الجزيرة:
2025-03-04@01:22:56 GMT

إذا كنت تبحث عن السعادة.. فكر كرجل عجوز

تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT

إذا كنت تبحث عن السعادة.. فكر كرجل عجوز

يقولون إنه إذا أردت أن تعيش سعيدا وأقل توترا وبعيدا عن القلق والاكتئاب عليك أن تفكر مثل رجل عجوز، فقد توصلت العديد من الدراسات لنفس النتائج تقريبا وهي أنه على الرغم من فقدان كبار السن لوظائف الجسم وتدهور الصحة المعرفية فإنهم يكونون أكثر سعادة مقارنة بالشباب وصغار السن، ولكن هل تعرف السر وراء ذلك؟

يكمن السر فيما توصلت إليه الدراسات من أن كبار السن يقل لديهم القلق والاكتئاب والغضب بسبب زيادة "القبول" لمشاعرهم السلبية، إضافة للخبرة والحكمة في التعامل مع المشكلات، وعدم قلقهم بشأن المستقبل لأن آفاقهم الزمنية أصبحت أقصر مما ينعكس في النهاية على أهدافهم في الحياة.

دراسات كثيرة ورأي واحد

في دراسة أشرف عليها الدكتور ديليب جيستي، الطبيب النفسي للمسنين ونُشرت في مجلة الطب النفسي السريري، قام باحثون بتقييم 3 عوامل رئيسية لدى البالغين عبر فترات حياتهم وهي صحتهم الجسدية والصحة المعرفية والصحة العقلية، ووجدوا أن كبار السن يتمتعون بصحة نفسية أفضل من الشباب.

ووجد الباحثون أيضا بعد تحليل البيانات التي تم جمعها من عينة عشوائية من 1546 شخصا تتراوح أعمارهم بين 21 و99 عاما في سان دييغو أن الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر سجلوا أدنى درجات في مقاييس الرفاه النفسي لجميع الفئات العمرية في الدراسة والتي شملت أشخاصا تتراوح أعمارهم بين 21 و99 عاما.

وعلى الرغم من أن الدراسة أظهرت أن الأشخاص يعانون من تدهور في كل من صحتهم الجسدية ومهارات التفكير لديهم مع تقدمهم في العمر فإن الشيخوخة ارتبطت أيضا بصحة عقلية أفضل وسعادة كبرى ورضا أكبر عن الحياة وشعورا أفضل بالرفاهية.

بالإضافة إلى ذلك، كان التقدم في السن مرتبطا بقلق وتوتر أقل وانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.

كبار السن يتمتعون بصحة نفسية أفضل من الشباب (غيتي)

يقول جيستي، المؤلف الرئيسي للدراسة، لموقع "لايف ساينس" (Livescience) العلمي إنه غالبا ما يُنظر إلى الشيخوخة على أنها فترة من الكآبة والعذاب ووقت تدهور الصحة الجسدية والسعادة والرفاهية. ومع ذلك فإن نتائج دراسته تشير إلى غير ذلك فالشيخوخة يمكن أن تكون غالبا فترة من الرضا والسعادة.

في دراسة أخرى نشرت في 12 سبتمبر/أيلول 2022 في علم النفس والشيخوخة، وجد باحثون في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا سان دييغو أن كبار السن الأصحاء يظهرون رفاهية عقلية كبرى وأداء إدراكيا أضعف مقارنة بالبالغين الأصغر سنا.

اعتمدت الدراسة على عينة قوامها 62 شخصا من البالغين الأصحاء الأصغر سنا في العشرينيات من العمر و54 من كبار السن الأصحاء فوق سن الستين. وقام الباحثون بتقييم الصحة العقلية للمشاركين ومسح أعراض القلق والاكتئاب والوحدة والصحة العقلية بشكل عام، وأظهرت النتائج أعراضا من القلق والاكتئاب والوحدة لدى الشباب مقارنة بكبار السن.

