البروفيسور تاج السر أحمد حران (1934-2024): .. أحزان الموت في زمن الحرب
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
أحمد إبراهيم أبوشوك
(1)
تسببت الحرب التي اندلعت في الخرطوم في 15 أبريل 2023، ومنها امتدت إلى بعض ولايات السودان، في نقص أموال كثير من المواطنين وأنفسهم ومصادر أرزاقهم. ونتيجة لاحتلال قوات الدعم السريع المتمردة على القوات المسلحة لمساكن المواطنين ومرافقهم العامة في المناطق التي سيطرت عليها أضحت الحرب حرباً ضد المواطن الأعزل في المقام الأول.
(2)
كان الراحل والمقيم في أذهان طلبته وزملائهم من جملة الأساتذة الإجلاء، الذين ارتبط تاريخهم بتاريخ جامعة الخرطوم. وأذكر عندما التحقت دفعتنا بكلية الآداب جامعة الخرطوم في العام الدراسي 1982/1983 كان الدكتور حران عميداً لطلبة السنة الأولى، والأستاذ الدكتور إبراهيم أحمد الحردلو عميداً للكلية، وخلفه الأستاذ الدكتور حسن أحمد إبراهيم على المنصب ذاته. وبعد اختيار مادة التاريخ تخصصاً رئيساً، درستُ على الدكتور حران ثلاث مقررات، وهي: العصر العباسي الأول (750-1040)، والعصر العباسي الثاني (1040-1258)، والفكر الإسلامي وأثره في أوروبا. وبعد التخرج من جامعة الخرطوم، ظللت على تواصل معه في المناسبات العامة والخاصة؛ وكان أخر تواصل غير مباشر معه عن طريق طالبه الوفي وصديقه الدكتور خليفة محمد عمر، الذي أخبرني بأن أستاذه الجليل حران قد رفض الخروج من منزله بحي المهندسين، وآثر الحياة فيه أو الموت دونه، بذلك سجل موقفاً شجاعاً ونبيلاً. لكن موته في ظل هذه الحرب اللعينة قد ضاعف أحزان أهله ومعارفه وزملائه وطلبته، وعمق جراحاتهم. ألا رحم الله الأستاذ حران رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
(3)
الدكتور حران في برنامج رموز وأفكار
ولد تاج السر أحمد محمد حران بقرية نوري، مركز مروي، المديرية الشمالية (الولاية الشمالية لاحقاً) عام 1934، وبعد ميلاده مباشرة سافرت به والدته إلى مدينة شندي، حيث كان والده يعمل تاجراً في سوق شندي الكبير. درس تاج السر المرحلة الأولية بمدرسة شندي الجنوبية (1944-1948)، ومنها انتقل إلى مدرسة شندي الريفية الوسطى (1948-1952)، التي كانت مدرسة نموذجية مثل نظيرتها مدرسة الدويم الريفية الوسطى، وفي جوارها أُسس معهد التربية شندي (معهد المعلمين لاحقاً) عام 1952. ومن زملاء تاج السر في شندي الريفية الوسطى، الذين ذكرهم في حواره مع الدكتور محمد القاسم في برنامج "رموز وأفكار"، البروفيسور عبد الرحمن التوم، والبروفيسور الشيخ محجوب جعفر، والدكتور الهادي أحمد الشيخ، والمهندس نجم الدين محمد أحمد عشرة. وكان تاج السر من ثلة الطلبة النجباء في شندي الريفية، الذين التحقوا بمدرسة وادي سيدنا الثانوية بأم درمان (1952-1956). وكانت وداي سيدنا في ذلك الوقت تشكل نقلة نوعية لأبناء ذلك الجيل، بمناهجها التعليمية المتقدمة، ومعلميها الأكفاء، وأنشطتها الرياضية والثقافية، ونظام إداري المنضبط. وفيها عاصر تاج السر إدارة الأستاذ القدير عوض ساتي، والذي خلفه الأستاذ السني عباس أبو الريش، وكان تاج السر في تلك المرحلة معجباً بأستاذه عبد الله سميث (Charles Smith) في مادة التاريخ. مهدت وادي سيدنا الطريق إلى تاج السر لدخول كلية الآداب جامعة الخرطوم (1956-1961)، وذلك في العام الذي نال السودان استقلاله، واجمع البرلمانيون على تغيير اسم كلية الخرطوم الجامعية إلى جامعة الخرطوم. وبعد حصوله على بكالوريوس الآداب في التاريخ بعثت عمادة كلية الآداب، التي كان يتسنمها البروفيسور عبد الله الطيب المجذوب (1961-1964)، تاج السر إلى مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن للدراسات العليا في مجال تاريخ التاريخ الإسلامي وتاريخ الشرق الأدنى. وفي جامعة لندن حصل تاج السر على بكالوريوس الآداب الثاني في التاريخ بمرتبة الشرف عام 1965، ثم درجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي عام 1969. ومن الذين سبقوا في جامعة لندن، وتخصصوا في مساق التاريخ الإسلامي البروفيسور عثمان سيدأحمد إسماعيل البيلي، والبروفيسور يوسف فضل حسن.
