حينما رأى طبيب التخدير الفلسطيني الدبابات الإسرائيلية تقترب من مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوبي قطاع غزة، تذكر الصور التي انتشرت لأشخاص أجبروا على خلع ملابسهم وجلسوا معصوبي العينين، وقرر النزوح إلى رفح حيث تتواجد أسرته.
ورصد تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أوضاع الأطباء في قطاع غزة في ظل الحرب المستمرة لأكثر من 4 أشهر، وبات مصير هؤلاء الأطباء ما بين "النزوح أو الاحتجاز أو الموت".
رفض طبيب التخدير الذي تحدثت معه الصحيفة الكشف عن هويته خوفا على حياته، وقال إنه رأى القوات الإسرائيلية "تُخفي الأطباء" خلال مداهمات للمستشفيات المحاصرة والمنهارة في القطاع، موضحا أنه كان يخشى أن يتم اتهامه بدعم حركة حماس (المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية).
وقرر الطبيب الفلسطيني، وهو أب لستة أطفال، الفرار من مستشفى ناصر في 26 يناير الماضي، لينضم إلى الكثير من الأطباء النازحين أقصى جنوبي القطاع.
"جحيم".. الأوضاع الصحية تواصل التدهور في غزة رغم المخاوف من الضربات الصاروخية والرصاص في غزة، إلا أن خطرا أخر يلوح في الأفق، ويهدد السكان خاصة في المدن جنوب القطاع حيث يستضيف مئات الآلاف من النازحين.وبدأت إسرائيل هجماتها بعدما نفذت حماس هجوما على إسرائيل ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1160 شخصا، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق تعداد أجرته وكالة فرانس برس بناء على بيانات إسرائيلية رسمية.
وقتل ما يقرب من 30 ألف فلسطيني في غزة، غالبيتهم من النساء والقصر، منذ بدء الحرب يوم 7 أكتوبر، وفقا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في القطاع.
وقال طبيب التخدير لصحيفة "واشنطن بوست" من مدينة رفح: "كان هناك الكثير من الطلقات النارية والدمار، واضطررت إلى المغادرة لأن لدي عائلة كبيرة هناك مسؤول عنها".
وغادر الطبيب خان يونس رفقة 3 من العاملين في القطاع الطبي، لكنه كان الوحيد الذي تمكن من الوصول إلى رفح، بحسب الصحيفة.
وتسيطر القوات الإسرائيلية على الطرق الرئيسية في القطاع، فيما كانت رحلة النزوح "مرعبة" لدرجة أن زملاءه الثلاثة قرروا العودة إلى المستشفى"، موضحا أن أحدهما أصيب بالرصاص خلال عودته، طبقا للصحيفة.
وقال شاندرا حسن، جراح السمنة المقيم في شيكاغو، والذي ذهب إلى غزة مع مجموعة "ميد غلوبال" الإغاثية للعمل تطوعا في مستشفى ناصر، إنه رأى "منطقة حرب"، حيث تعرض مجمع المستشفى لقصف مستمر وإطلاق نار وانقطاع في الاتصالات لأيام.
الأونروا: وكالتنا بلغت "نقطة الانهيار" حذر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، الخميس، في رسالة وجهها إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أن الوكالة وصلت إلى "نقطة الانهيار".ووصف للصحيفة الوضع بقوله: "معظم الأطباء نزحوا من مناطق أخرى في غزة. أرادوا تمضية بقية الوقت في خدمة مرضاهم. لا أمل لديهم في الخروج أحياء"، مشيرا إلى أن ما كان يخيفهم بدرجة أكبر لم يكن الموت "بل الإذلال والإهانة" حال اعتقلتهم القوات الإسرائيلية.
ومن بين الأطباء الذين اعتقلوا في غزة، محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء وذلك في نوفمبر الماضي، وفق الصحيفة.
وقالت إسرائيل إنه سمح لحماس باستخدام المستشفى "كمركز للقيادة والسيطرة"، لكنها لم تكشف علانية عن الأدلة.
وصار مستشفى ناصر أحدث منشأة صحية تتحول إلى ساحة للقتال في الصراع بين إسرائيل وحركة حماس، المستمر الآن للشهر الخامس.
