محاكم كاثوليكية أنشأتها البابوية بداية القرن الـ13 واستمرت حتى القرن الـ16 من أجل "حماية نقاء المعتقد ضد التعاليم الخاطئة"، وأعطت القائمين عليها صلاحيات شاملة لمحاربة كل مخالفيها والمتهمين بالهرطقة والزندقة. ثم انتشرت المحاكم في أوروبا كلها، إلا أن محاكم إسبانيا خصيصا اشتهرت تاريخيا بطرق التعذيب التي انتهجتها ضد المسلمين واليهود والمسيحيين المخالفين لمعتقدها.

عندما أنشئت محاكم التفتيش رسميا لأول مرة، أُعلن أن الهدف الرئيسي منها كان معاقبة ومحاكمة أصحاب البدع في جميع أنحاء أوروبا والأميركتين؛ أما الغرض الحقيقي فكان إكراه الناس على اعتناق دين الحكام بالقوة.

نشطت هذه المحاكم في القرنين الـ16 والـ17 عندما بلغت الصراعات الدينية أوجها في أوروبا وذهب ضحيتها كثيرون من علماء ومفكرين وفلاسفة أوروبيين أمثال جوردانو برونو وغاليليو غالي ورينيه ديكارت. أما ضحايا محاكم التفتيش من علماء المسلمين في إسبانيا فكانوا أكثر من أن يحصوا.

عرفت محاكم التفتيش بسمعتها السيئة على مرّ السنين، بسبب شدّة تعذيبها واضطهادها للمسلمين واليهود على حد سواء، وأشدها كانت في إسبانيا؛ إذ ظلّت محاكم التفتيش الإسبانية قوة مهيمنة لأكثر من 200 سنة، وقيل إنها نفذّت في تلك الفترة حوالي 32 ألف عملية إعدام.

والجدير بالذكر أن الكنسية الكاثوليكية عرفت 3 محاكم تفتيش رئيسية على مرّ العصور. وقد أنشأت أهمها في صيغة مكتب ذي سلطة قوية داخل الكنيسة الكاثوليكية.

ورغم كل السياسات الترهيبية التي اتبعتها محاكم التفتيش الإسبانية فإنها لم تفلح في تحقيق هدف الكنيسة الكاثوليكية وهو "النقاء الديني والعرقي"، وظلت سياساتها تعرف تاريخيا بالاستبداد السياسي والفكري والتطهير العرقي تحت مسمى "الاعتقاد الكاثوليكي القويم".

بداية فكرة "محاكم التفتيش"

يعد إرغام الناس على اعتناق دين حكامهم واتباع معتقداتهم سلوكا عرفته البشرية منذ القدم، لكن خلال حكم قبائل الجرمان في القرون الوسطى لم تظهر الحاجة إلى محاكم التفتيش لطبيعة الحياة القاسية والمشددة حينها.

فقد عُرفت قبائل الجرمان بأن قوانينها أشدّ من القانون الروماني القديم؛ لذا انعدمت البدع تقريبا، ومن القوانين التي طبقتها أنها ألزمت المختلفين في شيء ما أن يتعاركا حتى يميت أحدهما الآخر؛ انطلاقًا من أن "الله سيختار الفائز منهما".

والجرمان قبائل من أصل أوروبي شمالي، استوطنت ألمانيا السفلى والعليا وجرمانيا الكبرى، واستخدمت اللغة الجرمانية التي تعود إلى العصر الحديدي قبل الروماني.

لكن النظام الجرماني لم يستمر طويلا فتم غزو الجرمان، وبدأ القانون الروماني يطبق خلال العصور الوسطى. وفيه كان أي شخص معارض لمعتقدات الإمبراطور يعد عدوا للدولة، إذ لم يكن هناك فصل بين الكنيسة والدولة.

ثم بدأ الناس التواصل فيما بينهم، وانتشر التعليم وظهر المفكرون، وهنا بدأ ظهور البدع التي تعارضت مع الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة، مما استلزم إنشاء محاكم التفتيش لوقف البدع والهرطقات، ولم تكن تحددها بالضرورة الكتب السماوية، بل ميزان القوى، فالأقوى هو الذي يفرض قانونه على الجميع.

