شهادة صادمة من أم غزّية قضت 40 يوما بسجون الاحتلال.. انتهاكات جنسية
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا عن قصة مفجعة عاشتها سيدة فلسطينية في قطاع غزة، خلال اعتقالها لمدة 40 يوما من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وذكر الموقع في تقريره أن أمينة حسين، وهي أم لثلاثة أطفال، عانت ويلات الانتهاكات الجنسية، والحرمان من الغذاء والدواء، وأبسط حقوق الإنسان خلال رحلتها القاسية التي احتوت على تعرية جسدية كاملة وانتهاكات جنسية عديدة.
وتاليا النص الكامل للتقرير مترجما:
الانتهاك الجنسي، الضرب، الصراخ، الحرمان من الطعام، انعدام الرعاية الصحية، والتعذيب النفسي.
هذه هي الحياة التي عاشتها أمينة حسين في الاعتقال الإسرائيلي.
كانت هذه الأم الفلسطينية لثلاثة أطفال قد اختطفت من قبل القوات الإسرائيلية من مكان لجوئها داخل قطاع غزة الذي مزقته الحرب في أواخر شهر كانون أول/ ديسمبر.
ظلت محتجزة على مدى أربعين يوماً في ظروف لا يمكن تصورها.
إنها واحدة من مئات النساء والفتيات والرجال والمسنين الفلسطينيين الذين وقع اعتقالهم بشكل تعسفي من قبل القوات الإسرائيلية الغازية طوال العدوان المستمر حتى الآن.
والذين يتم احتجازهم في حبس انفرادي، حيث يأخذهم الجنود الإسرائيليون إلى مواقع غير معروفة، ولا يقدمون أي معلومات عن أماكن وجودهم.
أمينة حسين واحدة من القلة المحظوظين الذين نجوا في نهاية المطاف. والتقرير التالي مستوحى من مقابلة أجراها معها موقع ميدل إيست آي، سردت خلالها ما مرت به من تجربة مروعة أثناء وجودها في الاعتقال الإسرائيلي.
ليلة المداهمة
كانت أمينة حسين تعيش في مدينة غزة مع ابنتين لها تبلغان من العمر 13 و 12 سنة، ومع ابنها الذي يبلغ من العمر ست سنين.
بعد ستة أيام من بدء الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) انضمت إليهم شقيقتها في المنزل بعد أن تعرض بيتها هي للقصف.
عاشوا لما يقرب من شهر في ظل الأصوات المرعبة لقصف لا يرحم طال الأحياء المجاورة.
تعرضت المدينة، التي كان يقطنها قبل الحرب ما يقرب من مليون نسمة، لحملة من القصف اعتبرت من بين الأكثر تدميراً في التاريخ الحديث، بل لعل الدمار الناجم عنها فاق ذلك الذي ألحقه قصف الحلفاء لألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
بحثاً عن الأمان، غادرت أمينة حسين برفقة أطفالها الثلاثة البيت لتتخذ ملاذاً داخل إحدى المدارس في غزة.
إلا أن ذلك لم يكن كاف.
في مقابلة مع ميدل إيست آي، قالت أمينة حسين:
"ظل الجيش يتصل بي باستمرار عبر هاتفي الجوال، حيث كانوا يطلبون من الجميع مغادرة المدرسة. جمعت أطفالي، وذهبت أبحث عن ملجأ في مدرسة في وسط قطاع غزة في منطقة النصيرات. إلا أنها كانت مزدحمة بشكل لا يصدق، فلم نتمكن من العثور على مكان نقف فيه، ناهيك عن أن نتمكن من الجلوس أو النوم. انتهى بي المطاف وأنا أمشي حول المدرسة بحثاً عن مكان آمن لي ولأطفالي حتى وجدنا مدرسة نقيم فيها في مخيم البريج. بقيت هناك ثمانية أيام بعد ذلك. وفي اليوم التاسع، تعرضت المدرسة للقصف من قبل الجيش الإسرائيلي، مع أنهم كانوا يعلمون بأنها تؤوي النازحين من النساء والأطفال، عائلات بأكملها كانت تتخذ منها ملجأ لها. الحمد لله أنني وأطفالي نجونا من القصف.
