إذا كنت تبحث عن السعادة.. فكر كرجل عجوز
تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT
يقولون إنه إذا أردت أن تعيش سعيدا وأقل توترا وبعيدا عن القلق والاكتئاب عليك أن تفكر مثل رجل عجوز، فقد توصلت العديد من الدراسات لنفس النتائج تقريبا وهي أنه على الرغم من فقدان كبار السن لوظائف الجسم وتدهور الصحة المعرفية فإنهم يكونون أكثر سعادة مقارنة بالشباب وصغار السن، ولكن هل تعرف السر وراء ذلك؟
يكمن السر فيما توصلت إليه الدراسات من أن كبار السن يقل لديهم القلق والاكتئاب والغضب بسبب زيادة "القبول" لمشاعرهم السلبية، إضافة للخبرة والحكمة في التعامل مع المشكلات، وعدم قلقهم بشأن المستقبل لأن آفاقهم الزمنية أصبحت أقصر مما ينعكس في النهاية على أهدافهم في الحياة.
في دراسة أشرف عليها الدكتور ديليب جيستي، الطبيب النفسي للمسنين ونُشرت في مجلة الطب النفسي السريري، قام باحثون بتقييم 3 عوامل رئيسية لدى البالغين عبر فترات حياتهم وهي صحتهم الجسدية والصحة المعرفية والصحة العقلية، ووجدوا أن كبار السن يتمتعون بصحة نفسية أفضل من الشباب.
ووجد الباحثون أيضا بعد تحليل البيانات التي تم جمعها من عينة عشوائية من 1546 شخصا تتراوح أعمارهم بين 21 و99 عاما في سان دييغو أن الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر سجلوا أدنى درجات في مقاييس الرفاه النفسي لجميع الفئات العمرية في الدراسة والتي شملت أشخاصا تتراوح أعمارهم بين 21 و99 عاما.
وعلى الرغم من أن الدراسة أظهرت أن الأشخاص يعانون من تدهور في كل من صحتهم الجسدية ومهارات التفكير لديهم مع تقدمهم في العمر فإن الشيخوخة ارتبطت أيضا بصحة عقلية أفضل وسعادة كبرى ورضا أكبر عن الحياة وشعورا أفضل بالرفاهية.
بالإضافة إلى ذلك، كان التقدم في السن مرتبطا بقلق وتوتر أقل وانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.
كبار السن يتمتعون بصحة نفسية أفضل من الشباب (غيتي)يقول جيستي، المؤلف الرئيسي للدراسة، لموقع "لايف ساينس" (Livescience) العلمي إنه غالبا ما يُنظر إلى الشيخوخة على أنها فترة من الكآبة والعذاب ووقت تدهور الصحة الجسدية والسعادة والرفاهية. ومع ذلك فإن نتائج دراسته تشير إلى غير ذلك فالشيخوخة يمكن أن تكون غالبا فترة من الرضا والسعادة.
في دراسة أخرى نشرت في 12 سبتمبر/أيلول 2022 في علم النفس والشيخوخة، وجد باحثون في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا سان دييغو أن كبار السن الأصحاء يظهرون رفاهية عقلية كبرى وأداء إدراكيا أضعف مقارنة بالبالغين الأصغر سنا.
اعتمدت الدراسة على عينة قوامها 62 شخصا من البالغين الأصحاء الأصغر سنا في العشرينيات من العمر و54 من كبار السن الأصحاء فوق سن الستين. وقام الباحثون بتقييم الصحة العقلية للمشاركين ومسح أعراض القلق والاكتئاب والوحدة والصحة العقلية بشكل عام، وأظهرت النتائج أعراضا من القلق والاكتئاب والوحدة لدى الشباب مقارنة بكبار السن.
لماذا يشعر كبار السن بالسعادة؟في دراسة أخرى، كان كبار السن أقل عرضة من البالغين الأصغر للشعور بالغضب والقلق في حياتهم اليومية وكذلك عندما طُلب منهم أداء مهمة مرهقة.
كما سجل كبار السن درجات أعلى في اختبار مصمم لقياس مدى تقبل المشاركين لمشاعرهم السلبية. ويطلق الباحثون على هذه السمة اسم "القبول" أو الميل إلى التواصل مع المشاعر السلبية بدلا من تجنبها.