رسمة لهنري داف لينتون عام 1860 يصوّر فيها تعذيب محاكم التفتيش الإسبانية لمتهمين بالحرق حتى الموت (غيتي) أولى محاكم التفتيش

في بدايات القرن الرابع للميلاد، كانت روما تعيش على الوثنية وتضطهد المخالفين حتى اعتنق الإمبراطور كونستانتين الأول المسيحية وأسس عاصمته كونستانتينوبول، وجعلها مدينة مسيحية صرفة.

رغب الإمبراطور في نشر المسيحية بربوع إمبراطوريته فبدأ عبر رجال الدين المسيحيين في دعوة الوثنيين إلى المسيحية إلى حدّ الإكراه، وتم تأسيس الكنيسة الكاثوليكية لتحقيق الغاية في أوروبا ومستعمراتها كلها.

وحتى تضمن الكنيسة الجديدة فرض وانتشار الديانة الكاثوليكية أسست أول المحاكم التي عرفت باسم محاكم التفتيش الرومانية عام 1542م لمحاكمة المتهمين بالهرطقة حفاظا على مذاهب الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والدفاع عنها.

وفي هذه المحاكم أدين غاليلو بسبب "الشك الخطير في كونه مهرطقا" عام 1633م فحظرت جميع أعماله التي أظهرت أن الأرض والكواكب الأخرى تدور حول الشمس. وفي عام 1965م، أعاد البابا "بولس السادس" تنظيم المكتب المقدس وأعاد تسميته بمجمع عقيدة الإيمان، ولا يزال عاملا حتى اليوم.

المسلمون في الأندلس

عندما فتح المسلمون الأندلس؛ وجدوا شعبا موحدا يحكمه ملوك مستعمرون من الوندال والقوط؛ يفرضون عليه عقيدة التثليث بالإكراه.

وجد سكان شبه الجزيرة الأيبيرية في دين الفاتحين الجدد أسس معتقدهم التوحيدي الذي أكرهوا على إخفائه. ومن هنا يمكن أن نفهم السبب الذي مكّن من تشييد حضارة مزدهرة استمرت 8 قرون، تعايش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود في سلام وأمن.

ثم تمكنت الكنيسة الكاثوليكية بتحالف مع حكام قشتالة من طرد المسلمين من الأندلس عام 1492م، وما لبثت أن أقامت ما سمي بمحاكم التفتيش.

ضمن ملوك إسبانيا الحرية الدينية للمسلمين عقب سقوط الأندلس عام 1492م، لكن سياسات الاضطهاد التي مارستها إسبانيا دفعت المسلمين إلى ثورة عام 1499م قمعها الإسبان بقوة، وتركت المسلمين بين خيارين، إما التنصر وإما الطرد.

اختار عدد كبير من المسلمين التنصر للبقاء في البلاد فسُمُّوا "المسيحيين الموريين" (الموريسكوس)، وقيل إن تنصرهم كان سطحيا، وأخفوا الإسلام في قلوبهم خوفا من إرهاب محاكم التفتيش، فقد حرق وعُذّب واستعيد كل من اكتشف إسلامه منهم.

كانت محاكم التفتيش الإسبانية قد بدأت منذ القرن الـ12، واستمرّت لمئات السنين، وتعود أصول عملها إلى الاضطهاد المنظّم المبكّر للديانات المسيحية غير الكاثوليكية في أوروبا.

في عام 1184م، أرسل البابا لوسيوس الثالث مجموعة من الأساقفة (الأسقف هو رتبة من رتب الكهنوتية في الديانة المسيحية) إلى جنوب فرنسا لتعقّب الزنادقة المسمّين الكاثاريين؛ وهي كلمة من أصول إغريقية تعني التطهر، أو النقاء.

يُعتبَر الكاثاريون الأتباع الحقيقيين لحواريي المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وقد ظهرت هذه الحركة في فرنسا وإيطاليا فيما بين القرنين الـ10 والـ12، وقاومت في البداية مخرجات مؤتمر نيقية، واستمر أتباعها في ممارسة ديانة التوحيد كما جاء بها نبي الله عيسى، ولكن الكنيسة الكاثوليكية اعتبرتهم مهرطقين ومبتدعين تجب محاربتهم. وقد انتشرت هذه الحركة في جنوب فرنسا وشمال إسبانيا في القرون الوسطى، واستمرت إلى عهد قريب.

