أطياف
صباح محمد الحسن
الحلول لا تنتظر أحدا، والفرص تضيع منك إن لم تغتنمها، وكذلك الوقت إن لم تقطعه قطعك. فالأبواب الأفريقية ظلت مشرعة لأكثر من عشرة أشهر تدعو القيادات العسكرية إلى الحوار والتفاوض، وتنادي بالعودة إلى منبر جدة حتى لاتصل الكارثة في السودان إلى ما وصلت إليه الآن
وقتها كان مالك عقار يحدث نفسه أيهما أجمل عليه بدلته السوداء أم الزرقاء للظهور على شاشات القنوات الفضائية ليحدث الشعب السوداني عن أن الحلول الخارجية لا تحترم السيادة الوطنية وتريد أن تفرض ذلك على البلاد وهذا ما لا يسمح به السودان
وفي عدة خطابات أكد عقار أن السودان لن يفرط في سيادته حتى يحسم التمرد نهائيا ولن يشارك في المنابر الأفريقية وشن هجوما على القوى السياسية التي تبحث عن الحلول الخارجية في هذه الدول، وظل عقار منذ بداية الحرب هو صاحب رؤية الحل (السوداني سوداني) وطرح عدة مبادرات تحدث فيها عن ضرورة الحلول الداخلية للأزمة السودانية
وقبل أن تحسم المعارك ويتم القضاء على التمرد، ودون اعتذار من الدول الأفريقية عن مواقفها
خاصة رواندا والتي كانت واحدة من الدول التي حطت فيها طائرة محمد حمدان دقلو قائد الدعم السريع واستقبلته بحفاوة
لكنها لم تعذر أيضا للحكومة السودانية التي ظلت تنتظر الاعتذار ورد كرامتها، وحتى قبل أن ينصب عقار خيمة واحدة لطرح رؤية الحل الداخلي، قرر فجأة البحث عن حلول خارجية وحل ضيفا على العاصمة الرواندية كيجالي، في زيارة رسمية تستغرق عدة أيام يلتقي فيها بعض المسؤولين في الدولة لمناقشة تطورات الأوضاع الراهنة في السودان
فعقار يكشف بزيارته أن السودان اولا يقول لرواندا وغيرها من الدول الإفريقية (عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ)
ثانيا: خرج عقار في وقت شددت فيه القيادة بلسان البرهان وكباشي قبل يومين على الحل العسكري وان لا حلول سياسية للأزمة ولاتفاوض وان حسم التمرد انتهى من مرحلته الأولى
ثالثا: أن السلطات الانقلابية قررت العودة فجأة إلى البيت الأفريقي للبحث عن حلول بعد الخطابات الأخيرة للقيادة الداعية لاستمرار الحرب
وهذا لا يأتي صدفة ولا يعني أن القيادة العسكرية أدركت مؤخرا ضرورة وقف الحرب حتى تضع نهاية لمعاناة الشعب، لكنها خطوة تفصح أن هنالك أمرا جديدا وطارئا يتعلق بقرارات دولية، الجلوس فيها مع الدول الإفريقية بات أمرا لا بد منه حتى لو كانت القيادة العسكرية لا تريد ذلك
وبذلك أصبح غير مجدي بحث الحكومة عن حلول سياسية برؤيتها في الخارج الذي طرح حله واضحا وتشبث به
سيدي مالك عقار (time is over).
طيف أخير:
# لا_للحرب
استضاف منبر السبت الحر والذي تقدمه مجموعة (زملاء الهند الوطنيين)، الأستاذ ياسر عرمان قدم فيها إفادات مهمة عن الراهن السياسي وحل الأزمة التحية لكل أبناء الوطن بالخارج لسعيهم المتواصل لإيجاد حلول لوقف الحرب
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
دولة القانون
تحرير السودان
حرب الخامس عشر من أبريل لم تكن مجرد تمرد أو انقلاب فاشل بقدرما حرب وكالة لفرض هيمنة إقليمية ودولية علينا ومواردنا. انحياز المواطنين للمؤسسة العسكرية حوّل الهزائم لانتصارات بدأت من الإذاعة السودانية بأمدرمان ثم جبل موية. من هذه النقطة تم تحرير سنجة، ود مدني، أم روابة، الأبيض والقطينة وصولاً للخرطوم. طبقاً لعلوم الحرب كسر الشوكة يتحقق بالتأهب حتى يتيقن المتمردين بأن الزحف سيلاحقهم حتى آخر نقطة من إقليم دارفور. بعبارة أخرى، تحرير السودان من الغاصبين يستلزم أستمرار وقفة الجميع حتى يستسلموا ويدرك المجتمعان الإقليمي والدولي ما يستحقه السودانيين من سلام. صحيح أن كافة الحروب تصاحبها الانتهاكات لكن سلوك هولاء المأجورين لم يكن بربرياً وحسب، وإنما تدميري أعادنا لقرون.
ما لم يفيئوا، فدحر التمرد يجب أن يمضي في خط مواز مع إعادة إعمار المناطق المحررة مراعين المسائل الآتية: *المسألة الاولى*: الثابت أن معظم السودانيين غير منتمين لأحزاب سياسية. لينجح الانتقال، فيجب أن يقوده ويديره العارفين من الكفاءات. هذه الحقيقة تستلزم أن ينظم هذا القطاع الواسع نفسه ويختار من بينه القادرين على التأسيس. هذه الفكرة يجب ألا تظل حبيسة كأدبيات أو همس خافت بغرف التواصل الاجتماعي وإنما حق واجب التفعيل بكل القروبات المهنية والاجتماعية مستفيدين من وسائل التقنية في الترشيح والاختيار *المسألة الثانية* على شباب الأحياء ولجان الخدمات والتغيير، بكل المدن المحررة المشاركة في اختيار قيادات المرحلة. بذات الوقت على شبابنا أن ينتظموا في دوريات تتناوب على الإطعام بإنشاء وإدارة التكايا فضلاً عن تأمين الأحياء منعاً للنهب والتفلتات. *المسألة الثالثة*: عدم التعويل على الإغاثات والمعونات الأجنبية، فواحدة من أهم الدروس المستفادة أن هذه الحرب لم تكن لتندلع لولا تدخل الأجنبي في شؤوننا وطمعه في مواردنا. خيراتنا وإرادتنا ستجبر العالم على التعاون معنا بكل ندية واحترام. *المسألة الرابعة*: على كل السودانيين بالمهاجر، وبجانب الانتظام والبدء في اختيار ممثليهم، عليهم أن ينسقوا ويخصصوا ما يستطيعوا من معونة مادية ومشورة فنية للمهنيين ولجان الخدمات والتغيير. *المسالة الخامسة*: على المهنيين تجاوز خلافاتهم والاضطلاع بمسؤولياتهم راسمين وممارسين الديمقراطية في الترشح والاختيار ابتداءً من أنفسهم ثم العمل على نشر الوعي محرضين على مشاركة الجميع تفعيلاً لحقهم في الاختيار وفقاً لأسس الكفاءة والنزاهة.
بإتباع الوسائل السليمة فآلام الحرب وجراحاتها ستتحول لمكاسب تأسس السودان المأمول. بوضعنا للهدف ورسمنا للخطة المرنة التي تنطلق من الأحياء والمحليات بعيداً عن المحاصصة والمجاملة والشللية فإن النتائج ستكون باهرة، وخلال مدة وجيزة.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
7 مارس 2025
azim.hassan.aa@gmail.com