لندن- فجّرت نتائج الانتخابات البرلمانية البريطانية الجزئية مفاجآت كثيرة بعد أن شهدت تنافسا حول 3 مقاعد كانت تابعة لحزب المحافظين، قبل أن يُقدم ممثلوها استقالاتهم بشكل متزامن، وخلافا لكل التوقعات التي كانت تشي بأن المحافظين كانوا على موعد مع أكبر هزيمة في تاريخهم في انتخابات مبكرة، فإن النتائج لم تقدم لأي من الحزبين الكبيرين سواء المحافظين أو العمال ما كانا يرجوانه منها.

وتنافست الأحزاب البريطانية، أمس الخميس، للظفر بـ3 مقاعد لحزب المحافظين في العاصمة لندن كان يشغلها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون في منطقة "أوكسبريدج- رايسليب"، ومقعد النائب نايجل أدامز في منطقة "سلبي- أينستي"، ومقعد النائبة نادين دوريز في منطقة "سومرتون- فروم".

ودخل حزب العمال البريطاني هذه الانتخابات بحماسة كبيرة مدفوعا باستطلاعات الرأي التي كانت ترجح كفته للفوز بالمقاعد الثلاثة وانتزاعها من المحافظين، أما رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك فكان القلق هو ما يساوره خشية أن يسجل حزبه أكبر خسارة في انتخابات جزئية في تاريخ الحزب في حال فقدانه المقاعد الثلاثة.

حزب المحافظين تمكن من الحفاظ على مقعد واحد وهو مقعد "أوكسبريدج- رايسليب" الذي كان يمثله بوريس جونسون (غيتي) نصف خسارة للمحافظين

وبعد ليلة طويلة في فرز الأصوات لنتائج الانتخابات، تنفس رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الصعداء، بعد أن تمكن حزبه من الحفاظ على مقعد واحد وهو مقعد "أوكسبريدج- رايسليب" الذي كان يمثله بوريس جونسون، حيث كانت المنافسة شرسة على هذا المقعد، الأمر الذي تطلب إعادة عد الأصوات لتظهر النتائج حفاظ المحافظين على مقعدهم بعد أن جاءت النتائج متقاربة جدا.

ولم يخف رئيس الوزراء البريطاني سعادته بهذا الفوز الجزئي، بعد أن تجنب هزيمة مدوية، فصرّح أن هذه النتائج تظهر أن "الانتخابات العامة المقبلة المقرر إجراؤها بداية عام 2025 ليست محسومة"، حيث جاءت هذه التصريحات ردا على حزب العمال واستطلاعات الرأي التي تقول إن المحافظين سيتعرضون لهزيمة مدوية لصالح حزب العمال الذي سيكتسح الانتخابات العامة.

وفي مقابل ذلك، يعلم رئيس الوزراء البريطاني أن هذه النتائج وفقدانه مقعدين، أحدهما يعتبر في مناطق تاريخية لحزب المحافظين، تعد رسالة قوية وتحذيرا آخر لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل الانتخابات العامة، حيث علقت نادين دوريز -التي استقالت من مقعد "سومرون- فروم"، والمعروفة بدعمها الشديد لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون على هذه النتائج بالقول إن "ما أفرزته صناديق الاقتراع يظهر حجم الغضب حول سياسات حكومة ريشي سوناك".

زعيم حزب العمال كير ستارمر بدا محبطا من نتائج الانتخابات ومخالفتها لاستطلاعات الرأي التي كانت تتوقع فوز حزبه (غيتي) شبه إحباط في العمال

على الجانب الآخر، كان زعيم حزب العمال كير ستارمر يُمنّي النفس بتحقيق نبوءة استطلاعات الرأي التي كانت تمنح حزبه الظفر بالمقاعد الثلاثة، إلا أن النتائج جاءت مخيبة بعض الشيء لحزبه بعد أن فاز بمقعد واحد في هذه الانتخابات.

ورغم محاولة ستارمر خلال التصريحات -التي أعقبت إعلان النتائج- الظهور بمظهر المنتصر، فإن الانتقادات طالته حتى من داخل حزبه، بعد أن تقدم ديفيد وليامز زعيم حزب العمال في منطقة "أوكسبريدج" والتي حافظ عليها المحافظون باستقالته، معللا سبب ذلك بعدم رضاه عن سياسات زعيم الحزب "الذي بات يتجه نحو اليمين أكثر من اللازم".

كما فجرت هذه النتائج أزمة صامتة بين عمدة لندن صادق خان -والمنتمي لحزب العمال- وبين زعيم الحزب، ذلك أن الأخير اعتبر أنه يجب على عمدة لندن إعادة النظر في سياسته المتعلقة بفرض رسوم يومية على السيارات التي لا تستجيب لمعايير عدم إنتاج الغازات الملوثة، والتي طبقها صادق خان على كل مدينة لندن تقريبا، باستثناء بلدية "أوكسبريدج" التي رفضت قرار العمدة ودخلت معه في مواجهة قضائية.