لماذا يشعر كبار السن بالسعادة؟

في دراسة أخرى، كان كبار السن أقل عرضة من البالغين الأصغر للشعور بالغضب والقلق في حياتهم اليومية وكذلك عندما طُلب منهم أداء مهمة مرهقة.

كما سجل كبار السن درجات أعلى في اختبار مصمم لقياس مدى تقبل المشاركين لمشاعرهم السلبية. ويطلق الباحثون على هذه السمة اسم "القبول" أو الميل إلى التواصل مع المشاعر السلبية بدلا من تجنبها.

توصلت الدراسة لنفس النتائج وهي أنه على الرغم من الانخفاض في الصحة البدنية والعقلية، فإن كبار السن يكونون أكثر سعادة من الشباب أو البالغين في منتصف العمر.

تقول إيريس موس، عالمة النفس والأستاذة المساعدة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وباحثة الدراسة، لموقع "لايف ساينس" (Livescience)، إن الناس يميلون إلى الشعور بالسعادة مع تقدمهم في العمر، ويرجع السبب وراء ذلك إلى أن كبار السن أكثر قدرة على التعامل مع المشاعر السلبية مثل الغضب والقلق. كما أن كبار السن يستخدمون ميزة "القبول" أكثر من الشباب ربما لأنهم أكثر حكمة.

رغم الانخفاض في الصحة البدنية والعقلية، فإن كبار السن يكونون أكثر سعادة من الشباب (غيتي)

لا يعرف الباحثون سبب تحسن القدرة على تقبل المشاعر السلبية مع تقدم العمر، لكن إحدى الأفكار هي أنه مع تقدم الناس في العمر فإنهم يواجهون المزيد من الأحداث الحياتية الخارجة عن سيطرتهم مثل المرض وموت الأحباء. وبالتالي فإنه مع عيش المزيد من هذه التجارب الحياتية، قد يتعلم الناس أنه من غير المجدي محاولة السيطرة على كل شيء في حياتهم وأن هناك أشياء من الأفضل قبولها كما هي.

من جانبه، يتكهن جيستي أن كبار السن قد يكونون أكثر مهارة في التعامل مع التغيرات المجهدة من نظرائهم الأصغر سنا، حيث إن قوتهم العاطفية يمكن أن تساعدهم في التغلب على المشاكل مثل تدهور صحتهم الجسدية وتدهور الوظيفة الإدراكية.

كما يقول إن التقدم في السن وتجارب الحياة لا يجلبان المزيد من الحكمة فحسب بل يجعلان كبار السن أكثر مرونة من البالغين الأصغر سنا، فضلا عن تحسين قدرتهم على حل المشكلات وتنظيم عواطفهم.

أسباب تدهور الصحة النفسية للشباب

يقول جيستي إن من أكثر نتائج الدراسة إثارة للدهشة هي المستوى العالي من التوتر الموجود لدى الشباب، حيث تظهر البيانات أن الأشخاص في العشرينيات والثلاثينيات من العمر لديهم مستويات من الصحة النفسية أسوأ بكثير من الأشخاص في أي فترة أخرى من مرحلة البلوغ.

ويفسر جيستي الضائقة النفسية التي يعاني منها الشباب بالضغوط الفريدة في هذه المرحلة من الحياة. بعد اضطرابات المراهقة تبدأ الحياة الواقعية بمطالبها المالية والتعليمية والرومانسية فهم يكافحون من أجل اختيار وتأسيس وظائف وإيجاد شركاء الحياة والتعامل مع ضغط الأقران وتجاوز مشاكلهم المالية.

تذكر مجلة "تايم" (Time) أحد الأسباب المتوقعة وراء الصحة النفسية المتدهورة للشباب وهي أن الحياة اليوم لم تعد كما كانت، حيث إن التغييرات في الأداء المجتمعي بسبب العولمة والتطور التكنولوجي والمنافسة المتزايدة على التعليم العالي والوظائف ذات الأجور الأفضل والأدوار المتغيرة للمرأة في المجتمع من المرجح أن تؤثر على الشباب والشابات أكثر مما قد تؤثر على كبار السن.

