الرسول يهدّد ويتوعد فمن يعاند؟

كتب .. #الشيخ_كمال_الخطيب

عن وقّاص بن ربيعة عن المستورد القرشي رضي الله عنه أنه حدّثه أن #النبي ﷺ قال: “من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من #جهنم، ومن كسي ثوبًا برجل #مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة”.

إنه الحديث الشريف به يحذّر النبي ﷺ من ثلاثة أفعال وممارسات مشينة وممقوتة إذا أتاها المسلم وفعلها ولم يستجب لنداء وتحذير الرسول ﷺ، فإنه #التهديد و #الوعيد من #عقوبة شديدة وعاقبة وخيمة ستنزل بصاحبها من الله جل جلاله يوم القيامة.

مقالات ذات صلة فلسطيني يوثق إعدام قناص صهيوني لمواطنين خلال جلوسهما على سطح منزلهما في غزة / فيديو 2024/02/25

فمن أكل بمسلم أكلة

فمن أكل برجل مسلم أو امرأة مسلمة أكلة بأن نال من ذلك المسلم بغيبته أو الطعن بعرضه، أو أذاه أو أفشى له سرًا عند عدوه ومن يبغضه ومن يرغب بالنيل منه ومكافأة له على ذلك، فإن ذلك العدو المبغض قد أطعمه طعامًا أو أعطاه مالًا، يكون جزاؤه يوم القيامة من جنس العمل “فإن الله يطعمه مثلها في جهنم”. لكن طعام جهنم ليس كطعام الدنيا، إنه الطعام الذي وصفه الله في آيات كثيرة يجب أن تستوقف كل عاقل، قال الله تعالى في وصف طعام أهل النار: {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ*لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ} آية 6+7 سورة الغاشية، والضريع هي شجرة ذات شوك يابس ليس لها ورق ولا تقربها دابة ولا ترعاها البهائم. وطعام آخر قال عنه سبحانه: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ*طَعَامُ الْأَثِيمِ} آية 43-44 سورة الدخان، والزقوم شجرة خلقت من النار وغُذّت منها، قال ﷺ: “لو أن قطرة قطرت من الزقوم في الأرض لأمرّت على أهل الدنيا معيشتهم، فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره”. وطعام آخر هو الشوب {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ} آية 67 سورة الصافات، فإذا أكلوا الزقوم شديد المرارة فأرادوا أن يشربوا ماء ليذهب مرارته، شربوا من الحميم وهو الماء شديد الحرارة، فأصبح خليط الزقوم والحميم يسمى شوبًا.

وطعام آخر قال عنه سبحانه: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ*وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ*لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} آية 36-37 سورة الحاقة، والغسلين هو صديد أهل النار وقد ارتفعت حرارته فأصبح {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ*كَغَلْيِ الْحَمِيمِ } آية 45-46 سورة الدخان. فإذا كان ذلك الذي لم يستجب لتحذير وتهديد ووعيد رسول الله ﷺ وقبل أن يأكل بمسلم أكلة فدعي إلى مطعم من ذلك العدو الذي باع له أخاه وهناك عرض عليه لائحة أصناف الطعام (menu) ليختار منها ما لذّ وطاب، فإن عليه أن يتذكر أن عقوبة ذلك ستكون أن يُسحب على وجهه إلى النار وهناك سيجد لائحة طعام أهل النار (menu) التي تتضمن الزقوم والضريع والغسلين والشوب والصديد والطعام ذا الغُصّة {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا*وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} آية 12-13 سورة المزمل.

وفي مقابل ذلك فإن المسلم الذي لا يقبل ويرفض أن ينال من مسلم عند عدو ومبغض ولو كان بذلك سيخسر مالًا بل ولعله سيؤذى، فإن جزاءه عند الله ما قاله رسول الله ﷺ: “من ردّ عن عرض أخيه ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة”. فما قيمة الطعام والمال والمنصب والجاه يحصّله أحدهم ممن يرغب من النيل من عرض أو كرامة أو حرمة أو دم أخيه المسلم مقابل دنيا فانية وعقوبة في نار جهنم دائمة.

