«حرب أكتوبر والأدب العبري».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ضمن إصدارات سلسلة حكايات النصر، كتاب «حرب أكتوبر والأدب العبري» للدكتورة سهى علي رجب.
يتناول الكتاب مقدمة و6 فصول، يحمل الفصل الأول عنوان «الأدب العبري.. النشأة والمفاهيم والمرجعيات»، والفصل الثاني «أدب الحرب»، والثالث «الرواية العبرية.
ويحاول الكتاب أن يجيب من خلال رصد ما كتب من روايات وشعر وقصة ونصوص مسرحية عن حرب أكتوبر، الذي يظل أعظم ملحمة عسكرية في التاريخ الحديث، وقرأنا عنها عشرات الأعمال الأدبية المصرية والربية، لكن ربما لم يفكر أغلبنا وماذا عن الطرف الآخر؟.
ومن الأعمال الروائية التي ترجمت من العربية «الأيام» لطه حسين، و«رجال في الشمس» و«ما تبقى لكم» لغسان كنفاني، و«باب الشمس» لإلياس خوري، و«الحب تحت المطر» و«الشحاذ» و«أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ.
وتقول المؤلفة: «حين قررت أن أكتب عن "الأدب العبري بعد حرب أكتوبر"، وأثناء رحلة البحث وجدت أن هناك أكثر من رواية عبرية تدور أحداثها حول حرب السادس من أكتوبر أهمها من ٨ روايات تناولت حرب أكتوبر، وهي حسب الترتيب الزمني للنشر : رواية حرب جميلة ، (١٩٧٤) ، للكاتب دان بن آموتس، رواية ملاذ، (١٩٧٦) ، للكاتب سامي ميخائيل، ورواية العاشق، (۱۹۷۷)، للكاتب أبراهام ب. يهو شواع، ورواية ريش، (۱۹۷۹)، للكاتب حاييم بثير، رواية رحلة في آب (۱۹۸۰)، للكاتب أهارون مجيد، ورواية الصحوة الكبرى، (۱۹۸۲)، للكاتب بيني برباش، ورواية ظهور إلياهو ، (۱۹۹۹)، للكاتب س. يزهار، ورواية علامة التنشين (۱۹۹۹) ، للكاتب حاييم سباتو.
وفوجئت أن الرواية الوحيدة منهم التي تم ترجمتها للعربية ونشرها هي رواية «العاشق» للكاتب أبراهام ب . يهو شواع والمكتوبة عام ۱۹۷۷، والترجمة كانت للكاتب محمد حمزة غنايم، صادرة عن معهد ترجمة الأدب العبرية ودار المشرق، تل أبيب، عام ١٩٨٤».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكايات النصر حرب أکتوبر
إقرأ أيضاً:
تطهير الكتب
لم تكن العرب تحفل بطرق القول ولا بمكانة القائل فـي الأدب إذا حصلت لها مؤانسة ومتعة مما يقال، فلم ينكر أدب لقلة أدبه ولا أديب لقلة مروءته، وإنما استصفوا من الأدب ما يمتعهم ويؤنس شظف عيشهم أو يلين حياتهم أو يأخذهم إلى عوالم من التخييل دنية أو قصية، وخير مثال على ذلك أن أبا الفرج الأصفهاني لما عزم على تخير أخبار وأشعار يؤنس بها أمراءه لم يعمل آلة إقصاء ولا تتبع نهجا يخرج عن الإمتاع ومراعاة أحوال المخاطب أو المتلقي، فقال: «فلو أتينا بما غني به شعر شاعر منهم ولم نتجاوزه حتى نفرغ منه، لجرى هذا المجرى، وكانت للنفس عنه نبوة، وللقلب منه ملة، وفـي طباع البشر محبة الانتقال من شيء إلى شيء، والاستراحة من معهود إلى مستجد. وكل منتقل إليه أشهى إلى النفس من المنتقل عنه، والمنتظر أغلب على القلب من الموجود.