ويقترح جيستي في النهاية أن كبار السن يمكن أن يكونوا موردا قيّما للشباب البالغين ويمكن أن يساعدوا في تحسين صحتهم العقلية من خلال مشاركة ثروتهم من الحكمة والمهارات في اتخاذ القرارات الصعبة والقدرة على التغلب على الضغوط، كما يمكن لكبار السن أن يكونوا قدوة عظيمة للأجيال الشابة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: من الشباب یمکن أن

إقرأ أيضاً:

لغز السعادة

السعادة لغز قديم، شغل الفلاسفة والمفكرين، وأرهق الباحثين عنها في كل زمان ومكان.
البعض يراها في النجاح، والبعض الآخر يظنها في المال، وهناك من يربطها بالحب، أو بالسفر، أو بتحقيق الأحلام. ومع ذلك، يمضي الكثيرون حياتهم في ملاحقتها دون أن يجدوها، كمن يطارد خيط دخان. والمفارقة أن هناك من يعيش ببساطة، لا يفكر كثيرًا في سرها، ومع ذلك يبدو سعيدًا بما لديه، كأنه وجد مفتاحًا خفيًا لم يدركه الآخرون. فما الذي يجعل بعض الناس سعداء رغم قسوة الظروف، بينما يبقى آخرون غارقين في التعاسة رغم أن الحياة قد منحتهم أكثر مما يحتاجون؟ الجواب لا يكمن فقط في الظروف، بل في طريقة فهم الإنسان لها، وفي الطريقة التي ينظر بها إلى الحياة ويتعامل مع تقلباتها.
يقول سينيكا: “السعادة ليست في امتلاك الأشياء، بل في التحرر من الحاجة إليها.” وهذه هي الحقيقة التي يغفل عنها كثيرون، فالتعلق المستمر بالماديات لا يولد سوى مزيد من الرغبات التي لا تنتهي، وكأن الإنسان يسير في سباق لا خط نهاية له. أما من أدرك أن ما لديه كافٍ، وأن القناعة ليست استسلامًا بل نوع من الذكاء، فقد عرف طريق السعادة دون الحاجة إلى الركض خلفها. ليس هذا إنكارًا لأهمية الطموح أو السعي نحو الأفضل، لكنه تأكيد على أن السعادة ليست مؤجلة لحين تحقيق شيء معين، وإنما هي حالة يمكن أن يعيشها الإنسان في كل لحظة، إذا امتلك الفهم الصحيح لمعناها.
أما فولتير، فقد قال: “السعادة ليست شيئًا جاهزًا، بل تأتي من الفهم الجيد للحياة والتصرف بحكمة.” وهذا يعيدنا إلى التساؤل: هل الوعي بالحياة شرط للسعادة؟ أم أن هناك من يعيش سعيدًا رغم أنه لا يفكر كثيرًا في معانيها؟ الحقيقة أن هناك نوعان من السعادة: سعادة تأتي من البساطة، وسعادة تأتي من الفهم العميق. الأولون يعيشون وفق إيقاع الحياة دون أن يرهقوا أنفسهم بأسئلة كبرى، يجدون الفرح في تفاصيل يومهم، ولا يضعون أنفسهم تحت ضغط البحث المستمر عن معنى لكل شيء. أما الآخرون، فيدركون أن السعادة لا تعني غياب المشكلات، بل القدرة على التعامل معها دون أن يفقدوا توازنهم. هذا النوع من السعادة أعمق وأطول عمرًا، لأنه لا يعتمد على الظروف الخارجية، بل على قدرة الإنسان على خلق حالته الخاصة من الرضا.