فرحنا بعد ذلك نبحث عن ملاذ آمن في مدرسة أخرى."
بعد أن أجبرت على النزوح مرات عديدة خلال أقل من شهرين، سرت أمينة حسين بأن تمكنت أخيراً من إيجاد ملاذ مناسب في وسط مدينة غزة.
إلا أن أسوأ كوابيسها لم يبدأ بعد. فبعد مرور أقل من شهر على وصولها إلى المدرسة الأخيرة، والتي لن يسميها موقع ميدل إيست آي حماية لهوية أمينة حسين، وصلت القوات الإسرائيلية.
وعن ذلك تقول أمينة:
"اقتحموا بعنف في الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وأمروا الجميع بمغادرة المدرسة. اعتدوا على الجميع. أخذ الجنود الأولاد وعروهم من ملابسهم. وسحبوا جميع الرجال إلى الخارج في سراويلهم الداخلية القصيرة. بقينا هكذا حتى العاشرة صباحاً. وفي حوالي الثالثة عصراً قال الجنود إن على النساء أخذ أطفالهن والمغادرة، وأمروهن بالتوجه جنوباً. وأعلنوا عبر مكبرات الصوت إن بإمكان كل امرأة أن تأخذ حقيبة واحدة فقط وأطفالها. حاولت جمع كل معلبات الطعام ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ومعظم الأشياء الضرورية التي نحتاجها للبقاء على قيد الحياة، وغادرت."
بينما كانت النسوة يغادرن المدرسة، أوقف الجنود الإسرائيليون بعضهن، وكانت أمينة حسين واحدة من أولئك الذين أوقفوا.
تتحدث عن ذلك فتقول: "سألني الجنود عن بطاقة هويتي، وأخذوني أنا وتسع نسوة آخرين. لم أكن أعرف أياً منهن، فقد كن من البريج بينما كنت أنا من غزة. أشار رجل مقنع بيده إلي، فنادى الجندي على اسمي وطلب مني الدخول في خيمة، زاعماً أن ثمة طبيباً هناك يريد أن يتحدث معي قليلاً."
من أجل طمأنة أطفالها، قالت لهم أمينة حسين إنها ذاهبة لإحضار بعض الطعام والماء من داخل الخيمة.
ولكن عندما دخلت، كانت بانتظارها في الداخل ضابطة إسرائيلية، ولم يكن هناك أي أطباء.
قالت الضابطة متحدثة باللغة العربية: "انزعي كل شيء."
بعد تعريتها إلا من ملابسها الداخلية، خضعت أمينة حسين للتفتيش من رأسها إلى اخمص قدميها.
وعن ذلك تقول:
"عندما لم تجد شيئاً، طلبت مني الضابطة ارتداء ملابسي، وظننت أنني سوف يطلق سراحي، ولكن فجأة شعرت بالجندي من خلفي يصوب بندقيته إلى رأسي ويصرخ في آمراً إياي بالسير. سألت الجندي: إلى أين أسير؟ فأجابني قائلاً "اخرسي". ظل يقودني إلى أن وضعني داخل شاحنة مع عدد من النساء الأخريات. وضع الأغلال في يدي، وضربني بسلاحه، وحاول تسليمي بطاقة هويتي. ولكن كان الظلام دامساً فلم أتمكن من رؤية أي شيء، ولم أتمكن من التقاط البطاقة منه. فضربني بسلاحه تارة أخرى، وسلمني البطاقة."
انطلقت الشاحنة بمن فيها وظلت تسير بهم مسافة طويلة.
أهلاً وسهلاً بكم في إسرائيل
بعد أربع أو خمس ساعات وصلت الشاحنة إلى وجهتها.
تقول أمينة حسين: "أصابني الهلع، وشعرت أنني أخذت بعيداً جداً عن أطفالي".
هناك، وفي موقع لم يكشف لها النقاب عنه، رأت مجموعة من الرجال الإسرائيليين. قال أحدهم مخاطباً النساء: "أهلاً وسهلاً بكن في إسرائيل."
