انسحاب قوات حفظ السلام من الصومال.. السياقات والإنجازات والتحديات
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
شرع الاتحاد الأفريقي في إنهاء أطول عملية سلام في تاريخه وأكبرها، وبدأت القوات الأفريقية في الصومال في الانسحاب التدريجي وتسليم المهام والقواعد للقوات الصومالية، في عملية مخطط لها أن تكتمل بنهاية عام 2024.
ويسلط هذا التقرير الضوء على طبيعة البعثة، ومهامها، وما أنجزته طيلة فترة خدمتها في الصومال، وأبرز التحديات التي واجهتها، وإذا ما كانت الحكومة الصومالية وأجهزتها العسكرية والأمنية مستعدة لتسلم هذه المهام.
بعد انهيار الحكومة الصومالية عام 1990، واندلاع الحرب الأهلية بين زعيمي الحرب حينها الجنرالين علي مهدي محمد، ومحمد فارح عيديد، حاولت الأمم المتحدة إنشاء بعثة أطلقت عليها "أونوصوم" (Unosom) للعمليات الإنسانية.
ولاحقا في عام 1992، ومع عدم الاستجابة والتجاوب، أنشأت الولايات المتحدة الأميركية قوة "استعادة الأمل" لتكون جزءا من فرقة العمل التابعة للأمم المتحدة التي عرفت باسم "يونيتاف" (UNITAF)، والتي لم يكتب لها النجاح أيضا، لتستمر الفوضى في الصومال طيلة عقد ونصف عقد من الزمان.
وعام 2005، تم اقتراح بعثة من قبل الهيئة الحكومية الدولية للتنمية -المعروفة اختصار بـ"إيغاد" (IGAD)- وأُطلق عليها "إيغادصوم" (IGADSOM) لتوفير قوات حفظ السلام، ولم تكن المحاكم الإسلامية قد سيطرت على مقديشو بعد.
وبعد سيطرة المحاكم على العاصمة عام 2006، سارع الاتحاد الأفريقي بإنشاء قوات "أميصوم" (AMISOM) التي حلت محل قوات "إيغاد".
ووفقا لتعريف معهد حفظ السلام والاستقرار، فإن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال "أميصوم" هي بعثة إقليمية لحفظ السلام يديرها الاتحاد الأفريقي بموافقة الأمم المتحدة.
وقد أنشأها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي يوم 19 يناير/كانون الثاني 2007 بتفويض أولي مدته 6 أشهر، ووافق عليها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قراره رقم 1744. وفي فبراير/شباط، وأغسطس/آب 2007، شجّع مجلس الأمن الدولي بعثة "أميصوم" للاضطلاع بمهام جديدة.
تشكلت بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال من 4 مكونات رئيسية، وهي الجيش والشرطة وقسم للشؤون المدنية وآخر للشؤون الإنسانية، لكن العنصر العسكري كان هو الأساسي في البعثة.
وترأس البعثة الجنرال الأوغندي جيم بيسيجي أوويسيجير، وتكونت البعثة من كل من جيبوتي وأوغندا وبوروندي وكينيا وإثيوبيا، وقوة محدودة من سيراليون.
وتعتبر الوحدة الأوغندية هي الأكبر من حيث العدد، إذ زاد عدد قواتها عن 6 آلاف فرد، بينما بلغ مجموع القوة العسكرية 22 ألف عنصر من بعثة قوامها 28 ألف فرد.
أما في ما يختص بالمهام فيلخصها سيمون مولونغ نائب مفوضية الاتحاد الأفريقي في مقديشو -في مقابلة مع مركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية- قائلا إن المهمة الأولى للبعثة تمثلت في طرد حركة الشباب من العاصمة وتهيئة الظروف التي تُمكّن الحكومة الفدرالية الانتقالية من العمل.
ويلفت مولونغ إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1772 نصّ على أن من مهام البعثة مساندة الحكومة الفدرالية الانتقالية، وتنفيذ إستراتيجية الأمن القومي، إضافة إلى تدريب قوات الأمن الصومالية، والمساعدة على خلق بيئة آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية.
وفي أبريل/نيسان 2022، تسلمت بعثة انتقالية جديدة للاتحاد الأفريقي -سُمّيت "أتميس" (ATMIS)- المسؤولية من بعثة "أميصوم" عملا بقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي رقم 1068، القاضي بتكليف أتميس بدعم الحكومة الفدرالية الصومالية في تنفيذ الخطة الانتقالية ونقل المسؤوليات الأمنية إلى قوات ومؤسسات الأمن الصومالية.