توصلت الدراسة لنفس النتائج وهي أنه على الرغم من الانخفاض في الصحة البدنية والعقلية، فإن كبار السن يكونون أكثر سعادة من الشباب أو البالغين في منتصف العمر.
تقول إيريس موس، عالمة النفس والأستاذة المساعدة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وباحثة الدراسة، لموقع "لايف ساينس" (Livescience)، إن الناس يميلون إلى الشعور بالسعادة مع تقدمهم في العمر، ويرجع السبب وراء ذلك إلى أن كبار السن أكثر قدرة على التعامل مع المشاعر السلبية مثل الغضب والقلق. كما أن كبار السن يستخدمون ميزة "القبول" أكثر من الشباب ربما لأنهم أكثر حكمة.
رغم الانخفاض في الصحة البدنية والعقلية، فإن كبار السن يكونون أكثر سعادة من الشباب (غيتي)لا يعرف الباحثون سبب تحسن القدرة على تقبل المشاعر السلبية مع تقدم العمر، لكن إحدى الأفكار هي أنه مع تقدم الناس في العمر فإنهم يواجهون المزيد من الأحداث الحياتية الخارجة عن سيطرتهم مثل المرض وموت الأحباء. وبالتالي فإنه مع عيش المزيد من هذه التجارب الحياتية، قد يتعلم الناس أنه من غير المجدي محاولة السيطرة على كل شيء في حياتهم وأن هناك أشياء من الأفضل قبولها كما هي.
من جانبه، يتكهن جيستي أن كبار السن قد يكونون أكثر مهارة في التعامل مع التغيرات المجهدة من نظرائهم الأصغر سنا، حيث إن قوتهم العاطفية يمكن أن تساعدهم في التغلب على المشاكل مثل تدهور صحتهم الجسدية وتدهور الوظيفة الإدراكية.
كما يقول إن التقدم في السن وتجارب الحياة لا يجلبان المزيد من الحكمة فحسب بل يجعلان كبار السن أكثر مرونة من البالغين الأصغر سنا، فضلا عن تحسين قدرتهم على حل المشكلات وتنظيم عواطفهم.
أسباب تدهور الصحة النفسية للشبابيقول جيستي إن من أكثر نتائج الدراسة إثارة للدهشة هي المستوى العالي من التوتر الموجود لدى الشباب، حيث تظهر البيانات أن الأشخاص في العشرينيات والثلاثينيات من العمر لديهم مستويات من الصحة النفسية أسوأ بكثير من الأشخاص في أي فترة أخرى من مرحلة البلوغ.
ويفسر جيستي الضائقة النفسية التي يعاني منها الشباب بالضغوط الفريدة في هذه المرحلة من الحياة. بعد اضطرابات المراهقة تبدأ الحياة الواقعية بمطالبها المالية والتعليمية والرومانسية فهم يكافحون من أجل اختيار وتأسيس وظائف وإيجاد شركاء الحياة والتعامل مع ضغط الأقران وتجاوز مشاكلهم المالية.
تذكر مجلة "تايم" (Time) أحد الأسباب المتوقعة وراء الصحة النفسية المتدهورة للشباب وهي أن الحياة اليوم لم تعد كما كانت، حيث إن التغييرات في الأداء المجتمعي بسبب العولمة والتطور التكنولوجي والمنافسة المتزايدة على التعليم العالي والوظائف ذات الأجور الأفضل والأدوار المتغيرة للمرأة في المجتمع من المرجح أن تؤثر على الشباب والشابات أكثر مما قد تؤثر على كبار السن.
ويقترح جيستي في النهاية أن كبار السن يمكن أن يكونوا موردا قيّما للشباب البالغين ويمكن أن يساعدوا في تحسين صحتهم العقلية من خلال مشاركة ثروتهم من الحكمة والمهارات في اتخاذ القرارات الصعبة والقدرة على التغلب على الضغوط، كما يمكن لكبار السن أن يكونوا قدوة عظيمة للأجيال الشابة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من الشباب یمکن أن
إقرأ أيضاً:
أوقاف الفيوم تنظم أمسية علمية بمسجد السعادة
عقدت مديرية أوقاف الفيوم أمسية علمية بمسجد السعادة، التابع لإدارة أوقاف بندر الفيوم ثان، وذلك تحت عنوان: "أثر اللغة العربية في فهم القرآن الكريم".
جاء ذلك بحضور الدكتور محمود الشيمي وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم، وفضيلة الشيخ جمال أحمد مدير إدارة أوقاف بندر ثان، وعدد من العلماء وأئمة الأوقاف.
