خبراء قانونيون لـ"الرؤية": مرافعة عُمان أمام "العدل الدولية" سيخلدها التاريخ.. وموقف السلطنة الداعم للقضية الفلسطينية مشرّف
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
◄ الرحبي: المرافعة تؤكد موقف عمان الراسخ تجاه حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة
◄ الشنفري: السلطنة سلطت الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية لحق تقرير المصير للفلسطينيين
◄ العبري: السلطنة طالبت بحماية الشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال
◄ الزدجالية: عمان كشفت تقصير المجتمع الدولي في حماية الفلسطينيين
الرؤية- فيصل السعدي
أكد عدد من الخبراء القانونيين أنَّ مرافعة سلطنة عمان أمام محكمة العدل الدولية بشأن "الممارسات الإسرائيلية ضد حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية"، عرّت دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تتعمد انتهاك القوانين الدولية، مضيفين أن هذه المرافعة أكدت الموقف الراسخ للسلطنة تجاه القضية الفلسطينية.
وقدّمت سلطنة عُمان مرافعة شفوية تاريخية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بمملكة نيذرلاندز، بشأن "الممارسات الإسرائيلية ضد حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية".
وأكدت سلطنة عُمان في المرافعة التي ألقاها نيابة عن حكومة سلطنة عُمان سعادة السفير الدكتور الشيخ عبدالله بن سالم الحارثي سفير سلطنة عُمان لدى مملكة نيذرلاندز، أنه منذ أكثر من 75 عاما يعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال والقمع والظلم والإذلال اليومي الذي يُرتكب بحقهم من قِبَلِ الإسرائيليين، وفي الوقت نفسه فشل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية في مساعدة الشعب الفلسطيني على تحقيق تطلعاته من خلال إقامة دولته المستقلة.
وأوضحت سلطنة عُمان أن العالم يشهد في غزة منذ 4 أشهر واحدةً من أبشع الفظائع وأعمال الإبادة الجماعية في العصر الحديث، استشهد على إثرها أكثر من 29 ألفَ شخص، وأكثر من 68 ألفَ جريح، بالإضافة إلى 2.2 مليون يعيشون تحت وطأة الفقر في ظروف لا تطاق، ونقلهم من مكان إلى آخر في انتهاك واضح للأعراف الدولية.
وأكّد سعادته أن سلطنة عُمان تؤيد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (77/247) المؤرخ في 30 ديسمبر 2022 والذي طلبت فيه الجمعية من المحكمة إصدار رأي استشاري في مسألتين محددتين وهما: العواقب القانونية الناجمة عن انتهاك إسرائيل المُستمر للاتفاقية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واحتلال الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، بما فيها مدينة القدس الشريف، علاوة على إجراءاتها الهادفة إلى تغيير التركيبة السكانية، وطابعها، ووضعها، واعتمادها للتشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة، مضيفا:المسألة الثانية تتمثل بأن سياسات إسرائيل وممارساتها تؤثر على الوضع القانوني للاحتلال، وما يترتب على هذا الوضع من آثار قانونية على كافة الدول والأمم المتحدة.
ويقول المحامي خليفة بن مرهون الرحبي أمين سر جمعية المحامين العمانية، إن المرافعة التي قدمتها سلطنة عمان ممثلة في سفير السلطنة بممكلة نيذرلاندز أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، تعبر عن موقفها الثابت الداعم للقضية الفلسطينية، وتؤكد موقف السلطنة المؤيد لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أساس حدود ما قبل عام 1967، إضافة إلى أن تلك المرافعة تدين الأعمال العدوانية وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أنها تجسد دور السلطنة في دعم العدالة الدولية وحل النزاعات بشكل سلمي وفقاً للقانون الدولي بما يعزز الوحدة والتضامن الإسلامي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية. ويضيف أن مرافعة السلطنة تطرقت للعواقب القانونية الناجمة عن انتهاك إسرائيل المستمر للقوانين والأعراف الدولية بشأن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، خاصة وأن أمد الاحتلال قد طال.