وفي توضيح طبيعة انتقال المهام من "أميصوم" إلى "أتميس"، قال مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلام والأمن بانكولي أديوي إنه تم إنشاء أتميس لتكون أكثر مرونة وقدرة على الحركة، كما أنها مصممة لتكون لديها قوات للرد السريع، بالإضافة للاستجابة للتهديدات الأمنية الناشئة والمتطورة بشكل أفضل، وإعداد قوات الأمن الصومالية لتولي المسؤوليات الأمنية للبلاد.
وأكدت عدة تقارير أن إنشاء البعثة الانتقالية أتميس جاء تحت إلحاح الحكومة الصومالية ورغبتها في نقل المسؤوليات الأمنية تدريجيا إلى القوات الصومالية.
إنجازات وإخفاقات
يرى مراقبون أن من أهم إنجازات القوات الأفريقية في الصومال إخراج حركة الشباب من العاصمة مقديشو عام 2011، وبسط نفوذ الدولة على إقليمي شبيلي السفلى والوسطى بعد أن كانت محاصرة في العاصمة، وهو ما مهّد لاحقا لتشكيل البرلمان وانتخاب الرئيس، وهو الأمر الذي خلق بيئة سياسية إيجابية، إضافة إلى توفير الحماية للمقار الحكومية والمرافق الرئيسية في مقديشو، مثل المطار والميناء، وتدريب الشرطة الصومالية وتوفير ما يلزمها من معدات وأدوات.
أما في جانب الإخفاقات، فتركز أغلب التقارير والبحوث على عدم قدرة القوات الأفريقية على هزيمة حركة الشباب بالرغم من إخراجها من العاصمة وعدد من المدن، إضافة إلى عدم قدرتها على العمل كوحدة واحدة بسبب الخلافات بين قادة القوات التابعة للدول المساهمة في البعثة.
كما فشلت البعثة في إقناع النخب السياسية الصومالية بالمصالحة، وعجزت أيضا عن حماية المدنيين في مناطق عملياتها بالرغم من وضع الاتحاد الأفريقي إستراتيجية لحماية المدنيين وقواعد الاشتباك الخاصة بحماية المدنيين.
تحديات عديدة
أشار تحليل لمعهد الدراسات الأمنية الأفريقي إلى أن أبرز التحديات التي واجهت القوات الأفريقية في الصومال تتمثل في عدم القدرة على الموازنة بين المهام العسكرية في محاربة حركة الشباب والعمل على معالجة جذور المشكلة وهي الاستقطاب العشائري وتسييس القبيلة، الأمر الذي منح الحركة شعبية في بعض المناطق، وهو ما عبّر عنه الباحث باول دي وليامس بـ"عدم التوازن بين القوة الصلبة والقوة الناعمة".
وفي بحثه بعنوان "الكفاح من أجل السلام في الصومال" تحدث وليامس عن عدد من التحديات التي واجهت القوات الأفريقية في الصومال، وهي:
مشكلات التنسيق الداخلي بين مكونات البعثة: حيث يتم التخطيط الإستراتيجي والعمل السياسي لبعثة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، بينما يقع المقر الرئيسي للبعثة ووحدة تحليل المهمة في نيروبي، أما الوحدات العسكرية وقيادة العمليات فكانت في مقديشو، فضلا عن كون رئيس البعثة خارج الصومال. شركاء متشاكسون: وهو الأمر المتعلق بشركاء البيئة المحلية في الصومال بمن فيهم الحكومة الصومالية، والمشكلات المتعلقة بنظرة الصوماليين إلى الحكومة باعتبارها صنيعة خارجية، إضافة إلى بعض الأطراف المسلحة التي لا تنظر إلى شرعية الحكومة بإيجابية مما يجعل منتسبيها عرضة لاستقطابات لصالح أطراف أخرى. التنسيق بين الشركاء الخارجيين: وقد ظل انعدام التنسيق بين الشركاء الدوليين في الصومال أحد التحديات التي تواجه البعثة، وذلك لكثرة الأطراف التي تبدي تعاونا ولكن في جو من الفوضى وعدم الانتظام. قلة الموارد: ويعتبر هذا التحدي من أكثر التحديات التي تؤثر على أداء البعثة، إذ إنها مرتبطة بالفجوات المتصلة بعدد من الجوانب مثل التخطيط والقدرات الإدارية والتمويل، وهو ما أشارت إليه تقارير معهد الدراسات الأمنية الأفريقي باعتباره أبرز التحديات التي تعوق إنجاز مهام البعثة في الصومال.وفقا لدراسة أعدها "مركز الصومال للدراسات" حول خروج بعثة أتميس من الصومال، فإن المدة التي حددها الاتحاد الأفريقي والمؤيد من مجلس الأمن الدولي هي 3 سنوات (2022-2024)، لتنفيذ المهام الرئيسية. ورغم أن جزءا رئيسيا من هذه المهام لم ينجز كما ينبغي، فإن القوات بدأت في الانسحاب للأسباب التالية:
معضلة التمويل: في ظل عجز الاتحاد الأفريقي عن تمويل البعثة، تولى الاتحاد الأوروبي دفع رواتب أفرادها، ولكن مع تراجع الإنجازات على الأرض وتوسع رقعة المناطق التي تهيمن عليها حركة الشباب، بدأ التراجع في التمويل. إخفاقات البعثة في إنجاز المهام التي أُوكلت إليها: والإشارة هنا بالتحديد إلى إضعاف حركة الشباب التي لا تزال قادرة على استهداف المراكز الرئيسية في الصومال. زيادة عدد القوات الصومالية: وذلك بتدريب أعداد كبيرة استعدادا لتسلم مهام القوات الأفريقية. وحسب مصادر حكومية، فإن الحكومة لا تزال تدرب قوات إضافية وصولا إلى الأعداد التي تؤهلها بالقيام بكل المهام الأمنية والعسكرية الضرورية هجوما ودفاعا. نجاح الإستراتيجية العسكرية الصومالية: ويتمثل ذلك في تحقيق نتائج فاعلة في مسرح العمليات ضد حركة الشباب، على الرغم من بعض الانتكاسات التي تعرضت لها في بداية عام 2023، وقد قامت الحكومة بمعالجات إعادة هيكلة الجيش حتى يستعيد فاعليته وديناميكيته.
شكوك ومخاوف
على مستوى الساحة الصومالية، تتباين التقييمات والمواقف من العملية، فبعض المسؤولين في الحكومة الصومالية يؤكدون استعداد القوات الحكومية لتسلم المهام وقدرتها على بسط سيطرتها وتحكمها في كافة المسارات، بينما يتخوف بعض الساسة المعارضين من انهيار الأوضاع بمجرد اكتمال انسحاب القوات الأفريقية.
وفي وقت سابق، قال مسؤولو بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إن انسحاب القوات لن يؤثر على الأمن والاستقرار في البلاد. وقال محمد الأمين سويف -الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في الصومال ورئيس أتميس- إن البعثة لا تزال ملتزمة بضمان عملية انتقالية تتسم بالكفاءة والفعالية لا تُعرّض أمن الصوماليين للخطر.
ضاعفت عدة عوامل من الحاجة إلى إعادة ترتيب أوراق المؤسسة الأمنية والعسكرية في الصومال بعد تولي الرئيس الحالي حسن شيخ محمود السلطة، وهي:
أولا: إعلان الرئيس نيته حسم المعركة مع حركة الشباب عسكريا، ورفضه أي تفاهم معها، مما دعا إلى ضرورة الاستعداد الكافي عسكريا. ثانيا: خروج بعثة الاتحاد الأفريقي النهائي من الصومال بنهاية عام 2024، ونقل المهام العملياتية للجانب الصومالي، والحاجة إلى تسليح بعض القوات المحلية الموالية للحكومة، لخوض معركة الحسم.وقد استطاعت الحكومة أن تنجز الكثير بتدريب آلاف الجنود في كل من إريتريا وأوغندا ومصر، وداخل البلاد، حيث تُقدّر مصادر مطلعة عددها بحوالي 23 ألف مجند، كما دربت بعض القوات للمهام الخاصة في دول أخرى.
متفائلون ومتشائمونويرى المتفائلون أن الأوضاع في الصومال مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتحمل كافة المسؤوليات المتعلقة بإدارة الشأن الأمني والعسكري، خاصة أن الصومال قد أُعفي من الديون وأصبحت لديه القدرة للتعامل مع المؤسسات المالية الدولية، كما تم رفع حظر السلاح عن الصومال، الأمر الذي يمكّنه من التسلح وسد احتياجاته من العتاد العسكري، وبالتالي سيصبح قادرا على لجم حركة الشباب وهزيمتها.