وبعد نيله لدرجة الدكتوراه في جامعة لندن، عاد تاج السر إلى جامعة الخرطوم، وأثناء فترة عمله الأكاديمية بالجامعة شغل منصب رئيس قسم التاريخ، وعميد طلبة السنة الأولى، ومدير معهد الدراسات الإسلامية. وفي عقد التسعينيات آثر الهجرة إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل في معهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية السعودية، ثم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وبعد انتهاء تعاقده مع جامعة الإمام عاد إلى جامعة الخرطوم، ومارس نشاطه الأكاديمي أستاذاً بقسم التاريخ إلى أن وافته المنية في 21 فبراير 2024.
(4)
تاج السر أحمد حران والقضية الفلسطينية
انجز الدكتور تاج السر حران مجموعات من الأبحاث في السنوات التي قضاها بالمملكة العربية السعودية، ويأتي في مقدمتها أبحاثه عن القضية الفلسطينية من منظور السياسة الخارجية السعودية، ونذكر منها: "الملك فيصل وقضية فلسطين" (دراسات سعودية، 1990)؛ "الجذور التاريخية للصراع العربي الإسرائيلي والادعاءات الصهيونية في فلسطين" (مجلة الدبلوماسي، 1992)؛ "السياسة الخارجية للملك عبد العزيز وثوابتها الإسلامية (مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1999)؛ "المملكة العربية السعودية والصراع العربي الإسرائيلي" (مؤتمر، 2010). وسبق هذه الأبحاث ببحثين لهما صلة عضوية بها، أولهما عن "وسائل العمل الصهيوني 1897-1917" (مجلة البحوث والدراسات العربية، 1974)؛ ثانيهما عن "الملك عبد العزيز آل سعود والقضية الفلسطينية" (دراسات سعودية، 1987).
ومن خلال مطالعتي لعناوين هذه الأبحاث، استوقفني مقاله عن "الملك فيصل وقضية فلسطين"، الذي تطرق فيه بالتفصيل لمواقف العاهل السعودي الداعمة للقضية الفلسطينية بصفة مستدامة، منذ أن كان وزيراً للخارجية (1930-1964) في عهد والده الملك عبد العزيز آل سعود، ثم ملكاً للمملكة العربية السعودية (1964-1975)، وذلك بخلاف مواقف الرؤساء العرب الضعيفة والمضطربة والمتذبذبة اليوم تجاه الإبادة الجماعية والدمار الذي تمارسه القوات الإسرائيلية ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية في قطاع غزة.
وتكمن أهمية هذا المقال في ثلاث قضايا:
أولها، أنَّ الملك فيصل هو أطول سياسي عربي عاصر مراحل تطور القضية الفلسطينية منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وظل على موقفٍ ثابتٍ لإعادة حقوق الفلسطينيين المغتصبة، فضلاً إلمامه الواسع بجذور الصراع العربي-الإسرائيلي وتشعباتها الإقليمية والدولية.
وثانيها، أن المقال أوضح بجلاءٍ أنَّ الملك فيصل كان ينظر لحل القضية الفلسطينية وفق منظومة ثلاثية. يتمثل ضلعها الثابت في الموقف العربي الموحد، بعيداً عن الخطب الرنانة والشعارات المثيرة للعواطف والتي لا تقدم حلاً عملياً للقضية الفلسطينية. وفي هذا يقول: "إن التلويح بالتهديد لا يجدي نفعاً إذا لم يقترن بالعمل الجدي الرادع، إن التهديدات الكلامية التي أطلقها العرب منذ كارثة فلسطين، ولمدة ستة عشر عاماً متوالية قد ذهبت أدراج الرياح، ولم تترك أثراً واحداً، والتصميم والعمل المنظم هما الكفيلان بإعادة الحق إلى نصابه." ويتجسَّد الضلع الثاني المتغير والمساند للضلع الأول في الموقف الإسلامي، وذلك بناءً على قوله بأن "القضية الفلسطينية فضلاً عن كونها قضية شعب شُرد، فهي أيضاً قضية مقدسات إسلامية استبيحت، وأن فلسطين بما فيها من مقدسات وتراث ومعالم إسلامية هي لجميع المسلمين، وليس للعرب وحدهم، ومن واجب كل مسلم الذود عنها." ويتمثل الضلع الثالث المتغير في موقف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، اللذين يصفها الملك فيصل، حسب تعبير الدكتور حران، بأنهما "سيان بالنسبة لموقفهما السلبي من القضية الفلسطينية، وأنهما مناصران للصهيونية، وأنه لا يجدي القضية الفلسطينية ولا ينفعها غير تآزر العرب في جبهة عربية موحدة تدعمها جبهة أشمل من العالم الإسلامي."
