كيف تعطلت القدرات الاستراتيجية للسعودية ومصر في البحر الأحمر؟!
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
شيئا فشيئا تتعاظم التأثيرات السلبية للاشتباكات المنضبطة الدائرة في جنوب البحر الأحمر بين الحوثيين ومن ورائهم إيران من جهة، وبين الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، من جهة أخرى، إذ تُلقي هذه الاشتباكات بظلالها القاتمة على مستقبل السلام في اليمن وعلى قدرة بلدين مركزيين في المنطقة، هما السعودية ومصر، في ممارسة دورهما القيادي وتعاملهما مع النتائج الأكثر سوءا لتلك الاشتباكات على المستويين الجيوسياسي والاقتصادي.
بالنسبة لليمن بدا المبعوث الأمريكي تيموثي ليندركينغ أكثر تشاؤما حيال جهود وقف إطلاق النار، التي يذهبُ، على غير عادته، إلى تأكيد أنها توقفت، بسبب الحوثيين، في توجه فُهم منه أن الرجل، الذي أدمن التعامل مع إيران ومع وكلائها في المنطقة، يُكثف من الرسائل التحذيرية التي لا تزال تكشف عن حرص كبير جدا من جانب واشنطن على الدور الموكل للحوثيين في اليمن، بدليل أنه أعطى الحوثيين المجال للتحلل من التصنيف الأمريكي لجماعتهم ضمن المنظمات الإرهابية الأجنبية.
وزير الخارجية السعودي أفاد في تصريحات تلفزيونية بأن خارطة الطريق التي تشرف عليها الأمم المتحدة وصلت إلى النهاية أو كادت، وأن الأطراف اليمنية توشك على التوصل إلى اتفاق تباركه بلاده.. تصريح قد لا يحمل ردا على تصريحات ليندر كينغ، بقدر ما يعبر عن الأولويات السعودية، وعن رغبتها المثيرة للاستغراب في تمييز نفسها عن المواجهات الدائرة في جنوب البحر الأحمر، أسوأ ما قد تنتجه الخطة الأمريكية للاشتباك غير واضح المعالم، في جنوب البحر الأحمر، لن يتوفق على المخاطر المحدقة بمستقبل السلام في اليمن، بل تعداها لينال بشكل فوري من المكانة المركزية لأكبر بلدين عربيين هما: السعودية ومصروالمضي قدما نحو الوقف الشامل لإطلاق النار في اليمن، بعد أن دُفعت إليه قبل عامين بفعل الضغط الهائل الذي مارسه الرئيس الأمريكي جو بايدن على الرياض، مدفوعا بالتباين الحاد بينه وبين سلفه الرئيس دونالد ترامب الذي انتهج سياسة منفتحة وودية تجاه المملكة العربية السعودية وفتح لها مخازن السلاح.
وحاليا تبدو السعودية متأنية تجاه إطلاق أحكام غير محسوبة تجاه ما يقوم به الحوثيون وإيران في جنوب البحر الأحمر، وهي سياسة تبدو الرياض مضطرة إليها، في ظل موقفها الذي لم يتجاوز حدود التصريحات حيال ما يجري من أعمال إبادة إسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولأنها تعلم حقيقة موقف إدارة بايدن غير العدائي تجاه إيران وحلفائها ووكلائها في المنطقة.
لذلك فإن أسوأ ما قد تنتجه الخطة الأمريكية للاشتباك غير واضح المعالم، في جنوب البحر الأحمر، لن يتوفق على المخاطر المحدقة بمستقبل السلام في اليمن، بل تعداها لينال بشكل فوري من المكانة المركزية لأكبر بلدين عربيين هما: السعودية ومصر.
البلدان بدءا بدفع الكلف الباهظة؛ نتيجة التكريس المتعمد للحوثيين طرفا نديا للقوى العظمى، عبر دورهم في مهاجمة السفن وتحمل ردات الفعل الأمريكية والبريطانية، التي شملت مئات الضربات الجوية والصاروخية، دون أن يؤثر ذلك في جهدهم العسكري المتواصل، على الأقل وفقا لما تكشف عنه تصريحات الجماعة، والبيانات الصادرة عن الجانب الغربي.
فالسعودية تواجه على ما يبدو صعوبة في ترويض جماعة الحوثي وحليفها الإيراني القوي، رغم التصريحات المتفائلة لوزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان. إذ أن النتائج الظاهرية تشير إلى أن الحوثيين سيخرجون من معركتين شاملتين، الأولى مع التحالف العربي بقيادة السعودية والثانية مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة، بمكانة جيوسياسية وموارد تسليحية، واستحقاق للنفوذ في أهم منطقة حيوية بالنسبة للعالم وهي البحر الأحمر.