وفي المقابل، يرى المتشائمون أن الأوضاع في الصومال لا تزال هشة ويمكن أن تنهار في وقت وجيز بسبب الحضور العسكري القوي ميدانيا لحركة الشباب، ومن ثم التخوف من عودة الصومال إلى مرحلة الفشل الكامل كما حدث في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی فی الصومال الحکومة الصومالیة التحدیات التی حرکة الشباب من الصومال مجلس الأمن إضافة إلى لا تزال
إقرأ أيضاً:
بعد عامين من الحرب .. تفاصيل سيطرة الجيش السوداني على الخرطوم؟
قسمت استعادة الجيش السوداني غالب أجزاء العاصمة الخرطوم ظهر قوات الدعم السريع، بعد أن كانت تتمدد في مفاصل العاصمة ومواقعها الإستراتيجية قرابة العامين. وكان وجودها في مواقع حساسة -بينها القصر الرئاسي ومباني الإذاعة والتلفزيون- بحكم المشاركة في تأمينها، قد أتاح لها الفرصة لتستولي عليها فور بدء القتال العنيف منتصف أبريل 2023.
التغيير ـــ وكالات
ويتفق خبراء عسكريون على أن استعادة الجيش القصر الرئاسي يوم 21 مارس/آذار الماضي مثلت الضربة الأقوى لقوات الدعم السريع، خاصة أن ذلك تحقق بعد نحو ستة أيام من إعلان قائد تلك القوات محمد حمدان دقلو “حميدتي” يوم 15 آذار الماضي أنهم لن يغادروا القصر، وستبقى قواته في المقرن وفي الخرطوم.
وظهر حميدتي وقتها لأول مرة مرتديًا الكدمول -غطاء الرأس- مع الزي العسكري، متحدثًا عن أن الدعم السريع قد تغير تمامًا وأصبح لديه تحالفات سياسية وعسكرية، مهددًا بأن القتال في الفترة المقبلة سيكون مختلفًا “ومن كل فج عميق”. لكن الوقائع أثبتت أن قوات حميدتي لم تصمد أمام هجمات الجيش وحلفائه.
بداية الحصاركثف الجيش السوداني والقوات المساندة له الحصار على الدعم السريع في الخرطوم منذ إطلاق الهجوم البري الواسع يوم 26 سبتمبر 2024، وتمكن خلاله من الاستحواذ على رؤوس الجسور الرئيسية في شمال وغرب العاصمة، وهي جسر الحلفايا وجسر الفتيحاب وجسر النيل الأبيض الرابط بين أم درمان والخرطوم والموصل إلى منطقة المقرن القريبة من وسط الخرطوم، حيث دارت مواجهات شرسة امتدت لأسابيع طويلة.
بالتوازي مع ذلك، كان الجيش يحقق انتصارات متوالية في ولايات السودان الوسطى التي كانت خاضعة لقوات الدعم السريع، حيث تمكن من تحرير جبل موية بولاية سنار في أكتوبر الماضي، ليشكل هذا التقدم علامة فارقة في مسارح العمليات العسكرية المباشرة، تفككت بعدها قدرات الدعم السريع وقوته الصلبة، مع استعادة الجيش مدن الدندر والسوكي وسنجة عاصمة ولاية سنار وغيرها من المناطق، لتتراجع قوات الدعم السريع جنوبًا حتى حدود دولة جنوب السودان، وشمالًا نحو ولاية الجزيرة.
وبعد تحرير الجزء الأكبر من ولاية سنار، واصل الجيش تقدمه حتى تمكن من استعادة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، في يناير الماضي، وأعقب ذلك إبعاد قوات الدعم السريع من مدن وقرى الولاية، وصولًا إلى جسر سوبا شرقي الخرطوم.
ويقول قائد قوات العمل الخاص بمحور سنار فتح العليم الشوبلي للجزيرة نت إن اكتمال عملية تحرير الجزيرة أسهم في فرض حصار على الدعم السريع داخل الخرطوم، وكانت إحدى مفاتيح تحريرها.
ويضيف “القوات التي حررت الجزيرة هي التي أحكمت الخناق على الدعم السريع داخل الخرطوم ورفعت من وتيرة تحركات الجيش وتحرير مواقع كانت تحت سيطرة المليشيا، حيث تم تطويق الدعم السريع من ثلاثة محاور، وهي: شرق النيل (سوبا شرق)، وجنوب الخرطوم (الباقير)، ومحور جبل أولياء”.
