الجزيرة:
2025-03-10@02:04:27 GMT

على أبواب رفح .. تجديد سؤال النصر والهزيمة

تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT

على أبواب رفح .. تجديد سؤال النصر والهزيمة

تكرّرت كلمة "الهزيمة" مرارًا على ألسنة مسؤولين إسرائيليين في الأسبوع الأخير، وشاركهم في هذا مسؤولون غربيون. تلوك ألسنتهم حديثًا مستمرًا عن الانكسار المحتمل في وقت تواصل فيه آلة القتل الإسرائيلية، بمساعدة غربية ظاهرة، حصد أرواح الفلسطينيين، وتدمير مدنهم وبلداتهم ومخيماتهم، ودفع أغلبهم، تحت سلطان التجويع والتعطيش ونقص الأدوية والعلاج، إلى حافة التهجير القسري.

خاتمة مفجعة

نعم، يوظّف المسؤولون الإسرائيليون "هاجس الهزيمة"؛ لتخويف شعبهم من هذه الخاتمة المفجعة لجيشهم، فلا يكون أمام الناس من سبيل إلا أن يصمتوا عن مواصلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحرب، بل يباركوها، حتى يضمن ألا يلحق به العقاب إن سكتت المدافع، مرة لخَسارة الحرب، وأخرى مؤجلة من قبلها لفساده، وخلافات سياسية داخلية طافية على السطح.

لكن هذا لا يخفي حقيقة وجود شعور لدى إسرائيليين بهزيمة فعلية، مع عدم قدرة جيشهم على تحقيق الأهداف حتى الآن. نعم، دمر هذا الجيش غزة، وقتل من أهلها وأصاب عشرات الآلاف، لكن هذا لا يعني النصر في نظر إسرائيليين سبق لهم أن رأوا جيشهم يدمر ويقتل ويصيب الفلسطينيين بغزة والضفة الغربية معًا على مدار عقود، دون أن يشبع.

إن النصر لدى الإسرائيليين لا يعني فقط تحقيق الأهداف المباشرة للحرب، وأولها إعادة الأسرى دون لجوء إلى تفاوض، واستئصال حماس أو على الأقل تدمير قدراتها وإجبارها على الاستسلام، أو القبض على قادتها الكبار، إنما يمتد إلى الأبعد، وهو أن يعود جيشهم يفعل ما يقوله، ويحقق ما يضعه من أهداف، والأهم أن يظل قادرًا على الردع والتخويف، فيبقى مهابًا في نفوس كل الجيوش التي تحيط بإسرائيل، وكل فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرهما.

خسائر معنوية

يدرك نتنياهو هذا، لكنه يبدو حتى الآن عاجزًا عن بلوغ مثل هذا "النصر" الذي يسكن أذهان الإسرائيليين ومخيلاتهم، ومع هذا فهو غير قادر على إعلان هذا العجز، ولذا لا يجد أمامه من سبيل سوى رهن كل شيء بهجوم يريد شنّه على رفح، زاعمًا أنها آخر معاقل حماس، أو أنها المكان الذي يختبئ فيه قادة المقاومة. ويقوم طوال الوقت بتسويق هذا التصور على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

تبدو رفح، وفق هذا التصور الإسرائيلي، هي المفاصلة أو المعركة الحاسمة، وتدرك المقاومة من طرفها هذا الأمر، وتضع نصب عينيها مسألة أخرى، تتعلق بتهديدات لا تتوقف عن إجبار الفلسطينيين – الذين تكدسوا في رفح ومحيطها، وحتى مرمى حجر من الحدود المصري – على الخروج القسري.

وتدرك المقاومة، أن تنفيذ هذا ـ لا قدر الله ـ يرضي الإسرائيليين، ويجعلهم يغضون الطرف عن الخسائر الأخرى لجيشهم، ويتغافلون، ولو نفسيًا، عن التفكير في عجزه عن تحقيق الأهداف التي حددها للحرب منذ البداية.

وإقدام إسرائيل على مهاجمة رفح ليس بالعمل الهين، إذ يواجه عدة عقبات، أولها وجود زحام من المدنيين في هذه المنطقة الضيقة، ما يعني تزايد احتمالات الإفراط في القتل والإصابة، وهي مسألة، إن كان الجيش الإسرائيلي لا ينشغل بها لذرائع دينية وعسكرية، فإن ساسة إسرائيل وقادة الرأي فيها يعرفون جيدًا أن مثل هذه الجرائم ستزيد من انتقادات تنهمر من كل أنحاء العالم على رأس إسرائيل، وتسببت على مدار أيام الحرب، في خسائر معنوية جمة، على رأسها جرح الصورة التي رسمتها تل أبيب لنفسها طوال عقود من الزمن.