المرحلة الثانية من التعذيب في محاكم التفتيش عبر ربط المتهم بحبل كلما شد أكثر سحق ضلوعه. (غيتي)

استمرّ تعقب هؤلاء (الزنادقة المهرطقين) إلى القرن الرابع عشر، ولكن لم يتمكّن الأساقفة من تنفيذ المهام المطلوبة منهم بسبب الطبيعة الإقليمية لسلطة الأسقف، غير أنهم استمروا في مركز القيادة في محاكم التفتيش.

وخلال الفترة نفسها، تعقبت الكنيسة أيضا الولدينيسيين (التابعين للكنيسة الإنجيلية الولدينسية) في ألمانيا وشمال إيطاليا، وفي عام 1227م كلّف البابا غريغوري التاسع عدّة قضاة بمهمة تعقب الزنادقة وأولادهم وأعطاهم سلطة مطلقة؛ فاعتبروا بمثابة المحققين، وكان من بينهم الرهبان الدومينيكان والرهبان الفرنسيسكان. وكان للمحققين الأبويين سلطة على الجميع باستثناء الأساقفة، حيث كانت لديهم مسؤوليات خاصة بهم، ثم اعتمدوا فيما بعد على إجراء المهام بشكل مشترك.

تأسيس محاكم التفتيش في إسبانيا

ظهرت فكرة محاكم التفتيش في القرن الـ13 الميلادي على يد الكنيسة الكاثوليكية لمراقبة الناس في الدول التي كانت تحت سيطرتها، وطبق هذا النظام في البداية في إيطاليا وفرنسا وألمانيا، وكان بابا روما يكلّف بعض الأساقفة بالتجول في أنحاء البلاد لتقصي أخبار الناس، واتهام كل من خالفت أفكاره الكنيسة بالكفر ثم القبض عليه ومعاقبته.

عقدت الكنيسة في البداية للمتهمين مجالس كنسية مؤقتة كانت بمثابة محاكم التفتيش المبدئية، لينقلوا بعدها إلى المحاكم، وبقيت الكنيسة تلاحق أجيالا من المفكرين والعلماء في أنحاء أوروبا.

وكان الملك فرديناند ملك أراغوان والملكة إيزابيلا ملكة قشتالة وقتذاك معنيين بالمتنصّرين في الأندلس بصفة خاصة، آملين أن يأتي زمان يصبح فيه جميع سكان الأندلس كاثوليكيين في كل شبه الجزيرة. من أجل ذلك أسست إيزابيلا مدرسة لأصول الدين لتعليمهم، ومع ذلك فقد احتفظ كثير منهم بعقيدته سرّا ولقنوها لأبنائهم.

ملكة قشتالة إيزابيلا وملك أراغوان فرديناند (شترستوك)

كان المجتمع الأندلسي وقتها مضطربا، إذ كره الكاثوليك اليهود غير المعمدين، واشتد حقدهم على المسيحيين الجدد الذين نشبت فتن ضدهم في طليطلة (1467م) وبلد الوليد (1470م) وقرطبة (1472م) وسيجوفنا (1474م). اشتدت العنصرية ضد الأديان في بلاد الأندلس، فعمد الملكان إلى استعمال كل الوسائل الممكنة لمحاولة خلق مزيج اجتماعي منسجم.

كانت الملكة إيزابيلا متعصبة للكاثوليكية وتتبنى آراء متشددة ضد مخالفي دياناتها من المسلمين واليهود وباقي النصارى. ورغم ارتياب فرديناند في هذه الإجراءات فإنه اقتنع بأن توحيد العقيدة الدينية يجعل إسبانيا أيسر حكما، وأقدر على التغلب على أعدائها.

قرر الملكان أن الوسيلة الأنسب لتحقيق آمالهما في توحيد العقيدة لدى السكان هي إنشاء محاكم تفتيش في إسبانيا، فأصدرا أمرا أولا بطرد اليهود من إسبانيا، ليقرر كثير منهم التنصر للبقاء في البلاد.