هذه القضية المعروفة بقضية "يوليز" (Ulez)، كانت محددا في اختيار الناخبين في منطقة "أوكسبريدج"، والتي رجحت كفة المحافظين، وقد خرج زعيم العمال بانتقاد مبطن لعمدة لندن مطالبا إياه بمراجعة سياساته المتعلقة بفرض رسوم على السيارات التي تعتبر ملوثة للبيئة، ورد عليه صادق خان بأن هذه الرسوم "لم تعد خيارا وإنما أصبحت واقعا لحماية حقوق الإنسان".

وسترفع هذه الانتخابات الجزئية من حجم الاستقطاب السياسي في بريطانيا قبل عام تقريبا من الانتخابات العامة، ذلك أن حزب العمال الذي كان يعتقد قبل هذه الجولة الانتخابية أن الانتخابات العامة المقبلة باتت محسومة لصالحه بشكل كبير، سيكون عليه الرفع من جهوده لإقناع البريطانيين ببرنامجه بعد أن تبين أن المحافظين لم يفقدوا بعد جميع حواضنهم الشعبية، كما ستشكل النتائج الأخيرة حافزا للمحافظين للمنافسة بقوة خلال الانتخابات المقبلة.

أما الحزب الليبرالي الديمقراطي فسيكون هو الآخر في سباق مع الزمن من أجل البناء على ضجر البريطانيين من حالة الاستقطاب بين العمال والمحافظين، ولا سيما أن هذا الحزب يعد ثالث قوة سياسية في البلاد، وإن كان لا ينافس على تصدر المشهد فغايته ستكون اقتناص المقاعد البرلمانية من كلا الحزبين الرئيسيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رئیس الوزراء البریطانی حزب المحافظین بوریس جونسون حزب العمال الرأی التی التی کانت فی منطقة بعد أن

إقرأ أيضاً:

التواجد الأمريكي في سوريا يضع ترامب أمام معضلة مبكرة

دفع الانهيار المفاجئ لنظام الأسد، المهمة العسكرية الأمريكية القائمة منذ فترة طويلة في سوريا، إلى حالة من عدم اليقين، في حين يقاتل الشريك الرئيسي للبنتاغون في ساحة المعركة من أجل البقاء، بينما يستعد زعيم أمريكي متشكك في الالتزامات العسكرية الأجنبية، لاستعادة السلطة.

ووفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، سيواجه الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الشرق الأوسط المتحول عندما يبدأ ولايته الثانية الشهر المقبل، وأسئلة ملحة بشكل متزايد حول مستقبل 2000 جندي أمريكي متمركزين في شرق سوريا.

وتؤكد الحقائق الجديدة في سوريا على التغييرات الدراماتيكية التي طرأت على المنطقة، في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر(تشرين الأول) 2023، والذي أطلق العنان لحروب عقابية في قطاع غزة ولبنان، وأدى إلى هجمات غير مسبوقة بين إيران وإسرائيل، وترك أقوى وكلاء طهران في حالة ضعف شديد.

I hope this flies. What I like here, and the democrats know, what's Trump going to do about Syria, and the battle against ISIS. @DanLamothe @michaelbirnbaum @Mustafa_salimb @washingtonpost @PostWorld https://t.co/TeIcavHVTu

— Andrea Weiss (@AceWeiss) December 24, 2024 القضاء على داعش

وحسب الصحيفة، لم يكشف ترامب، الذي هدد مراراً وتكراراً بسحب القوات الأمريكية من سوريا خلال ولايته الأولى، وسعى في الأيام الأخيرة إلى إبعاد الولايات المتحدة عن الاضطرابات التي تجتاح البلاد الآن، عن خططه للمهمة العسكرية الأمريكية هناك.

لكن ترامب ومستشاريه، أشاروا إلى أن الأولوية القصوى، ستكون احتواء تنظيم داعش الإرهابي، الذي لم يعد يتمتع بالدولة الزائفة الشاسعة التي كان يسيطر عليها ذات يوم، ولكنه أعاد تجميع صفوفه في الصحراء الجنوبية في سوريا، حيث قصفت القوات الأمريكية المتشددين بغارات جوية مكثفة في الأيام الأخيرة.

وأشار جيمس جيفري، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لسوريا خلال فترة ولاية ترامب الأولى، إلى أن هيئة تحرير الشام، الحركة التي أطاحت بالأسد وتولت دور الحكومة الجديدة في سوريا، نجحت في محاربة تنظيم داعش في الماضي، وهي حقيقة يمكن أن تزيد من حدة الأسئلة للرئيس القادم.

وقال جيفري: "سيسأل ترامب: لماذا يجب أن أبقي على قوات لمحاربة داعش، في حين أن كل قتالنا في الأساس هو قصفهم في الصحراء؟"، مشيراً إلى أنه سيكون من الصعب للغاية الإجابة على هذا السؤال.

استراتيجية غير واضحة

ومن جهته، قال النائب مايكل والتز، ضابط القوات الخاصة المتقاعد الذي اختاره ترامب مستشاراً للأمن القومي، إن "ترامب سيعطي الأولوية للحد من التورطات الأجنبية". ولكنه وصف أيضاً منع عودة ظهور تنظيم داعش بأنه " الأولوية رقم واحد "، الأمر الذي يجعل من غير الواضح ما هي الاستراتيجية العسكرية التي قد تسعى إليها الإدارة الجديدة.