رفض وتحذير

في الوقت نفسه، فإن الحليف الأساسي لإسرائيل في هذه الحرب – وهو الولايات المتحدة الأميركية – يرى في أي عمل عسكري غير مدروس أو محدد المدة والمسار في رفح من شأنه أن يزيد من الكُلفة التي تقع على عاتق إدارة الرئيس الأميركي، في ظل إدراكها تأثير التأييد والمساندة المفتوحة لإسرائيل، في حربها هذه، على شعبية جو بايدن، المُقدِم على انتخابات رئاسية صعبة بعد نحو تسعة أشهر، وهي مسألة تشير إليها استطلاعات الرأي، ومواقف بعض أركان الإدارة والحزب الديمقراطي، وموقف الخصوم السياسيين من الحزب الجمهوري أيضًا.

نعم على السطح، يبدو نتنياهو غير عابئ بشيء سوى مصلحته المباشرة البحتة، لكن في العمق فإن وزن الإدارة الأميركية في القرار الإسرائيلي كبيرٌ، ولا يمكن لتل أبيب أن تمضي في تجاهله إلى النهاية، وهو إن لم يغير من هذا القرار أو يوقفه، فعلى الأقل يضع قيودًا عليه في بعض الأحيان.

الأمر نفسه ينطبق، لكن بدرجة أقل، على موقف حلفاء إسرائيل من الأوروبيين، الذين يواجهون مظاهرات متوالية في بلدانهم رافضة لاستمرار الحرب، وناقدة بوضوح لقتل المدنيين وإصابتهم على هذا النحو الرهيب، ومعترضة أيضًا على تهجير سكان قطاع غزة، بالقتل وتدمير شروط العيش والتجويع والتعطيش والحرمان من العلاج.

وهناك وزن آخر للدول العربية، التي ترفض تهجير أهل قطاع غزة، وترى أن الهجوم البري على رفح قد يجعل التهجير أمرًا واقعًا. وهذا الوزن لا يخلو من اعتبار في ظل إدراك مصر أن اجتياح رفح الفلسطينية يعني ببساطة انتهاك تل أبيب معاهدة السلام التي أبرمتها مع القاهرة في عام 1979.

وقد عبر مسؤولون مصريون عن موقفهم هذا غير مرة عبر تصريحات ومداخلات أو في مباحثات ولقاءات دولية أو خلال المرافعة التي قدمتها مصر أمام محكمة العدل الدولية قبل أيام، التي حملت تحذيرًا من مسألة التهجير.

ضغوط عسكرية وسياسية

في السياق نفسه، تضع إسرائيل نصب عينيها موقف المملكة العربية السعودية الرافض لمهاجمة رفح، وما يترتّب عليه من إلحاق ضرر بالغ بالشعب الفلسطيني، سواء بالقتل أو التهجير الإجباري. فقبيل انطلاق الحرب كان هناك حديث قوي عن قرب تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وهذا المسار إن كان قد توقف باندلاع الحرب، فإن أمل الإسرائيليين وخلفهم الإدارة الأميركية في استئنافه لم ينقطع.

علاوة على هذا فإن اجتياح رفح قد يزيد من الضغوط على إسرائيل، عسكريًا من الجبهتين اللبنانية واليمنية، أو سياسيًا من دول عربية وإسلامية، وأخرى في أفريقيا وأميركا اللاتينية، وجميعها ترفض استمرار العدوان، وترفض بشكل أشد إخراج الغزيين قسرًا من أرضهم.

لكن هذه القيود، على أهميتها، ربما لا تشكل الوزن الكافي لغلّ يد نتنياهو، الذي يبدو مستعدًا لحرق كل شيء في سبيل بقائه رئيسًا لوزراء إسرائيل، أو تأجيل عقابه، خاصة أنه قد نجح في إقناع قطاع كبير من الإسرائيليين بأنّ معركة رفح نقطة تحول فاصلة ليس في مسار الحرب نحو نصر أو هزيمة، إنما في تاريخ إسرائيل برمّته، التي ترى نفسها تخوض في غزة حرب وجود.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

مسؤول عسكري سابق: إذا تجددت الحرب لن تُهزم حماس و”إسرائيل” ستفقد شرعيتها الدولية 

#سواليف

حذر المسؤول العسكري السابق في #جيش_الاحتلال الإسرائيلي، #إسحق_بريك، من أن تجديد #الحرب في قطاع #غزة سيكون بمثابة “القشة التي ستقصم ظهر البعير”، مؤكدًا أن “إسرائيل” لن تتمكن من هزيمة حركة #حماس، بل ستتعرض لخسائر كارثية على كافة الأصعدة.