من جهته، يشير المحامي أحمد بن عبدالله الشنفري محامي عليا ومحكم دولي معتمد، إلى أن الجمعية العمومية للأمم المتحدة أصدرت قرارا رقم 77/274 بتاريخ 30 ديسمبر 2022 لطلب رأي استشاري حول الممارسات الإسرائيلية ضد حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
ويوضح الشنفري أن مرافعة سلطنة عمان سلطت الضوء على انتهاكات سلطة الاحتلال الإسرائيلي لحق تقرير المصير للفلسطينيين والتعدي على أراضي الفلسطينية وضمها بالقوة وانتهاك مواد القانون الدولي، مشددا على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي لموقف حازم يمنع هذه الممارسات العنصرية، مضيفا أن طلب المحكمة الدولية رأي استشاري هو إجراء غير ملزم قانونيًا على الدول وإنما هو التزام أخلاقي وأدبي من الدول، وأن هذا القرار ليس هو الأول لدولة فلسطين فقد سبق لمحكمة العدل الدولية أن أصدرت في يوليو 2004، قرارا بأن الجدار العازل الذي تقيمه إسرائيل في الضفة الغربية ينتهك القانون الدولي ويجب تفكيكه، وبرغم ذلك استمر وجوده حتى الآن.
ويذكر الشنفري: "على الرغم من انعقاد جلسات الاستماع التي بدأت في 19 من فبراير وتستمر حتى 26 من الشهر نفسه، وكل هذه الجهود والمرافعات والآراء والمواقف العربية والدولية، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل ارتكاب الجرائم العنصرية دون توقف، ويواصل ارتكاب المذابح المروعة بحق الفلسطينيين في غزة، في تحدّ واضح وصريح للقانون والدولي وللمنظمات الدولية".
ويقول المحامي خميس بن راشد العبري، محام أمام المحكمة العليا بمكتب الهنائي وشركاه، إن جلسات المرافعة أمام محكمة العدل الدولية جائت بقرار سابق من الجمعية العامة للأمم المتحدة وبطلب من محكمة العدل الدولية، موضحًا أن محكمة العدل الدولية هي جهاز قضائي رئيسي في الأمم المتحدة وبتالي تتولى عملية الفصل في النزعات القانونية التي تنشأ بين الدول كما تقدم آراء استشارية بشأن المسائل التي يتم إحالتها من أجهزة الأمم المحدة ووكالاتها المتخصصة.
ويلفت العبري إلى أن مرافعة سلطنة عمان أمام محكمة العدل الدولية جاءت تأكيدا على موقفها الداعم بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مبينا:"في سياق المرافعة تشير سلطنة عمان إلى مبدأ الأرض مقابل السلام، وتطالب بتطبيق رؤية المجتمع الدولي وهي حل الدولتين والعمل بمبادئ القانون الدولي وحماية الشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال".
من جهتها، تثمن المحامية ريم بنت نور الزدجالية مرافغة سلطنة عمان والتي سلطت الضوء على تقصير المجتمع الدولي والمنظمات الدولية في مساندة الشعب الفلسطيني منذ بدء الاحتلال وحتى اليوم، حيث تمارس إسرائيل سيطرتها على جميع جوانب الحياة للفلسطينيين بما في ذلك الأمن والحركة.
وتشيد الزدجالية بمطالبات السلطنة للمجتمع الدولي بضرورة منع الضم غير القانوني للأراضي الفلسطينية، باعتبار أن مثل هذه الجرائم تعتبر انتهاكاً للقانون الدولي بما في ذلك انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة والتي تخص حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، وهي إحدى المعاهدات الأربع لاتفاقيات جنيف والتي أوضحت حظر الاحتلال في نقل سكانها المدنيين الى الاراضي التي تحتلها والتي أصدرت فيها العديد من القرارات في الأمم المتحدة في عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية ودعت لوقفها لمخالفتها للمادة 49 من اتفاقية جنيف والتي تخص النقل الجبري الجماعي وترحيل الأشخاص جبرا.
وأضافت الزدجالية: "من الدفوع المهمة للسلطنة ما يتعلق بالمادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة والذي ينص على حفظ السلم والأمن الدولي، واتخاذ التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم وإزالتها، وقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، والتذرّع بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان وتركيا.. علاقات مُتجذرة في أعماق التاريخ
العُمانية: تتطلّع سلطنة عُمان وجمهورية تركيا إلى تحقيق المزيد من الإنجازات في العلاقات الثنائية والتعاون التجاري والاستثماري والثقافي والأكاديمي بين البلدين الصديقين بعد مرور 50 عامًا من العلاقات الدبلوماسية التي بدأت في 18 يونيو 1973م.
