عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي: يبدو أن حقيقة التخلّص من اللاجئين السوريين في تركيا، باتت أمرًا واقعاً لا رجعة عنه، ولكنّ الفارق الوحيد في طريقة الخطاب الذي اتّبعه الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” عن المُعارضة في طريقة إعادتهم لبلادهم، حيث يُسميها الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان بالعودة الطوعيّة، فيما وصفتها المُعارضة بصريح العبارة، طردًا مُباشرًا، ولكن الأخيرة خسرت الانتخابات الرئاسيّة، والبرلمانيّة الأخيرة، وبالتالي بات على عاتق الرئيس أردوغان الفائز بالرئاسة تطبيق ما يصفها بالعودة الطوعيّة.
الرئيس التركي العائد من زيارةٍ إقليميّةٍ شملت ثلاث دول خليجيّة، السعوديّة، قطر، الإمارات، أدلى بتصريحات جديدة بخصوص اللاجئين، فقال إن عد العائدين وصل إلى مليون شخص، وأضاف الرئيس بأن عددهم سيزيد في المُستقبل، ما يعني هُنا أن وعود الرئيس أردوغان فيما يخص بإبقاء اللاجئين، وعدم التخلّي عنهم قد تبخّرت، كما تبخّر دعمه للإخوان المُسلمين، وحركة حماس، إرضاء للسعوديّة، والإمارات، حيث زارهما أخيرًا، وأهدى حُكّامهما السيّارة التركيّة “توغ”. يُجمّل الرئيس أردوغان إعادة اللاجئين إلى بلادهم، وينتقي عباراته، مُحاولاً تجاوز الانتقادات بالتخلّي عنهم، فيقول بعد عودته من زيارته لدول خليجيّة، بأن رغبة اللاجئين بالعودة الطوعيّة واضحة، وأنهم يتوقون للعودة إلى أراضيهم، ويُعيد الرئيس أردوغان الإشارة إلى خطّة بناء منازل اللاجئين العائدين في شمال سورية ما زالت مُستمرّة، وهي منازل من “الطوب” وصل عددها إلى 100 -150 ألف منزل، تدعم تمويلها قطر كما يقول أردوغان. هذه العودة الطوعيّة التي يُريد أردوغان إضفاء طابع الإنسانيّة عليها، لا تتقاطع فيما يبدو مع الحملات العنصريّة التي تطال اللاجئين هذه الأيّام في تركيا، حيث بدأت الشرطة التركيّة بإزالة جميع لوحات محالهم المكتوبة بالعربيّة، فيما تتحدّث تقارير محليّة، عن خوف السوريين من الخُروج من منازلهم أيّ بمعنى إشعارهم بعدم الرّاحة لاختيار العودة الطوعيّة لبلادهم، فالشرطة تُلاحق حتى اللاجئين “النظاميين” الذين يملكون حق الإقامة، بغرض ترحيلهم، فيما أعلن فعليّاً وزير الخارجيّة التركي علي بردلي أن أجهزة الشرطة والأمن “زادت” عمليّات التفتيش بشأن المُهاجرين واللاجئين “غير الشرعيين” كما تصفهم السلطات في جميع الولايات التركيّة، كما جرى إعادة هيكلة إدارة الهجرة ما يعني اتخاذ السلطات إجراءات أكثر صرامة حيال المُهاجرين، فيما تُحذّر منظمات حُقوقيّة، وإنسانيّة من “انتهاكات” بحق اللاجئين المُقيمين، والمُرحّلين. وفي مُقابل هذه الهجمة الشّرسة التي تطال اللاجئين السوريين في تركيا، ويبدو أنها تتم أمام أعين الحزب الحاكم، والرئيس أردوغان، كان لافتاً دخول بعض الشخصيّات المُصنّفة “إخوانيّاً” والمُوالية للرئيس أردوغان على خطّ التضامن مع اللاجئين