ثالثها، أن الدكتور حران بهذا المقال قد القى ضوءاً ساطعاً على مرتكزات سياسة الملك فيصل الخارجية تجاه القضية الفلسطينية، في الوقت تشتت فيه وحدة الدول العربية، وابتعد رؤساؤها كثيراً عن نهج الملك فيصل المدافع عن حقوق الفلسطينيين وشرعية نضالهم السياسي والعسكري، الأمر الذي زاد إسرائيل تجبراً وتعناً؛ لأنها أضحت تحظى بسند المؤسسات الدولية وبعض الدول الغربية التي غاب عنها الضمر الأخلاقي الحي. وختاماً الشكر والتقدير إلى أستاذنا الدكتور تاج السر أحمد حران في مرقده الأخير، وسيظل مقاله هذا شاهداً على طرف من عطائه الأكاديمي وعلى ضعف موافق قيادات معظم الدول العربية والإسلامية تجاه ما يحدث في قطاع عزة، والدفاع عن حقوق الفلسطينيين المغتصبة.
ahmedabushouk62@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة العربیة السعودیة جامعة الخرطوم جامعة لندن الملک فیصل
إقرأ أيضاً:
البروفيسور ميلر للمقابلة: الإسلاموفوبيا أداة صهيونية لدعم الاحتلال الإسرائيلي
وقدم الأكاديمي البريطاني المتخصص في علم الاجتماع السياسي، في حلقة من برنامج "المقابلة"، صورة دقيقة لتحليل العلاقات المعقدة بين الإسلاموفوبيا والحركة الصهيونية، مستندا إلى سنوات طويلة من البحث والتقصي.
ونشأ ميلر في إدنبره بأسكتلندا، حيث لاحظ في وقت مبكر الانقسامات الدينية والمجتمعية التي تعكس طبيعة الاستعمار الاستيطاني، ومن هذه التجربة بدأ اهتمامه بالقضايا السياسية والإنسانية، حيث ربط بين نضال الشعب الأيرلندي ضد الاحتلال البريطاني وبين القضية الفلسطينية.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4ديفيد ميلر.. بروفيسور الجامعة الذي واجه الصهيونية في بريطانيا وانتصرlist 2 of 4كيف تستخدم إسرائيل تهمة "معاداة السامية" لملاحقة أكاديميين يدافعون عن فلسطين؟list 3 of 4"الصوت اليهودي من أجل السلام".. تنظيم يهودي مناهض للصهيونيةlist 4 of 4رئيسة المجلس الإسلامي البريطاني: نحن أقوى مسلمي العالمend of listوخلال عقد كامل من البحث، اكتشف ميلر أن الإسلاموفوبيا ليست مجرد ظاهرة عفوية، بل أداة سياسية تمتد جذورها إلى منتصف الثمانينيات.
وفي أحد أبحاثه المعمقة، وجد ميلر أن مصطلح "الإرهاب الإسلامي" تم صياغته لأول مرة في مؤتمر نظم بالعاصمة الأميركية واشنطن منتصف الثمانينيات، وكان ممولا من 13 جمعية ومؤسسة تنتمي 12 منها الى الحركه الصهيونية وكان الداعي له بنيامين نتنياهو، الذي يترأس حكومة إسرائيل حاليا.
غير عقلاني
وانطلق ميلر من رؤية أكاديمية تربط بين الاستعمار الاستيطاني ومفهوم "الخوف غير العقلاني من الإسلام"، كاشفا الدور المحوري للحركة الصهيونية في ترسيخ الإسلاموفوبيا لتأمين مصالحها السياسية والإستراتيجية.
ويرى ميلر، أن الإسلاموفوبيا تُستخدم كوسيلة لإسكات الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية، سواء كانوا من المسلمين أو غير المسلمين، وأوضح أن هذا التوجه يُدار عبر شبكات صهيونية ذات نفوذ واسع، مشيرا إلى أن تلك الشبكات تعمل على شيطنة العرب والمسلمين، وربطهم بالإرهاب لتقويض شرعيتهم الدولية.
