دار الإفتاء: يجوز عقد نية صيام النافلة بعد العصر
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه إذا نوى الصائم الفطر من غير أن يأت بفعل مفطر؛ فصومه صحيح، ولا يلزمه قضاء ولا كفارة؛ لأن نية الإفطار المجردة عن فعل لا تعدو أن تكون من حديث النفس المرفوع عن أمة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعَنْ أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ» رواه البخاري.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى لها، أنه لا يصح صيام يوم فرضًا كان أو نفلًا من غير نية؛ لأن النية مطلوبة في كل أنواع الصيام؛ إذ الصيام عبادة محضة تفتقر إلى النية، ويصح أن تكون النية في صيام النفل بعد العصر وقبل الغروب؛ إذ النهار كله محلٌّ للنية في صوم التطوع، فمتى وجدت في أي جزء منه صَحَّت؛ تقليدًا لمن أجاز من الفقهاء، وهذا كله ما لم يأت مريد الصوم بشيء يتنافى مع الصيام، مثل: الأكل والشرب أو غيرهما.
وأشارت إلى أن مجرد العَزْم على الفِطْر بعد الشروع في الصوم الواجب لا يُبطل الصوم ما لم يرتَكب الصائم شيئًا من مُفسدات الصوم الأُخْرَى، وينبغي على الصائم المحافظة على الصوم بعد الشروع فيه ممَّا قد يُؤدِّي إلى الفِطْر، ما دام في حال السلامة والاختيار.
وقد ورد في الأحاديث أنَّ مدار الأعمال على النية، فعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» متفقٌ عليه.
ومعنى كون مدار الأعمال على النية: أنَّها مطلوبة في كلِّ الأعمال إمَّا على سبيل الشرط أو الركن، والصوم يندرج ضمن هذه الأعمال التي تفتقر إلى نية اتفاقًا؛ لذا ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا عَمَلَ لِمَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى".
وقد اختلف الفقهاء في عدِّ مَن نوى صومًا واجبًا وشَرَع فيه، ثم نوى الفطر من الأمور المنافية لها في باب الصوم، من عدمه:
فيرى جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية في الصحيح، والشافعية في الأصح على ما ذهب إليه أكثرهم، والحنابلة في وجه: أَنَّ العَزْم على الفِطْر بعد عقد نية الصوم الواجب والشروع فيه لا يُبْطِل الصوم، ما دام ذلك لم يتجاوز النية إلى غيرها مِن ارتكاب شيء من مفسدات الصوم.
واستدلوا على ذلك بما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال: «وَإِنَّمَا الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، ومعناه: أنَّ مِن خواص جملة المفطرات أنها تدخل للجوف، فما لا يَدْخُل لا يُفْطِر، والنية ليس فيها شيء داخل للجوف، فلا تُعَدُّ من المفطرات، وكما أَنَّ الخروج من سائر العبادات لا يكون بمجرد النية فكذلك مِن الصوم، كما أفاده الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 86).
وأكدت أَنَّ العَزْم على الفطر بعد الشروع في الصيام لا يُبْطِل الصوم؛ وذلك لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» متفقٌ عليه، والجزم بنية الفطر بعد الصوم دون ارتكاب شيء من المفطرات من قبيل حديث النَّفْس الذي تجاوز الله عنه كما قال العلامة السرخسي في "المبسوط" (3/ 86).
ومع ذلك: فإنَّه ينبغي التَّحرُّز في الصوم عَمَّا قد يستوجب الفِطْر، ولو قال به بعض العلماء؛ وذلك خروجًا مِن الخلاف، فالخروج منه مستحبٌّ، عملًا بالاحتياط الذي هو مطلوب شرعي، كما قَرَّره تاج الدين السبكي في "الأشباه والنظائر" (1/ 111-112، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 136-137، ط. دار الكتب العلمية).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء صيام الصيام صوم التطوع صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه الف ط ر
إقرأ أيضاً:
صيام الست من شوال وإهداء ثوابه إلى الميت.. دار الإفتاء توضح الحكم
يسعى كثيرون بعد شهر رمضان إلى اغتنام صيام الست من شوال لما في ذلك من ثواب عظيم، لذا يرغب البعض في معرفة هل يجوز صيام الست من شوال وإهداء ثوابه إلى الميت، وهل يصل ثوابه إلى الميت؟.
وفي رده على هذا السؤال، قال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا يجوز صيام الست من شوال عن المتوفى، موضحا أن المسلم يصوم الست البيض عن نفسه لا عن غيره.
وأضاف «عويضة» في إجابته، أن المُسلم يصوم الست البيض وأياما أخرى، وبعد الصيام في نهاية اليوم عند الإفطار، يرفع يده ويدعو الله، فالله سبحانه وتعالى يتقبل من العبد الدعاء دائمًا بعد العبادة.
خطيب المسجد الحرام: صيام الست من شوال أفضل الأعمال بعد رمضان
صيام الست من شوال بنيتين سنة وفرض.. هل يجوز شرعا؟
هل يجوز الجمع بين صيام السِّت من شوال وبين صيام القضاء الواجب؟..الأزهر للفتوى يوضح
هل يجوز البدء في صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان؟.. اعرف الضوابط الشرعية
وكانت دار الإفتاء المصرية بيّنت فضل صيام ستة أيام من شوال عقب إتمام صوم رمضان، مشيرة إلى أنَّ ذلك يعدلُ في الثواب صيام سنة كاملة؛ مستشهدة بما رُوي عن الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر».
وأضافت الإفتاء أن صيام الأيام الست من شوال مندوب إليه شرعًا، وعامة العلماء استحبّ صيام هذه الأيام الست في شوال؛ فرُويَ ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وطاوس والشعبي وميمون بن مهران، وهو قول ابن المبارك وإسحاق -انظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 56، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"لطائف المعارف" لابن رجب (ص: 218، ط. دار ابن حزم)-، وأقوال جمهور فقهاء المذاهب المتَّبعة على أن صيام هذه الأيام الستة مستحب.
قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 235-236، ط. المكتبة العصرية): [ينقسم الصوم إلى ستة أقسام": ..(فرض) عين، (وواجب، ومسنون، ومندوب، ونفل، ومكروه.. وأما) القسم الرابع: وهو (المندوب فهو صوم ثلاثة) أيام (من كل شهر.. و) منه (صوم ست من) شهر (شوال)؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من صام رمضان فأتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر»] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 79، ط. دار الفكر): [يُسَنّ صوم الاثنين والخميس وعرفة وعاشوراء وتاسوعاء وأيام البيض وستة من شوال] اهــ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 337، ط. دار الكتب العلمية): [ويُسَنُّ صوم ستة أيامٍ من شوال] اهـ.