وإذا كان هذا هكذا، فما رتبناه أحلى وأحسن، ليكون القارئ له بانتقاله من خبر إلى غيره، ومن قصة إلى سواها، ومن أخبار قديمة إلى محدثة، ومليك إلى سوقة، وجد إلى هزل، أنشط لقراءته وأشهى لتصفح فنونه». فلقد كان الرجل واضحا بينا فـي ميله إلى «أنس النفوس»، ونفوره من كتابة العبوس، وتقفـيه نهج تسلية الناس وإمالتهم إلى أهواء الكتاب وأمزجته. لا يطلب مؤلف الكتاب صدق القول، ولا يروي أخبارا وأشعارا وحكايات بغاية إحقاق الحق أو تلقف الوقائع من أفواه الرجال، وإنما هو يتقصد متلقيا يعمل على دفع الملل عنه. إضافة إلى ذلك، فإن كتبا عديدة فـي موروثنا السردي لم تكن الغاية منها التوثيق ولا تقصي الحقائق ولا نقل أقوال الرجال حملا صادقا، وإنما الغاية منها كانت الجمع بين «الإمتاع والمؤانسة» أو بين اللذة والإفادة. وقد تقبل القدامى هذا النهج فـي التأليف وأدركوا أنه داخل فـي باب الأدب.
ولقد تأسست لي فكرة من رحلتي الكتبية فـي التراث والحداثة، ومن اطلاعي على ما تيسر من كتب الأقدمين والأحدثين مفادها أن القدامى أكثر تحررا وحرية وفهما لطبائع النصوص من أصحاب زماننا ومن أبناء قروننا، فـي مختلف المجالات فقها ولغة وأدبا، فلقد روي عن ابن عباس فـي كتاب الكامل للمبرد أن عمر بن أبي ربيعة دخل عليه وهو غلام، «وعنده نافع بن الأزرق، فقال له ابن عباس: ألا تنشدنا شعرا من شعرك؟ فأنشده هذه القصيدة حتى أتمها، وهي ثمانون بيتا. فقال له ابن الأزرق: لله أنت يا ابن عباس! أتضرب إليك أكباد الإبل، نسألك عن الدين، ويأتيك غلام من قريش، فـينشدك سفها فتسمعه؟ فقال: تالله ما سمعت سفها. فقال: أما أنشدك: رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت/ فـيخزى وأما بالعشي فـيخسر. فقال: ما هكذا قال، إنما قال: فـيضحى وأما بالعشي فـيخصر.
قال: أو تحفظ الذي قال؟ قال: والله ما سمعتها إلا ساعتي هذه، ولو شئت أن أردها لرددتها. قال: فارددها. فأنشده إياها كلها. فقال له نافع: ما رأيت أروى منك. وفـي بعض الروايات أن ابن عباس أنشدها من أولها إلى آخرها، ثم أنشدها من آخرها إلى أولها مقلوبة وما سمعها قط إلا تلك المرة صفحا». هل هذه هي نفس الحضارة التي يدعو فـيها قراء لكتاب الأغاني إلى عدمه أو شطبه أو على الأقل تهذيبه وتطهيره وأسلمته؟ هل هذه هي نفس الحضارة التي تدعو إلى إعدام كتب لا حول لها ولا قوة غير أنها قامت على نقيض تصوراتهم المتشددة؟ كتابان توجها إلى محاكمة «كتاب الأغاني»، والعبث بمحتوياته، وتلقيه تلقيا خارجا عن دائرته، وهما كتاب أول كان فـي القرن العشرين(1988)، وهو كتاب «السيف اليماني، فـي نحر الأصفهاني، صاحب الأغاني» لوليد الأعظمي، الشاعر والكاتب والخطاط العراقي، والكتاب الثاني صدر سنة 1992 وعنوانه «جولة فـي كتابي (الأغاني) و(السيف اليماني)، للكاتب محمد مصطفى المجذوب، وهو أيضا شاعر ومؤلف له أثر وأتباع، فكيف لهؤلاء أن يقفوا موقفا رافضا مما كتبه الأصفهاني، والحال أن موقفهم لا يمكن أن يوسم بالجهل ولا بقلة معرفة الأدب وتاريخه؟ هي هيمنة الفكر الأيديولوجي، والاحتماء بثقب محدد ضيق منه يكون النظر فـي الأدب، الأدب فـي منظور هذه التصورات هو خادم للمعرفة الدينية ولسائدها الثابت.