وقال بريك الذي تولى عدة مناصب قيادية هامة في جيش الاحتلال، إن بنيامين نتنياهو، يعاني من جنون العظمة لأنه لا يفهم ولا يلاحظ القوة الحقيقية لجيش الاحتلال الصغير والمتهالك. مضيفا: لقد كانت له يد في تقليص حجم الجيش طوال فترة حكمه كرئيس للوزراء، ومسؤوليته واضحة تماما.

وأضاف أن جيش الاحتلال البري الصغير منتشر الآن في عدة قطاعات بما في ذلك غزة، ولبنان، وسوريا، والضفة الغربية، وهو غير قادر على الانتصار حتى في قطاع واحد.

مقالات ذات صلة مسؤولون إسرائيليون يكشفون: ترامب لن يسمح لنتنياهو بتخريب قضية الأسرى 2025/03/09

وحذر من أنه إذا استأنف #نتنياهو #الحرب في قطاع #غزة، فسوف تكون القشة التي ستقصم ظهر البعير في علاقات الاحتلال مع العالم وكذلك مع الدول العربية، بالإضافة إلى #الكارثة التي ستلحق بدولة الاحتلال على كافة الأصعدة، الداخلية والخارجية.

ورأى أن “نهج رئيس الأركان الجديد إيال زامير بمهاجمة قطاع غزة بقوة أكبر وبقوة وقضاء وقت أقل في الميدان لن يكون فعالا، لأن الاستيلاء على الأراضي على السطح لن يؤدي إلى سقوط حماس، والأمر الأكثر أهمية هو أن الجيش لا يملك قوات محترفة بالحجم المناسب لتفجير الأنفاق وإسقاط حماس، وهذا يدل على أن الجيش فشل، على مدى عام وربع من القتال، في القضاء على حماس أو تفجير مدينة الأنفاق.

وأشار إلى أن حصار المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بهدف الضغط على حماس للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة سيؤدي إلى العكس تماما، وأن أول المتأثرين بهذا الأمر هم الأسرى الإسرائيليين في الأنفاق؛ وسوف يقتلهم الجوع قبل أن نتمكن من إعادتهم إلى المنزل.

وقال إن إسرائيل سوف تخسر الأسرى إذا خرج جيش الاحتلال لمحاربة حماس مرة أخرى وسوف نتكبد خسائر بشرية، وستفقد إسرائيل شرعيتها في العالم بالكامل، ولن يتبقى لها سوى صديق واحد هو الولايات المتحدة، ومع كل هذا، فإن ترامب، بسبب عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، لديه القدرة على إدارة ظهره لإسرائيل في ثانية واحدة، تمامًا كما فعل مع أوكرانيا، وستبقى إسرائيل حينها وحيدة في العالم لأنها وضعت كل ثقتها في شخص واحد فقط، رئيس الولايات المتحدة، الذي أصبح الجميع يعرفون بالفعل تعرجاته في قراراته.

وأضاف أن نتنياهو يواصل المقامرة على وجود “دولة إسرائيل”، وهو لا يحرك ساكنا لإعادة بناء وتوسيع الجيش، فهو لا يعقد مناقشات أمنية تضع خططاً مستقبلية للسنوات المقبلة، لأنه مشغول بالمناوشات والتصريحات الجوفاء التي لا تمت للواقع بصلة على مر الزمن. هذا رجل يكافح من أجل بقاء مقعده السياسي، ولا شيء أكثر من ذلك.

وقال إن كل من يشارك من المستويين السياسي والعسكري في قرار تجديد الحرب دون أن يكون له القدرة على الحسم، حتى قبل إعادة بناء الجيش وتوسيعه، سيتحمل مسؤولية ثقيلة مع كل التداعيات المترتبة على ذلك.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: معظم الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب مع حماس
  • بعد تهديدات «ترامب».. إسرائيل تقطع الكهرباء عن قطاع غزة المحاصر
  • إسرائيل تصعّد في غزة.. خطة جديدة تضرب المساعدات وتعيد إشعال الحرب
  • مسؤول عسكري سابق: إذا تجددت الحرب لن تُهزم حماس و”إسرائيل” ستفقد شرعيتها الدولية 
  • رمضان شهر فتح أبواب الجنان
  • مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية
  • أرض الصومال قاعدة إسرائيل في الحرب ضد اليمن
  • صحيفة عبرية: “حرب الإرث” اندلعت في “إسرائيل”
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو مستعد لدفن المتجزين للهروب من المحاكمة
  • صحيفة أميركية: إسرائيل رسمت مسارا إلى حد غزو آخر لقطاع غزة