ومن كُسِيَ بمسلم كسوة

واما الفعل الثاني المشين والممقوت الذي حذر النبي ﷺ المسلم من أن يفعله وإلا فإنه التهديد والوعيد لمن فعله وارتكبه: “ومن كُسِيَ ثوبًا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم” فمن طعن بأخيه أو أفشى سرّه أو نال من عرضه عند من يسعى للنيل منه فكافأه على ذلك بقميص أو لباس أو بدلة أو حذاء جميل وثمين أو أي جائزة مقابل فعلته تلك، فإن جزاءه سيكون من جنس عمله، إنه سيُكسى كسوة ويلبس ثوبًا من جهنم يوم القيامة “فإن الله يكسوه مثله من جهنم”. ولكن إذا كانت ماركة القميص أو الحذاء من أشهر الماركات العالمية، فإن ماركة ثياب جهنم مما قال الله في وصفها: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} آية 19 سورة الحج، إنها ثياب مصنوعة من النحاس المذاب يصب صبًا يتلبس أجسادهم، حتى أن إبراهيم اليمني كان إذا قرأ هذه الآية قال: “سبحان من قطع من النار ثيابًا”. وقوله سبحانه في وصف لباس أهل النار: {وَتَرَى المجرمين يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأصفاد*سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وتغشى وُجُوهَهُمْ النار} آية 48-49 سورة إبراهيم، إن سرابيلهم، أي قمصانهم من القطران الذي تطلى به جلود الإبل المصابة بالجرب لأجل علاجها من شدة حرارته على الجلد، وهو أسود شديد الاشتعال وهو المعروف بالعامية “الزفت”.

وأما من رفض ذلك العرض وذلك الإغراء ولم ينل من عرض أخيه ولا سمعته ولم يفشِ له سرًا عند عدو مبغض، فإن جزاءه كما قال ﷺ: “من حمى مؤمنًا من منافق بعث الله ملكًا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم”.

سيفضحه الله يوم القيامة

وثالث هذه الأفعال والممارسات المشينة والمقيتة التي هدّد النبي ﷺ وتوعد فاعليها إن لم يستجيبوا للتحذير والنصح بعدم فعلها والإقلاع عنها، فهي قوله ﷺ: “ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة”. إنه ذاك الذي يظهر شخصًا بغير ما فيه، يظهره ويصفه ويمدحه ويتملقه بأوصاف الصلاح والتقوى والعلم والفضل وهو ليس كذلك، من أجل أن ينال بما قاله المال رغم أن كل ما قال فيه كان سمعه ورياء، فإنه يوم القيامة سيجازى من نفس جنس فعله كما قال ﷺ:” فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة، فيأمر الله ملائكة من ملائكته فيُفعل به ومعه بنفس ما فعل ويظهر على رؤوس الأشهاد أنه كذاب أشر”. فمن يقوم بين يدي أهل المال من أجل مالهم وأهل الجاه من أجل جاههم رياء وكذبًا فإن الله سيفضحه يوم القيامة.

تموت الحرة ولا تأكل بثدييها

ما أكثرهم أولئك الذين ملأوا جيوبهم وأرصدتهم وملأوا كروشهم وبطونهم، بل إنهم الذين صُبّت عليهم الأموال صبًا من جهات وجمعيات ودول وحكومات مقابل أنهم الذين نالوا من مسلمين ومن شرفاء وصادقين فأساؤوا إليهم وأفشوا أسرارهم.

ما أكثرهم الذين نالوا مراتب وحازوا مواقع وتبوأوا مناصب وأصبحوا يشار إليهم بالبنان بسبب مواقفهم وسياساتهم وآرائهم التي ضربوا فيها عرض الحائط مصالح أمتهم وثوابتها . ما أكثرهم الذين صُنعوا في مكاتب مخابرات الدول والأنظمة صناعة دقيقة سخرت ماكينة الإعلام لتلميعهم ثم تم تسويقهم أنهم الأبطال والمفكرون والسياسيون والواقعيون، وأنهم الذين يسعون لتحقيق مصالح شعوبهم.

وإذا كانت العرب قد قالت: “تموت الحرة ولا تأكل بثدييها” أي أن الشريفة العفيفة بنت الأصل إذا جار عليها الزمان وأصبحت فقيرة ومحتاجة، إنها تفضل الموت جوعًا على أن تبيع شرفها أو أن تتاجر بعرضها وعفّتها مقابل مال تشتري به طعامًا، إنها تفضل الجوع على العار.