تقول أمينة: "أما وقد صدمت وانتابني الرعب من فكرة أنني بت داخل إسرائيل، فبدأت أصرخ وأصيح: ماذا عن أطفالي، ماذا سيحدث لهم، لا يمكنني تركهم لوحدهم، فليس لهم أحد غيري. شعرت بأن نوبة من الجنون تصيبني. قالوا إن أطفالي بخير، ولكنني لم أصدقهم".
أطلق سراح إحدى النساء عند تلك النقطة، بينما بقيت تسع منهن، بما في ذلك أمينة حسين، واقتدن إلى ما بدا أنه مركز للاعتقال.
وهناك شاهدن مجموعة من الرجال الفلسطينيين، ما يقرب من ثلاثين أو أربعين، يجلسون في البرد ولا يرتدون شيئاً سوى ما يشبه مريول المختبر الخفيف.
وزعت على النساء بطانيات، ولكن أمينة لم تطق مشاهدة الرجال وهم عراة، ورأت ألا بد من تقديم المساعدة لهم.
وعن ذلك تقول:
"قلت للنساء ينبغي علينا أن نعطي الرجال بعضاً من هذه البطانيات، فهم يتجمدون في البرد القارص. لا يمكنني تحمل رؤيتهم في هذه الحال. فقد تذكرت أطفالي وانتابني شعور بالقلق عليهم."
بعد ذلك بدأت المجموعتان بتعريف أنفسهم لبعضهم البعض، رجاء الحصول على أي معلومات حول عائلاتهم.
ولكن بعد فترة قصيرة أخذت النساء تارة أخرى، وأياديهن مصفدة بالأغلال، وقد وضع في يد كل واحدة منهم إسار يحمل رقماً.
ضمن حديثها مع موقع ميدل إيست آي، تقول أمينة حسين:
"وضعونا على متن حافلة ركاب، وأجبرونا على الجلوس وأجسادنا محنية إلى أسفل. لو حركت رأسي أو عدلت من وضع بدني، تصرخ في مجندة وتضربني بسلاحها، وتبدأ بشتمي ورفسي."
وتمضي قائلة:
"ثم نقلونا إلى حافلة ركاب أخرى، حيث أعطيت أخيراً شربة ماء، رشفة واحدة فقط. وكانت تلك أول ما سمح لنا بتناوله من طعام أو شراب منذ أربعة وعشرين ساعة، منذ أن احتجزونا من داخل المدرسة. أنا أعاني من مرض السكر، وأعاني من ضغط دم مزمن، وكنت طوال ذلك الوقت أخبر الجنود بذلك، ولكنهم لم يعبأوا. إلا أنني وبعد أن تناولت شربة الماء، انطفأ عطشي، وغططت في النوم، ولم أصح إلا وقد بزغ الفجر.؟
التفتيش العاري
بعد يوم طويل ومرهق، وصلت مجموعة النساء إلى ما بدا أنه مركز اعتقال آخر، حيث قضين الأحد عشر يوماً التالية.
لم تعلم أمينة حسين يقيناً أين كانت أو كيف كان شكل المقر الذي احتجزت فيه، لأنها كانت معصوبة العينين معظم الوقت، ولم تسمع سوى حديثاً بالعبرية يدور بالقرب منها، وهي لم تكن تفهم العبرية.
بمجرد وصولهن إلى هناك، اقتيدت أمينة إلى غرفة وهناك أزيلت العصابة عن عينيها.
وعن ذلك تقول:
"شاهدت أنواراً ساطعة ونافذة زجاجية، شككت أنه لربما كانت توجد من خلفها أجهزة تصوير ومراقبة. بدأت المجندات الإسرائيليات بضربي وبالصياح في وجهي، وأمرنني بخلع ملابسي. استغربت أن يُطلب مني خلع ملابسي تارة أخرى. عرتني المجندة حتى لم يبق علي سوى غياراتي الداخلية، وكانت طوال الوقت تبصق علي. عند كل نقطة طوال فترة اعتقالنا، كلما نقلنا من موقع إلى آخر، كنا نتعرض للتفتيش والتعرية. كان الضباط يدخلون أياديهم في صدري وداخل بنطلوني. وإذا ما صدرت عنا أي حركات أو أصوات، كانوا يضربوننا ويركلوننا، ويصرخون في وجوهنا أن اخرسوا".