أوضح ميلر أن الإسلاموفوبيا ليست حالة محلية أو أوروبية فقط، بل هي جزء من مشروع عالمي يُدار من خلال مراكز النفوذ الصهيونية، بهدف إعادة تشكيل الرأي العام في الغرب ليكون معاديًا لأي حراك فلسطيني أو دعم دولي للقضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن بريطانيا نموذج حي لهذه السياسات، حيث أصبحت الجمعيات الإسلامية والمبادرات الداعمة لفلسطين هدفا رئيسيا للهجمات الإعلامية والسياسية، واستشهد بتجربته الشخصية في مواجهة محاولات إسكات صوته كأكاديمي بسبب مواقفه الصريحة ضد الصهيونية والإسلاموفوبيا.
ولفت إلى أن هذه الحملات تعتمد على التشويه الشخصي والمهني، والترويج لخطاب الكراهية ضدهم، بهدف فصلهم عن مجتمعاتهم وتجريدهم من دعم المؤسسات الأكاديمية والإعلامية.
هيمنة صهيونية
وأوضح أن هذه الحملات تهدف إلى خلق حالة من الخوف والترهيب بين الأكاديميين والنشطاء، لضمان عدم تعبيرهم عن مواقف مؤيدة لفلسطين أو مناهضة للصهيونية، مشددًا على أن هذه الممارسات تكشف مدى هيمنة اللوبي الصهيوني على المشهد الأكاديمي والسياسي في الغرب.
وكمثال، استعرض تجربته في جامعة بريستول، حيث تعرض لحملة شرسة عقب محاضرة تناول فيها دور الحركة الصهيونية في تعزيز الإسلاموفوبيا، ورغم تبرئته لاحقا من التهم الموجهة إليه، قررت الجامعة فصله تحت ضغوط منظمات صهيونية.
وشرح ميلر في الحلقة طبيعة شبكة النفوذ الصهيونية في بريطانيا، موضحا أنها تضم منظمات مثل "المنظمة الصهيونية العالمية"، و"الصندوق القومي اليهودي"، و"كيرن هايسود"، و"الوكالة اليهودية".
وأكد أن هذه المنظمات ليست فقط علنية ومرخصة، بل تحظى أيضا بدعم مالي وسياسي كبير، وأشار إلى أن تلك الشبكات تعمل على تصوير الصهيونية كحركة شرعية وإنسانية، في حين تشارك بشكل مباشر في التطهير العرقي للفلسطينيين.
ولفت ميلر إلى الفجوة العميقة في التعامل مع الجمعيات الخيرية الإسلامية مقارنة بنظيراتها الصهيونية، فبينما تواجه الجمعيات الإسلامية تحقيقات متكررة وإغلاقات قسرية، يتم التغاضي عن مخالفات الجمعيات الصهيونية التي تدعم التطهير العرقي والجيش الإسرائيلي.
تحيز مؤسسي
وأوضح أن هذا التحيز مؤسسي، حيث إن الهيئات المنظمة مثل لجنة الجمعيات الخيرية في بريطانيا تسيطر عليها شخصيات معروفة بتوجهاتها الصهيونية.
وانتقد ميلر بشدة دور الإعلام والنظام التعليمي في بريطانيا في ترويج السردية الصهيونية وتشويه الحقائق حول فلسطين، وأكد أن التعليم يلعب دورا محوريا في غرس أفكار عنصرية تجاه الفلسطينيين، مما يجعل أي تعاطف مع حقوقهم أمرا مستهجنا.
وأوضح أن الحركة الصهيونية استخدمت الإسلاموفوبيا كأداة لضمان استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتبريره أمام العالم، وأكد أن الكراهية للإسلام ليست سوى جزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز الهيمنة الصهيونية في المنطقة.
ورغم كل الضغوط التي تعرض لها، أكد ميلر التزامه بقول الحقيقة والدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وأشار إلى أهمية العمل الجماعي بين الأكاديميين والناشطين لكشف التضليل الصهيوني وتعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية.
وأشار ميلر إلى أن الصهيونية والإسلاموفوبيا هما وجهان لعملة واحدة، حيث تستغل الأولى الثانية لتبرير سياساتها القمعية، وقال إن خطاب الكراهية ضد المسلمين في الغرب هو جزء من منظومة متكاملة تهدف إلى خلق بيئة معادية لأي حركة تعاطف مع القضية الفلسطينية.
17/11/2024