وفي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1478م أصدر البابا سكستوس الرابع في روما بناء على رغبة الملكين، قرارا بتشكيل هيئة لمحكمة تفتيش من 6 قساوسة للتحقيق في "تهم الهرطقة".

لم تلتفت المحكمة بداية إنشائها إلى اليهود الذين لم يتنصروا، بل ركزت على المتنصرين الذين يُشَكّ في ارتدادهم إلى الإسلام أو اليهودية، أو حتى المسحيين المتهمين بالهرطقة.

وكان اليهودي غير المتنصر حتى سنة 1492م آمنا على نفسه أكثر من المعمّد. ومن جهة أخرى قاوم اليسوعيون قوانين الكنيسة نصف قرن، ولكنهم غلبوا على أمرهم أيضا، وكانت محاكم التفتيش تطالب جميع الموظفين المدنيين بالتعاون معها.

وكانت الكنيسة قبل وصول قضاتها إلى مدينة من المدن تذيع في الشعب عن طريق منابر الكنائس منشورا دينيّا "يطالب كل من له علم بهرطقة أن يكشف عنها لرجال التفتيش، ويشجع كل امرئ على أن يكون شاهدا، ليبلغ عن جيرانه وأصدقائه وأقاربه".

رسمة لمنظر من محكمة تفتيش إسبانية لأليساندرو ماجناسكو، ويظهر فيها كتاب العدل الذين يسجلون التحقيق (غيتي)

وأصدر ملك قشتالة أنريكي الرابع سنة 1459م أمرا ملكيّا للأساقفة بالبحث والاستقصاء في دوائرهم عن المارقين المضمرين لأفكار مخالفة للكاثوليكية.

وهكذا بدأ الاضطهاد الكنسي ضد اليهود المتنصرين فأحرق منهم الجمّ الغفير قبل سقوط غرناطة. ولم تشمل هذه المحاكم آنذاك المسلمين أو المدجنين (وهم المسلمون الذين بقوا تحت حكم الممالك المسيحية في شبه الجزيرة الإيبيرية بعد سقوط الأندلس)، لكن سرعان ما أرسل البابا ستيكوس الرابع مرسوما يأمر فيه بالتحقيق والقبض على الخارجين على الكنيسة والمرتدين عنها ومعاقبتهم.

فخاف الملكان فرديناند وإيزابيلا أول الأمر على سلطتهما ووقفا ضد هذه المحاولة البابوية، فأوقفا القساوسة عن متابعة النصارى ذوي الأصل اليهودي. لكن مقاومة الملكين الكاثوليكيين لم تدم طويلا؛ إذ أرسلا سفيرهما إلى البابا سنة 1478م، وأصدر البابا مرسوما في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 1478م أمر فيه بإنشاء محكمة تفتيش في قشتالة وتعيين المفتشين لمطاردة الكفار ومحاكمة المارقين.

ثم ندب البابا مفتشين إلى إشبيلية عاصمة قشتالة آنذاك. وهكذا ابتدأت محاكم التفتيش عملها ضد المسلمين في إسبانيا. فكانت إجراءات هذه المحاكم تتم باسم الديانة الكاثوليكية وتقضي على المناوئين لها ولسياستها بمصادرة ممتلكاتهم، وتأمر بتعذيبهم وإحراقهم، ثم انتقلت هذه المحاكم إلى غرناطة بعد سقوطها بأيدي الإسبان سنة 1492م.

وعهد الملكان برئاسة محاكم التفتيش في إسبانيا إلى الكاهن توماس دوركمادا الذي كان سيّئ السمعة، وعرف بدكتاتوريته وطرق تعذيبه القاسية، حتى ذكرت المصادر الأوروبية أنه أمر بحرق نحو 10 آلاف، وبذبح نحو 6 آلاف متهمين بالزندقة لتمسكهم بإسلامهم أو يهوديتهم، وبالتعذيب حتى الموت لنحو 65 ألفا، وشنق 12 ألفا، وبالأحكام الشاقة المؤبدة لـ19 ألفا.