السوريين، ويبدو بشكلٍ أو بآخر بأن بعضهم يرفض خطّة الرئيس التركي الطوعيّة لإعادة اللاجئين، رغم أن البعض حمّل المُعارضة التركيّة المسؤوليّة، وطالب الرئيس بالتدخّل. وكان من بين هؤلاء المُتضامنين، الإعلامي علاء عثمان الذي قال إن تركيا تستضيف ما يقارب 4 ملايين لاجئ سوري، وأنهم يتعرّضون لأشكالٍ مُختلفة من العنصريّة والتمييز، تقودها شخصيّات سياسيّة تركية معروفة أمثال أوميت أوزداغ (زعيم حزب الظفر)، وميرال أكشنار (زعيمة حزب الجيّد) وإيلاي أكسوي وغيرهم، وطالب عثمان الحكومة التركيّة باتّخاذ إجراءات فوريّة لوقف حملة التحريض ضدّ اللاجئين السوريين. الصحفي في قناة “الجزيرة” أحمد منصور لام الرئيس التركي بشكلٍ لافت، وقال بأنه إذا لم يتدخّل الرئيس رجب الطيب أردوغان بشكل عاجل لوقف حملات العنصريّة المنظمة والمُتصاعدة ضد العرب في تركيا بشكل عام والسوريين بشكل خاص فإن العنصريين الأتراك وسُلوك رجال الشرطة العدواني تجاه السوريين والسياح العرب حتى في المطارات سيُدمّر ما بناه أردوغان وحزبه من احترام وتقدير للعرب طيلة 20 عامًا. ومن جهته قال النائب الكويتي السابق وليد مساعد الطبطبائي “ان الانتخابات في تركيا أفرزت عن موجة عنصرية حاقدة على العرب والسوريين قادتها المعارضة حتى صار (اطردوا السوريين) شعارا انتخابيا”، وطالب “الحكومة التركية والرئيس اردوغان تحديدا التدخل لتعديل المسار كي لا يخسر شعبيته الكبيرة في الوطن العربي.. تكرار المضايقات العنصرية صار أمرا لا يطاق”. أستاذ الشؤون الدوليّة بجامعة قطر ورئيس (مشارق ومغارب) محمد مختار الشنقيطي، أكّد بأن العنصريّة المُتنامية في تركيا ضدّ السوريين والأفغان، ومُحاربة اللغة العربيّة دون غيرها من لغات العالم في بعض البلديّات التركيّة، ظاهرة مَقيتة. وهي هدم لما بناه الرئيس أردوغان وحزبه لتركيا من مكانة في قلوب العرب والمسلمين في أرجاء العالم. فهل من تحرّكٍ حازمٍ ضد العُنصريين قبل فوات الأوان؟ وانطلقت حملة التضامن العربيّة مع اللاجئين والسوريين منهم تحديدًا، في تزامن مع ما شهدته تركيا في الآونة الأخيرة من تصاعدٍ في خطاب الكراهية وعمليّات الترحيل للاجئين حتى النظاميين منهم وتحت أعين الحزب الحاكم، وفي توقيت يُظهر الرئيس أردوغان انفتاحاً أكثر على دول خليجيّة مُعادية لحركة الإخوان المُسلمين مثل السعوديّة، والإمارات. وعاد أردوغان من زيارةٍ للبلدين، تبدو أنها أثمرت عن صفقات اقتصاديّة، وعسكريّة، أبرزها شراء العربيّة السعوديّة طائرات مُسيّرة تركيّة، وجرت مراسم التوقيع في أعقاب مباحثات رسميّة أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي الإثنين، أمّا في الإمارات فقد نجح الرئيس أردوغان بتوقيع اتفاقيات بقيمة 70 مليار دولار خلال زيارته لأبو ظبي، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت أهداف هذه الحملة تتعدّى مرحلة التضامن مع اللاجئين، إلى مرحلة توجيه “النقد الإخواني” العربي