وتأتي زيارةُ «دولة» لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظهُ اللهُ ورعاهُ، إلى جمهورية تركيا التي تبدأ الخميس للقاء فخامة الرئيس رجب طيّب أردوغان رئيس جمهورية تركيا تعزيزًا لمسيرة التعاون المثمر بين البلدين الصديقين وحرصًا من قيادتي البلدين على دعم المصالح المشتركة في مختلف المجالات ودفعها وتوسيع آفاقها.
وتجمع البلدين علاقاتٌ دبلوماسية وتاريخٌ مشتركٌ حيث تم افتتاح سفارة سلطنة عُمان في أنقرة عام 1985م وسفارة جمهورية تركيا في مسقط عام 1986م، ويسعيان مِن خلالهما إلى توثيق أواصر التعاون وتوطيد علاقات الصداقة التي امتدّت جذورها إلى القرن السادس عشر، وهي علاقاتٌ متميزةٌ وتشهد نموًّا ملحوظًا وتطوّرًا كبيرًا في العديد من المجالات وعلى كل الأصعدة وتستند إلى أرضية متينة.
وفي الجانب السياحي يسعى البلدان إلى تعزيز التعاون السياحي من خلال تنظيم الفعاليات واللقاءات التي تدعم استقطاب السياح الأتراك لزيارة سلطنة عُمان والتعرف على المقومات السياحية التي تتميز بها.وفي مجال التعليم العالي وقّعت سلطنة عُمان وجمهورية تركيا في أكتوبر الماضي على مذكرة تفاهم تتضمن تبادل المنح الدراسية والأكاديمية، والاعتراف المتبادل لمؤسسات التعليم العالي بين الجانبين، ونقل العلوم والمعارف والتكنولوجيا، وعقد وتنظيم الدورات التدريبية، والحلقات، والندوات، والمؤتمرات، والمنتديات الثنائية، وإجراء الأبحاث العلمية.ووقّع البلدان كذلك على مذكرة تفاهم بشأن إنشاء «معهد يونس أمره لتعليم اللغة التركية» في مسقط خلال اجتماع اللجنة العُمانية التركية المشتركة الذي عُقد في أنقرة في عام 2022م، بالإضافة إلى توقيع جامعة السُّلطان قابوس ووقف المعارف التركي على اتفاقية في عام 2019م لتمكين اللغة التركية وتدريسها بصفتها دورة اختيارية بالجامعة.
كما وقّعت سلطنة عُمان وجمهورية تركيا في 2010م على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال المحفوظات ممثلة بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عُمان والمديرية العامة لأرشيف الدولة التابع لرئاسة الوزراء التركية تتيح التعاون في مجال المحفوظات بين البلدين وتسهيل حصول سلطنة عُمان على نسخ الوثائق والمحفوظات من الأرشيفات التركية.
وستساعد هذه المذكرة على تبادل الخبرات وإقامة الملتقيات العلمية والوثائقية وابتعاث مختصين من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية للتدريب في الأرشيف التركي وتبادل الخبرات من كلا البلدين.
وفي 17 مايو 2023م أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية 4 إصدارات جديدة تتحدث عن «عُمان في الوثائق العُثمانية.. ثلاثمائة وسبعون عامًا من العلاقات التاريخية» حيث ارتبطت سلطنة عُمان بتاريخ ممتدّ من العلاقات التاريخية مع الدولة العثمانية طوال فترة حكم السلاطين العُثمانيين، وتم الكشف عن عمق هذه العلاقات من خلال التدقيق في وثائق الأرشيف العثماني التي أفردت لها ثلاثة مجلدات، وجاء الجزء الرابع بعنوان «العلاقات العُمانية التركية في وثائق الجمهورية التركية» تأكيدًا على العلاقة الطيبة بين البلدين، واستمرارًا للبحث والتقصي عن الوثائق التي تربط سلطنة عُمان بجمهورية تركيا، حيث تم البدء بمشروعات مكثفة باستخدام أرشيفات الدولة في الجمهورية التركية، وفحص الوثائق الموجودة فيها بدقة كبيرة، ليتم نشرها في المستقبل في سلسلة من الإصدارات لتشجيع البحث العلمي والإبداع الفكري، وتم تحقيق عدد كبير من تلك الوثائق ونشرها في خمسة مجلدات حتى الآن باللغات العربية والتركية والإنجليزية. وأقيم في الفترة من 5 - 21 أغسطس 2024م معرض وثائقي بعنوان «ذاكرة وطن» في مدينة صلالة بمحافظة ظفار بحضور عدد من المسؤولين العُمانيين والأتراك ركّز على العلاقات التاريخية بين سلطنة عُمان والجمهورية التركية.
