الجزيرة:
2025-02-07@04:20:10 GMT

على أبواب رفح .. تجديد سؤال النصر والهزيمة

تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT

على أبواب رفح .. تجديد سؤال النصر والهزيمة

تكرّرت كلمة "الهزيمة" مرارًا على ألسنة مسؤولين إسرائيليين في الأسبوع الأخير، وشاركهم في هذا مسؤولون غربيون. تلوك ألسنتهم حديثًا مستمرًا عن الانكسار المحتمل في وقت تواصل فيه آلة القتل الإسرائيلية، بمساعدة غربية ظاهرة، حصد أرواح الفلسطينيين، وتدمير مدنهم وبلداتهم ومخيماتهم، ودفع أغلبهم، تحت سلطان التجويع والتعطيش ونقص الأدوية والعلاج، إلى حافة التهجير القسري.

خاتمة مفجعة

نعم، يوظّف المسؤولون الإسرائيليون "هاجس الهزيمة"؛ لتخويف شعبهم من هذه الخاتمة المفجعة لجيشهم، فلا يكون أمام الناس من سبيل إلا أن يصمتوا عن مواصلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحرب، بل يباركوها، حتى يضمن ألا يلحق به العقاب إن سكتت المدافع، مرة لخَسارة الحرب، وأخرى مؤجلة من قبلها لفساده، وخلافات سياسية داخلية طافية على السطح.

لكن هذا لا يخفي حقيقة وجود شعور لدى إسرائيليين بهزيمة فعلية، مع عدم قدرة جيشهم على تحقيق الأهداف حتى الآن. نعم، دمر هذا الجيش غزة، وقتل من أهلها وأصاب عشرات الآلاف، لكن هذا لا يعني النصر في نظر إسرائيليين سبق لهم أن رأوا جيشهم يدمر ويقتل ويصيب الفلسطينيين بغزة والضفة الغربية معًا على مدار عقود، دون أن يشبع.

إن النصر لدى الإسرائيليين لا يعني فقط تحقيق الأهداف المباشرة للحرب، وأولها إعادة الأسرى دون لجوء إلى تفاوض، واستئصال حماس أو على الأقل تدمير قدراتها وإجبارها على الاستسلام، أو القبض على قادتها الكبار، إنما يمتد إلى الأبعد، وهو أن يعود جيشهم يفعل ما يقوله، ويحقق ما يضعه من أهداف، والأهم أن يظل قادرًا على الردع والتخويف، فيبقى مهابًا في نفوس كل الجيوش التي تحيط بإسرائيل، وكل فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرهما.

خسائر معنوية

يدرك نتنياهو هذا، لكنه يبدو حتى الآن عاجزًا عن بلوغ مثل هذا "النصر" الذي يسكن أذهان الإسرائيليين ومخيلاتهم، ومع هذا فهو غير قادر على إعلان هذا العجز، ولذا لا يجد أمامه من سبيل سوى رهن كل شيء بهجوم يريد شنّه على رفح، زاعمًا أنها آخر معاقل حماس، أو أنها المكان الذي يختبئ فيه قادة المقاومة. ويقوم طوال الوقت بتسويق هذا التصور على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

تبدو رفح، وفق هذا التصور الإسرائيلي، هي المفاصلة أو المعركة الحاسمة، وتدرك المقاومة من طرفها هذا الأمر، وتضع نصب عينيها مسألة أخرى، تتعلق بتهديدات لا تتوقف عن إجبار الفلسطينيين – الذين تكدسوا في رفح ومحيطها، وحتى مرمى حجر من الحدود المصري – على الخروج القسري.

وتدرك المقاومة، أن تنفيذ هذا ـ لا قدر الله ـ يرضي الإسرائيليين، ويجعلهم يغضون الطرف عن الخسائر الأخرى لجيشهم، ويتغافلون، ولو نفسيًا، عن التفكير في عجزه عن تحقيق الأهداف التي حددها للحرب منذ البداية.