بعد أن انتهى الجنود من تفتيش أمينة حسين داخل تلك الغرفة، لم يعيدوا إليها ملابسها.
تقول أمينة:
"رجوت المجندة أن تعيد إلي صدريتي، وقلت إنني لا يمكنن أن أتحرك بدونها، ولكنها ظلت تصرخ في قائلة إنه لا يمكنني ارتداؤها. ألقت إلي ببنطلون وقميص وقالت بإمكانك فقط أن ترتدي هذه. وظلت تركلني، وتضربني بهراوتها وأنا منهمكة في ارتداء الملابس".
وتضيف:
كان ذلك تعذيباً بكل ما تعنيه الكلمة. كانت ناقمة وعنيفة جداً وشديدة الامتعاض. وكلهن كانوا كذلك. كانوا يسيئون معاملتي بكل الوسائل. كان صادماً أن ترى نساء ينتهكن نساء أخريات، نساء أخريات في نفس أعمارهن أو حتى أكبر منهن سناً. كيف يفعلون ذلك بنا؟"
ثم اقتيدت أمينة حسين إلى غرفة أخرى حيث أعطيت معلومات حول المال والجواهر التي وجدت بحوزتها. كان معها ألف دولار، أو نحواً من ذلك، بالإضافة إلى أقراطها الذهبية. وكل ذلك أخذ منها. ثم أخرجت من هناك، وطوال الوقت لم تزل تتعرض للركل والإساءة من قبل الجنود.
ثم سمعت صوتاً بدا لها كما لو كان صوتت ابنتها.
تقول أمينة:
"ظننت أنني سمعت بناتي ينادين علي، فبدأت أصرخ طفلتي، طفلتي، ولكني اكتشفت أنها لم تكن ابنتي."
تأتي شهادة أمينة حسين حول ما تعرضت له من انتهاكات بينما كان خبراء الأمم المتحدة يعربون، فقط في الأسبوع الماضي، عن قلقهم من تقارير تتحدث عن اعتداءات جنسية تعرضت لها النساء والفتيات الفلسطينيات على أيدي الجنود الإسرائيليين.
قال هؤلاء الخبراء:
"وردنا أن معتقلتين فلسطينيتين اثنتين على الأقل تعرضتا للاغتصاب بينما تعرضت أخريات للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي."
وأضافوا أن المعتقلات الفلسطينيات كن كذلك "يتعرضن لمعاملة غير إنسانية ومهينة، ومنعت عنهن الفوط الصحية، وحرمن من الطعام والدواء، وضربن ضرباً مبرحاً."
أقفاص واستجوابات
في نهاية المطاف اقتيدت أمينة حسين إلى حجرة صغيرة هي والنساء الثمان الأخريات اللواتي اعتقلن معها بالإضافة إلى أربع أخريات.
وضعت النساء الثلاث عشرة جميعاً في حجرة صغيرة مظلمة، بدت كما لو كانت قفصاً يحتجز فيه الحيوانات، كما تصفه أمينة حسين، التي قالت:
"كانت توجد داخل تلك الأقفاص فرشات نحيفة مع بعض البطانيات، ولكن بدون وسائد. وكأن المرء ينام على الأرض الباردة. بقيت أيادينا مصفدة في الأغلال طوال الوقت."
وأضافت:
"كانت المراحيض كلها قذرة، وكنا نخشى أن نمرض من استخدام المراحيض. لم يكن هناك مياه جارية، ولا يملك المرء سوى قارورة مياه واحدة يمشي بها، يستخدمها للشرب وللغسل في نفس الوقت.
حاولت البنات مساعدة ومساندة بعضهن البعض. أردنا أن نصلي ولكن لم توجد مياهاً للوضوء، فلجأنا إلى التيمم بدلاً من ذلك. أما الأكل، فكانوا يأتوننا كل يوم بكمية قليلة، بالكاد تكفي لشخص واحد. وكأننا لم نتناول أي طعام. وكم يصعب على المرء أن يتحمل بدون طعام ولا ماء، بدون ملابس ولا بطانيات. كان جسمي. يعاني من المرض والإرهاق، فلكم تعرض للضرب والانتهاك. شعرت بأنه يوشك على الانهيار. قلقت جداً على أطفالي، أتساءل عما إذا كانوا في أمان، وعما إذا كانوا يأكلون أو يشربون، وعما إذا كانوا ينعمون بالدفء، وعما إذا كان أحد يقوم على رعايتهم."