وقال سعادةُ سيف بن راشد الجهوري سفيرُ سلطنة عُمان المعتمد لدى جمهورية تركيا إن زيارة «دولة» يقوم بها حضرةُ صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم،حفظه الله ورعاه، لجمهورية تركيا، تأتي في سياق الزيارات التاريخيّة بكل المقاييس، فهي أول زيارة رسميّة بهذا المستوى من جانب سلطنة عُمان في التاريخ الحديث للعلاقات بين سلطنة عُمان وجمهورية تركيا.
العلاقات الدبلوماسية
وأضاف سعادتُه في تصريح خاص لوكالة الأنباء العُمانية أن هذه الزيارة تتزامن مع احتفاء البلدين بالذكرى الـ 50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، كما تتزامن مع احتفال تركيا بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية وإعلان فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رؤية «قرن تركيا»، المئوية الثانية، مئوية مستقبل تركيا، وتحمل رمزية استثنائية كونها تعكس رغبة مشتركة في استمرار التعاون والعلاقات التاريخية المتجذّرة بين سلطنة عُمان والدولة التركية التي تمتدّ إلى أكثر من ثلاثة قرون.
وأشار سعادتُه إلى أن هذه الزيارة تمثل مستقبل العلاقات بين البلدين، حيث ستشكّل جلسة المباحثات الثنائية التي ستجمع بين جلالتِه ـ أبقاهُ اللهُ ـ وفخامة الرئيس التركي بداية لمرحلة جديدة ومميزة للعلاقات الثنائية، وستضع الأسس القوية لبناء علاقات استراتيجية بين البلدين، بما يخدم مصالحهما المشتركة ويعود بالنفع على الشعبين العُماني والتركي، ويعزز دور البلدين في الساحتين الإقليمية والدولية.وبيّن سعادتُه أنه سيتم خلال الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون بين سلطنة عُمان وجمهورية تركيا الصديقة في العديد من مجالات التعاون الثنائية بما فيها المجالات السياسية والدبلوماسية، والتعاون الاقتصادي والتجاري والمالي والاستثماري، والتعاون العسكري والتصنيع الدفاعي، والنقل والاتصالات والطاقة وإدارة الطوارئ، والثقافة والتعليم العالي والبحث العلمي، ومجالات الإعلام ووكالات الأنباء، إضافة إلى مجالات الصحة والعلوم الطبية، والعمل وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وكان للجنة العُمانية التركية المشتركة العديد من الاجتماعات آخرها الاجتماع الحادي عشر الذي عُقد في ٣ نوفمبر٢٠٢٢م في أنقرة وتم خلاله التوقيع على بروتوكول تعاون بين البلدين الصديقين، وسعت سلطنة عُمان إلى جلب الاستثمارات التركيّة وإيجاد شراكات متنوعة لرفد الاقتصاد الوطني وإتاحة المجال للاستفادة من خبرات وإمكانات الشركات من مختلف دول العالم ضمن رؤية عُمان 2040 الاستراتيجية لتنويع الاقتصاد وفتح أبوابه للاستثمارات.
وفي هذا السياق أشار سعادتُه إلى أن اللجنة المشتركة هي المحرك الرئيس للعلاقات الاقتصادية والتجارية والفنية بين البلدين، ومن المقرر أن تعقد اجتماعها القادم في مسقط خلال شهر ديسمبر القادم، حيث ستقوم بمتابعة تعزيز جوانب العلاقات الاقتصادية والتجارية والفنية والاستثمارية بين البلدين بما يعود بالنفع على الشعبين العُماني والتركي.