ما أكثرهم الذين احترفوا الزنا السياسي وامتهنوا الدعارة السياسية في حياتهم، وكلّ مرة يطرحون الطروحات ويقفون المواقف التي تتلاءم مع من يدفع الثمن أكثر. ومع الأسف إن من هؤلاء ليسوا فقط سياسيين بل إنهم علماء ومشايخ ودعاة رقصوا على أكثر من حبل وهتفوا لأكثر من سيد. وإذا كانت تلك تبيع عرضها من أجل المال، فإن هؤلاء باعوا دينهم من أجل المال، وإذا بهم قد أكلوا أكلة ولبسوا لبسة قد ألقاها إليهم طاغية وظالم وعدو مقابل أن أساؤوا وتطاولوا وظلموا ونالوا من إخوة لهم، فإن الله سيطعمهم مثلها في جهنم وسيكسوهم مثلها في جهنم.

ولأن بوصلة هؤلاء قد انحرفت، ولأن هويتهم قد تشوهت فإنهم يظنون أنهم بأكلة أو كسوة بها باعوا وفرّطوا في إخوة لهم، أن هذا من أسباب سعادتهم، فإنها في الحقيقة من أسباب شقائهم في الدنيا والآخرة، كما قال الشاعر:

قالوا السعادة في الغنى فأخو الثراء هو السعيد

قالوا السعادة في النفوذ وسلطة الجاه العتيد

قالوا السعادة في السكون وفي الخمول وفي الخمود

قل للذي يبغي السعادة هل علمت من السعيد

إن السعادة أن تعيش لفكرة الحق التليد

لعقيدة كبرى تحل قضية الكون العتيد

للناس أرباب ولكن ربّه ربّ وحيد

لا ينحني إلا له عند الركوع أو السجود

لا يلتوي كالأفعوان ولا يطأطئ كالعبيد

وإذا أريد على الدنية قال: لا أريد

ومن جلس بالإسلام جلسة

وإذا كان النبي ﷺ قد هدّد وتوعّد من باع وفرّط بأخيه المسلم من أجل أكلة أو من أجل كسوة لينال بذلك حظوة عند حاسد أو حاقد أو عدو متربص، فكيف بمن باعوا وفرّطوا وليس بشخص، بل إنهم باعوا شعبًا بأكمله، باعوا غزة بأطفالها ونسائها وشيوخها، باعوا غزة بمساجدها ومدارسها ومشافيها ومقابرها؟ فكيف بمن باعوا القدس وباعوا الأقصى والصخرة وباعوا الحرم والمسرى، باعوا شقيق المسجد الحرام ومسجد النبي ﷺ؟ كيف بقادة وزعماء ورؤساء وملوك وأمراء؟ كيف برئيس فلسطين ينخرس بل وفي داخله كان يتمنى سرعة سقوط غزة من أجل أن يتربع على كرسي رئاسة لا يستحقها، ومن أجل أموال تهبه إياها الدول الغربية وتهبه إياها حكومة إسرائيل التي قتلت أطفال شعبه ونساء شعبه، وهو ما يزال يقوم بمهمته وتقديم الخدمات لمن يحتل أرضه ويقتل شعبه.

وكيف برئيس مصري خنق مليونين من العرب والمسلمين لهم عليه حق الجيرة وحق العروبة وحق الإسلام ولم يقم بالحد الأدنى من واجبه الإنساني لإطعامهم ولا لإشفائهم وعلاجهم، وكل ذلك من أجل هبات وعدته بها أمريكا وإسرائيل لضمان بقائه على كرسي الحكم في مصر التي انقلب فيها على رئيس شرعي هو الشهيد محمد مرسي كرمال عيون إسرائيل وأمريكا؟

وكيف بزعماء عرب ومسلمين من أبطال مشاريع التطبيع الذين انخرسوا وصمتوا عما يجري في المسجد الأقصى المبارك من انتهاكات وتدنيس وتهديد خطير بهدمه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه وهم الذين سبق وأعلنوا وفق اتفاقية أبراهام التي وقّعوها أن من حق كل من هو من سلالة إبراهيم من غير المسلمين، أي اليهود والنصارى، الصلاة في المسجد الأقصى، وهم يعلمون أن النصارى لا يطالبون بذلك وإنما كانت تلك العبارات لتبرير حق مزعوم لليهود في المسجد الأقصى.