قضت مجموعة النسوة أحد عشر يوماً في مقر الاعتقال، وخلال تلك الفترة اقتيدت أمينة حسين للاستجواب مرتين، ومرت بتجربة ملؤها المعاناة.
تتذكر تجربتها فتقول:
"وجهوا إلي الكثير من الأسئلة عن عائلتي، وعن زوجي، وعن أشقائي. ظل الجنود يهددونني بأنهم سيؤذون أطفالي، يصرخون في وجهي، ويهددون بأنني إذا لم أخبرهم بالحقيقة فسوف يعذبونني ويقتلون أطفالي. ظلوا يسألونني عن أشقائي وشقيقاتي. يعمل أحد أشقائي محامياً. اثنان آخران من أشقائي يعملان في التدريس، وشقيق آخر يعمل طبيباً، بينما يعمل الآخر حلاقاً. إنهم جميعاً يعملون في مهن معتادة، ولا علاقة لهم بأي شيء آخر. ظلوا يصرون على أنهم من النشطاء، وعندما سألتهم ماذا تعنون بالنشطاء، قالوا إنني أعرف الجواب."
وتضيف:
"أثناء الاستجواب ربطوني بالكرسي، ووقفت مجندة إلى جانبي، تركلني وتضربني بسلاحها لحملي على الإجابة بالشكل المناسب. كما سألوني عن حساباتي في السوشال ميديا، فقلت لهم إنه لا يوجد لدي سوى حساب في فيسبوك. هددوني بأنهم سيبقون على مراقبتي من خلاله."
بعد معاناتها لأحد عشر يوماً في مقر الاعتقال السري ذلك، نقلت أمينة حسين تارة أخرى، هذه المرة إلى أحد السجون.
آخر الطريق
عند وصولها إلى هناك، كان قد استولى عليها الإرهاق، واجتمع عليها الألم والجوع. ولم تكن قد تناولت الدواء لمرض السكري منذ أيام، فغدت صحتها في حالة من التدهور. ظل نزلاء زنزانتها يصرخون ويطلبون طبيباً. حضر الطبيب أخيراً، وقدم لهم القليل من الطعام الإضافي وبعض الأدوية.
ثم تمكن من الاستحمام أخيراً وللمرة الأولى منذ أسابيع.
وعن ذلك تتحدث أمينة قائلة:
"كانت تلك أفضل لحظة في كل الوقت الذي مكثته هناك. شعرت لبرهة قصيرة بأنني تحررت."
مكثت أمينة حسين في هذا السجن اثنين وثلاثين يوماً. كان الطعام يقدم ثلاث مرات في اليوم، ولكن لم تكن الوجبة الواحدة تكفي الشخص الواحد. وعندما كان يقدم الأرز، لم يكن مكتمل الطهي.
في اليوم الثاني والأربعين، حان أخيراً موعد العودة إلى الديار.
سارقون
بينما كانت تستعد النساء للمغادرة، قال أحد الجنود مخاطباً المجموعة:
"كل ما كان بحوزتكم، الأوراق أو أي شيء آخر، لا يمكنكم أن تأخذوه معكم، بل اتركوا كل شيء هنا."
وعن ذلك تقول أمينة حسين:
"سرق الجنود كل شيء مني. لم أستعد نقودي ولا أي من ممتلكاتي. أعطوني فقط قرطي في مظروف، وسرقوا كل مالي مني."
ولكن لئن ظنت أمينة حسين عند تلك النقطة أن ما هو أسوأ بات خلفها فقد كانت مخطئة، إذ أن طريق الإياب كانت المعاناة فيه لا تقل عن تلك التي شهدتها في طريق الذهاب.