ووضّح سعادتُه أن هناك العديد من القطاعات التجارية والاقتصادية التي تتوافر فيها فرص للتعاون المشترك بين شركات القطاعين العام والخاص في سلطنة عُمان وجمهورية تركيا ومنها على سبيل المثال القطاع اللوجستي؛ نظرًا لموقع سلطنة عُمان الاستراتيجي بصفتها بوابة إلى الخليج العربي والأسواق الآسيوية والإفريقية.
تطوير قطاع السياحة
وأضاف سعادتُه أن هناك إمكانات كبيرة لتطوير قطاع السياحة بين البلدين، فيمكن للقطاع الخاص التعاون في إنشاء وتشغيل الفنادق والمنتجعات السياحية والمرافق السياحية، أما في قطاع الصناعة، فيمكن تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التصنيع، خاصة الصناعات التحويلية مثل تصنيع المنتجات الغذائية، والمنتجات البلاستيكية، وغيرها من الصناعات. وفي قطاع الطاقة توجد إمكانات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، ويمكن للشركات التركية المتخصصة فيها البدء بتطوير مشروعات طاقة نظيفة في سلطنة عُمان.
وفي قطاع البناء والتشييد، تعد الشركات التركية من بين الشركات الرائدة في هذا المجال، وهناك فرص للتعاون في المشروعات العقارية الكبرى، والخاصة بالموانئ والمطارات والمستشفيات، وفرص نمو في قطاع الزراعة وصناعة الأغذية، حيث يمكن للشركات التركية الاستفادة من الإمكانات الزراعية في سلطنة عُمان وتوسيع نطاق التعاون في إنتاج وتوزيع المنتجات الزراعية والغذائية.
وحول الاستثمارات العُمانية في جمهورية تركيا، قال سعادتُه إن جهاز الاستثمار العُماني يملك حصة أساسية في ميناء كمبورت ذي الموقع الإستراتيجي على الجانب الأوروبي من إسطنبول منذ عام 2011م، ويمثل الميناء البوابة الرئيسة للبضائع الاستهلاكية لمدينة إسطنبول، كما يقدم مجموعة من الخدمات مثل مناولة الحاويات والبضائع العامة، وخدمات الدحرجة، بالإضافة إلى خدمات التخزين والتفريغ.
وأشار سعادتُه إلى أن الاتفاقية التي وقّعت عليها الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال وشركة بوتاش التركية، تعد ذات أهمية خاصة للبلدين الصديقين، فهي أول اتفاقية لتصدير الغاز العُماني إلى سوق جديد وهو السوق التركي ذو الأهمية الخاصة بالنسبة لسوق الطاقة العالمي سواء لتلبية حاجة السوق الداخلي التركي أو التصدير للأسواق الأوروبية.
وأشار سعادتُه إلى أن العديد من المسؤولين الأتراك أكدوا على أن هذه الاتفاقية ذات أهمية كبيرة بالنسبة لبلادهم كونها تأتي في فترة زمنية تعمل فيها جمهورية تركيا على تجديد العديد من تعاقداتها في مجال الطاقة، وسيسهم الغاز العُماني المسال في زيادة تنويع مصادر الطاقة التركية خلال العقد القادم ما يسمح بإقامة مزيد من التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة بمختلف جوانبها التقليدية والمتجددة.وبيّن سعادتُه أن البلدين يعتزمان التوقيع خلال هذه الزيارة على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة تشمل العديد من الجوانب بما فيها النفط والغاز والهيدروجين والكهرباء والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.وفي المجال السياحي قال سعادتُه إن جمهورية تركيا تشتهر بأنها وجهة سياحية عالمية بفضل المقومات السياحية التي تمتلكها من طبيعة وتراث وشواطئ وبنية أساسية وخدمات متنوعة للسائحين وقد بلغ عدد الزائرين العُمانيين إلى تركيا خلال عام 2023م حوالي 95 ألفًا مقارنة بـ 130 ألفًا في عام 2022م.