وإقدام إسرائيل على مهاجمة رفح ليس بالعمل الهين، إذ يواجه عدة عقبات، أولها وجود زحام من المدنيين في هذه المنطقة الضيقة، ما يعني تزايد احتمالات الإفراط في القتل والإصابة، وهي مسألة، إن كان الجيش الإسرائيلي لا ينشغل بها لذرائع دينية وعسكرية، فإن ساسة إسرائيل وقادة الرأي فيها يعرفون جيدًا أن مثل هذه الجرائم ستزيد من انتقادات تنهمر من كل أنحاء العالم على رأس إسرائيل، وتسببت على مدار أيام الحرب، في خسائر معنوية جمة، على رأسها جرح الصورة التي رسمتها تل أبيب لنفسها طوال عقود من الزمن.

رفض وتحذير

في الوقت نفسه، فإن الحليف الأساسي لإسرائيل في هذه الحرب – وهو الولايات المتحدة الأميركية – يرى في أي عمل عسكري غير مدروس أو محدد المدة والمسار في رفح من شأنه أن يزيد من الكُلفة التي تقع على عاتق إدارة الرئيس الأميركي، في ظل إدراكها تأثير التأييد والمساندة المفتوحة لإسرائيل، في حربها هذه، على شعبية جو بايدن، المُقدِم على انتخابات رئاسية صعبة بعد نحو تسعة أشهر، وهي مسألة تشير إليها استطلاعات الرأي، ومواقف بعض أركان الإدارة والحزب الديمقراطي، وموقف الخصوم السياسيين من الحزب الجمهوري أيضًا.

نعم على السطح، يبدو نتنياهو غير عابئ بشيء سوى مصلحته المباشرة البحتة، لكن في العمق فإن وزن الإدارة الأميركية في القرار الإسرائيلي كبيرٌ، ولا يمكن لتل أبيب أن تمضي في تجاهله إلى النهاية، وهو إن لم يغير من هذا القرار أو يوقفه، فعلى الأقل يضع قيودًا عليه في بعض الأحيان.

الأمر نفسه ينطبق، لكن بدرجة أقل، على موقف حلفاء إسرائيل من الأوروبيين، الذين يواجهون مظاهرات متوالية في بلدانهم رافضة لاستمرار الحرب، وناقدة بوضوح لقتل المدنيين وإصابتهم على هذا النحو الرهيب، ومعترضة أيضًا على تهجير سكان قطاع غزة، بالقتل وتدمير شروط العيش والتجويع والتعطيش والحرمان من العلاج.

وهناك وزن آخر للدول العربية، التي ترفض تهجير أهل قطاع غزة، وترى أن الهجوم البري على رفح قد يجعل التهجير أمرًا واقعًا. وهذا الوزن لا يخلو من اعتبار في ظل إدراك مصر أن اجتياح رفح الفلسطينية يعني ببساطة انتهاك تل أبيب معاهدة السلام التي أبرمتها مع القاهرة في عام 1979.

وقد عبر مسؤولون مصريون عن موقفهم هذا غير مرة عبر تصريحات ومداخلات أو في مباحثات ولقاءات دولية أو خلال المرافعة التي قدمتها مصر أمام محكمة العدل الدولية قبل أيام، التي حملت تحذيرًا من مسألة التهجير.

ضغوط عسكرية وسياسية

في السياق نفسه، تضع إسرائيل نصب عينيها موقف المملكة العربية السعودية الرافض لمهاجمة رفح، وما يترتّب عليه من إلحاق ضرر بالغ بالشعب الفلسطيني، سواء بالقتل أو التهجير الإجباري. فقبيل انطلاق الحرب كان هناك حديث قوي عن قرب تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وهذا المسار إن كان قد توقف باندلاع الحرب، فإن أمل الإسرائيليين وخلفهم الإدارة الأميركية في استئنافه لم ينقطع.