العلني للرئيس أردوغان، بعد أن أعلن تخلّيه عنهم، وسبق أن أغلق قنواتهم الإخوانيّة في مصر وطلب من قيادات الإخوان المُغادرة، كما يستعد للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قريباً، مُتخلّياً عن إشارته الإخوانيّة الشهيرة “رابعة” وحادثة فض الميدان في مصر، وحكايته التي انتهت مع رفض ما كان يصفه بالانقلاب على الرئيس المُنتخب الراحل محمد مرسي. ويقول القائمون على حملة التضامن، بأن هدف الحملة هو الضّغط على الحكومة التركيّة لوقف ترحيل السوريين، وضمان حصولهم على حقوقهم الأساسية، كما تدعو إلى نشر الوعي حول معاناة اللاجئين السوريين والحاجة إلى مُساعدتهم، وهو ما يطرح تساؤلات فيما إذا كانت الحكومة التركيّة معنيّةً بهذا الضغط التضامني، والرضوخ له، وتقديمه على مصالحها الاقتصاديّة في السعوديّة، والإمارات، وبالتالي وقف ترحيل السوريين الذي يسير على قدمٍ وساق، إضافة إلى نبرة التحذير المرصودة في دعوات “الإخوان” المُتضامنين للرئيس أردوغان، فإمّا أن يتدخّل كما قال بعضهم، أو “سيتم تدمير ما بناه أردوغان من احترامٍ، وتقديرٍ لتركيا في قُلوب العرب، والمُسلمين”. وبالإضافة إلى كُل هذا، يُحمّل اللاجئون السوريون في تركيا مخاوف إعادة مشهد غضب المُهاجرين في فرنسا، على إثر مقتل طفل من أصولٍ جزائريّة على يد الشرطة الفرنسيّة، ولكن يبدو أن الوضع في تركيا مُغايرٌ تماماً، حيث الشرطة التركيّة في حملات مُتواصلة للقبض عليهم وترحيلهم النهائي إلى بلادهم ما يُضعف مخاوف تأثيرهم المزعومة، حيث يصل عددهم حوالي أربعة ملايين شخص، عاد منهم أخيرًا وفق أردوغان مليون لاجئ، وفيما يبدو أن البقيّة ستُستَكمل في المُستقبل كما صرّح الرئيس أردوغان ذاته، وسواء تضامن العرب مع اللاجئين كما فعلوا، أو حذّروا “السّلطان” كما يصفوه من خسارة سُمعته عربيّاً، وإسلاميّاً، فالمواطنون الأتراك قال أردوغان سيشعرون بالتغييرات الواضحة فيما يتعلّق بالمُهاجرين غير الشرعيين “في وقتٍ قصير”، فيما يُعاني الاقتصاد التركي أساساً تضخّمًا كبيرًا وانهيارًا في سعر صرف العملة الوطنيّة، ويُعوّل أردوغان الذي حملته جولة إلى السعوديّة وقطر والإمارات على تعزيز الاستثمارات الخليجيّة في بلاده.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
اللاجئین السوریین
الرئیس أردوغان
الحکومة الترکی
الرئیس الترکی
مع اللاجئین
ة اللاجئین
السعودی ة
العنصری ة
ة الترکی
العربی ة
الترکی ة
الطوعی ة
فی ترکیا
فیما ی
إقرأ أيضاً:
سارة الأميري تشارك في مؤتمر “الألكسو” لوزراء التربية والتعليم العرب
شاركت معالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة التربية والتعليم، في أعمال الدورة الـ 14 لمؤتمر وزراء التربية والتعليم العرب، الذي نظمته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” في دولة قطر الشقيقة تحت عنوان “التعليم الشامل وتمكين المعلمين: رؤية استراتيجية للتربية في الوطن العربي”.