انتشرت محاكم التفتيش في عدة أماكن مثل البرتغال وجزر البليار، وكانت نهايتها في شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث تضاءل نشاطها من خلال انتشار الأفكار المستنيرة، وكانت الضحية الأخيرة لمحاكم التفتيش هي معلّم مدرسة ربوبي (موحّد للربّ)، ولم يكن يهوديّا كما شاع. وعقب ذلك قررت الملكة ماريا كريستينا في 15 يوليو/تموز 1834م، إلغاء محاكم التفتيش وجميع سلطاتها بعد حياة دموية استمرت لثلاثة قرون ونصف.

المحاكم في البداية لاحقت اليهود المتنصرين إلى أن أصدر البابا ستيكوس الرابع أمرا بملاحقة كل المرتدين (غيتي) التحقيق في محاكم التفتيش

عند إجراء تحقيق قس محاكم التفتيش في منطقة ما، يعلن المحقق عادة تخفيف الحكم عن أولئك الذين يعترفون طواعية باشتراكهم في الهرطقة (بمعنى الزندقة أو البدع في الدين)، بغية أخذ المعلومات منهم عن الآخرين المشتبه فيهم. وقد تميّز التحقيق مع المتهمين بعدة أمور:

 يحضر التحقيق كاتب العدل، وهو صاحب سجلات إجراءات التحقيق، والشهود المحلفون الذين يشهدون على دقة المعلومات في السّجل.  لا يحق للمشتبه فيهم تعيين محام للدفاع عنهم، إذ قد يعتبر هذا المحامي محرّضا على البدع.  لا يخبَر المشتبه فيهم بأنهم متّهمون. للمتّهم حقّ مناشدة البابا أو الاستعانة به قبل بدء إجراءات التحقيق، ولكن هذا الأمر ينطوي على مسؤوليات ونفقات معتبرة. أحكام محاكم التفتيش

بعد التشاور مع محامي الشريعة، يكون هناك أنواع من المتّهمين، وعلى إثر ذلك تختلف الأحكام:

سيحكم المحقق على الذين تثبت إدانتهم بالعظة العامة (خطاب ديني يلقيه الكاهن من الكتاب المقدّس للتنشئة الروحية). وأما الذين ثبتت عليهم التهمة ثم تراجعوا عن فعلتهم، فتفرض عليهم عقوبات قضائية. وكانت العقوبات الأكثر شيوعا هي حجّ التوبة، وارتداء الصّلبان الصفراء فوق ملابسهم (كان المتهمون يخشون هذه الحركة لأنها عادة تؤدي إلى النبذ)، والسجن.

غرفة تعذيب اكتشفت في قصر المستشار بغرناطة، خلال زمن محاكم التفتيش، ووُجدت فيها أدوات التعذيب القديمة (غيتي)

شملت محاكم التفتيش نوعين من السجون يعمل في كليهما رجال عاديون (من العامّة)، وهما:

النوع الأول هو السجن المفتوح، ويتألف من زنزانات مبنية حول فناء واسع، ويتمكن السجناء من التمتّع بقليل من الحرية فيه، ولكنّه شديد الحراسة أيضا. النوع الآخر هو السجن الانفرادي، يحتجز السجناء بشكل انفرادي ويقيّدون بسلاسل.

أما الذين اعترفوا بخطئهم، وأنهم مذنبون، ولكنهم لم يتراجعوا عن الخطأ، فأولئك كان مصيرهم الموت، إذ يسلمون للسلطات المدنية، التي تتخذ إجراءات تقتضي بتقييدهم على أعمدة خشبية وإيقاد النار من حولهم ليحترقوا حتى الموت.

طرق التعذيب حتى الموت ناي المشاغبين

وكان من الأساليب المستخدمة لتعذيب الضحايا، ويتكون من حلقة كبيرة توضَع حول رقبة المذنب، وتوجد حلقات أخرى صغيرة توضع فيها أصابعه، وتسخَّن هذه الآلة بدرجة حرارة تعتمد على مزاج المُعَذِّب، فتتسبب في تسلخات جلدية عميقة تصل إلى العظام والمفاصل وقد تؤدي في النهاية إلى الموت.

الثور الحديدي

قطعة نحاسية صلبة على شكل ثور، مفتوحة من جهة واحدة يتم إدخال الضحية فيها، ثم تشعل النار تحته حتى يصبح لون الثور أصفر ويخرُج البُخار من أنفه، ومنها يستمعون إلى صوت صراخ الضحية وهو يُشوى حتى الموت.

