أعطى الحوثيين المجال للتحلل من التصنيف الأمريكي لجماعتهم ضمن المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وزير الخارجية السعودي أفاد في تصريحات تلفزيونية بأن خارطة الطريق التي تشرف عليها الأمم المتحدة وصلت إلى النهاية أو كادت، وأن الأطراف اليمنية توشك على التوصل إلى اتفاق تباركه بلاده.. تصريح قد لا يحمل ردا على تصريحات ليندر كينغ، بقدر ما يعبر عن الأولويات السعودية، وعن رغبتها المثيرة للاستغراب في تمييز نفسها عن المواجهات الدائرة في جنوب البحر الأحمر، أسوأ ما قد تنتجه الخطة الأمريكية للاشتباك غير واضح المعالم، في جنوب البحر الأحمر، لن يتوفق على المخاطر المحدقة بمستقبل السلام في اليمن، بل تعداها لينال بشكل فوري من المكانة المركزية لأكبر بلدين عربيين هما: السعودية ومصروالمضي قدما نحو الوقف الشامل لإطلاق النار في اليمن، بعد أن دُفعت إليه قبل عامين بفعل الضغط الهائل الذي مارسه الرئيس الأمريكي جو بايدن على الرياض، مدفوعا بالتباين الحاد بينه وبين سلفه الرئيس دونالد ترامب الذي انتهج سياسة منفتحة وودية تجاه المملكة العربية السعودية وفتح لها مخازن السلاح.

وحاليا تبدو السعودية متأنية تجاه إطلاق أحكام غير محسوبة تجاه ما يقوم به الحوثيون وإيران في جنوب البحر الأحمر، وهي سياسة تبدو الرياض مضطرة إليها، في ظل موقفها الذي لم يتجاوز حدود التصريحات حيال ما يجري من أعمال إبادة إسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولأنها تعلم حقيقة موقف إدارة بايدن غير العدائي تجاه إيران وحلفائها ووكلائها في المنطقة.

لذلك فإن أسوأ ما قد تنتجه الخطة الأمريكية للاشتباك غير واضح المعالم، في جنوب البحر الأحمر، لن يتوفق على المخاطر المحدقة بمستقبل السلام في اليمن، بل تعداها لينال بشكل فوري من المكانة المركزية لأكبر بلدين عربيين هما: السعودية ومصر.

البلدان بدءا بدفع الكلف الباهظة؛ نتيجة التكريس المتعمد للحوثيين طرفا نديا للقوى العظمى، عبر دورهم في مهاجمة السفن وتحمل ردات الفعل الأمريكية والبريطانية، التي شملت مئات الضربات الجوية والصاروخية، دون أن يؤثر ذلك في جهدهم العسكري المتواصل، على الأقل وفقا لما تكشف عنه تصريحات الجماعة، والبيانات الصادرة عن الجانب الغربي.

فالسعودية تواجه على ما يبدو صعوبة في ترويض جماعة الحوثي وحليفها الإيراني القوي، رغم التصريحات المتفائلة لوزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان. إذ أن النتائج الظاهرية تشير إلى أن الحوثيين سيخرجون من معركتين شاملتين، الأولى مع التحالف العربي بقيادة السعودية والثانية مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة، بمكانة جيوسياسية وموارد تسليحية، واستحقاق للنفوذ في أهم منطقة حيوية بالنسبة للعالم وهي البحر الأحمر.

نتيجة كهذه سوف تُصعِّب إلى حد كبير من وصول السعودية إلى أهدافها المريحة التي كانت قد ضمنتها من خلال المقايضة السياسية مع الحوثيين، ومفادها الدفع بالحوثيين إلى المضي في طريق المحادثات مع الطرف اليمني الآخر (السلطة الشرعية) برعاية سعودية، ومن ثم التحلل من أعباء تدخلها العسكري في اليمن
ونتيجة كهذه سوف تُصعِّب إلى حد كبير من وصول السعودية إلى أهدافها المريحة التي كانت قد ضمنتها من خلال المقايضة السياسية مع الحوثيين، ومفادها الدفع بالحوثيين إلى المضي في طريق المحادثات مع الطرف اليمني الآخر (السلطة الشرعية) برعاية سعودية، ومن ثم التحلل من أعباء تدخلها العسكري في اليمن.

أما مصر، واستنادا إلى تصريحات رئيسها عبد الفتاح السيسي، فقد فقدت نصف إيرادات قناة السويس، التي تمنح البحر الأحمر ومضيق باب المندب أهميتها الاستراتيجية الحقيقية. يُعزى ذلك بالطبع إلى النشاط العسكري للحوثيين، أو بالأصح إلى البروباجندا الغربية حول هذا النشاط. وهو أمر يدعو إلى التساؤل بشأن جدوى الترسانة التسليحية البحرية التي بناها هذا الرئيس منذ تسلمه منصبه، والقواعد العسكرية التي يضم الساحل المصري على البحر الأحمر جزءا رئيسا منها.