تضييق الخناقبالتزامن مع تلك التحركات، ظلت قوات الجيش القادمة من أم درمان غربًا تتقدم ببطء بهجمات برية مسنودة بالطيران والمسيرات والقصف، حتى تمكنت من إنهاء قبضة الدعم السريع على الخرطوم بحري، وربط القوات مع سلاح الإشارة، ثم التقدم صوب مقر القيادة العامة بالخرطوم.
ومع تمكن الجيش من فك الحصار عن القيادة العامة، بدأ التحضير سريعًا لخطة تحرير القصر الرئاسي والوزارات المهمة التي تحيط به، وعلى رأسها الخارجية ومجلس الوزراء.
وبحسب مصدر عسكري من القوات المساندة للجيش تحدث للجزيرة نت، فإن قادة الجيش وضعوا خطة محكمة للسيطرة على وسط الخرطوم، الذي كان يتسم بخطورة كبيرة بحكم انتشار قناصة الدعم السريع في مبانيه العالية المحيطة بالقصر وحتى البعيدة نسبيًا عنه كقاعة الصداقة وبرج الفاتح، لافتًا إلى أن القناصة كانوا مزودين بأسلحة متطورة وصواريخ موجهة.
ويشير المصدر العسكري إلى أن القوات القادمة من أم درمان واجهت مقاومة شرسة في منطقة المقرن، وهي من المواقع الحاكمة في التوجه صوب القصر.
ويؤكد أن الجيش ومسانديه من القوات الأخرى فقدوا أعدادًا كبيرة من المقاتلين في هذه الجبهة، حيث تم استهدافهم على يد عناصر الدعم السريع بأسلحة القنص، ومع ذلك كان الإصرار متعاظمًا وسط قوات الجيش للتقدم، مسنودًا بقصف المسيرات والمدفعية، وفقما يقول.
المعركة الفاصلةبعد الحصار المطبق على عناصر الدعم السريع وسط الخرطوم والقصر الرئاسي، لم تستسلم قوات الدعم السريع بسهولة، بل دفعت بقوات كبيرة من جنوب الخرطوم حاولت فتح الطريق لخروج القوة المحاصرة في القصر وسحبها باتجاه الجنوب.
وبالفعل دارت معارك عنيفة يومي 18 و19 الماضي في شارع القصر، لكن موقف الجيش تعزز وقتها بالتقاء جنود سلاح المدرعات بالقيادة العامة، مما قاد لترجيح كفة الجيش بقوة ليستمر في التقدم باتجاه القصر.
يقول المصدر العسكري إن هذه المواجهة الشرسة كسرت شوكة قوات الدعم السريع، وتلقت خلالها ضربات قوية، حيث تم تدمير ما لا يقل عن 100 عربة وقتل حوالي 600 من عناصر الدعم، بعد أن لعب الطيران المسيّر دورًا محوريا في الحسم، واستهداف القوة الصلبة والدفاعات المتقدمة للدعم السريع وسط الخرطوم.
الانهيار الكاملمهدت هذه المعركة الحاسمة لتمكين الجيش من استلام القصر الرئاسي يوم 21 مارس وانهارت بعدها دفاعات قوات الدعم السريع، وبدأت تلك القوات في الانسحاب تباعًا من المواقع الحيوية في شرق الخرطوم وجنوبها.
ولم تشهد المقار التي كانت تحتلها وتتخذ منها مراكز للقيادة والسيطرة في ضاحية الرياض، والمدينة الرياضية، وحي المطار، وجامعة أفريقيا العالمية، أي قتال بعد أن اختارت ما تبقى من قوات الدعم السريع الانسحاب جنوبًا ومغادرة الخرطوم.
يُشار إلى أن الجيش لم يعلن حتى الآن رسميًا تحرير الخرطوم، حيث لا تزال المواجهات العسكرية محتدمة في غرب أم درمان، مع تقدم ملحوظ للجيش الذي أعلن المتحدث باسمه اليوم الثلاثاء عن التمكن من “سحق وتدمير شراذم مليشيا آل دقلو” -في إشارة للدعم السريع- في مناطق الصفوة والحلة الجديدة وقرية الصفيراء ومعسكر الكونان، مشيرًا إلى “استمرار ملاحقة وتصفية ما تبقى من جيوب محدودة” في المنطقة.
المصدر : الجزيرة
الوسومالجزيرة الجيش الخرطوم الدعم السريع سنار