وتقول إسرائيل إن حماس، التي تدير قطاع غزة منذ عام 2007، تستخدم المستشفيات "في أنشطتها الإرهابية"، وهو ما تنفيه الحركة وتقول إن مزاعم إسرائيل تستخدم كذريعة لتدمير نظام الرعاية الصحية.
وحذرت وزارة الصحة في غزة من أن تكدس النازحين في البرد "زاد من انتشار الأمراض التنفسية والجلدية وأمراض معدية أخرى" من بينها التهاب الكبد الوبائي".
وهذا ما أكدته منظمة الصحة العالمية التي قالت في يناير الماضي إن "التهاب الكبد الوبائي أ" ينتشر في غزة، ناهيك عن انتشار اليرقان الناجم عن الالتهابات، وارتفاع حالات الإسهال لدى الأطفال، وكل ذلك يرتبط بسوء الصرف الصحي، وفقا لليونسيف.
وفي 20 فبراير الجاري، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء، أنه أوقف مؤقتا تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال غزة، حتى تسمح الظروف في القطاع الفلسطيني بتوزيع آمن.
وذكر البرنامج في بيان أن "قرار وقف تسليم المساعدات إلى شمال قطاع غزة لم يتم اتخاذه باستخفاف؛ لأننا ندرك أنه يعني تدهور الوضع أكثر هناك وأن عددا أكبر من الناس سيواجهون خطر الموت جوعا".
وفي رفح، أنشأ بعض الأطباء النازحين عيادات مجانية في المخيمات والملاجئ للناس الذين فروا جراء الحرب.
ومن بينهم طبيب التخدير الذي رفض الكشف عن هويته، وهو يعمل عدة أيام في الأسبوع بمستشفى النجار في رفح. وقال إن معظم المرضى الذين عاينهم يعانون من جروح بليغة، إذ يموت بعضهم لدى وصولهم.
ومن إحدى خيام النايلون في رفح، حيث هناك أكثر من 1.5 مليون شخص في المدينة الحدودية مع مصر، تساءل طبيب التخدير الذي رفض الكشف عن هويته: "لو حدث هجوم في رفح، أين يمكننا الذهاب؟".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: طبیب التخدیر فی القطاع قطاع غزة فی غزة فی رفح
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يناقش احتمالات وقف صفقة التبادل ويهدد بالعودة للقـ.تال فورا
أفادت وسائل إعلام إسرائيلي نقلا عن مصادر، بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيعقد اليوم مشاورات أمنية لمناقشة احتمالات وقف صفقة التبادل وإمكانية العودة للقتال فورا.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس، اليوم الخميس إنه تلقى ضمانات من الوسطاء في اتفاق غزة، بوقف المشاهد التي يجري تنظيمها من جانب حركة حماس خلال عمليات تسليم والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين الموجودين في القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.
وتطرق بيان مكتب نتنياهو، إلى المشاهد التي بثت من خان يونس خلال عملية تسليم الرهائن في وقت سابق اليوم، مؤكدا أنها لن تتكرر في عمليات الإفراج المستقبلية، بعد أن أشارت التقارير إلى أنها وافقت على إطلاق سراح سجين فلسطيني تأخر بسبب الفوضى.
وأوضح البيان أنه "بناء على طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، تعهد الوسطاء بضمان مرور آمن للرهائن في عمليات الإفراج القادمة".
وأضاف البيان: "تصر إسرائيل على تعلم الدروس وأن الجولات القادمة ستولي اهتمامًا أكبر بضمان العودة الآمنة لرهائننا".
ولم تتطرق الرسالة بشكل مباشر إلى التأخير في إطلاق سراح 110 أسرى فلسطينيين، والذي تأخر في أعقاب الغضب الإسرائيلي مما جرى خلال الإفراج عن الرهائن أربيل يهود، وغادي موزيس، وبونجساك ثينا، وساتيان سواناخام، وواتشارا سرياون، وبناوات سيثاو، وسوراساك لامناو أثناء تسليمهم إلى الصليب الأحمر.