ما أكثرهم الذين أكلوا بشعوبهم أكلة ولبسوا بالإسلام لبسة فكان جزاؤهم على حرب شعوبهم وحرب الإسلام كراسي وعروش يجلسون عليها أوصلها إليهم أعداء الإسلام، وهم من يقومون على حمايتهم وتثبيت أركان حكمهم. فليس أن هؤلاء سيفضحهم الله في الدنيا ويخزيهم ويهدد ويهدّ عروشهم، وهو آت في ربيع إسلامي قادم وقريب إن شاء الله تعالى.

وإنما هم الذين سيكون جزاؤهم يوم القيامة من جنس عملهم حيث ستكون مجالسهم ومواقعهم ومساكنهم ليست إلا كما قال الله سبحانه: {إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلْأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} آية 145 سورة النساء. وما قاله رسوله ﷺ: “وإن مجلسه من جهنم كما بين مكة والمدينة”، في إشارة إلى تضخم جسم الكافر والمنافق “ومن أكل بمسلم أكلة أو أجلسه جلسة”. وكلما كان الجسم ضخمًا كان العذاب أكثر إيلامًا.

ما أشقاهم أولئك الذين يتهددهم ويتوعدهم رسول الله ﷺ، ويظلّون في غيّهم سادرين.

ما أشقاهم الذين يبيعون دينهم بدنيا غيرهم. ما أتعسهم الذين سيكون خصمهم يوم القيامة ليس إلا رسول الله ﷺ {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} آية 42 سورة النساء.

ارفع رأسك فأنت مسلم.

نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا .

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الشيخ كمال الخطيب النبي جهنم مسلم التهديد عقوبة یوم القیامة رسول الله ﷺ أهل النار فإن الله النبی ﷺ من جهنم کما قال طعام ا من أجل ما قال من أکل

إقرأ أيضاً:

أيها الجيش سلاماً، يقودونك إلى طريق جهنم المتلفز ، وما البراء إلا ارهابيين قتلة

أشعر بأسف عميق من إنشغال الناس والمدنيين على وجه الخصوص بمماحكات فك الارتباط وهم يتركون القتلة وكتائب الارهاب المسماة زوراً وبهتاناً بكتائب البراء التي تستأسد على الابرياء وتهاجم جماعاتها مدنيين غير مسلحين وتقوم بقتل المئات وتوزع جرائمها المتلفزة على وسائل التواصل الإجتماعي في تطور غير مسبوق لجرائم الحرب في السودان.
يظن قادة الإسلاميين وقادة هذه الكتائب من أمثال أسامة عبدالله وأخواته وإخوته الممتلئين حقداً على ثورة ديسمبر، انهم بذلك سيقضون على كل اثر للمقاومة في نفوس الناس ويطوون ذكر وذاكرة الثورة وهم لا يدركون ان الثورة باقية ما بقي الشعب بل هي طريق الشعب نحو الحياة الكريمة، وعائدة ما عاد الناس إلى منازلهم والإيمان بها كالايمان بالله لا يتزعزع.
الإسلاميون لهم زواج مصلحة مع الفئة العليا من قادة الجيش، قائم على عهد السلطة واكتناز الثروة بلا مباديء أو ذكر لله أو الوطن، عهد غير مأذون ولم يوقع أمام مأذون.
الإسلاميون يعشقون امتطاء ظهر الجيش فهو الحبل السري نحو السلطة ولكنهم يخشون الجيش أيضُا وقد حاولوا حماية انفسهم من الجيش بتعددية جيوش ومليشيات مقابلة ومنافسة للقوات المسلحة وعلاقتهم ملتبسة بالجيش، وقد شهدنا ذلك عن قرب في الفترة الانتقالية في نيفاشا وفي فترة ما بعد ثورة ديسمبر ولديهم جوقة إعلامية للهجوم على قيادة الجيش متى ما استرابوا من امرهم، ومن مصلحتهم ان يظل الجيش على عداء تام مع بنات وابناء شعبه، وأكثر ما يفزعهم ان يقترب الجيش نحو الشعب أو ثورة ديسمبر على وجه الخصوص، ودفع الجيش ثمناً باهظًا في عهد الإنقاذ فصلاً وتشريداً مثله مثل كل مؤسسات الدولة المختطفة، ولم يخلو الجيش في اي وقت من الاوقات من مقاومة الاسلاميين ومحاولتهم لتحويله لجناح عسكري، ويحيطونه اليوم بكتائب الإجرام والارهاب في تحالف قابل للتصدع مثل ما شهد تصدعات في اكثر من محطة تاريخيّة.
الجيش يعاني من خلل بنيوي قديم وجديد ومتعاظم في تكونيه القومي فتركيبة الضباط لا تماثل تركيبة الجنود ولا تعكس التنوع السوداني، وازداد خلله بخوضه لحروب الريف لسنوات طويلة، من قبل شكلٍ الجنوبيين ٢١٪؜ من قوامه وترتب على ذهاب الجنوبيين بالسماحة والندى ازدياد خلله، ودار فور شكلت ٣٤٪؜ من قوامه وجبال النوبه ١٣٪؜ ، وهجر الكثيرون من ابناء هذه المناطق الجيش بحكم حروب الريف وعدم الاهتمام بالفئات الدنيا من منتسبيه، وازداد تشويه الجيش في فترة الإنقاذ التي اعتمدت مبدأ التسييس ومبدأ تعددية الجيوش والمليشيات، شهدت هذه الحرب شهادات ميلاد جديدة للمليشيات وآخرها أورطة كسلا المصنعة في الخارج.
الجيش ومؤسسات السيادة والأمن استحوذت على ٨٠٪؜ من ميزانية الدولة ولم يتبقى شيء ذو بال للتعليم والصحة والخدمات وتم تدمير الريف والطبقة الوسطى وازدادت أعداد الفقراء والمهمشين، والعطالة وسط الشباب الذين توجهوا نحو حمل السلاح وقد لخص ذلك بذكاء بليغ الراحل جلحة رحمة المهدي رحمة ( نحن ام باقة لا جواز لا بطاقة مكلفين الدولة فوق الطاقة، الميت شهيد والحي مستفيد) ان الدولة التي تهمل الريف وشبابه غير قابلة للحياة.
ان العقيدة العسكرية للجيش لا تقوم على ان السيادة للشعب وان مهمة الجيش هي الدفاع عن سلطة الشعب وسيادة البلاد وقامت العقيدة العسكرية على معادة الحكم المدني الديمقراطي. الحركة الاسلامية لا مصلحة لها في مهنية الجيش او اعادة بنائه، فهي تخشى الجيش المهني والقوي المنحاز للوطن ولا تخشى الله وتحتاج لجيش منحاز للتنظيم والجماعة.
ان تجفيف المقاومة امر مستحيل وقتل كتائب البراء المتلفز للأبرياء والمدنيين يضرب النسيج الاجتماعي في الصميم ويعظم الغبن الإثني والجغرافي ويمزق روابط البناء الوطني وروابط الوطنية السودانية ووحدة المجتمع ومؤسسات الدولة وعلى رأسها القوات المسلحة.
في اليوم التالي لاستعادة الجيش لمدينة ود مدني كتبت مقال بعنوان ( هل قادة الجيش على اعتاب تحويل نصر مدينة ود مدني لهزيمة؟ وهل يسعى الإسلاميون مجدداً لدفع الجيش لطريق لاهاي؟) ان الحركة الاسلامية التي يقودها مطلوبين للجنائية لا تريد لقيادة الجيش ان تبحث عن حلول خارج طريق جهنم الذي حددته وتريد ان تقودهم لطريق الجنائية، ظنًا منها ان المجتمع الدولي سيتصالح معها كما فعل مع بعض الجماعات التي صنفها كجماعات ارهابية مثل ما حدث في سوريا، وهنا يخطيء الإسلاميون في التدقيق في فوارق الجغرافيا السياسية والفرق بين دمشق والخرطوم حينما يتعلق الأمر بالمصالح الدولية.
امام القوات المسلحة فرصة للبحث عن سلام حقيقي ومعافاة وطنية لن تتحقق بمعادة ثورة ديسمبر، فالثورة أعمق وأرسخ من الحرب وأكبر من ارهاب البراء سيما انه ليس البراء ابن مالك الصحابي الجليل بل هو اسامة عبدالله! الحركة الإسلامية دفعت القوات المسلحة نحو الانقلاب وفشل الانقلاب ثم سعت نحو الحرب ودمرت المجتمع والدولة، والشعب يدرك ان الفترة الانتقالية المدنية كانت خيار أفضل من الانقلاب ومن الحرب وما ان يعود المجتمع والدولة إلا ويطال الإسلاميين غضب الشعب ومحاسبته رغم الأكاذيب والجعجعة والسلاح ومن لا يصدق ذلك فليسأل عمر البشير ورهطه، كيف انتهى به المقام حبيساً بدلاً من رئيساً.
الجرائم الواسعة والفظيعة المرتكبة من طرفي الحرب اتخذت عنفاً ممنهجاً ومنظماً وخلفها فكرة داعشية عند كتائب البراء، وعلى الإسلاميين السودانيين اصحاب الفكر الداعشي ان يسألوا أنفسهم اين داعش نفسها؟
من واجبنا القيام بعمل واسع ومنظم في الداخل والخارج يرصد ويوثق ويعمل مع المنظمات الوطنية والاقليمية والدولية لإعلان الحركة الإسلامية وجناحها العسكري في كتائب البراء جماعة ارهابية وعلى قادة الجيش ان يدركوا ان الجيش مؤسسة من مؤسسات الدولة وان تكون لديهم حساسية تجاه الجرائم المتلفزة التي لا تسقط بالتقادم وتفاقم الشقاق الوطني ودوامته مما يُصعب الاتفاق على امكانية بناء القوات المسلحة وفق برنامج وطني جديد متوافق عليه ويثير أسئلة إثنية وجغرافية حول قومية القوات المسلحة وهي أسئلة قديمة ومتجددة عمّقتها جراحات هذه الحرب، ان ما يجري لن يمر إقليمياً ودولياً دون مساءلة ومن مصلحة القوات المسلحة ان تفرز عيشها بعيداً عن عيش الإسلاميين ولو بالتدرج ونحن ندرك المصاعب في هذا الطريق وعلى قيادة الجيش ان تعترف بالجرائم ومعاقبة مرتكبيها.
على الحركات المسلحة المتحالفة مع القوات المسلحة رغم اختلافنا العميق مع توجهاتها، ان تقف ضد جرائم كتائب البراء وارهابها الذي تحكمه بوصلة ذات توجهات إثنية وضد قوى ثورة ديسمبر وستطال هذه الحركات نفسها يوماً ما، وحسناً فعلت حركة تحرير السودان مني مناوي بإدانة بعض هذه الجرائم علناً.
أخيراً نحن في القوى المدنية علينا ان نترك موضوع الحكومة الموازية وفك الارتباط خلفنا، فقد انفك الارتباط ولنرتبط بشعبنا ووطننا وبالثورة السودانية من ١٩٢٤ إلى ديسمبر ٢٠١٩.
*المجد لوحدة السودان وشعبه*
**الثورة أبقى من الحرب* *
*#نعم_لثورة_ديسمبر*
*#لا_لحرب_أبريل*
*
١ فبراير ٢٠٢٥*  