تحقيق داخل محاكم التفتيش عام 1520م مع متهمين بالهرطقة، وعلى اليمين الرهبان المسؤولون (غيتي) الحوض

يتم وضع الشخص في حوض ويؤمر بالجلوس بوضعية القرفصاء مع إبقاء وجهه ظاهرا ليطلى بالحليب والعسل حتى تتغذى عليه الحشرات، ويبقى غارقا في فضلاته حتى يُجهِز عليه الدود ويقتله ببطء شديد.

كاسر الأصابع

أداة تتكون من مسامير حديدية يتم وضع الأصابع بين فكّيها، وتغلق ببطء حتى تتهشم العظام وتتفتت، ويستمر المُعذِّب في إغلاقها حتى تلتقي المسامير العلوية والسفلية. وتتنوع أشكالها وتتعدد، فمنها نوع لتهشيم أصابع القدم وآخر للركبة والكوع.

المخلعة

تم تصميم هذه الأداة لخلع كل جزء من جسم الضحية، فكان يستلقي عليها ويتم ربط يديه وقدميه، ثم تُدار الأداة من خلال بَكَرات موجودة على طرفها، ليبدأ جسد المُعَذَّب التمدد بطريقة لا يمكن احتمالها حتى تتمزق العضلات وسائر الجسد.

الشوكة الزنديقة

هي عبارة عن طوق يُلَف حول الرقبة مع أداة حديدية تشبه الشوكة موجهة نحو الذقن وأخرى نحو الصدر، وبهذا لن يستطيع الشخص أن يغفو أو تغمض له عين، لأنه إن فعل ذلك ستنغرس بجسده وتهلكه.

رسمة من القرن التاسع عشر تظهر كتاب العدل والكهنة المشرفين على التعذيب على الرف وبالبكرات والحرق (غيتي) كرسي محاكم التفتيش

كرسي مثبت في كل جزء منه عدد هائل من المسامير، يتم تثبيت الضحية عليه لتخترق المسامير جسده كله، ولا يكتفي المعذِّبون بذلك بل يضعون أثقالًا فوقه ليضمنوا اختراق المسامير لأعضائه.

القفص المُعَلَّق

بعد أن يتم تعذيب المذنب ويُكتَشَف أنه لم يلق حتفه بعد تعذيبه، يتم نقله إلى القفص المُعَلَّق وهو قفص حديدي يوضع فيه الشخص في العراء تحت الشمس ليمتص الحديد الحرارة، إضافة إلى وضع إبر أسفل الضحية على أرضية القفص لتؤلم قدميه.

هل لا تزال محاكم التفتيش موجودة؟

بقيت محاكم التفتيش قائمة في فرنسا حتى ألغتها الثورة الفرنسية عام 1789م، ثم ألغاها جوزيف بونابرت في إسبانيا عام 1808م، لكنها أعيدت بعد تحرر إسبانيا من الاحتلال الفرنسي، وبقيت حتى عام 1834م، وحينها ألغيت نهائيا.

وفي الوقت الحالي توجد لدى معظم الطوائف الإنجيلية مجالس لحماية رؤيتهم والحفاظ على شهادات إيمانهم، حيث لا تزال تعمل محاكم التفتيش في الفاتيكان كمؤسسة باعتبارها تضم جماعة عقيدة الإيمان. ولكن دون تعذيب، وإنما يحاول هؤلاء تعزيز رؤيتهم والترويج لإيمانهم، ومع ذلك، تحتفظ الكنيسة بحقها في مطالبة الناس الذين ينشرون تعاليم مخالفة للكنيسة، بمغادرة منطقتها.

وقد أعاد البابا بولس السادس عام 1965م، تنظيم المكتب المقدس وأعاد تسميته مجمع عقيدة الإيمان، ولا يزال يعمل حتى اليوم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الکنیسة الکاثولیکیة ت محاکم التفتیش شبه الجزیرة هذه المحاکم فی البدایة فی إسبانیا فی أوروبا حتى الموت تفتیش فی الذین ی

إقرأ أيضاً:

ضباط في نظام الأسد وشبيحة أمام محاكم الإدارة الجديدة


يترقب السوريون المحاكمة التي ستعقد اليوم الخميس للحكم على المحتجزين والأسرى الذين أودعوا سجن حماة المركزي ممن سلموا أنفسهم لإدارة العمليات العسكرية أو تم اعتقالهم في المعارك التي أدت أخيراً إلى سقوط نظام الأسد.