وجاء المؤتمر، الذي عقد خلال الفترة من 5 إلى 7 يناير الجاري، بهدف تعزيز سبل التعاون المشترك بين الدول الأعضاء لتطوير وتحديث بنية المنظومات التعليمية الوطنية في كل الدول المنضوية تحت مظلة المنظمة.
وأكدت معاليها، خلال مشاركتها في المؤتمر، ضرورة توحيد الجهود بين جميع الدول الأعضاء في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” بهدف تطوير الأطر التربوية والتعليمية بما يتوافق مع التطورات العالمية المتسارعة في قطاع التعليم، داعية إلى المزيد من التنسيق والعمل المشترك من أجل استشراف مستقبل التعليم في الوطن العربي وتحديد أولويات التطوير الممكنة بهدف الارتقاء بقطاع التعليم.
وأشارت إلى أن تطوير الأطر التعليمية بات أولوية قصوى في دول العالم كافة نظراً لارتباط ذلك بشكل وثيق بخططها المتعلقة بالتنمية المستدامة وتحقيق مستهدفاتها وخططتها المستقبلية، التي تستند بشكل رئيسي على جودة مخرجات المنظومات التعليمية الوطنية في كل البلدان المشاركة.
وتطرقت معاليها إلى تجربة دولة الإمارات في تطوير قطاع التعليم الوطني، مشيرةً إلى أن الدولة وضعت التعليم على رأس أولوياتها، وعملت خلال العقود الماضية على الاستثمار بالتعليم باعتباره الضمانة الرئيسية لتقدمها وتحقيق رؤيتها الطموحة، مستعرضةً العديد من المبادرات التربوية التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم لرعاية الكوادر التربوية والطلبة والارتقاء بمهاراتهم إلى جانب مد جسور التعاون الوثيق مع أولياء الأمور باعتبارهم شركاء في تطور وريادة المنظومة التعليمية.
وأكدت أن المعلم يعتبر ركيزة العملية التعليمية وسيظل دوره الريادي الأساس في عملية تعليم الأجيال، مبينةً أن وزارة التربية والتعليم وعبر العديد من البرامج سعت إلى الارتقاء بكفاءة كوادرها التربوية وإكسابهم مهارات متطورة من أجل ترجمة ذلك في الميدان، وتحقيق المستهدفات الوطنية المرتبطة بقطاع التعليم، ورفع جودة مخرجاتهن بما يوائم تطلعات دولة الإمارات المرحلية والمستقبلية.
ودعت معاليها، في ختام كلمتها، إلى أهمية تعزيز التعاون العربي المشترك في قطاع التعليم والانتقال إلى مرحلة الشراكة الفعلية بين الدول الأطراف كافة بما يدعم خططها المستقبلية، عبر زيادة التنسيق وتبادل الخبرات فيما بينها والعمل على مواكبة التطورات التقنية والارتقاء بقدرات جميع أطراف العملية التعليمية ورفدها بمقومات تميزها وتفردها.
وتركزت أهداف المؤتمر الرابع عشر لوزراء التربية والتعليم العرب حول مناقشة المحاور المتعلقة بتبادل التجارب في مجال التعليم الشامل، وتمكين المعلمين، ووضع ضوابط ومعايير ضمان جودة التعليم الشامل، وصياغة التوجهات والرؤى المستقبلية لتطوير التعليم العام في الدول العربية، وتعزيز التعاون بين الدول العربية في مجالات التربية والتعليم.
كما جرى استعراض محاور الوثيقة الرئيسة للمؤتمر، والتي تركزت حول التعليم الرقمي والابتكار التكنولوجي، والتحول الرقمي في الإدارة التعليمية، تطوير المهارات الرقمية للمعلمين والطلاب، والبنية التحتية الرقمية، وسياسات التعليم الرقمي والتعاون الدولي، والتعليم الشامل والمستدام، والتعليم الدامج الشامل، والبحث والابتكار في التعليم.وام