مقالات مشابهة

  • د.عمرو عبدالمنعم يكتب: مشاهدات حية.. «سوريا وطن القاعدة الجديد».. كتاب يكشف أسرار هيئة الجولانى وعلاقتها بالجماعات الجهادية
  • د. رامي المنشاوي يكتب :الأميرة المليكة فاطمة بنت بري ...فخ الأولياء وفتنتهم
  • سامح فايز يكتب: لهذا أحب حسن كمال (2 - 2)
  • ترامب يقر بأن الأميركيين قد يعانون بسبب الرسوم الجمركية .. ويتوعد أوروبا: قريبا جدا
  • مولد الإمام الحسين.. حفيد الرسول وسيد شباب أهل الجنة
  • الرسول اهتم بشهر شعبان لهذا السبب.. علي جمعة يوضحه
  • أيها الجيش سلاماً، يقودونك إلى طريق جهنم المتلفز ، وما البراء إلا ارهابيين قتلة
  • إبراهيم الصديق يكتب: أيها الأسد: شكراً لك
  • كيف يكون النداء على الناس يوم القيامة بأبائهم أم أمهاتهم؟.. الإفتاء تكشف
  • أيها الجيش سلاماً .. يقودونك إلى طريق جهنم المتلفز، وما البراء إلا ارهابيين قتلة