وفي مقابلة أجريت معه مؤخراً، قال والتز لشبكة "فوكس نيوز": "لقد كان الرئيس واضحاً للغاية، وكان تفويضه من الناخبين هو بذل كل ما في وسعه لتجنب جرنا إلى المزيد من الحروب في الشرق الأوسط. ولكن في سوريا، كان واضحاً بشأن التهديد الذي يشكله تنظيم داعش الذي لا يزال قائماً.. يتعين علينا أن نبقيه تحت السيطرة".

مصير سوريا

وذكرت الصحيفة أن فريق ترامب وإدارة بايدن، التي أرسلت دبلوماسيين كباراً إلى سوريا هذا الأسبوع، لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان، يتعاملان بحذر مع هيئة تحرير الشام، ففي حين وعدت الجماعة بالاستقرار والشمول، إلا أنها تظل مدرجة على القائمة الأمريكية للجماعات الإرهابية الأجنبية.

وقال مسؤول دفاعي، تحدث مثل غيره بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة مداولات حساسة، إن "مسؤولين في البنتاغون والقيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، عقدوا اجتماعات تخطيطية بحثت كيفية تشابك مصير سوريا، مع الاضطرابات المستمرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط".

أمريكا تعترف بوجود أكثر من 2500 جندي في العراق - موقع 24اعترفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، أمس الإثنين، بوجود أكثر من 2500 جندي أمريكي في العراق، وهو العدد الذي يجري الإعلان عنه عادة بشكل علني. 

وأوضحت الصحيفة أن المخاطر التي تواجهها الولايات المتحدة، مع وجود أفراد أمريكيين يعملون في قواعد صغيرة مكشوفة، عالية، كما هو الحال في العراق والأردن المجاورين.

وتأتي هذه التساؤلات المتزايدة، في الوقت الذي أقر فيه البنتاغون لأول مرة، بأن كبار المسؤولين العسكريين حجبوا لأشهر حقيقة أن الوجود العسكري في سوريا تضاعف هذا العام، من حوالي 900 جندي إلى حوالي 2000 جندي.

وقال المتحدث باسم البنتاغون، اللواء باتريك رايدر، إنه "علم للتو بالتوسع، وأن المسؤولين يحجبون مثل هذه المعلومات أحياناً، بسبب اعتبارات أمنية دبلوماسية وعملياتية".

الخروج من العراق

ومن جهتها، أثارت الاضطرابات في سوريا، تساؤلات حول مستقبل المهمة الأمريكية في العراق المجاور، والتي كانت بمثابة مركز أمني ولوجستي لعمليات مكافحة التمرد في كلا البلدين.

وتجري محادثات مع حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بغداد، بشأن تنفيذ اتفاق ثنائي يقضي بتفكيك التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي بحلول عام 2025.

وفي حين لم يذكر المسؤولون الأمريكيون، ما إذا كان أي من القوات الأمريكية التي يبلغ عددها نحو 2500 جندي سيبقى بعد ذلك الوقت، يقول المسؤولون العراقيون إن "اتفاقاً إضافياً من شأنه أن يزيل معظم هذه القوات بحلول عام 2026".

والآن قد يتغير هذا الوضع. فقد قال أحد كبار المسؤولين العراقيين إن "هناك تحولاً في نظرة كبار المسؤولين العراقيين إلى الانسحاب الأمريكي المحتمل، بعد التطورات الأخيرة في المنطقة". مضيفاً أن "الموعد النهائي الحالي لانسحاب القوات يبدو بعيداً"، لكنه أوضح أنه "مع اقتراب الموعد أتوقع بشدة أن يطلب العراق رسمياً تمديداً، يسمح للقوات الأمريكية بالبقاء".

مقالات مشابهة

  • القناة 12 العبرية: القنبلة التي استهدفت هنية كانت في وسادته
  • هالاند يضيع ضربة جزاء..والسيتي يواصل النتائج المخيبة
  • رئيس ائتلاف الجبهة الوطنية الديمقراطية: هناك مقدمات لوجود أمل في إجراء انتخابات بشكل مختلف
  • وزارة التجارة تعلن فوز 4 مترشحين في انتخابات غرفة الباحة
  • التواجد الأمريكي في سوريا يضع ترامب أمام معضلة مبكرة
  • الوسواس القهري.. 3 أعراض مبكرة تكشف عنه
  • مطران القدس: جهود مصر لوقف الحرب لم تتوقف.. ورسالة «الميلاد» هذا العام «انتصار المحبة»
  • صحيفة عبرية: هجوم حماس نسخة من هجوم فيتكونغ فيتنام ورعب من تشابه النتائج
  • مبكرة ومتأخرة.. أعراض مرض الكلى المزمن
  • انتخابات غيرت خريطة السياسة العالمية في 2024.. أبرزها وصول ترامب للبيت الأبيض