ففـي كتاب محمد المجذوب يبدو لنا هذا الفكر العربي الحديث المتوجه إلى تنقية الكتب ومحاكمتها، فمما لا شك فـيه أن كتاب الأغاني ليس بالكتاب الشعبي، وليس أيضا بالكتاب الفاسد قيميا ولا أخلاقيا، وإنما هو مصدر موسوعي، ومرجع لأغلب الباحثين، وقد يخفـي ما يخفـي من باطن رؤية الكاتب، وهو أمر مشروع فـي الأدب جائز، وقد أشاد به القدامى وتقبلوه فـي نطاق أدبهم، ولم يلفظ، ولم ينكر، وإنما نقد من أبواب، فـيأتي من القرن العشرين قارئ للأدب ولتاريخه يسم الكتاب بسمات لا صلة لها بالعلم ولا بالمنهج العلمي، ويحاكمه محاكمات أخلاقية، اندفاعية، أهوائية، ويقسم فصول كتابه بناء على عناوين تظهر هذه المزاجية الأهوائية، وهذا التحامل الذي لا يستند إلى أرضية معرفـية أو ذائقة علمية، منها: «المنهج الشيطاني»، «من هنا تسلل الشيطان»، مؤلف الأغاني بمنظار الثقات»، «دسائس ومؤامرات»، «المدرسة الإبليسية»، «ألغام فـي أساس الدولة العباسية»، «الشهادة الفاضحة»، بمثل هذه المقاربات، وهذه المعالجات، وهذه الأدوات التي بها نقارب التراث ومدوناته يمكن أن نبني عقلا عربيا واعيا وواعدا؟ وهو يدعو إلى تظهير الكتاب وإعادة تنقيته من الشوائب التي يرى فـيها تحاملا على الإسلام وعلى تاريخه، أو صارت حكايات هارون الرشيد تضمر هجوما على الإسلام؟ كيف سطحنا الأمور، وصار تخييل أشخاص التاريخ، أو «الكذب» عليهم يدعو إلى الإخراج من الملة؟ يعاتب صاحب الكتاب محققيه الأجلاء أنهم لم يصرفوا جهودهم إلى تطهير الكتاب، وهي المسألة الأهم فـي منظوره! يقول: «»على أن المطلع على هذا المجهود المتكامل (مجهود التحقيق) لا يسعه إلا أن يتساءل أيضا: ألم يكن من حق هذا التراث على تلك اللجان الممتازة من كبار العلماء المسلمين وأدبائهم أن يوجهوا بعض هذا الجهد لتطهير الكتاب من هاتيك الشوائب التي دست على تاريخ الإسلام فشوهت الكثير من معالمه وسير أعلامه»، فهل نحن نقرأ كتاب الأغاني اليوم على أنه كتاب تاريخ، وهل ادعى صاحبه أنه يؤرخ؟ مع العلم أن أسانيد كتاب الأغاني مبنية بشكل متين ووثيق، وفعلا فإن الرجل اعتمد -على عادة العرب القدامى- أسلوب النقل من كتب سابقة. والحق أن صاحب كتاب «جولة فـي كتابي (الأغاني) و (السيف اليماني)» قد استند فـي بناء تهجمه على كتاب الأغاني على سند لاقى فـيه هواه، ووقع منه موقع الرضا، وهو ما ألفه «السيف اليماني، فـي نحر الأصفهاني، صاحب الأغاني»، الذي يقول فـيه: «وقد جمعت أطرافا من تلك المباحث اللئيمة الخبيثة دون استقصاء. ولو أنني استقصيت ما ورد فـي (الأغاني) من السقط والمعايب، والمخازي والمساوئ.
وكل منكر وقبيح، لصار لدي كتاب فـي المثالب (نعوذ لالله) ولكنني جمعت أطرافا منها، وعلقت عليها، وناقشتها، وكشفت عن المقاصد الخفـية للشعوبية، وأساليبها ومكرها ودهائها، وتسترها تحت ظلال الأدب، والسمر، والمؤانسة، والمذاكرة، والمحاضرة»، فمن العنوان نتنبه إلى هذه الرغبة فـي «نحر» الكتاب، والوقوف منه موقف الرفض واللفظ، وقد فتح صاحب الكتاب مؤلفه بشاهد منقول عن الخطيب البغدادي يسم فـيه الأصفهاني بأنه «كذب الناس، كان يشتري شيئا كثيرا من الصحف، ثم تكون كل روايته منها»، وهو أمر سليم ووسم دقيق، فأما الاستناد إلى الصحف والكتب فهو ثابت وهي سمة المرويات العربية، وأما الكذب، فهو ثابت، لأن الرجل أدخل فـي الأدب، وقديما قيل «أعذب الشعر أكذبه»، وحديثا قيل: «أعذب القصص أكذبه».