تصف ذلك قائلة:
"بعد قيادة استمرت ثلاث ساعات، تم اقتيادنا إلى غرفة أخرى كبيرة. هناك أزالوا العصابة عن عيني فرأيت أمامي مجموعة من النساء الفلسطينيات العاريات. راحت المجندات يركلنني ويطلبن مني خلع ملابسي. رفضت فظلت تركلني وتضربني. وظل الجنود يدخلون إلى الغرفة ويخرجون منها ونحن عاريات."
وأخيراً تمكنت النساء من ارتداء الملابس قبل أن يُطلق سراحهن.
ولكن قبل أن يركبن الحافلة مباشرة جاء صحفي إسرائيلي بآلة التصوير لكي يلتقط صورة للمشهد،
وصور وجه أمينة حسين.
تقول أمينة:
"طلب مني جندي أن أقول مخاطبة الكاميرا إن كل شيء على ما يرام، ففعلت. وبمجرد أن انتهى الصحفي من التصوير دُفع بي إلى داخل الحافلة. أنزلنا عند معبر كرم أبو سالم. حينها، توجهت نحو الجندي وسألته أين متاعي وأين نقودي، فقال: اجري، فقط اجري. فرحت أجري أنا وبقية النساء الأخريات."
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية فلسطينية غزة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة میدل إیست آی واحدة من إذا کان لم یکن لم تکن إلا أن بعد أن من قبل کل شیء ما کان
إقرأ أيضاً:
" قرابة الأحد.. افتتاح" معرض للفنانة أمينة الدمرداش بجاليري مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يفتتح يوم الأحد القادم 22 أغسطس في السادسة مساءً، معرض للفنانة أمينة الدمرداش بعنوان " قرابة " في عرض جديد يستضيفه جاليري مصر يستمر حتى 8 يناير2025.
حول فلسفة العرض تقول الفنانة أمينة الدمرداش.. "معرض قرابة هو تأمل عميق عن الهوية والثقافة والإيقاع السماوي للحياة؛ استكشاف الروابط المعقدة بين الطبيعة وحالة الإنسان. التصوير مستوحى من تقاليد مشاهدة الزهور، يتناول المعرض فكرة الصيرورة والتجديد؛ الاحتفال بكيفية تطور الفن والحياة معاً مع مرور الوقت. ومن خلال طبقات من ضربات الفرشاة الدقيقة والتطريز اليدوي، تسعي الاعمال على إطالة عمر الأزهار العابرة، مع الحفاظ على جوهرها وأصالتها. يعكس كل عمل الرحلة من إنبات الفكرة إلى التنفيذ الكامل، مما يتردد صداه بهدوء بالنسبة للمشاهد.
تدعو هذه الإبداعات إلى التأمل، وتعرض كيف تنمو اللوحات، مثل الأزهار، لتتحول وتدوم - وهو احتفال بالجمال العميق في كل من الطبيعة والعملية الإبداعية. كفنانة، أرى هذا بمثابة استمرار لرحلتي الخاصة، وما زلت أستكشف نفسي واكتشف طبقات جديدة من الارتباط والمعنى ضمن هذه العملية الإبداعية".
ولدت أمينة الدمرداش عام ١٩٨٦ في القاهرة. تخرجت بدرجة البكالوريوس في الفنون الجميلة عام ٢٠٠٨، تابعت لاحقًا برنامج ماجستير مكثف في فلورنسا بإيطاليا، أكملته عام ٢٠١٨. طوال مسيرتها المهنية شاركت الدمرداش في العديد من المعارض الفردية والجماعية في مصر والخارج. وعُرضت أعمالها في صالات عرض ومؤسسات ثقافية مرموقة، مما يعكس شهرتها المتزايدة في المشهد الفني المحلي والدولي.
عززت الدمرداش من ممارستها الإبداعية من خلال مشاركتها في العديد من الإقامات الفنية في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا. وقد أتاحت لها هذه الإقامات الفرصة للتعاون مع مجتمعات فنية متنوعة. وفي الوقت الحالي، تواصل الدمرداش توسيع حدود فنها، مستفيدة من تجاربها المتعددة الثقافات والتزامها العميق باستكشاف الموضوعات التي تتردد صداها معها وتلهمها وربما تحولها.