وخلال هذا اللقاء أوضح العلماء أن العلوم الإسلامية متنوعة، فهناك علوم وسائل، وهناك علوم مقاصد، ولا نستطيع فهم مقاصد الذكر الحكيم إلا بعد فهم علوم الوسائل، فعلوم الوسائل كاللغة والمنطق وما إلى ذلك، وعلوم المقاصد هي علوم أصول الدين أي الفقه الأكبر في العقائد، والفقه الأصغر في الشرائع؛ ولذلك قام المنهج العلمي في علوم المسلمين منذ البدء على إحياء العلوم اللغوية، والقاعدة الأصولية تقول: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب "، فإذن لا يتم فهم القرآن الكريم إلا بفهم اللغة العربية والإحاطة بها علمًا، فصارت علوم اللغة علومًا واجبة التعلم، وواجبة الفهم، لمن يريد أن يَرِدَ حِيَاضَ القرآن الكريم، وأن يقفَ على هذا البحر، المأدبة الكبرى التي لا يمكن أن تدانيها مأدبة، ومن هنا كان أول علم نشأ في علوم المسلمين في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ثم امتد في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) هو علم النحو؛ لأن أبا الأسود الدؤلي أشار عليه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أن يكتب مسائلَ النحو، فكتب مسائلَ الفاعل ، وكتب بابَ المفعول، وكتب بابَ المبتدأ، وكان ذلك في القرن الأول الهجري؛ لحاجة الناس حينذاك إلى فهم علوم اللغة العربية، فحاجتنا اليوم إلى فهم علوم اللغة العربية أشد ضرورة لفهم القرآن الكريم.
وأشار العلماء إلى حديث رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ"، حيث فهم جماعات العنف والتطرف أن الرسول(صلى الله عليه وسلم) يأمرنا أن نقاتل الناس حتى ينطقوا بالشهادتين، وهذا فهم غير صحيح؛ لأن الله(عز وجل) قال: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"، فدخول الإسلام يكون بالرغبة لا يكون كرهًا أبدًا، لأن الله لا يقبل أن يعبده كارهٌ له، فلو أخذنا الحديث على محمله الذي يأخذونه عليه، ترتب على ذلك دماء، بل إنهم يخرجون المسلمين إلى الكفر بناء على هذا الفهم غير الصحيح للغة الحديث الشريف،وهناك فرق كبير بين: " أمرت أن أقاتل" ولم يقل : أمرت أن أقتل؛ لأن " أقتل" فعل صادر واقع من فاعل على مفعول به، وأما "أقاتل" فهي صيغة مشاركة، أي أقاتل من يقاتلني، فالحديث لوقف الدماء وليس لإراقة الدماء من أجل ذلك استخدم رسول الله(صلى الله عليه وسلم) صيغة المشاركة التي تدل على طرفين، إذن فالفهم الصحيح للغة هو الذي يبلغ المقاصد، ولذلك تجد القرآن الكريم قائم على أمر ونهي، افعل ولا تفعل، فلا غنى لمسلم يريد أن يفهم القرآن من تعلم علوم اللغة العربية، مشيرين إلى أنه لا تؤخذ الفتوى إلا من أصحابها ممن يحيطون بعلوم الوسائل وعلوم المقاصد، المشهود لهم بالاجتهاد.
العلماء: القدر المطلوب من تحصيل علوم اللغة العربية يكون على حسب الغرضوفي ختام الأمسية أكد العلماء، أن القدر المطلوب من تحصيل علوم اللغة العربية يكون على حسب الغرض، فهو يختلف من العامة، إلى الداعية إلى الفقيه، فإذا ارتقينا للإمام والخطيب فنقدم له أبواب النحو العامة كلها التي تجلي له النمط القرآني، وكذلك قدر من البلاغة لفهم حلاوة القرآن، وأيضًا علم المعاجم الذي يستطيع به أن يصل إلى معاني الألفاظ، وكذلك علم الصرف الذي يهتم ببنية الكلمة،وأما الفقيه فيأخذ علوم اللغة كلها،وقد قال الإمام الشافعي: وَلِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ مَذْهَبًا، وَأَكْثَرُهَا أَلْفَاظًا، وَلَا يُحِيطُ بِجَمِيعِ عِلْمِهِ إنْسَانٌ غَيْرُ نَبِيٍّ ".