علاوة على هذا فإن اجتياح رفح قد يزيد من الضغوط على إسرائيل، عسكريًا من الجبهتين اللبنانية واليمنية، أو سياسيًا من دول عربية وإسلامية، وأخرى في أفريقيا وأميركا اللاتينية، وجميعها ترفض استمرار العدوان، وترفض بشكل أشد إخراج الغزيين قسرًا من أرضهم.

لكن هذه القيود، على أهميتها، ربما لا تشكل الوزن الكافي لغلّ يد نتنياهو، الذي يبدو مستعدًا لحرق كل شيء في سبيل بقائه رئيسًا لوزراء إسرائيل، أو تأجيل عقابه، خاصة أنه قد نجح في إقناع قطاع كبير من الإسرائيليين بأنّ معركة رفح نقطة تحول فاصلة ليس في مسار الحرب نحو نصر أو هزيمة، إنما في تاريخ إسرائيل برمّته، التي ترى نفسها تخوض في غزة حرب وجود.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها

قال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، خلال تصريحاته مساء اليوم الاربعاء،  بأنه  سيتم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي تحتاجها،  وفقا لقناة العربية. 

مندوب باكستان في الأمم المتحدة: طرد سكان غزة يناقض القانون الدولي حزب الله يعلق على تصريحات ترامب بشأن غزة

وقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم الأربعاء، شابين من مدينة جنين.

وبحسب وكالة الانباء الفلسطينية "وفا"، قالت مصادر محلية، إن قوات الاحتلال اعتقلت الشاب رياض ماهر الأطرش بعد مداهمة منزله في حي "خروبة" في المدينة، والشاب مخزوم الخالدي من منزله في حي "صباح الخير" في المدينة.

وتواصل قوات الاحتلال عمليات نسف وحرق المنازل في مخيم جنين، حيث دوت أصوات الانفجارات الناجمة عن تفخيخ المنازل وتفجيرها في المخيم، فيما تصاعدت أعمدة الدخان بعد حرق الاحتلال منزلا فيه.

ويستمر عدوان الاحتلال غير المسبوق على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ16 على التوالي، حيث استشهد خلاله 24 مواطنا وأصيب واعتقل العشرات.

أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأربعاء، مداخل بلدة حزما شمال شرق القدس المحتلة.

وأغلقت قوات الاحتلال المداخل المؤدية إلى البلدة بحواجز عسكرية، ومنعت المواطنين من الخروج، وفتشت المركبات ودققت في بطاقات راكبيها، كما اقتحمت وسط البلدة وأطلقت قنابل الصوت والغاز السام.

 كما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، ثمانية مواطنين خلال العدوان المتواصل على بلدة طمون جنوب طوباس.

وأفاد مدير نادي الأسير في طوباس كمال بني عودة، بأن قوات الاحتلال اعتقلت منذ صباح اليوم ثمانية مواطنين وهم: محمد أسامة جميل بني عودة، ناصر علي حمد بني عودة، علي هايل علي حمد بني عودة، وسيم سليمان عبد الله بني عودة، إبراهيم طاهر بني عودة، محمد عمر اشتيوي، مصطفى برهان عادل مصطفى بشارات، علي باسم رشيد حمدان.

وأضاف أن قوات الاحتلال ما زالت تداهم منازل المواطنين في البلدة لليوم الرابع على التوالي، وتنفذ حالات اعتقال، فضلا عن عشرات حالات الاحتجاز والتحقيق الميداني

مقالات مشابهة

  • ختام "رماح النصر".. قائد القوات الجوية يدشّن توسعة مركز الحرب الجوي
  • لماذا اشتعل جدل النصر والهزيمة بعد وقف إطلاق النار في غزة؟
  • زنقة المليشيا ومحللو قحت
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها
  • هل تقلل الأسواق المالية من خطورة الحرب التجارية التي أشعلها ترامب؟
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب بعودة فورية للرهائن في غزة وتدعو لإنهاء الحرب
  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • رئيس الموساد السابق: على إسرائيل الإفراج عن مروان البرغوثي اليوم
  • ترامب يتجنب الإجابة عن سؤال حول ضم إسرائيل للضفة الغربية / فيديو