وينشط التعاون بين الجامعات في البلدين وإقامة البرامج الأكاديمية المشتركة وتبادل الوفود الطلابية، ويعد برنامج التعاون المشترك بين جامعة السُّلطان قابوس وجامعة مرمرة نموذجًا لهذا التعاون الذي يمتد لأكثر من عشر سنوات، وشمل مشاركة عشرات الأكاديميين والطلبة في برامج أكاديمية وبحثية في الجامعتين.
واختتم سعادتُه حديثه بأن معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قامت بزيارة رسمية إلى جمهورية تركيا في شهر أكتوبر الماضي، وشهدت التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والتدريب المهني بين الجانبين، كما وقّعت بعض الجامعات العُمانية والتركية على اتفاقيات تعاون فيما بينها.
من جانبه قال سعادةُ السّفير الدّكتور محمد حكيم أوغلو، سفيرُ جمهورية تركيـا المعتمد لدى سلطنة عُمان إن زيارة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم،حفظه الله ورعاه، إلى جمهورية تركيا تأتي تلبيةً لدعوة من فخامة رئيس جمهورية تركيا وهي الزيارة الأولى من نوعها بهذا المستوى منذ حوالي 40 عامًا.
التوقيع على عدد من الاتفاقيات
وأضاف سعادتُه أنه بهذه المناسبة سيتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والدفاعية والثقافية والعديد من المجالات الأخرى، كما ستسهم هذه الزيارة بتعزيز وتسريع العلاقات الثنائية التي من شأنها أيضا تقوية وتعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات.
وأكد سعادتُه في تصريح خاصّ لوكالة الأنباء العُمانية أن العلاقات التركية العُمانية مُتجذِّرةٌ في أعماق التاريخ بلغت ذروتها خلال الحقبة العُثمانية حيث دفعت هذه الشراكة الاستراتيجية سلاطين البلدين إلى تبادل رسائل مِلْؤُها الودُّ والاحترامُ والثناءُ لبعضهم البعض، ومدّ يد العون والمساعدة عسكريًّا واقتصاديًّا كُلَّما اقتضت الضرورة ومصلحة الدولتين.
وقد أدّت هذه الشراكة بين الدولتين إلى تعزيز التقارب بين الشعبين نتيجة هذا التفاعل الثقافي والاجتماعي الذي ضاعف من قوة العلاقات السياسيّة والعسكرية والروابط بين الشعبين بالشكل الذي أسهم بتعزيز المحبة المتبادلة المستمرة بينهما.
وأكد على أن زيارة جلالة السُّلطان المعظم،حفظه الله ورعاه، ستفتح آفاقًا جديدة في علاقات البلدين من خلال التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي ستتيح للبلدين فرصًا واسعة للتعاون في مجالات متنوعة وستسهم بتسريع وتيرة الزيارات رفيعة المستوى بين الشركات ورجال الأعمال في كلا البلدين.
وفي إطار رؤية عُمان 2040 وضّح سعادتُه أن سلطنة عُمان بدأت في إعطاء الأولوية لتطوير الأنشطة التجارية والصناعية غير النفطية، وهو ما نراه فرصة عظيمة لبلدنا الذي يمتلك أكبر صناعة إنتاجية في المنطقة حيث تعدّ سلطنة عُمان -الدولة الوحيدة في منطقة الخليج التي تملك موانئ مفتوحة- مركزًا رئيسًا يوفر إمكانية التصدير والوصول إلى أسواق جنوب آسيا وشرق إفريقيا.
وتعدّ مدينة الدقم من أهم الموانئ في سلطنة عُمان ذات أهمية محورية، وفي هذا السياق فإن مساعينا بشأن إنشاء منطقة صناعية تركية في الدقم مستمرة. وإن إنشاءها سيوفر فوائد كبيرة للاقتصادين التركي والعُماني من خلال تعزيز الإنتاج وتوفير فرص العمل وتحقيق إيرادات مهمة من الصادرات وأن هذا المشروع سيشكل نقلة نوعية في علاقاتنا الثنائية، وسيكون مصدر ربح لكلٍّ من تركيا وسلطنة عُمان.