نتيجة كهذه سوف تُصعِّب إلى حد كبير من وصول السعودية إلى أهدافها المريحة التي كانت قد ضمنتها من خلال المقايضة السياسية مع الحوثيين، ومفادها الدفع بالحوثيين إلى المضي في طريق المحادثات مع الطرف اليمني الآخر (السلطة الشرعية) برعاية سعودية، ومن ثم التحلل من أعباء تدخلها العسكري في اليمن
ونتيجة كهذه سوف تُصعِّب إلى حد كبير من وصول السعودية إلى أهدافها المريحة التي كانت قد ضمنتها من خلال المقايضة السياسية مع الحوثيين، ومفادها الدفع بالحوثيين إلى المضي في طريق المحادثات مع الطرف اليمني الآخر (السلطة الشرعية) برعاية سعودية، ومن ثم التحلل من أعباء تدخلها العسكري في اليمن.
أما مصر، واستنادا إلى تصريحات رئيسها عبد الفتاح السيسي، فقد فقدت نصف إيرادات قناة السويس، التي تمنح البحر الأحمر ومضيق باب المندب أهميتها الاستراتيجية الحقيقية. يُعزى ذلك بالطبع إلى النشاط العسكري للحوثيين، أو بالأصح إلى البروباجندا الغربية حول هذا النشاط. وهو أمر يدعو إلى التساؤل بشأن جدوى الترسانة التسليحية البحرية التي بناها هذا الرئيس منذ تسلمه منصبه، والقواعد العسكرية التي يضم الساحل المصري على البحر الأحمر جزءا رئيسا منها.
أمريكا وحدها تتحمل مسؤولية الشلل الاستراتيجي الذي يعاني منه هذان البلدان المركزيان في منطقة الشرق الأوسط. وللأسف كل ذلك يحدث فيما تعتبر السعودية ومصر حليفتين لواشنطن، ونقطتي ارتكاز في سياساتها؛ التي اتجهت في العقدين الأخيرين نحو دمج الكيان الصهيوني في المنطقة، ضمن معادلة جديدة، هي السلام مقابل المنافع الاقتصادية والجيوسياسية للأنظمة المعرضة أكثر من أي وقت مضى للاهتزاز بسبب الدور الإيراني المنفلت والمعزز بمنظومة من المليشيات المسلحة.
twitter.com/yaseentamimi68
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحوثيين اليمن السعودية مصر مصر السعودية اليمن الحوثيين البحر الاحمر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی جنوب البحر الأحمر السعودیة ومصر فی المنطقة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
تركي آل الشيخ يثير تفاعلا بتدوينة وتحذير من حسابات السعودية من جهة ومصر والإمارات من جهة أخرى
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—حذّر رئيس هيئة الترفيه في المملكة العربية السعودية، تركي آل الشيخ، مساء الجمعة، من حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل صور معرفات من المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر، قائلا إنها "تصطاد في الماء العكر"، الأمر الذي أثار تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
جاء ذلك في تدوينة لتركي آل الشيخ نشرها على صفحته بمنصة إكس (تويتر سابقا) قال فيها: "هناك حسابات تصطاد في الماء العكر بين السعوديين من جهة واخوانهم في الامارات ومصر من جهة اخرى وتضع صور معرفات سعودية أو إماراتية أو مصرية وكلها تدار من الخارج وتأكدت من بعضها.. أرجو الحذر".
وتابع رئيس هيئة الترفيه في تدوينة منفصلة: "هناك 110 مليون مصري.. و23 مليون سعودي.. الأكيد 20 حساب هنا وهناك ما يمثلون الشعبين".
وسبق لتركي آل الشيخ التحذير من مثل هذه الحسابات بتدوينة نشهرها العام الماضي وقال فيها: "لاحظت بشكل كبير وغريب في الفترة الأخيرة شدا وجذبا في سوشيال ميديا بين حسابات حقيقية ووهمية، وإساءات كثيرة، وحسيت من واجبي أن أنبه كل إخواني وأخواتي في المملكة وفي دول الخليج الشقيقة.. يجب الحذر من هذه الحسابات التي تزرع الفتنة وتسبب المشاكل، نجاح أي شخص أو بلد في الخليج هو نجاح للخليج كله، نجاح أهلنا وأحبابنا في الإمارات أو قطر أو الكويت هو نجاح للمملكة والعكس صحيح.. الواحد يفرح إذا زار دبي مئات الملايين أو الدوحة أو باقي الخليج، لأن ذلك ينعكس على المملكة أيضا، وإذا زار المملكة مئات الملايين فهو مصلحة دبي والدوحة والكويت والمنامة ومسقط وأبوظبي وكل خليجنا الواحد، المنافسة جميلة ومطلوبة لأنها ترفع من المستوى والجودة".
الإماراتالسعوديةمصرتركي آل الشيختغريداتوسائل التواصلوسائل التواصل الاجتماعينشر السبت، 11 يناير / كانون الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.