اقرأ ايضاًأول بيان لـ "الأسد" عقب الإطاحة به.. مكاني "فارغ"

ووفق ما تحدث به "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، لصحيفة "الشرق الأوسط" فإن المحاكمة، التي ستكون على دفعات، ستكون اليوم الخميس فيما قال إن إدارة العمليات العسكرية إنها تجري حملة مداهمة واعتقالات على الساحل السوري ضد من تاجروا بدماء أبناء السوريين.

وأكد مدير "المرصد"، رامي عبد الرحمن لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن لجنة قضائية ستنظر في أمور الموقوفين، وهي تتبع وزارة العدل في الحكومة المؤقتة التي شكلتها "هيئة تحرير الشام".

وبخصوص حملة المداهمات، فإن "العمليات" تنفذها على الساحل السوري وحماة وحمص، ضد من أسمتهم "أمراء الحرب الذين تاجروا بدماء أبناء سوريا، مع قيادات متنفذة في النظام، من بينها شخصيات مرتبطة مع أسماء الأسد زوجة الرئيس المخلوع، ومسؤولين سابقين، ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في عهد النظام السابق".

ومن المتوقع أن تطال الحملة أيضاً الضباط والعناصر و"الشبيحة" وكل المرتبطين بالأجهزة الأمنية في "كتابة التقارير"، وارتكبوا جرائم بحق السوريين.

ومع انهيار النظام السابق واشتداد العمليات العسكرية، سلم مئات من العناصر والضباط أسلحتهم، فيما اعتُقل عدد كبير منهم سيعاملون بوصفهم أسرى حرب.

اقرأ ايضاًأول تعليق للحريري: سقوط نظام الأسد لم يكتمل بعد


بموازاة ذلك، طلب "المرصد" من الإدارة الجديدة، معاملة السجين "وفق ما يتضمنه القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وتأمين اتصالهم مع ذويهم لطمأنتهم، وإخضاع الموقوفين لمحكمة مستقلة ونزيهة مشكّلة تشكيلاً قانونياً". كما طالب بـ"إعلام الأشخاص المدانين بالإجراءات القضائية المتوفرة لإنصافهم، والمدد الزمنية لكل إجراء".


وانتهى حكم عائلة الأسد على سوريا الذي دام أكثر من نصف قرن بعد أن فرّ بشار الأسد من سوريا يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في أعقاب هجوم خاطف من فصائل المعارضة قادته "هيئة تحرير الشام"، بعد أكثر من 13 عاماً من قمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية.
 

المصدر: الشرق الأوسط


© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند رجيم عيد الكريسماس ضباط في نظام الأسد و"شبيحة" أمام محاكم الإدارة الجديدة أجمل ما قيل عن الإجازة أسماء بنات تجلب الرزق والمال أسماء أولاد تجلب الرزق والمال Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • ضباط في نظام الأسد وشبيحة أمام محاكم الإدارة الجديدة
  • أبوزريبة يطَّلع على سير عمل إدارتي التفتيش والمتابعة وشؤون الآليات
  • رحلة البحث عن 150 ألف سوري في “أرخبيل التعذيب”
  • المطران شامي يلتقي أعضاء لجنة الكشافة الكاثوليكية بمصر
  • تقرير .. جمع الأدلة لإنشاء محاكم خاصة بسوريا مثل كوسوفو هو المهم
  • مدير محاكم دبي يدشن «الغرفة الذكية» بالمبنى الرئيس
  • ولا تركنوا إلى الذين ظلموا
  • مدير محاكم دبي يدشن «الغرفة الذكية» أحد أعمدة التحول الرقمي
  • مات بالسرطان أم التعذيب؟.. سقوط نظام بشار الأسد يعيد خالد تاجا للواجهة
  • وثائق تكشف تفاصيل مرعبة عن التعذيب داخل أحد فروع النظام المخلوع في حلب