أمريكا وحدها تتحمل مسؤولية الشلل الاستراتيجي الذي يعاني منه هذان البلدان المركزيان في منطقة الشرق الأوسط. وللأسف كل ذلك يحدث فيما تعتبر السعودية ومصر حليفتين لواشنطن، ونقطتي ارتكاز في سياساتها؛ التي اتجهت في العقدين الأخيرين نحو دمج الكيان الصهيوني في المنطقة، ضمن معادلة جديدة، هي السلام مقابل المنافع الاقتصادية والجيوسياسية للأنظمة المعرضة أكثر من أي وقت مضى للاهتزاز بسبب الدور الإيراني المنفلت والمعزز بمنظومة من المليشيات المسلحة.

twitter.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحوثيين اليمن السعودية مصر مصر السعودية اليمن الحوثيين البحر الاحمر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی جنوب البحر الأحمر السعودیة ومصر فی المنطقة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

شاهد| "لاحق".. تفاصيل الكشف عن أول جزيرة سكنية في المملكة

أعلنت شركة البحر الأحمر الدولية إطلاق جزيرة "لاحق" أول جزيرة سكنية خاصة ضمن وجهة "البحر الأحمر"، تقدم تجربة لنمط الحياة الفاخر على الجزر في المملكة.
وتمثل جزيرة "لاحق" أول مشروع سكني يُكشف عنه بعد اكتمال المرحلة الأولى من وجهة "البحر الأحمر"، التي استقبلت أول ضيوفها في عام 2023م، وشهدت افتتاح 5 منتجعات.

شركة البحر الأحمر الدولية تكشف رسميًا عن جزيرة #لاحق في #وجهة_البحر_الأحمر، أول جزيرة سكنية خاصة في السعودية pic.twitter.com/6MLfRs9l9J— إمارة منطقة تبوك (@TabukPrincipal) April 15, 2025
أخبار متعلقة الأرصاد لـ"اليوم": تقلبات جوية ورياح وأتربة مثارة بدءًا من الخميسالدمام 40 مئوية.. بيان درجات الحرارة العظمى على بعض مدن المملكةاليوم.. حظر صيد الناجل والطرادي على ساحل البحر الأحمر لمدة شهرينويجري حاليًا استكمال بناء 11 منتجعًا إضافيًا على جزيرة "شورى"، إلى جانب تشغيل مطار "البحر الأحمر الدولي" برحلات داخلية ودولية منتظمة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } "لاحق".. أول جزيرة سكنية خاصة للعيش برفاهية في المملكة - واسجزيرة "لاحق"ومن المقرر افتتاح جزيرة "لاحق" في عام 2028 لتكون أول مشروع في الوجهة يُركز على تملّك الوحدات السكنية، ويعزز التجربة بمرافق ضيافة وخدمات استثنائية.
وتقع جزيرة "لاحق" ضمن أرخبيل يضم 92 جزيرة بكر على الساحل الغربي للمملكة محاط بأحد أكبر الحيود المرجانية في العالم، الذي يُعد موطنًا لأكثر من 2000 نوع من الأسماك النادرة والفريدة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } "لاحق".. أول جزيرة سكنية خاصة للعيش برفاهية في المملكة - إكس أمانة تبوك "لاحق".. أول جزيرة سكنية خاصة للعيش برفاهية في المملكة - إكس أمانة تبوك var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
وتمتد على مساحة 400 هكتار (4,000,000 متر مربع) وتستلهم تصميمها من تناغم الطبيعة المحيطة من الأرض والبحر والسماء والنباتات المحلية, وتقدّم مجموعة متنوعة من المرافق الترفيهية والأنشطة الحيوية التي تلبي احتياجات المقيمين والزوار على حد سواء.أكبر وجهة في العالموالتزمت "البحر الأحمر الدولية" بزراعة 50 مليون شجرة مانغروف، وتحسين جودة موائلها، إلى جانب حماية وتجديد شُعب البحر الأحمر المرجانية وما يتصل بها من نظم بيئية بحرية.
وعند اكتمال وجهة "البحر الأحمر"، ستكون أكبر وجهة في العالم تعمل بالكهرباء المتجددة بنسبة 100%، بما يشمل جميع مرافقها ومنتجعاتها، بما فيها جزيرة "لاحق".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } "لاحق".. أول جزيرة سكنية خاصة للعيش برفاهية في المملكة - إكس أمانة تبوك "لاحق".. أول جزيرة سكنية خاصة للعيش برفاهية في المملكة - إكس أمانة تبوك var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
ومن المتوقع الانتهاء من تشغيل جميع منتجعات المرحلة الأولى البالغ عددها 16 منتجعًا خلال عام 2025 وبحلول عام 2030 ستضم وجهة "البحر الأحمر" 50 منتجعًا توفر ما يصل إلى 8,000 غرفة فندقية، وأكثر من 1,000 وحدة سكنية موزعة على 22 جزيرة و6 مواقع داخلية, وسيكون مطار "البحر الأحمر الدولي" البوابة الرئيسة للمقيمين والزوار.

مقالات مشابهة

  • صحيفة روسية: “القدرات العسكرية اليمنية باتت لغزًا استخباراتيًا محيرًا”
  • “العليمي” يلتقي سفيرة بريطانيا ويناقشان دعم اليمن وجهود مواجهة الحوثيين
  • إعلام الحوثيين: أكثر من 30 غارة أميركية على اليمن خلال ساعات
  • ترامب يناقش مع سلطان عمان العملية العسكرية ضد الحوثيين في البحر الأحمر
  • شبوة بعد حضرموت.. ما الذي تعد له السعودية في الجنوب ..! 
  • شاهد| "لاحق".. تفاصيل الكشف عن أول جزيرة سكنية في المملكة
  • مصر.. انسحاب شركات عالمية من التنقيب في البحر الأحمر
  • الولايات المتحدة تضرب مواقع الحوثيين في جزيرة كمران
  • غدًا.. بدء تطبيق قرار وقف الصيد في البحر الأحمر
  • أرامكو السعودية توقّع مذكرات تفاهم واتفاقية تعاون بهدف تطوير القدرات البشرية وتأسيس برنامج واحة الابتكار