وهنا يبرز السؤال: هل الجهل نعمة حقًا؟ يعتقد البعض أن الأشخاص الذين لا يشغلون أنفسهم بالتفكير قد يكونون أكثر سعادة، لأنهم لا يرهقون عقولهم بتعقيدات الحياة. لكن هذه السعادة غالبًا ما تكون هشة، تنهار عند أول اختبار، لأنها لم تُبنَ على أساس متين. أما من أدرك طبيعة الدنيا وفهم قوانينها، وامتلك وعيًا متزنًا، فإنه يمتلك سعادة أعمق، لأنها لا تتأثر بالتغيرات العابرة، ولا تتبدد عند مواجهة الأزمات. الشخص الذي لا يشغل نفسه بالتفكير في المعنى الأعمق للحياة قد يشعر بالسعادة طالما أن الأمور تسير وفق ما يريد، لكنه عندما يواجه أزمة حقيقية، فإنه ينهار بسهولة، لأنه لم يكن مستعدًا نفسيًا أو فكريًا لمثل هذه اللحظات. بينما من يمتلك وعيًا ناضجًا بالحياة، يدرك أن التحديات جزء من الرحلة، وأن السعادة لا تعني غياب المشاكل، بل تعني امتلاك القدرة على التعامل معها دون أن يفقد اتزانه الداخلي.
السعادة الحقيقية لا تأتي من الهروب من الواقع أو إنكاره، بل من التكيف معه. هناك من يرى في كل مشكلة نهاية العالم، وهناك من يراها تحديًا يمكن تجاوزه. الفرق ليس في حجم المشكلة، بل في طريقة التفكير. كذلك، هناك من يعيش عمره يقارن نفسه بالآخرين، فلا يرى في حياته إلا ما ينقصه، بينما هناك من يدرك أن لكل إنسان رحلته الخاصة، وأن الانشغال بالذات أكثر نفعًا من الانشغال بالمقارنات التي لا تنتهي. البعض يظن أن الحصول على ما يمتلكه غيره سيمنحه السعادة، لكنه يكتشف لاحقًا أن المقارنة لا تقوده إلا إلى مزيد من السخط، وأن السعادة ليست فيما عند الآخرين، بل فيما يمكن أن يجده هو في حياته، إذا تعلم كيف يرى الجمال فيما لديه.
السعادة ليست هدفًا بعيدًا، بل أسلوب حياة. هي في التفاصيل الصغيرة التي يمر بها الإنسان دون أن ينتبه إليها، في لحظة رضا، في ابتسامة غير متكلفة، في بساطة العيش بعيدًا عن التعقيد. البعض يظنها كنزًا مخفيًا يجب البحث عنه، لكنها في الحقيقة قريبة، تحتاج فقط إلى عين ترى، وعقل يفهم، ووعي يعرف كيف يكون ممتنًا. السعادة ليست أن تكون حياتك مثالية، بل أن تعرف كيف تتعامل مع كل لحظة فيها، وتجد فيها شيئًا يستحق أن يُعاش. البعض يطاردها كما لو كانت غزالًا جامحًا، بينما هي جالسة بجواره، تنتظر منه فقط أن يراها.

مقالات مشابهة

  • صحة المنوفية: انطلاق الفرق المتحركة بالمبادرات الصحية تزامنًا مع شهر رمضان
  • ختام برنامج تدريبي لرفع كفاءة رؤساء أقسام السن المدرسي بصحة الدقهلية
  • الدقهلية: اختتام فعاليات البرنامج التدريبي لرفع كفاءة رؤساء أقسام السن المدرسي
  • لغز السعادة
  • جامعة الملك عبدالعزيز تناقش تعزيز الصحة النفسية وجودة الحياة الجامعية
  • الصحة تبحث مع مركز الملك سلمان والصليب الأحمر الدولي سبل تعزيز التعاون
  • الأحوال المدنية يوفد قوافل في 10 محافظات ويستخرج أكثر من 6 ألاف بطاقة رقم قومي
  • 400 عربة جولف لخدمة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة في الحرم المكي
  • “صم بصحة”.. جهود توعوية متكاملة من المنظومة الصحية لتعزيز جودة الحياة في رمضان
  • دراسة: النساء يتحدثن أكثر من الرجال بـ "فارق كبير"