وأضاف سعادتُه أنه في إطار الاتفاقية الموقّع عليها بين شركة بوتاش التركية وشركة عُمان للغاز الطبيعي (Oman LNG) سيتم توريد مليون طن سنويًّا من الغاز الطبيعي المسال من عُمان ابتداءً من عام 2025 ولمدة 10 سنوات حيث تسهم هذه الاتفاقية في تعزيز أمن الطاقة في كلٍّ من تركيا وعُمان، إضافة إلى تحقيق رؤية تنويع مصادر الطاقة بما يعزز التعاون القائم بين البلدين.
العلاقات العُمانية التُّركية
من جانب آخر، وضّح سعادةُ فيصل بن عبد الله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان أن العلاقات العُمانية التُّركية ترتكز على سنوات طويلة من الصداقة والتعاون المشترك في العديد من المجالات، منها التعاون الاقتصادي بين البلدين الصديقين الذي حقق نموًّا كبيرًا خلال الأعوام الماضية.
وقال سعادتُه في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن زيارة «دولة» يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم،حفظه الله ورعاه، إلى جمهورية تركيا ستشكّل نقلةً نوعيةً في دعم هذه العلاقات خاصة وأن المباحثات بين جلالة السُّلطان المعظم،أيّدهُ اللهُ، وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان ستضع الأطر اللازمة لمواكبة العلاقات بين البلدين في المجال الاقتصادي على وجه الخصوص لمتطلبات هذه المرحلة التي يطمح فيها الجانبان لتحقيق الأهداف التنموية والدفع نحو المزيد من النمو والازدهار. وأضاف سعادتُه أن القطاع الخاص في البلدين قد عمل على بلورة هذا التعاون من خلال مجلس الأعمال العُماني التركي الذي يقوم بدور كبير لتوفير البيئة المناسبة لرجال الأعمال من الجانبين لبحث فرص التعاون الاستثماري والإسهام في رفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين. وبيّن سعادتُه أن هذه الزيارة تأتي تأكيدًا على عمق الروابط التاريخيّة بين سلطنة عُمان والجمهورية التركية، ورغبةً صادقةً من قيادتي البلدين الصديقين بفتح آفاق أوسع للتعاون في كافة المجالات التجارية والاستثمارية، وستمكن الجانبين من الاستفادة من الفرص الواعدة والتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي من شأنها تأسيس مشروعات استراتيجية مشتركة تسهم برفع مستويات الاستثمار المتبادل.
وقال سعادتُه إن الزيارة ستتيح للشركات التركية والعُمانية استكشاف فرص التعاون المثمر في إطار اقتصادي واستثماري ميسّر، ما يدعم تطلعات البلدين نحو النمو الاقتصادي المستدام وتوفير فرص العمل وتعزيز الابتكار.
وأضاف سعادةُ رئيس مجلس إدارة الغرفة أن سلطنة عُمان تسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات التركية إلى المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرّة التي تقدم حوافز وميزات تنافسية عالية، ما يسهم في تنويع الاقتصاد العُماني ورفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين، وتؤكد هذه الزيارة على اهتمام الجانبين بتمكين القطاع الخاص من الاضطلاع بدور محوري في دعم التعاون الاقتصادي من خلال توفير البيئة الملائمة للاستثمار والشراكة.
ورحّب رئيس لجنة العلاقات التركية العُمانية في مجلس الأعمال الاقتصادية يونس أته بالزيارة التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم - حفظهُ اللهُ ورعاهُ - إلى تركيا، معربًا عن أمله في أن تنعكس إيجابًا على علاقات البلدين.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: العلاقات التركية العُمانية تطورت خلال السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق معتمدة على سنوات طويلة من الصداقة والتعاون المشترك بعديد من المجالات والملفات والقضايا خصوصًا بعد الحملة الكبيرة التي أطلقها الرئيس أردوغان لتعزيز العلاقات مع الدول الخليجية وكانت سلطنة عُمان في مقدمة الدول التي حظيت باهتمام القيادة التركية خلال الفترة الأخيرة والتي تقاطعت رؤيتها 2040 الاستراتيجية مع رؤية تركيا.
وبيّن أن عمق العلاقات التركية العُمانية أسهم بصورة كبيرة في تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية، ليس فقط على المستوى الثنائي؛ وإنما على المستوى الإقليمي.